الهيئة الوطنية للانتخابات: نرصد الشائعات فور صدورها ونواجه محاولات التشكيك بالحقائق    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتفقد الإدارة العامة لشبكات الحلمية التابعة لشركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء    الأعلى للإعلام يعاقب عبد العال    سقوط عصابة سرقة الدراجات النارية فى الجيزة وضبط تاجر المسروقات    تأجيل محاكمة 73 متهمًا بخلية اللجان النوعية بالتجمع    فيلم قصير عن مسيرة المخرج خالد جلال فى قرطاج المسرحى قبل انطلاق ندوته    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    وزير الداخلية: استنفار أمني يضمن انتخابات تليق باسم مصر.. والعملية الانتخابية تسير بشكل منتظم (فيديو)    تاجيل محاكمه ام يحيى المصري و8 آخرين ب "الخليه العنقوديه بداعش"    روني يهاجم صلاح ويطالب سلوت بقرار صادم لإنقاذ ليفربول    «بعد ضجة البلوجر سلمى».. نصائح مهمة تحميكي من التشتت وتثبتك على الحجاب    مظهر شاهين: برنامج «دولة التلاوة» نجح فى أن يعيد القرآن إلى صدارة المشهد    المستشار الألماني يستبعد تحقيق انفراجة في مفاوضات السلام الخاصة بأوكرانيا خلال هذا الأسبوع    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يشكك في جدوى العلاقات مع اليابان بعد النزاع بشأن تايوان    الأمن السورى يمدد حظر التجول فى حمص    ننشر قرار زيادة بدل الغذاء والإعاشة لهؤلاء بدايةً من ديسمبر    مسلم يفجر مفاجأة ويعلن عودته لطليقته يارا تامر    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    نقابة الموسيقيين على صفيح ساخن.. النقيب مصطفى كامل: لا أحب أن أكون لعبة فى يد عصابة كل أهدافها الهدم.. وحلمى عبد الباقى: فوجئت بتسجيل صوتى يحتوى على إهانات وكلمات صعبة عنى ولن أسكت عن حقى    تنميه تعلن عن تعاون استراتيجي مع VLens لتعجيل عملية التحول الرقمي، لتصبح إجراءات التسجيل رقمية بالكامل    شاهد بالبث المباشر الآن.. مباراة الدحيل × الاتحاد بث مباشر دون "تشفير" | دوري أبطال آسيا للنخبة    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى ترعة على طريق دمياط الشرقى بالمنصورة    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    "القاهرة الإخبارية": القافلة 79 تحمل أكثر من 11 ألف طن مساعدات إلى غزة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن:حين يختلط التاريخ بالخطابة الانتخابية.    ضبط 1038 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    تشابي ألونسو: النتيجة هي ما تحكم.. وريال مدريد لم يسقط    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    وكيل الأزهر يستقبل نائب وزير تعليم إندونيسيا    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    رغم بدء المرحلة الثانية…انتخابات مجلس نواب السيسي تخبط وعشوائية غير مسبوقة والإلغاء هو الحل    كأس العرب - حامد حمدان: عازمون على عبور ليبيا والتأهل لمرحلة المجموعات    الفيضانات توقف حركة القطارات وتقطع الطرق السريعة جنوبي تايلاند    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    طريقة عمل سبرنج رول بحشو الخضار    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن برنامج دورتها الثامنة عشرة    رئيس الطائفة الإنجيلية يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب: المشاركة واجب وطني    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    أسباب ونصائح مهمة لزيادة فرص الحمل بشكل طبيعي    رئيس حزب الجبهة الوطنية يدلى بصوته في انتخابات النواب 2025    سعر صرف الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 24 -11-2025    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    فون دير لاين: أي خطة سلام مستدامة في أوكرانيا يجب أن تتضمن وقف القتل والحرب    موعد مباريات اليوم الإثنين 23 نوفمبر 2025| إنفوجراف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول حوار مع ابنة الفنانة الراحلة رجاء الجداوي.. أميرة مختار: عزاء صالح كامل بريء من إصابة أمي ب"كورونا".. بكت من مدح الرئيس لها.. وكانت على علاقة ود مع السيدة انتصار السيسي

