تعديلات قانونية لحماية العامل ضد بطش صاحب العمل وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية أبو عيطة: القانون الجديد يحمي الطبقة العاملة ويضع ضمانات لإنهاء خدمة العامل بعيدا عن التعسف القوي العاملة ملتزمة برسم سياسة ومتابعة تشغيل العمالة غير المنتظمة مثل عمال الزراعة الموسميين والمؤقتين اتحاد العمال: التعديل ضروري للتخلص من خطايا القانون12 لسنة2003.. والحوار مطلوب قبل إقراره ----------------- انتهت اللجنة التشريعية بوزارة القوي العاملة والهجرة من إقرار المسودة الأولي من مشروع قانون العمل الجديد حيث يقع القانون في265 مادة وتم طرح هذه المسودة للحوار المجتمعي من أجل التوصل إلي أفضل الصيغ القانونية لمشروع القانون تمهيدا لعرضه علي مجلس الوزراء وإقراره من البرلمان المقبل. في البداية قال كمال أبو عيطة وزير القوي العاملة والهجرة ان التشريعية بالوزارة انتهت من مسودة مشروع قانون العمل الجديد تمهيدا لطرحه في حوار مجتمعي تشارك فيه كافة المنظمات النقابية العمالية علي السواء, ومنظمات المجتمع المدني والخبراء والمهتمين بالشئون العمالية ووضع ملاحظاتهم علي المشروع حتي يخرج القانون ملبيا للجميع, ومعبرا عن الواقع الفعلي للمجتمع الذي ينظم علاقاته ويحكم روابطه, وإلا أصبح مجرد شعارات مرفوعة بلا تطبيق, أو آمال منشودة بلا تحقيق. وأكد أبو عيطة أن مشروع قانون العمل الجديد ينظم علاقات العمل آخذا في الاعتبار الجوانب الاجتماعية المختلفة والمتنوعة لمشكلة العمل والعمالة, سواء في انعكاساتها الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإنسانية أو السياسية مشيرا إلي أن مشروع القانون يحمي الطبقة العاملة ويضع ضمانات لإنهاء خدمة العامل بما ينأي بهذا الإنهاء عن التعسف, وينظر إلي علاقات العمل علي أساس ثلاثي:' العامل وصاحب العمل والمشروع' بمعني أن مشكلات وصراعات الثنائي' العامل وصاحب العمل' لا يجوز أن ننسي أنها تتعلق بالمشروع أو المنشأة- صناعية كانت أو تجارية أو مهنية- وأن هذا المشروع أو المنشأة هو جزء من الاقتصاد القومي, وبالتالي فإن توازن علاقة العمل لا يجوز أن يقتصر علي مصالح الطرفين فقط, ولكنه يأخذ في الاعتبار مصلحة المشروع أو المنشأة واستمرارية بقائه ناجحا في خدمة الاقتصاد القومي. وأضاف إن المشروع حظر تحويل أي مبالغ مالية لأي من الاتحادات العمالية في ظل مبدأ الحرية النقابية وأن أهم ما تضمنه هو تعريف الأجر بحسبان أن قانون العمل يمكن أن يطلق عليه قانون الأجر, حيث تضمن تعريف الأجر الأساسي والأجر المتغير والأجر الثابت والأجر بالإنتاج والعمولة والأجر الشامل, حيث نص المشروع أساسا علي تسوية الحقوق العمالية علي أساس الأجر الثابت وهو الأجر وملحقاته الذي يتقاضاه العامل علي وجه دائم وثابت لقاء عمله الأصلي, فلا يدخل فيه ملحقات الأجر غير الدائمة التي ليست لها صفة الثبات ولا يستحقها العامل إلا بتحقق سببها, كالأجر الإضافي وحوافز الإنتاج وما يصرف سنويا في غير مواعيد استحقاق الأجر الأصلي كالأرباح والمنح والمكافآت الجماعية. وشدد أبو عيطة علي أن قانون العمل من أهم القوانين التي يمكن أن تسن في أي بلد في العالم لما يحمله من خصوصية العلاقة الاجتماعية والاقتصادية بين مواطني البلد الواحد, يحافظ ويحمي حقوق الجميع, ويتيح الفرص أمام أبناء ذلك الوطن لخلق فرص متكافئة مضيفا أنه سيتم طرح المسودة الثانية للقانون علي خبراء وقامات مصر القانونية, ليطرحوا وجهة نظرهم في تلك المسودة قبيل طرحها للحوار المجتمعي الواسع بالتعاون مع البيت العربي لحقوق الإنسان. وأوضح المستشار كمال عثمان الأمين العام للجنة التشريعية بوزارة القوي العاملة أنه تم الانتهاء