فى تغير استراتيجي، انشغلت الصحف اللاتينية منذ عدة أيام، بقيام الولاياتالمتحدةالأمريكية بوضع المصرى المقيم بالبرازيل «محمد أحمد السيد أحمد إبراهيم» على لائحة أكثر المتطرفين المطلوبين أمنيًّا، التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى «FBI»، على خلفية ارتباطه بتنظيم القاعدة الإرهابي. وكانت السلطات الأمريكية وضعت فى 12 أغسطس 2019 «محمد أحمد السيد» على قائمة «Most Wanted»، وترافق مع ذلك بيان من وزارة العدل والخارجية البرازيلية، للتأكيد على عزم أجهزة الدولة البحث عنه، بعد دخوله البلاد فى 2018 بطريقة قانونية، كما ستسخر أجهزتها لتقديمه للاستجواب بشأن الاتهامات الموجهة له بدعم تنظيم القاعدة، وتسهيل وصول الأموال إليه منذ 2013، واتخاذ أراضى البرازيل كمرتكز لدعم أنشطة التنظيم. خطة 3+1 قد يُصنف هذا الخبر كإجراء روتينى تتبعه الدول لحماية مجتمعاتها من الإرهاب، ولكن مع الأخذ فى الاعتبار تغير السياق السياسى والاستراتيجى للدولتين المتعاونتين فى هذا الملف، يبدو الوضع مستحدثا، ففى يوليو 2019 وقعت الولاياتالمتحدة مع كل من البرازيل والأرجنتين وباراجواى خطة عمل لمحاربة النشاط الإرهابى فى القارة، وبالأخص ما يتعلق بتحركات «حزب الله» اللبنانى وتنظيم القاعدة، وما يجرى بينهما من تفاهمات وتعاون اقتصادي. وأطلق على هذه المبادرة الأمنية مسمى «خطة 3+1» وتشمل عقد اجتماعات دورية بين وزراء الخارجية المعنيين، وتجديد الاستراتيجيات اللازمة لمكافحة الإرهاب، ولذلك فمن المرجح أن يكون الإجراء الأخير للجارتين الإقليميتين هو ثمار هذه الخطة الجديدة والمنهجية المستحدثة لمناهضة الخطر المشترك، وبالأخص وسط تأكيدات بتعاون البرازيل لتسليم القاعدى المصري. تعاون حديث يذكر أن قارة أمريكا اللاتينية ظلت لسنوات جارة ليست بالشريكة الاستراتيجية للولايات المتحدة، بل على العكس، كانت محطة لزعزعة الاستقرار الأمريكي، وإرباك مسارات مصالحها، وهو ما استغله النظام الإيراني، ومد جسور تواصله مع الأنظمة الحاكمة هناك، وأبرزها فنزويلا وغيرها من الذين اشتركوا معها فى مصالح وأنماط سياسية تختلف مع تلك التى تتبناها الجارة الأمريكية وأصدقاؤها. ولكن فيما يخص هذه التغيرات تقول أمل مختار، الباحثة فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن الأنظمة السياسية الفاعلة بالقارة تغيرت بشكل كبير، فبعد أن اعتلت الاشتراكية سدة الحكم لسنوات، تعاونت خلالها مع النظام الإيرانى تبدل الوضع بصعود اليمين الذى لا يتوافق مع الشراكة الإيرانية، ويرى الأمريكية بديلًا عنها. كما أشارت إلى أن المناوشات المتصاعدة بين طهران وواشنطن أسهمت فى إحياء الفكرة؛ إذ ترغب الولاياتالمتحدة فى إيقاف المد الإيرانى الذى ظل لسنوات يؤرق جغرافيتها الجنوبية، فى ظل وجود سياسات متقاربة طامعة فى الحصول على تمويلات وإعانات اقتصادية من الجانب الأمريكى كبديل عن إيران التى تعانى حاليًّا أزمة اقتصادية كبيرة.