في مثل هذا اليوم 5 فبراير من العام 1794ألغى العمل بنظام الرق في فرنسا من قبل حكومة "الكونفونسيون " والرق أو "العبودية، هو نوع من الأشغال الشاقة القسرية طوال الحياة ل "العبيد" حيث يعملون بالسخرة القهرية في الأعمال الشاقة والحروب وملكيتهم تعود للأشخاص الذين يستعبدونهم. كان الرقيق أو "العبيد" يباعون بأسواق النخاسة أو يشترون في تجارة الرقيق بعد اختطافهم من مواطنهم أو يهدى بهم مالكوهم. ترجع ممارسة العبودية لأزمان ما قبل التاريخ، عندما تطورت الزراعة بشكل متنامٍ في مصر، كانت الحاجة ماسة للأيدي العاملة، فلجأت المجتمعات البدائية للعبيد لتأدية أعمال تخصصية بها. التاريخ المعروف للبشرية يشير إلى أن الرق ظاهرة عريقة في القدم، تاريخها هو ذاته تاريخ الاستغلال وظلم الإنسان لأخيه الإنسان. وقد نشأت ظاهرة الاستعباد منذ عشرات الألوف من السنين، وتحديدًا في فترة التحول من الصيد إلى الاعتماد على الزراعة المُنَظّمة كوسيلة لاكتساب الرزق. اللافت أنه باستقرار نظام الرق على أسسه، وبرهن على نفعه، أخذ يزداد نطاقه بأن أضيف إلى الرقيق طوائف أخرى غير الأسرى، فأضيف إليهم المَدِينُون الذين لا يُوفَون الدَّيْن، والمجرمون الذين يعاودون الإجرام، هذا إلى اغارات تُشن عمدًا لاجتلاب الرقيق؛ وهكذا كانت الحرب بادئ الأمر عاملًا على نشأة الرق، ثم أصبح الرق عاملًا على شن الحرب. قد عرفت كل الحضارات والأمم السابقة على الإسلام ظاهرة الاستعباد للآخرين على أوسع نطاق ممكن.. الرق كان موجودًا لدى الفراعنة.. إذ كان الملوك والكهنة وقواد الجيش المصري القديم يتخذون أسرى الحرب عبيدًا لهم، يستخدمونهم فيما تحتاج إليه الدولة الفرعونية من أعمال كشق الترع وبناء الجسور والمعابد والأهرامات. وعلى خلاف المعروف لدى الأمم الأخرى في تلك الفترة كان عبيد القصور يتمتعون بمعاملة إنسانية في مصر، وكان مسموحًا للحرّ أن يتزوّج جارية، وكان محظورًا على الملاك قتل الرقيق، ومن قتل عبدًا فإنه يُقتل به على سبيل القصاص. وكان الرق موجودًا على أوسع نطاق لدى الآشوريين.. وقد كانت قصورهم مليئة بالعبيد والجوارى للخدمة والمتعة في آن واحد. من أطرف الوثائق والعقود التي عُثر عليها وتعود إلى عهد الملك نبوخذ نصر، تلك العقود المتصلة بالعبيد، "كان مصدر هؤلاء العبيد أسرى الحروب، والغارات التي يشنها البدو الرحل على الولايات الأجنبية، ونشاط العبيد أنفسهم في التناسل"، وكان ثمن الأرقاء يختلف من عشرين ريالًا إلى خمسة وستين للمرأة، ومن خمسين ريالًا إلى مائة ريال للرجل، وكان هؤلاء العبيد هم الذين يؤدون معظم الأعمال العضلية في المدن، وتدخل في هذه الأعمال الخدمات الشخصية. وكانت الجواري ملكًا خالصًا لمن يبتاعهن، وكان ينتظر منهن أن يمهّدن له فراشه ويطبخن له طعامه، وكان المعروف أنه سيستولدهن عددًا كبيرًا من الأبناء. وكان العبد وكل ما ملكت يداه ملكًا لسيده من حقه أن يبيعه أو يرهنه وفاء لدين، ومن حقه أن يقتله إذا ظن أن موته أعود عليه بالفائدة من حياته. وإذا أبق العبد فإن القانون لا يبيح لأحد أن يحميه وكانت تقدر جائزة لمن يقبض عليه، وكان من حق الدولة أن تجنّده كما تجنّد الفلاح الحرّ للخدمة العسكرية أو تسخّره للقيام ببعض الأعمال العامة كشق الطرق، وحفر القنوات، وكان أكثر العبيد يقنعون من حياتهم بكثرة الأبناء، حتى صاروا أكثر عددًا من الأحرار، فكانت طبقة الأرقام الكبيرة تتحرك كأنها نهر تحت جيَّاش يجرى تحت قواعد الدولة البابلية. كان العبيد يؤسرون من خلال الاغارات على مواطنهم أو تسديدًا لدين، وكانت العبودية متفشية في الحضارات القديمة لدواعٍ اقتصادية واجتماعية، لهذا كانت حضارات الصين وبلاد الرافدين والهند تستعمل العبيد في الخدمة المنزلية أو العسكرية والإنشائية والبنائية الشاقة، وكان قدماء المصريين يستعملون العبيد في تشييد القصور الملكية والصروح الكبرى وكان الفراعنة يصدرون