من المسودة الأولي لقانون العمل الجديد الذي جاء معبرا عن مطلب العدالة الاجتماعية مشيرا إلي أن قانون العمل الجديد يشمل265 مادة من أجل تحقيق التوازن بين العمال ورجال الأعمال بالاضافة إلي تناول قضايا المنازعات الفردية والجماعية والسلامة والصحة المهنية والمساواة بين الرجل والمرأة في العمل والأجور, وتعريف العامل والاستثمار وعمالة الأطفال. وأضاف الأمين العام للجنة التشريعية إن اللجنة لم يصلها حتي الآن أي مشاركات من جانب الاتحادات المختلفة للعمال, سواء كان الاتحاد العام لعمال مصر أو الاتحادات المستقلة, مشيرا إلي أن اللجنة دعت في شهر ديسمبر الماضي إلي الجلسة الأولي لمناقشة المسودة الأولي لقانون العمل الجديد مع خبراء قانونيين ودستوريين وقيادات عمالية, وأنه تم إرسالها إلي جميع المنظمات العمالية لإبداء الرأي فيها وتقديم الملاحظات عليها قبيل الشروع في الحوار المجتمعي. وبقراءة متأنية في نصوص مشروع القانون فقد أعطت المادة66 لصاحب العمل أن يوقف العامل عن عمله مؤقتا لمدة لا تزيد علي ستين يوما مع صرف أجره كاملا إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك وفي حالة اتخاذه قرارا بفصل العامل قبل انتهاء مهلة الستين يوما وجب عليه عرض الأمر علي اللجنة المشكلة. ونصت المادة67 علي أنه إذا اتهم العامل بارتكاب جناية أو بارتكاب جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة أو اتهم بارتكاب أي جنحة داخل دائرة العمل جاز لصاحب العمل وقفه مؤقتا عن العامل, وعليه أن يعرض الأمر علي قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة العمالية المختصة خلال ثلاثة أيام من تاريخ الوقف. ووفقا لمشروع القانون يتعين علي القاضي أن يبت في الحالة المعروضة عليه خلال سبعة أيام من تاريخ العرض, فإذا قضي بصحة وقف العامل يصرف للعامل نصف أجره, وفي حالة رفضه للوقف عن العمل يصرف أجر العامل من تاريخ وقفه وعلي صاحب العمل إعادته لعمله فورا فإذا رأت سلطة الاتهام المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة الجنائية أو قدم للمحاكمة وقضي ببراءته وجب إعادته للعمل مع تسوية مستحقاته كاملة وإذ ثبت أن اتهام العامل كان بتدبير من صاحب العمل وجب أداء باقي أجره عن مدة الوقف فضلا عن حقه في التعويض. وتنص المادة68 علي عدم جواز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيما, ويعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الحالات الآتية اذا ثبت انتحال العامل لشخصية غير صحيحة أو قدم مستندات مزورة وإذا ثبت ارتكاب العامل لخطأ نشأت عنه أضرار جسيمة لصاحب العمل بشرط أن يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال أربع وعشرين ساعة من وقت علمه بوقوعها إذا تكرر من العامل عدم مراعاة التعليمات اللازم اتباعها لسلامة العمال والمنشأة- بشرط أن تكون هذه التعليمات مكتوبة ومعلنة في مكان ظاهر- رغم التنبيه عليه كتابة بمراعاة ذلك وإذا ثبت أن العامل أفشي أسرار المنشأة التي يعمل بها وأدت إلي إحداث أضرار جسيمة بالمنشأة وإذا قام العامل بمنافسة صاحب العمل في ذات نشاطه وإذا وجد العامل أثناء ساعات العمل في حالة سكر بين أو متأثرا بما تعاطاه من مادة مخدرة وإذا ثبت اعتداء العامل علي صاحب العمل أو المدير المسئول, وكذلك إذا وقع منه اعتداء جسيم علي أحد رؤسائه أثناء العمل أو بسببه واذا لم يقم العامل بتأدية التزامنه الجوهرية المترتبة علي عقد العمل وإذا لم يراع العامل الضوابط الواردة في المواد من186 إلي189 من الكتاب الرابع من هذا القانون بخصوص تنظيم حق الإضراب. ونصت المادة69 أنه إذا نسب إلي العامل ارتكاب خطأ تأديبي يجيز معاقبته بالفصل, فعلي صاحب