امتحانات أكتوبر.. تعليم القاهرة تشدد على الالتزام بالنماذج الامتحانية المعدة من قِبل الموجهين    وزير المالية: الاقتصاد المصري بدأ في استعادة ثقة المستثمرين وأصبح وجهة استثمارية جاذبة    عراقجي: لم تكن لدينا أي تجربة إيجابية مع الولايات المتحدة    «ميثاق المتوسط» من المبادئ إلى أرض الواقع    برينتفورد ضد ليفربول.. جماهير الريدز تدعم محمد صلاح بالغناء    للمرة ال11 تواليًا.. الأهلي يواصل تأهله إلى مجموعات أبطال إفريقيا    محافظ السويس يزور المُسن المُعتدى عليه بالصفع    انقلبت السيارة بهم.. إصابة 17 عاملا زراعيًا في الوادي الجديد    سوما تعبر عن فخرها بالمشاركة في حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية    نجوم الفن يشاركون باحتفالية «وطن السلام» أمام الرئيس السيسي    تعليق قوي من أحمد سالم على احتفالية وطن السلام بمشاركة الرئيس السيسي    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    اكتشف أفضل مصادر البروتين لبناء جسم صحي    حبس المتهمين بالتعدي على مسن السويس بتهمة البلطجة    6 صور ترصد تفاصيل حفل وطن السلام بحضور الرئيس السيسي    محمد مصطفى يشارك في فعاليات الجمعية العمومية للاتحاد العالمي للتايكوندو    دوري أبطال أفريقيا.. يانج أفريكانز وبترو أتلتيكو إلى دور المجموعات    شاهد| الطفلة الفلسطينية ريتاج.. من تحت الركام لمصافحة الرئيس السيسي    تعليق غريب من أحمد الجنايني بعد زواجه من منة شلبي    سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة: مصر تقود الحوار الإقليمي باقتدار وتمتلك دبلوماسية مؤثرة    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    وزير خارجية السودان: نقف خلف مصر في قيادة القارة نحو مستقبل أكثر إشراقًا    إصابة طالبين إثر تصادم دراجة بخارية في قنا    جمارك السلوم تمنع تهريب نقد مصري وأدوية بشرية    الرئيس السيسي: "اللي حصل في شرم الشيخ ده فضل كبير من ربنا علينا"    محافظ القاهرة: تخصيص شاشات عرض بالميادين لبث مواد ترويجية عن المتحف الكبير    بمشاركة 150 متطوعًا.. تنظيف شاطئ «أبطال التحدي» في الإسكندرية (صور)    شخصية المطر    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    القانون يحظر إنشاء جسور بالبحيرات بدون تراخيص.. تفاصيل    مسئول بحزب الله: لن نسلم سلاحنا لأننا نعتبره قوةً للوطن وسيادةً للبنان    غادة عبد الرحيم تُطلق أول حقيبة تدريبية عربية متكاملة للأمهات والمعلمين للتعامل مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ليفربول وبرينتفورد في الدوري الإنجليزي.. والمعلق    هل تصل قراءة الفاتحة إلى الميت؟.. عالم أزهري يجيب    دعم وحماية لمن حولهم.. أبراج تجلب السعادة والدفء للآخرين (من هم؟)    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصفين الأول والثاني الثانوي بالغربية    وحدة «إذابة الجلطات المخية» بقصر العيني تحصد شهادتين دوليتين خلال مؤتمر برشلونة 2025    الصناعة: طرح 1128 قطعة أرض صناعية مرفقة بمساحة 6.2 مليون متر    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    محافظ البحيرة: قروض ميسرة للشباب تبدأ من 30 ألف جنيه وتصل إلى 20 مليون جنيه    نجم بتروجت: أتمنى تتويج بطل جديد بالدوري.. والثلاثي الكبار هم الأقرب للقب    نائب رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق الخدمات الطبية اليوم    الخميس المقبل بدء تطبيق التوقيت الشتوى فى مصر.. الساعة هتتأخر 60 دقيقة    ريال مدريد ضد برشلونة.. البارسا يختبر كوندى فى مران اليوم    الأوقاف: المشاركة في