كانت تحب الفن جدا والعمل بالنسبة لها "مقدس".. وحرصت على توديع أحبائها آخر يوم رمضان.. وزعت حلويات وعصائر وشيكولاتة وعسل على مرضى المستشفى.. وارتبطت بالممرضة "فتحية" خلال وجودها في الرعاية المركزة.. بعد احتياجها لجلسات الأكسجين قالت: "لا أعتقد أني سأخرج منها".. ولم تترك السبحة من يدها.. فخورة بمصرية الطاقم الطبي المعالج.. وأعتز بما شاهدته من رعاية.. زهدت التليفون والتواصل في الأيام الأخيرة.. واتصلت بزوجي لتوصيه على وحفيدتها روضة.. 8 آلاف رسالة استقبلتها على "واتس آب" في أول يوم بالمستشفى.. كانت تنسب صفاتها الحميدة إلى خالتها تحية كاريوكا.. وعملت في جراج أوتوبيسات ومترجمة في بداية حياتها.. لم تنسَ حذاء عجزت عن شرائه 3 شهور عند وصفها ب"أشيك ست في مصر".. قرأت أكثر من 10 آلاف كتاب.. والمسرح سبب تخليها عن عروض الأزياء.. أخبار وفاتها أكثر ما أزعجها.. وقريبا الإعلان عن مشروع لتخليد ذكراها.. عادل إمام كان يعتبرها أخته ومستشارته.. وعمرو أديب أقنعها بفكرة تقديم البرامج.. واعتبرت بوسي شلبي أمها برغم صغر سنها..
في يوم 5 يوليو، دقت الساعة الخامسة صباحا لتعلن رحيل ابنة الإسماعيلية الفنانة رجاء الجداوي، وكما كانت الإسماعيلية شاهدة على ميلاد نجاة حسن الجداوي في 6 سبتمبر 1934، شهدت خروج أنفاسها الأخيرة داخل مستشفى الحجر الصحي في أبو خليفة، متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا المستجد.
وفي 23 مايو، استقبل الحجر الصحي بمستشفى أبو خليفة، الفنانة رجاء الجداوي بعد تأكد إصابتها بفيروس كورونا، وفي 26 مايو، طمأنت الراحلة جمهورها بتسجيل صوتي كشفت فيه عن حالتها الصحية.
وصاحبتها الشائعات خلال رحلة علاجها، والتي أصابتها بحزن شديد، وفي يوم 2 يونيو تم نقلها إلى العناية المركزة بسبب تعرضها لضيق في التنفس، وفي 7 يونيو تم حقنها بجرعه بلازما، وفي 12 يونيو تم إجراء المسحة الثانية التي أثبتت إيجابية إصابتها.
ورجّح الأطباء أن سبب عدم تعافيها يعود إلى حالتها النفسيه التي تدهورت نتيجة علمها بوفاة المريض الذي حقن معها بالبلازما، ثم إصابة الطبيب المشرف على علاجها بكورونا، وفي 19 يونيو جاءت نتيجة المسحة الثالثه إيجابية أيضًا، ومن بعدها المسحة الرابعة التي جاءت إيجابية هي الأخرى، وفي 21 يونيو تدهورت حالتها وفقدت الوعي وانخفضت نسبة الأكسجين إلى 55%، مما اضطر الأطباء للجوء إلى وضعها على جهاز التنفس الصناعي الاختراقي، ثم صعدت روح الفنانة رجاء الجداوي إلى بارئها عن عمر يناهز 86 عاما.
"البوابة" التقت أميرة مختار، في أول حوار بعد رحيل والدتها الفنانة الكبيرة رجاء الجدواي، لتكشف بداية إصابتها بفيروس كورونا، وكواليس رحلة علاجها في مستشفى عزل أبو خليفة بالإسماعيلية، ولحظاتها الأخيرة قبل الوفاة.
فإلى نص الحوار..
- قبل إصابة الفنانة رجاء الجداوي بكورونا، كيف كان اهتمامها بما يتداول بشأن انتشار الفيروس؟
منذ علمها بانتشار فيروس خطير في العالم، بدأت في اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية واتبعت التعليمات في الحفاظ على التباعد المجتمعي والتعقيم المستمر وارتداء الكمامة واستخدام الكحول وعدم الاختلاط المباشر، لكن الحذر لا يمنع قدر.
