فى شهر رمضان تنتعش الكثير من المهن التى ارتبط بها المصريون على مدار التاريخ، والتى تؤكد جميع الكتب التاريخية أنها بدأت فى مصر منذ الفتح الإسلامى، وتتنوع هذه المهن ما بين أطعمة اعتاد المصريون تناولها فى الشهر الكريم كالكنافة والقطايف، وأيضًا المشروبات مثل العرقسوس والتمر والسوبيا، إلى جانب المهن الأخرى كصناعة الفوانيس والمسحراتى التى ارتبط بها الشعب المصرى على مدار قرون طويلة من الزمان، حيث يجوب أحدهم الشوارع للمناداة على المسلمين وإيقاظهم لتناول وجبة السحور قبل انطلاق أذان الفجر. أثناء مرورك بالقرب من مسجد الحسين، يستوقفك العديد من محال الحلوى القريبة من بعضها البعض فى شكل، عارضة حلوى رمضان بأنواعها، ويمكننا القول إن الحلويات صديقة شهر رمضان، وأن تناولها طقس رمضانى مقدس، وهناك الكثير من أنواع الحلويات وبأسعار مختلفة، مع عرض أكثر ل«الكنافة والقطايف الجاهزة». يقول إبراهيم (عامل بمحال بوسط البلد): البيع فى رمضان هذا العام به «ركود نسبي»، خاصة أن هناك الكثير من الأشياء التى نستخدمها زاد سعرها، وبناء عليه تتم زيادته على المستهلك، ولكننا نعمل على تحسين الحلويات المقدمة للناس، وتابع: «كيلو الحلويات المشكل يتراوح بين 30 و60 جنيهًا، الكنافة غالبًا سعرها على حسب التكاليف التى يتم تصنيعها بها، وكذلك القطايف وغيرها من الحلويات الموسمية التى تظهر فى رمضان فقط مع ابتكار الجديد لجذب المواطن للشراء. عرقسوس، سوبيا، تمر هندى، قمر الدين، اللبن، الكثير من المشروبات التى نستمتع بجمال مذاقها فى الشهر الكريم تأخذ مكانًا كبيرًا على المائدة، ولدى الكثير من البائعين، وهناك من يختص فى رمضان ببيع المشروبات فقط، ويمتلئ حى الحسين بالكثير من بائعى المشروبات الرمضانية، ويكثر وجودهم قبل حلول موعد أذان المغرب، خصوصًا فى هذه الفترة من العام التى تحضر يدويًا وتعرض. الباعة الجائلون، عادة ينتظرون شهر رمضان لبيع المشروبات التى يحضرونها يوميًا طازجة ويعرضونها بحرفية بالغة على عربات مزركشة لجذب المارة والأطفال، فلا تخلو الساحات الشعبية بالقاهرة والجيزة والكثير من المحافظات من الباعة الجائلين، الذين يسعون لطرح الكثير من أنواع المشروبات الرمضانية نظرًا لزيادة الإقبال عليها فى هذا التوقيت. ويجوب عبد الحميد «بائع عرقسوس» جميع الأماكن بجوار مسجد الحسين والشوارع الجانبية بملابسة المميزة وطاسته الرنانة التى تجذب المارة، قائلًا: «فيه ناس كتير بتستنانى، عشان العرقسوس لأنه شفاء، وكمان مش غالى، يعنى الفقير والغنى بيشرب العرقسوس، سعر الكيلو غالى فعلًا عن السنة اللى فاتت، لكن دى مهنتى من أيام جدودى وراثة، ولازم أبيع ولا زم أكسب..». ويتابع عبدالحميد: «هناك أيضًا العديد من محلات العصائر خاصة بالأماكن الشعبية تستعد استعدادًا كاملًا قبل قدوم شهر الخير، وتقوم برصد العديد من الترابيزات لعرض منتجاتهم وبأقل الأسعار بالرغم من الأسعار التى باتت عالية هذا العام. المسحراتى.. محمد: مهنتى تبدأ فى أول رمضان.. وأعشق إيقاظ النيام لتناول السحور «اصحى يا نايم وحد الدايم»، كلمات رنانة وصوت يجلجل، ينادى أبناء الحى قبل صلاة الفجر بمدة كافية لتناول السحور، يتسلق عجلة وأمامه طلبة يدق عليها، يهرول الأطفال أمامه فى الشارع لينادى أسماءهم مقابل جنيه واحد، وهكذا من بداية الشارع حتى نهايته، رغم تقدم العصور والتكنولوجيا بالهواتف المحمولة والبرامج والمسلسلات التليفزيونية، خاصة فى رمضان والتى تعرض على مدار اليوم، فالكثير يستيقظ حتى أذان الفجر. وتظل للمسحراتى مكانة عظيمة وكبيرة فى قلوب المصريين، وقال محمد المسحراتى، المسحراتى طقس من الطقوس الرمضانية ومن الطراز الأول، وتابع: «أنا