شاب فى أواخر الثلاثين من العمر، شاء له القدر أن يعيش عاجزًا عن الحركة منذ أكثر من 6 سنوات، يحترق شبابه أمام عينيه دون حول منه ولا قوة، فلا مال يملكه للبحث عن علاج، ولا داعم له يستند إليه، سوى مناجاة الله بالليل والنهار، لعله يستجيب ويفك كربه، بعد أن فقد كل أسباب الحياة. يعيش الشاب، ياسر أحمد أحمد الصبو، 37 عاما، المقيم بقرية «كفر الدبوسي» التابعة لمركز شربين بالدقهلية، مأساة مكتملة الأركان، حيث تزوج منذ 12 عامًا، عاش منها 6 سنوات معافًا سليم البدن، هانئًا مع زوجته ووالدته بعد أن توفى والده، وكان يعمل «مبيض محارة»، وظل يسعى طيلة 6 سنوات، هو وزوجته للإنجاب، وطَرق أبواب العيادات فى محافظته وخارجها، ليهنأ بطفل، يملأ عليهما حياتهما، منفقا كل ما يرزق به من حرفته، فى الإنفاق على الأدوية والعلاجات، وما يفيض منه ينفقه على المأكل والاحتياجات الأولية ببيته الصغير. وبعد شقاء دام 6 سنوات، أسعده الله وزوجته، بخبر حملها، إلا أن السعادة لم تكتمل، فبعد شهرين من الحمل، وخلال تأديته عمله أعلى بناية شاهقة الارتفاع، سقط من على السقالة، وأقر الأطباء إصابته بانقطاع الحبل الشوكي، وعجزه عن الحركة، وهمس الأطباء بأذن الزوجة المسكينة، بأن زوجها لم يعد قادرًا على الحركة أو الإنجاب نهائيًا أو القيام بواجباته الزوجية، نزل الخبر عليها كالصاعقة، فلم تكمل حينها 26 عامًا من عمرها، وهون عليها جنينها الذى تحمله فى أحشائها صاعقة الخبر. وانقطع سعى الزوجة وزوجها للعلاج، حيث لم يتبق من دخلهما المعدوم، سوى بضعة جنيهات تسد جوعهما، كى لا يسألا الناس إلحافًا، وأنجبا طفلا نجيبا حاد الذكاء، اكتشفا قدراته العقلية الفائقة مع كل عام ينمو فيه، بشهادة معلميه وجيرانه وكل من تعامل معه، وكانت الفرحة التى تنسيهم آلامهم، وعند بلوغ طفلهما الوحيد 6 سنوات، كان ساق أبيه ويده، فكان يشترى بضاعة للمكتبة الصغيرة، التى استأجرها والده، على ناصية شارعهم ب 500 جنيه شهري، حتى كانت الفاجعة الأخرى فى حياة الأسرة المنكوبة. فى الوقت الذى كان يستعد الطفل للالتحاق بالصف الأول الابتدائي، لقى مصرعه على يد شاب لم يتجاوز ال 17 عامًا، بعد أن اعتدى عليه جنسيًا بوحشية، وتحطيم رأسه ودفنه فى بالوعة الصرف الصحي، وقبض على الذئب البشري، وعوقب بالسجن عامًا فقط، باعتباره حدثًا صغيرًا، وكانت صدمة للأب والأم المكلومين، خاصة الأب الذى يناشد المسئولين وفاعلى الخير، مساعدته على إجراء عملية جراحية، للعلاج والوقف على قدميه من جديد، ليمارس حياته بلا شفقة أو استنادا على أحد، وتعويض زوجته عن أيام شبابها الضائع وحزنها عن فقدان فلذة كبدها.