الانتخابات واجب وطني.. والمساجد ليست مكانًا للترويج السياسي    مصر توقع على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    صحة كفر الشيخ: انطلاق أول أيام القافلة الطبية المجانية بقرية المنشلين بقلين    «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرات جماهيرية بالمحافظات لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب (فيديو)    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    اليوم.. جورج إلومبي يتسلم رئاسة «افريكسم بنك» رسميا    وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع أعمال الإدارة العامة للرعاية المؤسسية والأسرية    محافظ الفيوم يتابع استعدادات الأجهزة التنفيذية لانتخابات «النواب» 2025    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أردوغان والإخوان.. علاقة أكبر من السياسة.. حلم الخلافة "العثمانية" تقابله أستاذية العالم "الإخوانية".. "الكتلة" و"الزمرة".. مصطلحان يكشفان حقيقة التناقض الأردوغاني
نشر في البوابة يوم 23 - 04 - 2019

«أنا عندى حلمٌ ولديّ رؤية».. قال هذا نجم الدين أربكان الأب الروحى للإسلام السياسى فى تركيا، المنتمى للإخوان روحًا وجسدًا، وكان يقصد حلم الخلافة العثمانية والرؤية المتمثلة فى الوصول إليها عن طريق العمل الحزبي، ومن «السلام الوطني» إلى «الرفاه» مرورًا ب«الفضيلة» وانتهاءً بحزب «السعادة»، حتى «العدالة والتنمية» الذى أنشأه تلميذه أردوغان، ووصل إلى السلطة عام 2002، ولا يزال فيها حتى الآن، مياهٌ كثيرة جرت، إلا أنها لم تنه ذلك الحلم وتلك الرؤية، وذاك الارتباط بين الأستاذ وتلميذه مع الجماعة الأم الإخوان، التى شكلت وصاغت وعى تيار «ملى جورش» التركي.
مرتكزات واحدة
لم تختلف المرتكزات الفكرية لجماعة الإخوان عن أفكار واستراتيجيات التيار الذى أسسه أربكان، والذى أصبح أردوغان امتدادًا له فيما بعد بشكل واستراتيجيات جديدة، وهو إعادة السلطنة العثمانية، والتحايل على أنظمة الدولة التركية؛ للوصول إلى تحقيق هذا الهدف من خلال أستاذية العالم.
يقول الكاتب التركى محمد زاهد غل، فى موقع «الجزيرة نت»، وهو يؤرخ لنشأة الحركة: فى السبعينيات تُرجم كتاب «معالم فى الطريق»، وفُسر كتاب «فى ظلال القرآن» ومؤلفات أخرى ل«سيد قطب»، وبالرغم مما فيها من أفكار متميزة خاصة بقطب «حسب وصف «غل»، فإن أثرها فى الثقافة الدينية الإسلامية فى تركيا لم يكن بنفس الأثر فى الحركات والتنظيمات الدينية فى الوطن العربي، بل إن شخصية قطب بين المثقفين الأتراك غيرها عند المثقفين والإسلاميين العرب، بينما أخذت كتب قادة جماعة الإخوان اهتمامًا آخر، بوصفها كتبًا ذات توجهات دعوية تنتمى إلى تنظيمات حركية، وترجمت كتب حسن البنا مثل كتاب «مجموع الرسائل»، وكذلك كتابات عبدالقادر عودة، وكتب أخرى مشابهة لقيادات العمل الإسلامى فى العالم العربى والإسلامي.
عن الرؤية الفكرية لحزب «العدالة والتنمية»، تقول «تركيا بوست» يوم 10 مايو 2016: يبدو أردوغان إسلاميًّا عثمانيًّا، يطرح نفسه كنقيض للحقبة الجمهورية العلمانية حين يقول فى خطاب تأسيس الحزب «14 أغسطس 2001م»، «تركيا لنا جميعا، إنها منذ عام 1299م إلى عام 1923 كانت دائما تتولد منا نحن»، لكن يبدو مُنَظِّر الحزب، أحمد أوزجان، متناقضًا حين يقول فى مرحلة التأسيس: «تركيا يجب أن تتخطى صراع الهيمنة والسيطرة الموجود بين الكتلة المسالمة والكتلة الكمالية، وعلى إنسان الأناضول أيضًا أن يفرض على الساحة كادره الذى يُمَكّنه أن يحوى كلا الطرفين بداخله، والذى يخاطب الشعب بأكمله، وله هويته الإسلامية الخالصة، والذى ينتج ويعلن تجلياته الحقيقية».