- وماذا حدث ؟
كانت والدتي قد وقّعت على عقد مسلسل "لعبة النسيان"، وكان العمل بالنسبة لها مقدس وتحب الفن جدا، وتحرص على الالتزام بأي اتفاق، وبالفعل بدأت تصوير المسلسل مع الأخذ بكافة الإجراءات الوقائية، فكانت ترتدي الكمامة منذ خروجها من المنزل حتى عودتها، ولا ترفعها إلا وقت التصوير فقط، ثم تعود مرة أخرى لاتباع أساليب التعقيم وارتداء الكمامة، وحرصت على التباعد مع زملائها أثناء التصوير، مع كافة الاحتياطات الواجب اتباعها، والدليل على ذلك أن المشاهد التي ظهرت فيها نجد علامات ارتداء الكمامة واضحة على وجهها، وهو ما يعني التزامها.
- ماذا قالت عندما عرض عليها دورها في مسلسل "لعبة النسيان"، وعلمها بالتصوير في ظل الظروف الصعبة التي تواجه العالم؟
في البداية عندما قرأت أول أوراق المسلسل، قالت لي الدور لا يحمل أي معنى، لكن بعد أن وصلت إليها حلقات المسلسل والسيناريو فرحت جدا، وتأكدت أن الدور يحمل رسالة تستطيع أن تقدمها للمجتمع، كما أنها كانت متحمسة جدا للعمل بسبب المشاركين في المسلسل فهم أشخاص مقربون جدا إلى قلبها. وقالت: "يعني دور حلو أوي زي ده وفيه اللي بدور عليه، وجديد يوصلني في ظروف صعبة أوي كدة وكانت خايفه من توقف العمل"، وبعد ظهور إصابات في مارس تمنت إيقاف العمل لخوفها من كورونا، خاصة أن العمل كان يتطلب تصوير مشاهد كثيرة داخل المستشفيات، لكن القائمين على المسلسل قاموا بتعديل المشاهد ومواقع التصوير لحماية رجاء الجداوي ومحمود قابيل، وكانت جميع أماكن التصوير معقمة، وتم توفير 2 من الأطباء لقياس درجات الحرارة بشكل مستمر.
- وماهي حقيقة إصابتها أثناء عزاء الشيخ صالح كامل؟
غير حقيقي، وبالفعل ذهبت لتأدية واجب العزاء وارتدت الكمامة، وكان العزاء في مكان مفتوح، وجعلت مسافة لا تقل مترين بين المحيطين لها، وأثناء دخول المعزين كان يرتدي كل منهم واقيا للقدم واليدين والرأس، وتم التعقيم مرة أخرى بعد خروجها ولم تتعرض لأي إصابة بالعزاء، والصور التي تم تداولها للعزاء تم التقاطها أثناء عزاء الكابتن حسن مختار والدي في بورسعيد، قبل سنوات، وليست لعزاء الشيخ صالح.
- وكيف ودّعت أحبّاءها؟
آخر يوم رمضان قررت الاتصال بكل من تعرفه داخل مصر وخارجها لتقديم تهنئة العيد، واللافت أنها تواصلت مع شخصيات ربما لم تتواصل معهم من سنوات، لكنها لم تنسَ أحدًا، ووقتها لم أفهم سبب ذلك، وهي برّرت هذا الفعل، قالت: وحشوني، وعايزه أسلم عليهم وأسمع صوتهم، لكن من الواضح أنها كانت تودع أحبّاءها فعلا.
- ومتى اكتشفت إصابتها بكورونا؟
في اليوم التالي كانت تجلس بالمنزل، وقالت: أشعر بالحر الشديد، وسألتها إذا كانت حرارتها مرتفعة، فأكدت أنها بخير، لكني صممت على قياس درجه الحرارة، وفوجئت بارتفاع الحرارة إلى 39.4 وعلى الفور تواصلت مع الدكتور عادل طلعت، وتولى رعاية الحالة منزليا خلال أول 48 ساعة، وتوقع إصابتها بكورونا، وطلب إجراء تحاليل وأخذ مسحة للتأكد من الإصابة.
كانت الحرارة أثناء نقلها بالإسعاف وقتها 39.7، وبعد التأكد تم التواصل مع 105 لتوفير مكان، وبالفعل تم توفير مكان في عين شمس وآخر في أبو خليفة بالإسماعيلية، وقررت أن تنتقل إلى الإسماعيلية لوجود منزل لوالدي في فايد.
