قد يكون فوز المرشح الديمقراطى جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهزيمة الرئيس الحالى دونالد ترامب، بداية تحول جذرى في موقف أمريكا تجاه العالم. لكن هل هذا يعنى أن الأمور ستعود إلى طبيعتها؟ ووعد السياسي الديمقراطى المخضرم، الذى سيتولى منصبه في يناير 2021، بأن يعمل على أن يكون العالم أكثر أمانا في عهده. وهو يتعهد بأن تكون السياسة الخارجية للولايات المتحدة أكثر ودية مع حلفائها من ما كانت عليه في عهد ترامب، وأفضل لكوكب الأرض. ومع ذلك، قد يكون مشهد السياسة الخارجية أكثر صعوبة مما كان أثناء تواجد بايدن في الإدارة الأمريكية كنائب رئيس لباراك أوباما، بحسب ما ذكرت قناة "سى ان ان" الأمريكية. يعد بايدن بأن يكون مختلفًا، وعكس بعض سياسات ترامب الأكثر إثارة للجدل بما في ذلك اتفاقية تغير المناخ، والعمل بشكل أوثق مع حلفاء أمريكا. وفيما يتعلق بالصين، قال إنه سيواصل موقف ترامب المتشدد بشأن التجارة وسرقة الملكية الفكرية والممارسات التجارية القسرية من خلال استمالة الحلفاء بدلًا من التنمر عليهم كما فعل ترامب. وفيما يتعلق بإيران، يعد بأن طهران سيكون لديها مخرج من العقوبات إذا امتثلت للاتفاق النووى الذى أشرف عليه مع أوباما، لكن ترامب تخلى عنه. ومع الناتو، يحاول بالفعل إعادة بناء الثقة من خلال التعهد ببث الرعب في الكرملين. هذه أمور سهلة لإرضاء الجماهير بالنسبة للسياسى المخضرم البالغ من العمر 47 عامًا، والذى ترأس لسنوات عديدة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى. وكان بايدن مؤيدا لتقاليد القيادة الأمريكية العالمية التى تناصر الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكان من المدافعين عن التدخلات الأمريكية في البلقان ودارفور، كما أيد عدم الانتشار النووى. لكن تنفيذ رؤيته للسياسة الخارجية الآن لن يكون سهلًا. على مدى أربع سنوات، عانت البلدان في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط من انتكاسات السياسة الخارجية للولايات المتحدة، حيث زاد التدخل الروسى في سوريا، مما عزز نفوذ الرئيس الروسى في البلاد، وهو ما يضر بمصالح الولاياتالمتحدة على المستوى الدولى. ويواجه بايدن الآن مطالب من حلفاء الولاياتالمتحدة الذين جميعهم حريصون على تصحيح الأخطاء التى كان السبب فيها السياسة الخارجية للرئيس ترامب، بعد أن تحمل الحلفاء إستراتيجية سياسته الخارجية المتناثرة التي قوضت التحالفات التقليدية وهددت النظام العالمى، فإن على بايدن أن يكون على استعداد لتلبية توقعات الحلفاء. سيكون الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أيضًا تحديًا جديدًا لبايدن. يعمل أردوغان على تأجيج الصراعات في سوريا وليبيا وأرمينيا - بل ويصعد التوترات مع اليونان وفرنسا - لصرف الانتباه عن إخفاقاته في بلاده. وقال المدير التنفيذى لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الدكتور روبرت ساتلوف لموقع "جى واير" فيما يتعلق بتركيا، إن رئيسها أردوغان من غير المرجح أن يكون لديه "صديق" في المكتب البيضاوي، في إشارة إلى بايدن كما كان الوضع مع ترامب. ونوه إلى أن الأتراك كانوا "إشكاليين للغاية" في عدد من المناطق، بما في ذلك، محاولتهم توسيع نفوذهم، سواء كان ذلك في سوريا، ليبيا، العراق، الصومال، بالإضافة إلى دعمهم لحماس والإخوان المسلمين، وهو الأمر الذى لن يجدوا فيه تأييدا من قبل بايدن. وقد يواجه بايدن بعضًا من أكثر تحديات السياسة الخارجية تعقيدًا في المنطقة: من الحروب في ليبيا واليمن إلى طمأنة حلفاء الولاياتالمتحدة في الخليج العربي بأن واشنطن يمكن أن تحميهم من عدو إيران، على الرغم من أنه قال إنه سيعود إلى الاتفاق النووى مع إيران، وفقا لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.