العمل قبل أن يصدر قراره بالفصل أن يتقدم بطلب بذلك إلي اللجنة المشكلة وفقا لأحكام هذا القانون والمنصوص عليها بالمادة ويتعين علي صاحب العمل أن يرفق بالطلب ملف خدمة العامل, ومذكرة بالخطأ الذي يستوجب توقيع عقوبة الفصل مرفقا بها التحقيقات التي أجراها مع العامل وأي مستندات أخري خاصة بموضوع الواقعة أن وجدت. أما المادة70 فنصت علي أنه إذا تسبب العامل بخطئه وبمناسبة عمله وعلي وجه الخصوص في فقد أو إتلاف مهمات أو آلات أو خامات أو منتجات يملكها صاحب العمل أو كانت في عهدته التزم بأداء قيمة ما فقد أو أتلف. ولصاحب العمل بعد إجراء التحقيق وإخطار العامل أن يبدأ باقتطاع المبلغ المذكور من أجره علي ألا يزيد ما يقتطع لهذا الغرض علي أجر خمسة أيام في الشهر الواحد ويجوز للعامل أن يتظلم من تقدير صاحب العمل أمام اللجنة المشار إليها في هذا القانون ووفقا للمدد والإجراءات الواردة بها. وأكدت المادة71 أنه لا تخل الأحكام الواردة بهذا الباب بالضمانات المقررة بقانون المنظمات النقابية وحماية حق التنظيم. وألزمت المادة72 صاحب العمل قيد الجزاءات المالية التي توقع علي العمال في سجل خاص كتابي أو الكتروني, مع بيان سبب توقيعها واسم العامل ومقدار أجره, وأن يفرد لها حسابا خاصا, ويكون التصرف فيها طبقا لما يقرره الوزير المختص. واستحدثت التعديلات بعض المواد الجديدة في الباب الثالث فيما يتعلق بمنازعات العمل الفردية في الفصل الأول الخاص بالتسوية الودية لمنازعات العمل الفردية فنصت علي أن إذا نشأ نزاع فردي بين صاحب العمل والعامل بشأن تطبيق أحكام أي من الفوانين واللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية سواء في القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو القطاع الخاص فلأي منهما خلال عشرة أيام من تاريخ نشوء النزاع. وجاءت في الفصل الثاني فيما يتعلق بالمحكمة العمالية, أن تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة ابتدائية محكمة تسمي' المحكمة العمالية' تكون مختصة دون غيرها نوعيا ومكانيا بالنظر في كافة النزاعات الناشئة عن تطبيق الاحكام أيا كانت القوانين واللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية سواء كانت بالقطاع العام او قطاع الأعمال العام او القطاع الخاص وكذلك في الدعاوي المتعلقة بالمنظمات النقابية العمالية وتشكيلاتها وتنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة من محاكم الاستئناف دوائر استئنافية متخصصة للنظر في طعون الاستئناف علي الأحكام الصادرة من المحكمة العمالية. ويؤكد جبالي المراغي رئيس اتحاد العمال أن قانون العمل رقم12 لسنة2003 قاون سيئ السمعة لأنه ألحق أضرارا كبيرة بقطاع عريض من العمال وخاصة في القطاع الخاص بعد المجاملات الفجة لأصحاب الاعمال والتي نجم عنها تزايد حدة الاحتجاجات والاعتصامات والاضربات. وأضاف المراغي أن اتحاد العمال يسعي إلي صياغة قانون واضح وصارم يحقق العدالة المنشودة ولا يغلب مصالح طرف علي حساب طرف آخر لضمان استقرار علاقات العمل والانتاج وبالتالي لابد من تفعيل الحوار حول القانون الجديد بمشاركة جميع الاطراف وبهدف تحقيق الصالح العام مشيرا إلي ان الاتحاد سيقف مع من يحقق مصالح العمال بغض النظر عن انتمائه الحزبي والسياسي. ويري عبد المنعم الجمل رئيس النقابة العامة للبناء والاخشاب أن تغيير وتعديل قانون العمل مطلب ضروري بعد التغييرات الكبيرة التي طرأت علي سوق العمل في مصر عقب الثورة مشيرا إلي ان اتحاد العمال يطالب منذ فترة طويلة بتعديل القانون حتي يتم التخلص من الخطايا الكبيرة التي تضمنها القانون12 لسنة2003 والتي جاملت أصحاب الاعمال كثيرا علي حساب العمال. وقال الجمل