تنقل يوسف الشاب العشريني بين العديد من الوظائف، لا يبغي شيئا سوى الرزق الحلال، وقبل أن ينتصف عقده الثالث تمكن من جمع ثمن "الفيزا" ليلتحق بالعمل في دبى، تحمل الكثير من الصعاب، حرم يوسف نفسه من ملذات الحياة، تحصن بحسن خلقه، وبشاشة وجهه، ليجمع مبلغا كافيا من المال ليكمل به نصف دينه، ويضمن من خلاله كريم العيش. لم ينتظر الشاب الطموح كثيرا، فما أن تمكن من جمع المال اللازم، حتي عاد الي مصر ليختار زوجة تؤنس وحدته، وتعينه علي مشاق الغربة، وبالفعل اتم الزيجة وعاد يواصل رحلته من جديد. تحسنت اوضاع يوسف كثيرا في ظل وجود زوجته، لم يكدر عيشهما سويا إلا تأخر الانجاب، لم يفقد ايمانه ولجأ الي طبيب شهير في دبي، تحول كمده إلي سعادة لا توصف، عندما أخبره بإمكان الانجاب من خلال إجراء عملية طفل أنابيب. رزق يوسف أخيرا وبعد معاناة بطفلين توءم، وعقب ولادة زوجته أصيبت بوعكة صحية ما دفع والدتها للقدوم من القاهرة، للاهتمام بزوجته حتي تتعافى، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعد تعافي زوجته، ظلت والدتها ضيفة ثقيلة علي نفس يوسف ومع مرور الأيام تزداد ثقلا، وظلت معهما لأكثر من عام. تحدث يوسف مع زوجته في شأن والدتها، إلا أنها غضبت بشدة وأخبرته أنها لن تتحدث فى هذا الأمر حتى لا تسبب إحراجا لوالدتها، ومرت الأيام ليصبح العام عامين. من جديد تحدث يوسف مع زوجته حول والدتها، فقد ازداد حمله، وبدأ في تجاوز قدرته علي التحمل، فقد أصبح بالكاد يفي بمتطلبات زوجته وطفليه وتزداد مسؤلياته يوميا، فأخبرته بأن يحجز لها هى ووالدتها والطفلين للسفر إلي مصر، وهناك ستخبر والدتها بأن تظل بمصر وتعود هى وأبناؤه بدونها. أسرع الزوج بحجز تذاكر السفر لينفذ خطة زوجته، وبالفعل بعد عدة أيام سافرت زوجته ووالدتها وطفليه، إلا أنه فوجئ بكونه ضحية لتلك الخطة، بعدما رفعت زوجته قضية تطالبه بمبلغ نفقة كبير، ورفضت العودة إلى دبي مرة اخرى، وأدعت أمام المحكمة أن زوجها يتقاضى 30 ألف درهم إماراتى، وكان شاهدا الإثبات هما خالها وابن خالها، وعلي أثر ذلك حصلت علي حكم بنفقة شهرية 11 ألف جنيه. اضطر يوسف بعد معاناة من المحاولات الودية للصلح مع زوجته ورؤية أبنائه من جديد، إلى تقديم أوراق رسمية معتمدة من السفاره المصريه في الإمارات، تفيد بأن راتبه الشهري لا يتعدى 14 ألف درهم، يستقطع منهم 6 آلاف؛ لإيجار شقة الزوجية، فضلا عن مصاريفه الشهرية الخاصة، وتم توثيق تلك الأوراق بالسفارة المصرية فى دبى بشكل رسمى من قبل شركته. وعلى الرغم من مضى ثلاث سنوات، وحتى الآن لم يتمكن "يوسف" من رؤية ابنيه؛ اللذين أكملا عامهما الخامس، ومازال يتنقل بين دبى والقاهرة، يحدوه الأمل فى الوصول لأبنائه، ويطارده شبح خسارة عمله.