مهن نعتاد على رؤيتها في أفضل شهور السنة، فهي مهن تعمل شهر واحد في العام، ولكنه شهر الخير والبركات، لذلك تتعلق هذه المهن في أذهان المصريين وينتظرونها مع انتظارهم لشهر رمضان الكريم. وعلى الرغم من تطور التكنولوجيا وظهور أساليب حديثة، إلا أن تلك المهن مستمرة ولا يمكن الاستغناء عنها وخاصة في مصر، ومنها "المسحراتى، الكنفانى، بائع التمر الهندى، بائع المخلل". المسحراتى مهنة تظهر مرة واحدة في العام، ولكنها متعلقة في أذهان المصريين، كونها مهنة تأتى مع أفضل شهور السنة "شهر رمضان"، هو الشخص الذى يوقظ المسلمين لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر، حيث يشق بصوته المرتفع سكون الليل بعبارات شهيرة على إيقاع الطبلة مثل "إصحى يا نايم وحد الدايم.. الرجل تدب مطرح متحب.. رمضان كريم"، هو "المسحراتى". بداية مهنة المسحراتى بدأت مهنة المسحراتي في عصر الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي أصدر أمراً بأن ينام الناس مبكرين بعد صلاة التراويح وكان جنود الحاكم يمرون على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور، أما أول مسحراتي فعلى في مصر فكان «عتبة بن اسحق» والي مصر أيام الفتح الإسلامي وكان يخرج بنفسه في مدينة الفسطاط لتسحير الناس وهو يردد "يا عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة". عرفت شخصية المسحراتى في مصر مثل الزينة والفوانيس، وأصبح رمضان غير مكتمل من دونها، وأخذت شكلاً آخر على إيقاع الطبلة، كما ارتبطت بالسير والحكايات الشعبية التي يعشقها الكثير من المصريين مثل "ألف ليلة وليلة" و"أبو زيد الهلالي" و"علي الزيبق". كما يتعلق الأطفال بشخصيته ويتلهفون عليه وينادونه من الشرفات والنوافذ ب"عمو المسحراتى"، ويطالبونه بأن ينادى على أسمائهم بعد أن يرسلوا إليه قطعًا من النقود المعدنية، ومنهم من يسير خلفه بالمناطق الشعبية والقرى. مكاوى.. مسحراتى الإذاعة وظهر مسحراتى الإذاعة على يد الموسيقار سيد مكاوى عام 1964، وكان ينتظره المسلمون الساهرون منتظرين تناول وجبة السحور على صوت مسحراتى الإذاعة، ومع انتشار التليفزيون أبدع "مكاوي" في مزج فن التسحير بالوعظ والإنشاد في حب الوطن. الكنفانى.. بائع الحلويات الرمضانية من أهم مايميز شهر رمضان، وجود "الكنافة" التى لاتخلو منها أى مائدة طوال أيام الشهر الكريم، ويزداد الإقبال عليها بصورة ملحوظة، وعلى الرغم من تطور التكنولوجيا ووجو ماكينات لصناعة الكنافة، إلا أن الكنافة اليدوية مازالت متواجدة وعليها إقبال كبير. ومع قدوم شهر رمضان يبدأ الكنفانى بنصب فرن الكنافة بالطوب الأحمر والأسمنت، التى اعتد المصريون على رؤيتها في الشهر الكريم، ولذلك ارتبط وجودها بهذا الشهر من العام. ويذكر التاريخ أن صنَّاع الحلويات في الشام ابتكروا الكنافة خصيصًا من أجل تقديمها إلى "معاوية بن أبي سفيان" عندما كان واليًا على الشام، وذلك حتى يأكلها كطعام للسحور، فتمنع عنه الجوع الذي كان يشعر به أثناء الصيام، وقد ارتبط اسمها باسمه، حتى إنها سُميت كنافة معاوية. وفي رواية أخرى تنفي الأولى أن تاريخ الكنافة يعود إلى العصر الفاطمي، وقد عرفها المصريون قبل أهل بلاد الشام، وذلك عندما تصادف دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي القاهرة، وكان ذلك في شهر رمضان، فاستقبلته الأهالي بعد الإفطار وهم يحملون الهدايا، ومن بينها الكنافة بالمكسّرات، كمظهر من مظاهر الكرم. بائع التمر والعرقسوس والسوبيا.. مكونات رمضانية ينتشر باعة العرقسوس في شهر رمضان بزيهم الفلكلوري المكون من قميص ويعلوه صديري، وبنطال بائع العرقسوس الشهير الفضفاض، ممسكاً بيده اليمنى "صاجات" نحاسية كبيرة يصدر بهم نغمة مميزة يدركها الجميع ويعرف بها بائع العرقسوس، ومعلقاً على صدره إبريق زجاجي ضخم مصنوع خصيصاً للمحافظة على برودة العرقسوس، وهذا الإبريق مشدود على الخصر بحزام جلدي عريض. وينادي بائع العرقسوس على بضاعته بعبارات مشهورة وهي "شفا وخمير يا عرقسوس"، وقد عرف عن شراب العرقسوس منذ القدم فوائد صحية كثيرة، ويفضله المصريون في شهر رمضان بصفة خاصة لأهميته في القضاء على الإحساس بالعطش، وقد دخل العرقسوس الى محلات بيع العصائر لعدم انتشار بائعي العرقسوس الجائلين بكل الأماكن، مع تناقص عددهم بشكل ملحوظ. وتتحول محلات العصائر في شهر رمضان، من شكلها التقليدى إلى خلية مليئة بالعصائر الرمضانية مثل "السوبيا والتمر والعرقسوس"، بالاضافة إلى بعض العصائر الطبيعية. المخللات.. سيدة المائدة في شهر رمضان على الرغم من تواجده طوال العام، إلا أنه يزداد عليه الطلب في شهر رمضان، فلا تخلو مائدة رمضانية من وجود المخللات و"الطرشي"، كونها تساعد على فتح الشهية و تحتوى على نسبة من المعادن والفيتامينات. ويعتبر شهر رمضان، موسم بالنسبة لبائعي المخلل، حیث یزداد الإقبال على جمیع أنواع المخلل فى هذا الشهر مما یجعل كل من یعمل فى هذه المهنة ینتظر رمضان من العام إلى العام، نظرًا للربح الذى یحصل علیه أصحاب المعامل وبائعي الطرشى فى هذا الشهر .