ان الحوار بين أطراف العملية الانتاجية العمال والحكومة وأصحاب الاعمال مطلوب قبل إقرار القانون للخروج بنصوص قانونية بعيدة عن الخلاف ومجاملة طرف علي حساب الاخر لضمان استقرار علاقات العمل ودفع عجلة الانتاج للأمام والحد من الاعتصامات والاضرابات التي تنتج في الغالب عن اختلال العلاقة بين أطراف العملية الانتاجية. من جانبه انتقد الناشط الحقوقي حسن الشامي رئيس الجمعية المصرية للتنمية العلمية والتكنولوجية التعديلات المقترحة علي القانون رقم(12) لسنة2003 وفقا لما أقرته اللجنة التشريعية بوزارة القوي العاملة وما تضمنته المادة الخامسة والتي تكافئ العاملين بالوزارة ومديريات القوي العاملة بالمحافظات بالمبالغ المحكوم بها عن مخالفة أحكام القانون, مشيرا إلي أن ذلك سوف يشجعهم علي التربص بالشركات والمصانع طمعا في المكافآت. وقال أن التعديلات تتضمن وجود شركات ومتعهدين وسطاء لتوريد العمالة للمنشآت والمؤسسات التي يعملون بها محذرا من أن ذلك يضع العمال رهينة للوسطاء الذين قد يعتدون علي حقوق العمال لصالح رجال الأعمال. وأضاف الشامي أن مشروع القانون رغم ما أكد عليه من الالتزام بالاتفاقيات الدولية التي توقعها الحكومة, إلا أن نصوصه تنتقص من حقوق النساء والأطفال حيث أجاز تشغيل الأطفال تحت سن الثامنة عشرة تحت مسمي التدريب أو أعمال غير خطيرة أو ضارة بالصحة.. مع أن المعايير الدولية للعمل وحدت ظروف العمل في بيئة نظيفة وغير خطرة أو ضارة بالصحة لجميع العاملين رجالا ونساء. وألزمت الاتفاقيات الدولية أصحاب العمل سواء الدولة أو رجال الأعمال بتوفير كافة الاشتراطات الصحية والبيئية والحماية من المخاطر كما أن التعديلات لم تقدم الحماية الكافية للنساء في أماكن العمل والأجور والأجازات بما يتناسب مع ظروفهن الصحية والاجتماعية. ونوه الشامي أن التعديلات ألزمت وزارة القوي العاملة لأول مرة برسم سياسة ومتابعة تشغيل العمالة غير المنتظمة مثل عمال الزراعة الموسميين والمؤقتين, وعمال البحر, وعمال المناجم والمحاجر, وعمال المقاولات إلا أن هذه التعديلات تنتقص من حقوق العمال في تنظيم الاحتجاجات العمالية والإضرابات حتي التي تنظمها النقابات العمالية, وأكد المدير التنفيذي لمؤسسة البيت العربي لحقوق الانسان مجدي عبد الفتاح ان هناك اهمية باللغة للحوار المجتمعي بين اطراف العمل الثلاثة المتمثلة في الدولة والعمال ورجال الاعمال من اجل خلق بيئة عمل جيدة تحمي حقوق العمال وتحافظ وتشجع علي الاستثمار وهو الامر الذي نحتاج اليه بشدة خاصة بعد الثورة وفي مرحلة مهمة مثل التي نعيشها من اجل الوصول الي تحول ديمقراطي حقيقي مشيرا الي اهمية مشاركة المواطنين في صنع القرار واقرار التشريعات المنظمة لحياتهم. واوضح عبد الفتاح ان دعوة الحوار المجتمعي موجهة الي جميع الاطراف للمشاركة بجدية لمناقشة القانون والمشاركة في التعديلات المطروحة عليه من اجل الوصول الي قانون يحمي حقوق الجميع ومعبرا وملتزما بالمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر. وشدد عبد الفتاح علي انه يجب ان تهتم المنظمات العمالية بالمشاركة في الحوار مشيرا الي ان الدعوة وجهت لجميع التنظيمات العمالية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالقضايا العمالية والمرأة والطفل والمعاقين ولكن للأسف الشديد لم تصل حتي الان تعليقات المنظمات العمالية حول القانون. وطالب عبد الفتاح الاتحادات العمالية المختلفة بضرورة الاسراع في التفاعل الايجابي مع مسودة قانون العمل بغض النظر عن القبول او الرفض مؤكدا أن الباب مفتوح امام الجميع لتقديم ملاحظاتهم ونقدهم للقانون حتي نستطيع جميعا الوصول الي صيغة نهائية يرضي عنها جميع الاطراف.