- مرسي يجرب كرسي الرئاسة - أكتب الشعر والقصة وحلم الرواية يراودني - تقاسيم على وتر الشوق.. أول ثوراتي ولكنه لن يكون آخرها عَزَمت على الرحيل للوطن.. أعدت العدة، وراحت تتسلق جبل الأماني، متشبثة بحبال الأمل، كلما صعدت، فاجأتها ركلة بقدم الحقيقة، لتعيدها من حيث بدأت فجأة، تنقشع السُحب السوداء، وتمتد أيديهم، لتصعد وترتقي القمة، تسير معهم صوب الوطن. قبل الوصول، يكبلون أرجلها وأيديها بأغلال، ويحكمون الشريط اللاصق على فمها، ويقذفونها في معتقل اللافرار، مطالبين إياها بإلقاء خطبة في ذكرى العودة للوطن. تنزوي في ركن، أقل عتمة من رؤيتها، وتلتحف الصمت، وهي تقرأ ب.. ق.. ه.. ر، لافتة معلقة على الحائط “,”السكوت علامة الرضا“,”. هكذا هم الصامتون قهرًا.. وهكذا هو عالم فاطمة وهيدي.. ومشروعها الإبداعي، متنوع وغائص بين شطآن الشعر ودهاليز السرد، على تؤدة دخلت ساحات الإبداع، فكان حقًّا للغيث أن يمطر على صفحات النقد. ولأنه بسيط حبها، حد الفلسفة، واضح حد الغموض، يشعل فتيل البوح في قلمها فيبتهج النبض، وتغلق مدن اللغة أبوابها، تثق أن قلبها سيمنحها لغة جديدة، ستكون حكرًا لمن تحب، حروفها فرح، سكناتها أمنيات، وحركاتها جنون.. تقاسيم على وتر الشوق.. ديوان جديد لشاعرة تطرق باب النشر للمرة الأولى، وآآه لو شاهدت لحظة ميلاد “,”حروف الشوق“,” لأشفقت على قلبها؛ حيث تنقبض شرايينه، ويتوقف القلب إجلالاً واحترامًا لقدسية الميلاد، ويأبى الإفراج عن نبضاته إلا بصرخة الحرف.. فاطمة وهيدي.. صوت شعري جاء من أقاصي النبض، ليصب في أعالي الروح.. حول تقاسيمها المغناة على وتر الشوق.. كان ل“,”البوابة نيوز“,” هذا الحوار.. - تنشرين في كثير من المنتديات الشعرية على صفحات الإنترنت، وتُشرفين على صفحة الشعر في واحد منها منذ سنوات.. ما الفرق بين النشر الإلكتروني والنشر الورقي.. بين الهواية والإبداع الحقيقي؟ - النشر على الإنترنت كما قلت في سؤالك هواية عند الأغلبية، وبالتالي فيه حرية أكبر، لأنني أكتب دون التفكير في رأي القراء، على الإنترنت أكتب مشاعري، وما أريد البوح عنه، دون خوف من النقد، حتى لو كانت الردود ناقدة، فلن يغير في مشواري الإبداعي، قد أتعلم منها ولكن النشر الورقي بالتأكيد سيجعلني أفكر ألف مرة قبل أن أكتب حرفًا واحدًا؛ لأني متأكدة أن كلماتي ستقع- يومًا ما- في يد ناقد دارس، وهو ما جعلني أؤمن بأن النشر الورقي يزود مسئوليات الكاتب، خاصة تجاه جمهوره، وبعد تجربته الأولى يزداد حرصه أكثر وأكثر، وهذا لا يمنع أبدًا من وجود هواة أكثر إبداعًا من شعراء خاضوا تجربة النشر، ولكن أزمة هؤلاء الهواة أنهم لا يدركون في أنفسهم هذا الحس الإبداعي. - وكيف جاءت فكرة النشر الورقي ومن الذي أوحى لك بأن كتاباتك تصلح للنشر؟ - صديق لي، كان كلما قرأ كتاباتي سألني لماذا لا تفكرين في نشر ديوان مطبوع، وكنت أتخيل أنه يراني بعين الصديق ويمدحني بما ليس في، بعدها شجعني أحد الأصدقاء وطلب مني تجميع ما أكتبه ليقوم هو بنشره في كتاب، وفوجئت أن أحد أعضاء المنتدى- وهو طالب ماجستير جزائري- قام بعمل دراسة على نصوصي واستخدامي للتضاد بكثرة في جملي لتأكيد المعني، وفؤجئت عندما قال لي إنه يجمع نصوصي منذ 3 سنوات، وطلبت منه أن يرسل لي الملف كاملاً، فوجدت 60 نصًّا قام بتصنيفهم، بطريقة أقرب للمتوالية العددية، وهو “,”تعبير إحصائي“,”، في هذا الوقت فقط أدركت أنه