تبتهج مشاتل مصر بقدوم الربيع، وتدب الحركة بين العاملين فيه، يستيقظون وبداخلهم إشراقة أمل، فيذهبون لأفضل مكان على الإطلاق بالنسبة لهم؛ حيث المشاتل المكسوة بالجمال تنثر البهجة فى كل مكان، لا يشغلهم كم زبون سيمر على أعتابهم أو بكم سيبتاعون هذا اليوم، يذهبون وبداخلهم بعض الأسئلة المقلقة على النباتات والورود، يا تُرى هل تعالجت النبتة اليوم؟ هل ستتفتح أزهارها أم ستموت؟ هل سيفعل الجو فعلته كأمس ويودى بالقطفة؟ تمتزج تلك الأسئلة بالرضا؛ فيحدث ما يحدث لن يفرق الأمر كثيرًا، فمن عشق جمال الورود لا تعنيه النقود. يستعيد أحدهم أغنية محمد فوزى «الورد له روايح ولغات تجمع بين النار والجنة» ولم يكن فوزى يعنى نار الحب وجنته بين الحبيبين فقط ولم يحدد أى الأشخاص الذين سيصابون بلوعة رائحته أو نار حبه، المُهدى للورد؛ أو المُهدى إليه؛ أم بائعه. ويقول «محمد» البستانى البالغ 70 سنة: «مزارع الورد عاشق لرائحته؛ فلا يقوى على تبديل مهنته، فيبيعه وكأنه يبتاع جزءا منه، فالنبات كائن حى وتنمو بيننا عشرة وألفة لشهور، فرغم أن المهنة لا تأتى بثمارها كما كانت من قبل، إلا أننى متمسك بها حتى الآن، فكنت مقاتلا فى 3 حروب وقائد سرية المناورة بحرب اليمن، فظل الحلم الكامن بداخلى طيلة تلك الفترة، وهو زراعة السلام بأرض بلادى، وفعلتها فور عودتى بزراعتى لمشتلين. ويواصل إبراهيم الغناء «أصل الورود زى الستات لكل لون معنى ومغنى». أما كامل بائع ورد، وأحد أصحاب المشاتل فيردد «أجمل هدية أقدمها لبنات بلدى أقطفها من جنتك يا ورد يا بلدي، أحمر فى يوم حُرقتى.. أبيض فى يوم سعدى.. أصفر من الغيرة على سبب وعدى».. ويقول «سيظل الورد رمزًا للجمال ورقى المشاعر ومصدر البهجة، خصوصًا فى أعياد الربيع الذى تتجدد فيه الأزهار وتصبح رمزًا لهذا اليوم المصرى البديع. ويتابع كامل «يقبل المصريون لشراء الورود بكثرة فى هذه الأيام حتى ولو وردة واحدة فقط؛ فكثير من الشباب يقبل بصحبته خطيبته ويدعها تختار وردة ويدفع هو ثمنها، ويكون لتلك الوردة مفعولها الخاص الذى يظهر فى بريق ابتسامة خطيبته على الفور، وهناك كثيرون أيضًا يشترونه لأنفسهم؛ خصوصًا لانخفاض سعره بهذا الشهر، فزهرة منديل العجوز يبلغ سعرها 2 جنيه؛ أما زهر البرج والكريزر والزهر الأبيض والبمبى المسير والورد البلدى لا تتجاوز أسعارها ال 5 جنيهات؛ أما عن جيفارة الأعلى سعرًا بين هؤلاء فيبلغ سعر الزهرة الواحدة منها 10 جنيهات بحد أدنى و50 جنيها كحد أقصى؛ رغم ذلك فإن للورد البلدى صاحب سحر خاص؛ فهو ذو رائحة جميلة ونفاذة تنجذب إليها القلوب ويخطف بجماله القلوب؛ ولكل لون معنى ومغنى».