يعد جامع السلطان حسن درة العمارة الإسلامية المملوكية بالقاهرة ويقف شامخًا على قلعة صلاح الدين فى تجانس معمارى أخاذ مع عمارتها الأيوبية، أنشأه السلطان الناصر «حسن بن محمد بن قلاوون»، أحد أبرز سلاطين دولة المماليك فى 1356 م، واستمر العمل فيه لمدة ثلاث سنوات بغير انقطاع إلى أن مات السلطان حسن قبل أن يتم بناؤه، فأكمله من بعده أحد أمرائه وهو بشير الجندار الذى أتمه فى العام 1363م، وكان الغرض من إنشائه تدريس المذاهب الأربعة وهى «الشافعي، والحنفي، والمالكي، والحنبلي». يعتبر الجامع الوحيد بين مساجد القاهرة الذى يجمع بين قوة البناء وعظمته، ورقة الزخرفة وجمالها، ما يجعل أثره قويا فى نفوس زائريه، إذ له خصائصه التى لا يشترك معه فيها غيره، حيث تتوفر فيه دقة الصناعة وتنوع الزخارف، كما تجمعت فيه شتى الفنون والصناعات، فيرى فيه الزائر دقة الحفر فى الحجر ممثلة فى زخارف المدخل ومقرنصاته العجيبة، بجانب براعة صناعة الرخام ممثلة فى وزارتى القبة، وإيوان القبلة، ومحرابيهما الرخاميين، والمنبر، ودكة المبلغ، وكسوة مداخل المدارس الأربعة المشرفة على الصحن ووزرات أعتاب أبوابها، كما يشاهد الزائر دقة صناعة النجارة العربية وتطعيمها مجسمة فى كرسى السورة الموجود بالقبة، ويعتبر باب المسجد النحاسى من أجمل الأبواب المكسوة بالنحاس، وهناك على أحد مدخلى القبة باب مصفح بالنحاس حشواته بالذهب والفضة على أشكال وهيئات زخرفية جميلة. كما يضم المسجد أربع واجهات، تقع الواجهة الرئيسية فى الضلع الشمالى الذى يبلغ طوله 145 مترا وارتفاعه 37.80 متر ويؤدى الباب الرئيسى للمسجد إلى مدخل يؤدى للصحن وهو مربع الشكل تقريبا يبلغ طوله 34.60 متر وهو مفروش بالرخام وتتوسطه فسقية للوضوء تعلوها قبة خشبية تقوم على ثمانية أعمدة وهذه القبة أدخلها فريق الترميم والصيانة عليها، فلم تكن موجودة من قبل. يظل هذا المسجد أضخم مساجد مصر عمارة، وأعلاها بنيانا، وأكثرها فخامة، وأحسنها شكلًا، ويبلغ من العظمة والضخامة حتى قال عنه جاستون فييت المدير السابق للمتحف الإسلامى بالقاهرة: إنه لأبدع آثار القاهرة وأكثرها تجانسا وتماسكًا وأجدرها بأن يقوم بجانب تلك الآثار المدهشة التى خلفتها مدنية الفراعنة، حيث وصف الورثيلانى الرحالة المغربى الضخم للمدرسة بمئذنتيها السامقتين فى رشاقة ملفتة لمدرسة السلطان حسن أنها مسجد لا ثانى له فى مصر ولا جدال فى أن البناء يعد معجزة معمارية ليس فقط بالقياس للتقنيات والإمكانات التى كانت متاحة لابن بيليك المحسنى فى العصور الوسطى ولكن أيضا لقدرة المدرسة على الصمود أمام القصف المدفعى لمماليك القلعة واستفزاز اهتمام زوجة محمد على باشا خوشيار هانم والدة الخديوى إسماعيل إذ حاولت هذه السيدة محاكاة هذا الصرح المعمارى بإنشاء جامع الرفاعى فى مواجهته، ولكنه جاء دونه رونقا وجمالا، رغما عن أن بناء الأخير استغرق قرابة عشرين عاما بينما شيد السلطان حسن هرمه المعمارى هذا فى نحو خمس سنوات لا أكثر.