بعد دراسة عميقة لأدوات الشغل الحجرية التي عثر عليها في وادي أولدوفاي بتنزانيا، اتضح للعلماء أن أسلافنا قبل "1.2،1.8" مليون سنة، كانوا يختارون بوعي المواد اللازمة لصنع أدوات الشغل من خلال الأخذ بالاعتبار من صلابتها والغرض منها. وقد قرر علماء من بريطانيا وإسبانيا والولايات المتحدة معرفة كيفية اختيار الإنسان في العصر الحجري القديم للمواد اللازمة لصنع هذه الأدوات، لذلك درسوا أدوات الشغل الحجرية التي تعود إلى المرحلة الفاصلة بين الإنسان الماهر والإنسان المنتصب، وبمساعدة الاختبارات الميكانيكية اختبروا صلابة ومتانة ومقاومة الاحتكاك لأدوات الشغل الحجرية التي عثروا عليها في وادي أولدوفاي الضيق الواقع في شمال تنزانيا. واتضح من نتائج هذه الاختبارات، أن الناس الذين عاشوا في هذه المنطقة قبل 1.2-1.8 مليون سنة كانوا يختارون المواد اللازمة لصنع أدوات الشغل استنادا إلى الغرض منها ومدة استخدامها، أي في كل مرة كان يختار الإنسان المادة القاطعة أم الصلبة. ويقول أليستر كي رئيس فريق البحث "كان الناس القدماء بوعي تام يختارون المواد اللازمة لصنع أدوات الشغل، وإن المادة الأكثر انتشارا كانت الكوارتزيت التي تصلح لصنع أدوات التقطيع والتي تستخدم لفترة طويلة وكانت تصنع من حجر الصوان". ولكن المثير في الأمر أن الكوارتزيت والصوان لا ينتشران بكثرة في هذه المنطقة بعكس أحجار البازلت عالية المتانة والصلابة ولكنها لا تعطي عند كسرها قطعا حادة الحواف، لذلك كانت تستخدم فقط للتقطيع لفترات طويلة. ويشير الباحثون، إلى أن الناس القدماء كانوا يصنفون أدوات الشغل وفق وظيفتها، وهذه الحقيقة التي لم تكن معروفة سابقا، تشير إلى أن الإنسان القديم كان يسعى إلى تحسين عمله وجعله أكثر إنتاجية. ويعتبر وادي أولدوفاي الضيق الواقع في شمال تنزانيا أحد أهم الأماكن في العالم لدراسة مراحل تطور الإنسان، فهنا اكتشف الإنسان الماهر، الذي تعلم صنع أدوات الشغل، وجاء بعده الإنسان الذي يسير منتصبا، فطور أدوات الشغل أكثر واستخدامها لأغراض مختلفة.