وكنت أتوقع أنها ستخرج خلال أسبوع وستحتاج إلى مكان مفتوح على البحر لاسترداد صحتها لكن ما حدث كان أسوأ.
- وما وقع خبر الإصابة بكورونا على رجاء الجداوي؟
لم تغضب، ولم تعترض على الإصابة، لكنها كانت قلقة من الانتقال إلى المستشفى، وكنا نعتقد أن المستشفيات حالتها سيئة مثلما شاهدنا في الدول الخارجية، فالعالم كله كان يعاني من انتشار فيروس مميت، لكني نصحتها بالانتقال إلى المستشفى تحسبا لاحتياجها إلى أكسجين أو رعاية خاصة لا نستطيع توفيرها منزليا، وأتذكر أثناء نزولها لسيارة الإسعاف وجدت ابنتي تبكي، فقالت لها: "رب الخير لا يأتي إلا بالخير، لو مكتوب لي أرجع هرجع ولو مكتوب لي العكس أكيد هيبقى خير لي ويبقى الكورونا جايه لسبب".
- 43 يوما رحلة علاجها داخل مستشفى أبو خليفة بالإسماعيلية، حدِّثينا عن الكواليس والتفاصيل؟
أول أسبوع كانت تعتبره رحلة، حيث ذهبت إلى المستشفى ومعها حقائبها التي تمتلئ بالحلويات والمخبوزات والعصائر والشيكولاته والعسل، وخلقت حالة مختلفة داخل المستشفى، وكانت غرفتها لا تخلو من محبيها، وكانت توزع عليهم ما حملته، وتحرص على السؤال على أحوال المرضى وترسل اليهم الحلويات والفاكهة، كما استقبلت أيضا هدايا من أهالي الإسماعيلية دون سابق معرفة، وكانت الهدايا عبارة عن عسل نحل و"فوط" وأطقم سرائر.
لكن بعد الأسبوع الأول تم نقلها للرعاية المركزة لاحتياجها إلى جلسات أكسجين، ولكونها مطلعة وتقرأ كثيرا، علمت أن ذلك بداية الانزلاق ومؤشر الخطر بدأ يتحرك، وقالت: لا أعتقد أني هخرج منها بس لو بتمنى أرجع عشانكم، أنا الحمد لله عيشت حياتي حلو أوي وراضية.
وبدأت كلمات الحمد لله وراضية ويارب، يسمعها الطاقم الطبي منها اسفل جهاز التنفس "السباب"، وكانت تطلب تشغيل التليفزيون لتسمع القرآن الكريم، ولم تترك السبحة من يدها، واستمر الوضع 10 أيام، وبعد ذلك انتقلت إلى مرحلة جهاز التنفس الصناعي الاختراقي، ولم تفقد الوعي، بل تم تخديرها وكانت نائمة لا تتألم.
ويوميا كنت أجري مكالمة فيديو لرؤيتها والاطمئنان عليها، ومنذ اللحظة الأولى لدخولها المستشفى لم ينقطع التواصل بيننا، حتى أثناء خضوعها للتنفس الصناعي الاختراقي، كنت اطلب فتح الكاميرا لاشاهدها، وكان اخر اتصال قبل الوفاه بساعات قليلة لم تتألم، لكن الأجهزة كانت تقول: إن الحاله تتدهور، وكان الأطباء صادقين معي في الكشف عن مستوى الحاله الصحية.
وخضعت لبروتوكول العلاج مرتين وتناولت البلازم، ولم تستجيب الحاله وتم سحب آخر مسحة قبل الوفاة ب 48 ساعة، وأكدت أن نسبة الفيروس تزداد، ومن يوم الجمعة السابق ليوم الوفاة تأكدت أن الرحيل اقترب.
- عند وصولك إلى مستشفى أبو خليفة بعد الوفاة، كررتِ كلمات الشكر أكثر من مرة، فما السبب؟
في البداية وجدت سيارة الإسعاف التي نقلت رجاء كانت على أعلى مستوى من التعقيم والنظافة، وماشاهدته بنفسي من رعاية طبيه تحت مظله وزارة الصحة يدعو للفخر، ولم تقدم اي امتيازات لامي، فقد خضعت للرعاية المناسبة لحالتها، وإذا كان أي مصاب غيرها كان سيخضع لنفس الرعاية.
