مع انطلاق ماراثون انتخابات مجلس الشيوخ، وبدء لجان تلقي طلبات الترشح أعمالها رسميًا، تعود الهيئة الوطنية للانتخابات لتتصدر المشهد السياسي في مصر، باعتبارها الجهة الوحيدة المنوطة بإدارة العملية الانتخابية وضمان شفافيتها من البداية وحتى إعلان النتائج. ففي ظل حالة من الجاهزية القصوى، أعلنت الهيئة بدء تلقي طلبات الترشح بجميع المحاكم الابتدائية على مستوى الجمهورية، وسط إجراءات تنظيمية دقيقة، وأجواء تتسم بالانضباط، بما يعكس الجهد المؤسسي الذي تبذله الهيئة لإخراج هذا الاستحقاق الهام في أفضل صورة. تأسست الهيئة الوطنية للانتخابات بموجب المادة 208 من دستور 2014، كهيئة مستقلة دائمة تتولى الإشراف الكامل على الانتخابات والاستفتاءات، دون تدخل من أي جهة تنفيذية، وهو ما نص عليه أيضًا القانون رقم 198 لسنة 2017، والذي منحها صلاحيات شاملة بدءًا من تحديث قاعدة بيانات الناخبين وحتى إعلان النتائج. وتتكون الهيئة من عشرة أعضاء من كبار القضاة، يتم اختيارهم من مختلف الهيئات والجهات القضائية، لضمان الخبرة والنزاهة والاستقلال التام في إدارة الاستحقاقات. مع فتح باب التقديم لانتخابات مجلس الشيوخ، بدأت الهيئة الوطنية للانتخابات ممارسة دورها المحوري في ضبط إيقاع العملية الانتخابية، حيث يشرف قضاتها على عمل لجان فحص الطلبات وتلقي أوراق المرشحين، مع متابعة دقيقة لسير الإجراءات وتطبيق المعايير القانونية على قدم المساواة. كما أطلقت الهيئة منصاتها الرسمية لتوفير خدمات الاستعلام عن شروط الترشح، والدوائر الانتخابية، وجدول المواعيد، ما يُسهم في توعية الراغبين بالترشح وتسهيل إجراءاتهم. ولم تغفل الهيئة الجانب الجماهيري، فوفرت أدوات تكنولوجية حديثة تمكّن الناخبين من معرفة بياناتهم الانتخابية ومقار لجانهم بسهولة، في خطوة تعزز الشفافية وتشجع علي المشاركة الهيئة التي نجحت خلال السنوات الماضية في تنظيم استحقاقات كبرى، مثل انتخابات الشيوخ 2020، وانتخابات النواب، والاستفتاء على التعديلات الدستورية، تُعيد اليوم تكرار المشهد باحترافية، مع الاستفادة من خبرات تنظيمية متراكمة، ورؤية مؤسسية راسخة تضمن نزاهة وشفافية كل مرحلة. وقد أكدت الهيئة في بيانها الأخير أن اليوم الأول لتلقي طلبات الترشح مر بسلاسة تامة دون معوقات، بفضل التيسيرات المقدمة والتنسيق الدائم مع المحاكم والجهات المعنية. سبق أن أشرفت الهيئة الوطنية للانتخابات على انتخابات مجلس الشيوخ عام 2020، والتي جاءت في ظل ظروف استثنائية بسبب جائحة كورونا، ورغم ذلك، نجحت في تنظيم استحقاق نزيه وفاعل، نال إشادة محلية ودولية على مستوى التنظيم والإدارة، وهو ما زاد من رصيد الثقة لدى المواطنين. ومع انطلاق النسخة الجديدة من انتخابات الشيوخ، تعيد الهيئة تأكيد التزامها بمعايير النزاهة، وتعمل على توفير مناخ انتخابي يُكرّس مبدأ الاختيار الحر والمباشر من قبل المواطنين لممثليهم في الغرفة الثانية للبرلمان وقد نالت الهيئة إشادة واسعة من منظمات الرقابة، والبعثات الدولية، لما تميزت به من تنظيم دقيق، وشفافية، وحسم قانوني في التعامل مع أي تجاوزات أو طعون. لا تقتصر جهود الهيئة على تنظيم الانتخابات فحسب، بل تسعى إلى نشر ثقافة المشاركة السياسية والتوعية بحقوق الناخبين، من خلال حملات إعلامية ومجتمعية، ما يعزز من المشاركة الشعبية، ويُكرّس قيم المواطنة الفاعلة فكل خطوة تُشرف عليها الهيئة، من قيد الناخبين وحتى إعلان النتيجة، تُجسد احترام الدولة لإرادة المواطنين، وتجعل من صندوق الاقتراع السبيل الوحيد لاختيار ممثلي الأمة في الغرفة الثانية من البرلمان. وتظل الهيئة الوطنية للانتخابات صمام الأمان الحقيقي لحماية أصوات الناخبين وضمان نزاهة السباق الانتخابي. فمع إشرافها الكامل على انتخابات مجلس الشيوخ، تثبت مرة أخرى أنها الركيزة الأساسية للعملية الديمقراطية، والحارس الأمين على صوت المواطن وشرعية المؤسسات المنتخبة.