هنا يبدو ثمة تناقض واضح بين قوله «يحوى كلا الطرفين»، وقوله «هويته الإسلامية الخالصة»، ومثل ذلك ما أورده مؤلفا «قصة زعيم» عن رسالة من رجل أعمال إلى صديق له فى الحزب كان يسعى بالصلح بين أردوغان وأربكان، جاء فيها: «ما يلزمنا من الآن فصاعدًا هو تشكيل حركة كتلة جامعة توافقية، الكتلة الحقيقية وليس مجرد حركة زمرة فقط»، وهو يقصد بالكتلة الحقيقية، أى كتلة الشعب كله المسلم وغير المسلم المتدين وغير المتدين، ويقصد بالزمرة: الزمرة الدينية.
من هذه المنطلقات شارك الإخوان فى احتفالات الأحزاب الدينية التركية، ففى عام 1998م، شارك مصطفى مشهور ومحمد مهدى عاكف وأحمد سيف الإسلام حسن البنا والجزائرى محفوظ النحناح فى احتفالات حزب «الرفاه» الإسلامي.
وفى يونيو 2006م، حرص الإخوان على المشاركة فى الاحتفال بمرور 553 عامًا على فتح القسطنطينية، وهو الاحتفال الذى نظمه حزب «السعادة» التركي؛ حيث شارك فيه الدكتور حسن هويدى نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، كما شارك عبدالمنعم أبوالفتوح عضو مكتب الإرشاد للجماعة، ومحمد سعد الكتاتنى - رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان آنذاك.
كما شارك أمير الجماعة الإسلامية فى باكستان القاضى حسين آيت أحمد، ورئيس الحزب الإسلامى فى ماليزيا، ورؤساء وممثلو الحركات الإسلامية فى إندونيسيا والكويت والسعودية وإيران والعراق ولبنان وروسيا والمغرب وكازاخستان والبلقان والهند ودول أفريقية عدة.
وتعتبر الزيارة التى قام بها رجب طيب أردوغان فى سبتمبر 2011، فى أول زيارة له بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير بمصر، لمكتب إرشاد الجماعة، مؤكدة لعلاقة الحزب بجماعة الإخوان دون أدنى مبالغة.
أردوغان.. الحالم بالخلافة العثمانية
يقول الكاتب التركى بسلى أوزباى، فى كتابه «قصة زعيم ص33»: ولد أردوغان «26 فبراير 1954م»، فى أسرة فقيرة تسكن حى قاسم باشا، وهو من أفقر أحياء إسطنبول، وكان والده قبطانًا بحريًا قد استقر به المقام فى هذا الحى مهاجرًا من قريته ريزه فى الشمال التركى على ساحل البحر الأسود، وظل فى الحى حتى أتم دراسته الثانوية التى قضاها فى مدارس الأئمة والخطباء، إذ كانت تلك رغبة أبيه المعروف بالتدين، وتشير بعض المصادر إلى انضمامه لطريقة إسماعيل آغا النقشبندية الصوفية فى البداية قبل دخوله مجال العمل الحزبي، وباختصار: فإن نشأته وبيئته تدل على أنه نقيض للنظام التركى السائد؛ حيث بدأ مسيرة نشاطه منذ الخامسة عشرة من عمره، فقد التحق وقتها عضوا باتحاد الطلبة الأتراك بمدارس الأئمة والخطباء، وكان حينئذ فى أخصب فتراته الثقافية والتربوية، لقد كان وفيّا لتخرجه من مدارس الأئمة والخطباء حتى أنه ألحق أبناءه الأربعة بها.