ومن حق الوطن أن أشيد بتلك المنظومة الرائعه التي ادارتها وزارة الصحة في ظل ظروف صعبه جدا، وللحق عندما تم نقلها بسيارة الإسعاف إلى المستشفى وعلمت وزيرة الصحة بذلك، تواصلت معها تليفونيا لطمأنتها، وهذا حق لرجاء الجداوي كونها تتعامل مع أكثر من وزارة في أمور عديدة من خلال مشاركتها في حملات ومبادرات مختلفه، لذلك بادرت الدكتورة هاله زايد بالاتصال، وكان الاكرام منتظرا، لكن لم يطلب، بالإضافة إلى التعامل الراقي من الفريق الطبي داخل المسشفى مع امي ورعايتهم لها، وحرصهم على نقل الصورة واضحة، وأنا بالفعل فخورة بمصرية هذا الطاقم الطبي.
- وما سر الترابط مع الممرضة فتحية؟
فعلا، خلال وجودها بالعناية المراكزة ارتبطت بالممرضة فتحية التي لم تترك امي لحظة واحدة، وكان هناك ترابط شديد بينهما، فكانت تطمئن لوجودها، وكل مرة اتصل للاطمئنان على امي اجدها معها ترعاها، فهي اكرمتها أثناء مرضها وكانت تسهر إلى جوارها واكرمتها بعد الوفاه بقيامها بالغسل والتكفين، وهي سيدة بسيطة جدا تؤدي عملها باخلاص وتتعامل برفق مع المرضى وتراعي حالاتهم، لذلك كان حقها أن أقدم لها الشكر أمام الجميع.
- متى كانت الصدمة بالنسبة لك؟
الأجهزة والوضع الصحي كانوا يشيرون إلى تدهور عام يؤكد الرحيل، لكن الصدمة لم تكن في الوفاة، بل كانت أول صدمة لي عند تأكدي من إصابتها بالفيروس، والثانية في اليوم السابع لها في المستشفى، حيث تغيرت رجاء الجداوي كثيرا، وزهدت التليفون ولم ترغب في التواصل مع أحد غيري وابنتي، وأحيانا زوجي الذي اتصلت به مرتين إحدهما في السابعة صباحا، لتوصيه عليا وعلى حفيدتها روضة، وهذا ما أصابني بالانهيار، لأن شخصيتها اجتماعية وتقدر التواصل مع الناس، ووصولها إلى مرحلة الزهد ورفض التواصل كان مؤشر غير مطمئن.
- خلال فترة وجودها بالمستشفى، من أبرز الشخصيات التي حرصت على الاطمئنان عليها؟
مصر والعالم العربي كله بدون مبالغة، أول يوم انتقلت إلى المستشفى استقبلت على هاتفي 8 آلاف رسالة على الواتس آب، أما عن الاتصالات، فكان اصدقاؤها ومحبوها يتواصلون معي منذ 3 فجرا وحتى اليوم التالي يوميا من داخل مصر وخارجها، وأتذكر أن أحد الصحفيين تواصل معها وسألها عن أهم شخص اتصل بها، فقالت ان كل شخص اهتم واتصل للاطمئنان على حالتي مهم على الأقل عندي، مهما كان اسمه أو صفته.
- هل بعد الوفاة، كنتي تتوقعي نعي الرئاسة والسيدة انتصار السيسي؟
أكيد مكانه رجاء الجداوي في قلوب الجميع تجعل لها من الحب والاحترام والتقدير، كما أنها كانت على علاقة ود محترمة مع السيدة انتصار السيسي، من خلال المبادرات التي تشارك فيها، وكانت العلاقة بالشكل الذي يليق برئاسة الجمهورية ومكانة رجاء الجداوي.
- ولدت في الإسماعيلية وتزوجت حارس مرمى الإسماعيلي، فماذا كانت تمثل الإسماعيلية لها؟
ولدت أمي في الإسماعيلية وتحمل مشاعر خاصة للمدينة الهادئه، فكانت تعشقها كما انها تزوجت حارس مرمى الإسماعيلي ليزيد ترابطها بالإسماعيلية، ونملك منزل في فايد كنا نتردد عليه من وقت لاخر، وأثناء وجودها في المستشفى قالت انا اتولدت هنا وجاية عشان اموت هنا.