باجى من الصعيد إلى القاهرة عشان المهنة دى بحبها وبحب أصحى الناس تتسحر وفيها ناس معايا، إحنا 6 بنيجى قبل رمضان كل واحد بيحدد الشوارع بتاعته اللى بيمشى فيها وربنا بيرزق، فرحة الأطفال، وهما بيستنوا تحت البيت عشان ننادى عليهم للسحور فرحة كبيرة». «الفول».. حمادة: «المدمس الراعى الرسمى للسحور فى رمضان.. وفى رمضان تزداد مبيعاتنا والفول لا يعرف الفرق بين طبقات المجتمع»، فوجبة السحور الأساسية للشعب المصرى، وهى الوجبة التى تمكن الإنسان من القدرة على مواصلة اليوم دون الشعور بالجوع، ورغم أنها تعتبر وجبة الإفطار فى الأيام العادية، فإن الأمر يختلف فى رمضان، فالفول أساس وجبة السحور، وتمتلئ شوارع الجمهورية بعربات الفول والمقاعد لاستقبال المارين والراغبين فى تناول وجبات الفول على السحور وغيرهم من شرائه. يقول حمادة (بائع فول مدمس): «المدمس الراعى الرسمى للسحور فى رمضان، ففى هذا الشهر يكثر بيع الفول فى السحور عن الأيام العادية، ورغم أن هناك ركودًا بعض الشيء فى البيع، لكن بالنسبة لى مكسب البيع يكون فى السندوتشات والطلبات المقدمة للزبون». الزبادى.. فيما تنتعش مهنة بائع الزبادى خلال الشهر الكريم، ويعتبر اللبن والزبادى فى شهر رمضان أبرز ضيوف الشهر، فيتهافت الصائمون على تناوله، لما له من فضل كبير فى تحمل فترة الصيام الطويلة التى يعانى فيها البعض، فيزيد من الكالسيوم والبوتاسيوم والماغنسيوم والفيتامينات، ويستفيد الجسم من البروتين الحيوانى الموجود بمنتجات الألبان. وقال خلف حسين (مواطن) الزبادى من المهن التى تزدهر خلال أيام رمضان، نظرًا لتهافت المسلمين الصائمين على تناوله، فيعتبر الوقود الذى يسير به الإنسان لمقاومة التعب حتى يفطر، ورغم وجود المحلات وبائعى الزبادى فى الأيام العادية فإن المهنة تلقى اهتمامًا بالغًا فى رمضان نظرًا لفوائده العديدة، فهو فعال فى تقليل الإصابة بسرطان القولون وقادر على تنشيط الجهاز المناعى وخفض الكوليسترول فى الدم. الطرشى.. والطرشجى، مهنة ليست مغمورة، لكنها تزدهر بشكل خاص فى رمضان كغيرها من المهن، وتحتاج صبرًا وذكاء فى عملية التخليل، والتى تتراوح ما بين 15 يومًا و3 أشهر تقريبًا حسب الصنف المراد تخليله، وعرفت تلك المهنة فى عهد الدولة الفاطمية، والتجديد مطلوب فى صناعة المخللات، ولا تخلو المائدة من الطرشى الذى يعتمد عليه يوميا فى الطعام، ويعتبر مصدرًا أساسيًا لفتح الشهية بعد صوم طول اليوم كما يقول المصريون. ويزيد الإقبال على الطرشى بشكل ملحوظ من قبل المواطنين، ويلجأ الكثيرون إلى وضع التربيزات خارج المحال أو المعمل لبيع المخللات بأنواعها وأصنافها المتعددة والتى يصنعها البعض بنفسه، ويقول إسماعيل «طرشجى»: «المخلل محدش يقدر يستغنى عنه خاصة فى رمضان، لأنه بيفتح النفس على الأكل بعد صيام يوم طويل جدًا، وحركة البيع تعمل فى رمضان بشكل كبير، والرزق والحمد لله واسع» الكنفانى.. يتفنن المصريون فى صناعتها.. وبيومي: بنكون طوارئ فى الشهر الكريم والكنفانى مهنة هى الأخرى تجد رواجًا مع قدوم شهر رمضان، ويعتبر هذا الشهر عيد الكنافة، حيث تعود للحياة مرة أخرى وتنتعش كل رمضان، ويعد بيع الكنافة بالنسبة لمحال الكنفانى وتصنيعها من العادات الرمضانية، فهناك الكثير من صنايعية الكنافة يغيرون مهنتهم طوال العام ويعملون بمجال الكنافة فى هذا الشهر فقط من العام. وقال أحمد بيومى الكنفاني: «رمضان يعنى كنافة وقطايف وتابع: «الإقبال عليها فى هذا الشهر كبير جدا نظرا لان الكنافة موسمية مع أنها موجودة باقى العام لكن هذا الشهر لها مذاق خاصة بالنسبة للناس، الكنافة والقطايف جزء من العادات المصرية الرمضانية ولا تتأثر بأى ظروف، وهى متاحة لكل الطبقات.