يمكنني فعلاً أن أخوض تجربة النشر، لكن كان عليَّ أن أطرق باب ناشر حقيقي يضمن لي الانتشار، يمكنك أن تقول إنها أحلام الصغار، ولكني عامة لا أحب أن أخطو خطوة إلا إذا كنت متميزة فيها، لهذا حلمت بالتميز وحاولت أن أسعى له. - في ديوان يحمل عنوان “,”تقاسيم على وتر الشوق“,”.. مفعم بالرومانسية والحب.. هل كان هناك ضرورة لإهداء ثان للنيل كنهر ينبع من أقاصي النبض، ثم قصيدة كاملة بعنوان “,”روح الفؤاد يا نيل“,”، هذا إذا تجاوزنا فكرة ارتباط النيل بالحب عند معظم المصريين؟ - النيل هنا رمز للعطاء، ولن أستطيع تجاوز فكرة ارتباط النيل بالحب؛ لأن الفكرة نمت وترعرعت معنا، وتأصلت بالتجربة الشعرية والشعورية، فما زالت قصيدة الشاعر الراحل محمود حسن إسماعيل، النهر الخالد، منقوشة في قلبي منذ الصغر، وكذلك أغنيتي “,”شمس الأصيل“,”، و“,”أغار من نسمة الجنوب“,”.. كل هذه القصائد، مع مشاهد النيل، الحنين لوجود يمنح كل هذا الفيض والعطاء، جعلني أسأل نفسي في حيرة: هل كتبت هذا النص للنيل أم لرمز يماثل النيل في العطاء والحب والتدفق؟ وأنا أسأل نفسي كلما قرأت بعض مقاطع هذا النص، كيف كتبتها.. هل تعلم أني كتبته في 5 دقائق تقريبًا، وكلما أعدت قراءته اكتشف فيه أشياء جديدة، من أقرب المقاطع إلى نفسي.. “,”حُسن الأصيل لم تعيه الأعين إلا حين قبل محياك“,”، فمنظر شمس الأصيل عندما يذوب عشقًا في أحضان النيل، ترى من خلاله روعة الأصيل وحده، وروعة النيل بمفرده، لكن اندماجهما معًا يقدم لوحة قادرة على إيجاد 85 مليون شاعر على أرض مصر. - عملك مرتبط بالأرقام والحساب والإحصاء.. هل أثر ذلك على كتاباتك حتى جعل معظم قصائدك تحمل عناوين فرعية مثل أول الهمس وآخره، أول الصمت وآخره.. مفتتح وخاتمة، وهكذا؟ - قبل عملي، كانت هناك دراستي، وعشقي للرياضيات والأرقام والإحصاء، أنا أسمع الأرقام تحاورني، هل تعلم أن للأرقام لغة أيضًا، لكنها تحتاج للإنصات، لو أنصت للأرقام وتأملتها جيدًا ستسمع لغتها بوضوح شديد، الأرقام لها وجود كبير جدًّا حتى في القرآن.. “,”الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى“,”، “,”إني رأيت أحد عشر كوكبا“,” “,”سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف“,”، “,”والحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء“,”.. الأرقام إذن ممتزجة بالحروف، وأثناء دراستي.. كنت أحب قراءة الكتب التي تجمع بين متغيرين، مثل الفلسفة المحاسبية في كذا.. - هناك أربع قصائد متتالية جاءت عناوينها بصيغة الاستفهام.. أتذكرين.. أيرضيك.. كيف أجعل الصمت رحيمًا.. أتدري.. ترى هل صارت لغة الشعر تبحث عن إجابات بعد أن كانت لغة ومشاعر وأفكارا ملهمة؟ - كل إنسان يسعى بالتأكيد للأفضل دائمًا والأفضل لن يأتينا بمفرده، ولذلك علينا أن نبحث عنه.. البحث يبدأ بالتساؤل والسعي للوصول إلى إجابات.. أحيانًا تكون الإجابات ما هي إلا أمنيات.. والسعي للبحث عنها وبذل الجهد لإيجادها يرقق قلبها ويحققها، وربما تكون هذه هي فلسفتي الخاصة. - كتابتك لقصيدة الفصحى أقرب للكتابة العروضية الموزونة.. هل جاء ذلك عن دراسة لعلم العروض والتفعيلة.. أم أن شيطان الشعر هو الذي أخذك لبحوره فخضتيها معه بمشاعرك، فجاءت أقرب لشطآنه الحانية أحيانًا، المتلاطمة أحيانًا أخرى؟ - فوجئت بمن يقول لي إنني أكتب قصائد عروضية تكاد تقترب من بعض البحور، بداية أنا لا أحب مصطلح شيطان الشعر.. أنا كتبت في وصفي للشعر وعلاقتي به.. “,” من بحوره استقي شهد القوافي وبنوره اغتسل من كل الذنوب“,” فهل يصح أن أغتسل بشيء ليس طهرًا.. عودة لسؤالك.. قبل كتابة أي نص أسمع موسيقاه تنساب من أعماقي فأطاوعها.. وأحاول الاندماج معها والانسياق وراءها.. وأطلق العنان لقلمي.. بعد الانتهاء من كتابة النص يطربني لحنها وأحيانًا أشعر أن بعض جمله أتت نشازًا.. لكني لا أحاول إصلاحها لأنني أحب حروفي البكر دون أي تعديل.. وهو بالتأكيد لا يصلح أسلوبًا لمحترفي الشعر.. فقد قرأت أن البعض يظل معتكفًا على قصيدة بالأيام والشهور.. ولكن عندما أشار لي أكثر من شخص بذلك في كتاباتي شعرت برغبة في خوض تجربة الكتابة العروضية، وأسعى الآن لتطوير لغتي، رغم أن الكثيرين من أصدقائي وقرَّائي يقولون أنني أجيد كتابة النثر، وأن جُملي النثرية أكثر عمقًا وانسيابية. - أعلم أنك تكتبين القصة القصيرة، والقصة القصيرة جدًّا أو الومضة.. هل تختلف طقوس الكتابة في الشعر والقصة والومضة.. وهل يمكن للشاعر أن يخوض بحورًا أخرى من الإبداع بعكس القاص والروائي ؟ - الشعر يفرض نفسه دون استئذان.. ولكن القصة أنت تفرض نفسك عليها “,”أحيانا“,”.. الشاعر قد يكتب قصة ولكنها تأتي في قالب شعري، رغم إرادته.. أما القاص والروائي لو عرج لباب القصيدة سيكون أسلوبه السردي مسيطرًا على حروفه، وربما وقع في شرك التطويل والإسهاب.. طقوس الكتابة أعتقد لا تختلف باختلاف نوعها ولكن باختلاف الشخص، وإن كنت أرى أن الرواية تحديدًا شيء مختلف، وبالتالي لها طقوس مختلفة تمامًا.. وأنا رغم كوني شاعرة وبدأت إصداراتي المنشورة بالشعر، ما زال حلم الرواية يداعبني ويرسل لي ومضات متفرقة، وأحاول امتلاك أدواتها أولاً قبل أن أخوض غمارها، وستبقى أحد أهدافي بمشيئة الله. - الواقعية السحرية تقتضي من المبدع أن يكون مدركًا لقضايا وطنه ومتفاعلًا معها.. أين فاطمة وهيدي من المزاج العام والوضع السياسي الراهن؟ - قبل قيام الثورة لم يكن لي أية اتجاهات أو اهتمامات سياسية، فقط كانت تزعجني بعض الأوضاع والممارسات وتفشي الوساطة في كل القطاعات والغلاء، وتدني الأجور، وعدم الاهتمام بالكفاءات، والإحباطات التي تجعلهم يهجرون الوطن.. وقامت الثورة في ظل عدم استيعاب قطاع كبير لما يحدث، ورغبة قطاع أكبر في الاستقرار، والتخلص من الفساد، والخروج من الأزمة بأقل الخسائر، وهذا القطاع هو المسمى بحزب الكنبة. وعندما بدأت الأحداث تتطور وأصبحث مصر كالتورتة .. الجميع يريدون اقتسام الغنيمة ، وجاءت انتخابات مجلس الشعب واختار قطاع كبير الإخوان أملًا في تجربة جديدة قد تساعد على النهوض ، وجاءت انتخابات الرئاسة .. لم أختر مرشح الإخوان وصنفوني في خانة الفلول، واختياري كان قائمًا على فكرة أن البلد في مرحلة لا تسمح بالتجارب ، وأن الخبرة هي التي تعوزنا، ظهرت النتيجة وتمنيت أن يكون اختيار ال 52% صائبًا، لكن للأسف الوضع يزداد سوءًا، ويكفي أن الشعب انقسم لحزبين، وأصبح الجميع متخوفًا من حرب أهلية.. مصطلحات لم نسمع بها من قبل، ومشاهد لم نتخيل أن تحدث في بلدنا. أرجع مرة أخرى لحزب الكنبة، القطاع الأكبر الملتحف بالصمت، ليس عن رضا ولكن قهرًا لما يحدث في بلدنا، ولكن للأسف ظروفه تمنعه من المشاركة، والآن في أى اتجاه سيشارك؟ في قتل أخيه أو جاره أم في محاربة الإسلام- كما يزعمون- باعتبار أن من يعارض متهم بالكفر؟.