يضيف أوزباي: تسفر كثير من عبارات أردوغان فى خطابات مختلفة عن أنه يطرح نفسه - أو حزبه - كامتداد للحقبة والأبطال العثمانيين وكخصم للحقبة العلمانية، وحين تفتح وعيه السياسى كانت الساحة التركية تشهد صولات المحاولة الإسلامية الأقوى ورجلها الأشهر: نجم الدين أربكان، فحين كان أردوغان فى السادسة عشرة من عمره، كان أربكان يؤسس حزب النظام الوطني، وحين كان فى السابعة عشرة أُغلق الحزب، ثم حين كان فى الثامنة عشرة كان أربكان يعود إلى الساحة السياسية بحزبه الجديد «السلامة» (1972م)، وهو الحزب الذى التحق به أردوغان، وشهد تطور مسيرته السياسية، ولم تمض أربع سنوات حتى كان أردوغان رئيس جناح الشباب لحزب السلامة فى إسطنبول (1976م) بفوزه فى الانتخابات الداخلية لشُعَب حزب الشباب، وفى (1994م) كان أقوى شخصية فى حزب الرفاه بعد أربكان، وجاء بعده إلى سدة الحكم فى تركيا عام 2002، كجناح تجديدى فى حزب الفضيلة سابقًا، على دولةٍ تركيةٍ لها كل مقومات الدولة وفى حالة حزبيةٍ وسياسيةٍ، فضلًا عن أنها تمتلك دستورًا مدنيًا علمانيًا أتاتوركيًا يؤكد استقلالية الجيش ورقابته على الدولة والملكية العامة، وهو الوضع الذى لا يمكنهم من الانقلاب على مدنية الدولة.
توظيف الإخوان
فى يوم الجمعة 17 فبراير 2017، ألقى رجب طيب أردوغان خطابًا قال فيه: إنه «لا يعتبر جماعة الإخوان منظمة إرهابية؛ لأنها ليست منظمة مسلحة، بل هى منظمة فكرية»!
لم يستطع أردوغان إخفاء قناعاته الإيديولوجية، وحاول الظهور كقائد جديد لجماعة الإخوان ينتشلها من إخفاقاتها وصراعاتها الداخلية، ويجمع قادتها فى المنطقة لبدء مسار جديد لتحقيق أهداف واضحة ومحددة.
يقول الكاتب هشام النجار، فى مجلة «أحوال تركية»، عدد 11 أبريل 2018، استغل الرئيس التركى أزمة جماعة الإخوان فى الدول العربية، بعد فشلها وعزلها عن السلطة فى مصر، وتصنيفها كمنظمة إرهابية فى عدد من الدول العربية، كما استغل إحباطات الجماعة بشأن انهيار ما كانت متعلقة به عبر تبنى الغرب والولايات المتحدة لمشروع تصعيد الإسلام السياسى للحكم تحت عنوان «الإسلام المعتدل» أو «الإسلام الديمقراطي»، وذلك من أجل توظيفها فى مسارين، وراثة النظام العربى التقليدى القائم أساسًا، وإطلاق مشروع خلافة إسلامى وقوده جماعة الإخوان لضرب المشروع العربى وإضعافه، والمسار الثانى توظيفها فى مسارات صراعاته مع دول الغرب، استغلالًا لرغبة الإخوان فى الانتقام بعد التخلى عن دعم مشروعهم السياسى فى السلطة.
يقول أيضًا النجار: يدرك أردوغان أن احتلال تركيا لأراضٍ عربية لن يتقبله الداخل العربى إذا تلقاه من أردوغان والقيادات التركية، بينما من الممكن تسويقه إذا روجته وباركته قيادات لحركات إسلامية عربية، وأخرى مرتبطة بالحالة الفلسطينية، ويتطلب نجاح خطة ضم الأراضى العربية المستهدفة أولًا فى سوريا والعراق تغيير وجه الجماعة، والإيحاء بأنها مختلفة تحت القيادة التركية عما كانت عليه بقيادة إخوان مصر.
فى هذا السياق، قال أحمد تشاراى الكاتب فى مجلة «ذا ناشيونال إنترست»: إن من غير المرجح أن يتخلّى أردوغان عن دعمه لجماعة الإخوان التى يساعدها فى الحفاظ على نفوذها الإقليمي. ومن هنا يتبين أن علاقة أردوغان بالإخوان ليست علاقة سياسية فقط، بل أكبر من ذلك بكثير، إنها علاقة إيديولوجية فى المقام الأول.. فكرية تنظيرية تتبعها استراتيجيات وعمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.