- رجاء الجداوي كانت امرأة عصامية اعتمدت على نفسها منذ نعومة اظافرها، هل ذكرت لكي مواقف ساهمت في تشكيل شخصيتها؟
مواقف كثيرة شكلت شخصية رجاء الجداوي وساهمت في حياتي ايضا، فكانت تعيش مع خالتها تحية كاريوكا لظروف طلاق والدتها منذ كان عمرها 4 سنوات، فانتقلت وشقيقها فاروق إلى القاهرة والتحقت بمدرسة داخلية، ووفرت لها كل الرفاهيات وكان كل المحيطين بها من الطبقة الارستقراطية.
وكانت أمي دائما تنسب اي صفة حميده فيها لخالتها تحية وتقول اذا كان لدي شيء صالح ينسب للراقصة تحية كاريوكا.
ولتفوقها الدراسي، خاصة في اللغة العربية، كرمها طه حسين لأنها طلعت السادسة على القطر العربي خلال المرحلة الثانوية، وبعد وصولها لسن 16 عام تقريبا قررت العودة لامها لمساعدتها في الحياة، ووجدت انها وصلت إلى مستوى تعليم جيد يجعلها تستطيع ان تعمل وتصرف على نفسها وامها.
وفي بداية حياتها العملية عملت مترجمة وعملت في جراج أتوبيسات، واذكر لها موقف الحذاء الذي انقطع ولم تستطيع شراء حذاء جديد، فربطت قدمها 3 أشهر وادعت اصابتها حتى وفرت ثمن الحذاء، وتقول عندما تجد من يصفها ب"أشيك ست في مصر"، تهز رأسها وتتذكر الحذاء التي عجزت عن شرائه 3 أشهر، رغم ان ثمنه 99 قرشا فقط.
- وماذا عن انتقالها لمجال عرض الأزياء؟
كانت مهنه عارضات الأزياء في مصر مقتصرة على الأجانب، ودخلت هذا المجال صدفة مثلما كانت تقول: إن الصدفة لعبت دورا أساسيا في حياتها بكل شيء، الأزياء صدفة والتمثيل صدفة، وتقديم البرامج صدفة، وتزوجت صدفة، وتم اختيارها ملكة جمال القطن أيضا صدفة.
وأصبحت أول عارضة مصرية، وبعد ذلك أنشأت مدرسة لعارضات الأزياء لتعليمهم كيف يكون واجهة مشرفة وكيفية التعامل والإتيكيت، ويليها بعد ذلك تعلم المهارات عارضات الأزياء فكان اهتمامها الأول بالشخصية.
- وما سبب انتقالها من عروض الأزياء إلى مجال الفن؟
في البداية، كانت تعمل في المجالين بالتوازي، حتى وصلت إلى فترة العمل المسرحي مع عادل إمام، بدأت من 1984 في مسرحية "الواد سيد الشغال" واستمرت 8 سنوات، ثم بعدها "الزعيم"، وبالتالي لم تستطع استكمال عملها في مجال الأزياء بسبب مواعيد المسرح والبروفات والعروض المستمرة داخل مصر وخارجها.
- كانت رجاء الجداوي لديها شخصية قوية يلجأ إليها الجميع للمساعدة، فمتى كانت تأتي لحظات الضعف؟
كان لديها ضبط نفس في كل الظروف مهما حدث، وتستطيع تخطي أي موقف، لكن موت والدي كسرها بكمل ما تحمله الكلمة من معانٍ، وأصبحت دموعها قريبة، وكانت تتذكره في كل لحظة وتفتقده كثيرا، فكان حب عمرها وكان كل شيء لها، رغم أن الزواج لم يتم عن حب، حيث اختارا بعضهما في 4 أيام، وقررا بالعقل الزواج في اليوم السادس، إلا أنه بعد الزواج ظهرت قصة حب عظيمة لم تنتهِ بوفاته.
ومازلت أتذكر منزلنا القديم الذي تزوجت فيه أمي، حيث كان عبارة عن سرير و2 كرسي فقط، وكان بالمنزل حائط قصير كانوا يضعوا عليه الطعام ليتناولوه، والبيت كان بسيط لكنه ملئ بالحب والود والتفاهم.