بني إسرائيل رقيقًا للعرب والروم والفرس، وكانت حضارات المايا والانكا والأزتك تستخدم العبيد على نطاق واسع في الأعمال الشاقة والحروب. وفي بلاد الإغريق كان الرق ممارسا على نطاق واسع لدرجة أن مدينة أثينا رغم ديمقراطيتها كان معظم سكانها من العبيد وهذا يتضح من كتابات هوميروس للإلياذة والأوديسا. اشهر ثورة للعبيد في التاريخ الإسلامي هي "ثورة الزنج" في العصر العباسي في القرن 9، وفي القرن 15، مارس الأوروبيون تجارة العبيد الأفارقة وكانوا يرسلونهم قسرا للعالم الجديد ليفلحوا الضياع الأمريكية. وفي عام 1444م كان البرتغاليون يمارسون النخاسة ويرسلون للبرتغال سنويا ما بين 700 – 800 عبد من مراكز تجميع العبيد على الساحل الغربي لأفريقيا وكانوا يخطفون من بين ذويهم في أواسط إفريقيا. وفي القرن 16 مارست إسبانيا تجارة العبيد التي كانت تدفع بهم قسرا من إفريقيا لمستعمراتها في المناطق الاستوائية بأمريكا اللاتينية ليعملوا في الزراعة بالسخرة، وفي منتصف هذا القرن دخلت إنجلترا حلبة تجارة العبيد في منافسة وادعت حق إمداد المستعمرات الأسبانية بالعبيد وتلاها في هذا المضمار البرتغالوفرنساوهولندا والدنمارك. ودخلت معهم المستعمرات الأمريكية في هذه التجارة اللا إنسانية، فوصلت أمريكا الشمالية أول جحافل العبيد الأفارقة عام 1619 م، جلبتهم السفن الهولندية وأوكل إليهم الخدمة الشاقة بالمستعمرات الإنجليزية بالعالم الجديد. ومع التوسع الزراعي هناك في منتصف القرن 17 زادت أعدادهم، ولاسيما في الجنوب الأمريكي، وبعد الثورة الأمريكية أصبح للعبيد بعض الحقوق المدنية المحدودة، وفي عام 1792 كانت الدنمارك أول دولة أوربية تلغي تجارة الرق وتبعتها بريطانياوأمريكا بعد عدة سنوات. وفي مؤتمر فينا عام 1814 عقدت كل الدول الأوربية معاهدة منع تجارة العبيد، وعقدت بريطانيا بعدها معاهدة ثتنية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1848 لقمع هذه التجارة، بعدها كانت القوات البحرية الفرنسية والبريطانية تطارد سفن مهربي العبيد، وحررت فرنسا عبيدها وحذت حذوها هولندا وتبعتها جمهوريات جنوبأمريكا ما عدا البرازيل حيث ظلت العبودية بها حتى عام 1888م. وكان العبيد في مطلع القرن 19 بتمركز معظمهم بولايات الجنوببالولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن بعد إعلان الاستقلال الأمريكي اعتبرت العبودية شرًا ولا تتفق مع روح مبادئ الاستقلال. ونص الدستور الأمريكي على إلغاء العبودية عام 1865م، وفي عام 1906م عقدت عصبة الأمم مؤتمر العبودية الدولي "International Slavery Convention" حيث قرر منع تجارة العبيد وإلغاء العبودية بشتى أشكالها، وتأكدت هذه القرارات بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان. في الإنجيل لا يوجد نهي مباشر عن العبودية كالقول "لا تتخذ لك عبدا أو أمة"، أو ما شابه ذلك، مع أن الإنجيل وبّخ الشر والخطية والرياء والديانة المظهرية الكاذبة توبيخا شديدا، إلا أنه لم يكن هدف المسيح والإنجيل بالدرجة الأول رفع عصا التمرد والعصيان على النظام الاجتماعي والسياسي السائدين في أيامه. كان هدف المسيح بالدرجة الأولى السمو بالنفس البشرية إلى آفاق روحية عالية وسامية إلى درجة تزول معها كل الفوارق الجنسية والعرقية والاجتماعية زوالا تلقائيا، لذلك كان انتهاء العبودية في المسيحية تحصيل حاصل وأمر تلقائي ولا بد منه. وفي القرن السابع جاء الإسلام وكان من أعماله التعرض للرق والعبودية بشكل مباشر حيث حث إلى تحرير العبيد من العبودية وشجع عليه وجعله من القربات إلى الله. ودعا رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم إلى حسن معاملة الأسرى والعبيد والرفق بهم حتى أنه نهى عن تسميتهم بلفظ "العبيد" كما قال: "لا يقل أحدكم عبدي؛ أمتي، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، وليقل: "غلامي، جاريتي، وفتاي، وفتاتي " .