- وهل تعرضت لمواقف أحزنتها من الجمهور؟
في عيد ميلادها ال 83 نشرت صور لاحتفالنا بها على الإنستجرام، وتلقت آلاف التعليقات الجميلة لتهنئتها، ولكن ومن بين هذه التعليقات كتب أحد الأشخاص: "يا شيخة روحي موتي، لسه بتحتفلي بعيد ميلادك وأنت 80 سنة"، فضحكت وقالت: لو يعرف أنا 83 هيعمل إيه؟!! وردت عليه قائلة: ربنا يديك الصحة والعمر وتبقى في سني ويدي ولادك الصحة والعمر ويبقوا في سني، وما يحرمك منهم، وبعدين مش ذنبي أني لسه موجودة لما يجي أجلي همشي ويارب لما يجي سنك زي تكون مبسوط ومتسامح وراضي عشان تحس أنك، عشت أيام حلوة، ثم علقت بنت وكتبت: "يا شيخة لسه فاكرينك وبيعملوا ليك تورته، أنا في العشرينيات ومفيش حد بيفتكرني ياشيخة روحي موتي"، وردت عليها قالت: أنا لم أشترِ تورته لنفسي، وإذا كنت لم يحتفل بيك أحد راجعي حساباتك وشوفي مش بيحتفلوا بيكي ليه عشان لما تبقى في سني يحتفلوا بكِ.
أما أكثر ما أزعجها فكان انتشار أخبار عن وفاتها.
- وما أثر الهوايات المحببة لها؟
كانت تعشق القراءة، ولديها أكثر من 10 آلاف كتاب قرأتها، وتهتم بالقراءة في جميع المجالات، وكان والدي كذلك أيضا، واجتمعا على حب القراءة، كما أنها أيضا كانت تجد سعادتها مع الجمعيات الخيرية، وتشاركهم في تنفيذ مبادرتهم، وبعد وفاتها أطلق بنك الطعام اسمها على غرفه التعبئة تخليدا لذكراها.
- وماذا عن علاقتها بالفنان عادل إمام؟
كانت تقول، إنها عندما تقف بجوار عادل إمام تستمد منه النور والطاقة، وعلى المستوى الشخصي كانا صديقين جدًا، ويعتبرها أخته ومستشاره، وبينهما احترام متبادل واستمرت العلاقة حتى الوفاة.
- وصداقتها مع ميرفت أمين ودلال عبد العزيز؟
كانت تقول، إن ميرفت أمين صديقتها القطر التي تتميز بالوضوح والصراحة المطلقة، وتحمل أسرارها، أما دلال عبد العزيز كانت الجانب الحنين، فكانوا بيكملوا بعض.
وماذا عن عمرو أديب؟
20 سنة تقدم معه برامج، ولم تتخيل يوما أن تقوم بتقديم برامج تليفزيونية، إلا أن عمرو أديب أقنعها، وكانت تقول: إن علاقتهما وطيدة لا تستطيع الاستغناء عنه، وإذا ترك عمرو القناة للانتقال إلى قناة جديدة كان يخبر أمي، وكونا فرقة مميزة ووقت مرضها تحول إلى ابنها وأخيها وصاحبها وسندها.
- وبوسي شلبي؟
كانت تقول، إن بوسي شلبي أمها، رغم صغر سنها، لكن بوسي كانت تحرص على تولى رعايتها خلال أي سفر لها وتهتم بها.
- كيف استقبلت كلمات الرئيس السيسي لها؟
شعرت بسعادة وفخر كبير جدا، واعتبرته تكريما رفيع المستوى لشخصها ومشوارها الفني، واستمر بكاؤها 48 ساعة من السعادة لما سمعته من الرئيس، كما استقبلت آلاف الرسائل والاتصالات لتهنئتها، وقالت: أشعر أني تركت لكم تكريما حقيقيا وساما غاليا عليَّ، لأنه قدرها كإنسانة، وما حدث لها من تقدير بعد الوفاة كان لشخصها وليس لفنها فهي على المستوى الإنساني حرصت على احترام الجميع.
- وماذا عن ما يتردد عن ممتلكات رجاء الجداوي؟
من راقب الناس مات هما وغما، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكفى بالله حسيبا، وكفى بالله شهيدا ربنا يهدي الجميع.
- هل هناك مشروع لتخليد ذكراها؟
حاليا قررنا فتح صفحاتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر صورها والدعاء لها، لكن الفكرة الأساسية لتخليد ذكراها ما زالت قيد الدراسة وقريبا سيتم الإعلان عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.