لم تفلح الزيارة العاجلة التي قام بها وزير المالية الألماني في الأسبوع الماضي إلى بروكسل في أثناء البرلمان الأوربي عن مناقشة اتفاقية الوحدة البنكية. وخلال الأيام الماضية قام البرلمان الأوربي باستطلاع رأي مديري البنك المركزي الأوربي حول موقفهم، وجاءت استجابتهم لتصنع تحالفا جديدا ضد برلين. كانت برلين قد ضغطت على قادة دول الاتحاد الأوربي حتى تم توقيع اتفاقية الوحدة البنكية في شهر ديسمبر الماضي. وخرجت هذه الاتفاقية التي يضع عليها الاتحاد الأوربي آمالا كبيرة في خلق سياسة مصرفية واحدة كاتفاقية بين الحكومات. ويأتي اعتراض البرلمان الأوربي خاصة وهيئات الاتحاد الأوربي عموما على أمرين في الاتفاقية. الأول هو أن القرارات المستقبلية المتعلقة بإغلاق أو اتحاد البنوك سوف يعتمد مباشرة على المفاوضات بين العواصم والحكومات، ولن يكون للاتحاد الأوربي دور فيه. والأمر الثاني هو صندوق الإنقاذ الأوربي. وتنص الاتفاقية التي فرضتها ألمانيا على فترة انتقالية لمدة عشر سنوات، يتم بعدها تدشين الصندوق بشكل نهائي. لكن خلال تلك الفترة الانتقالية، سوف يتم تمويل إنقاذ أي اقتصاد أوربي متعثر من خلال مساهمات الدول الأعضاء. وهذا الأمر يعني صراحة أن ألمانيا –باعتبارها صاحبة الاقتصاد الأقوى- هي من سوف يقوم بتمويل إي إنقاذ محتمل، وبالتالي سوف تفرض شروطها على الحكومات من أن أجل تقديم الدعم المادي. وتعتبر هذه الآلية تكرار لما حدث خلال السنوات الماضية عندما فرضت ألمانيا إجراءات تقشفية على اليونان والبرتغال وإسبانيا وإيرلندا. ويرغب البرلمان الأوربي ومعه البنك المركزي الأوربي في أن يتم تقليص الفترة الانتقالية إلى خمس سنوات فقط. وبعدها يحصل البنك المركزي الأوربي على جميع الصلاحيات الخاصة بالبنوك والاقتصاديات المتعثرة. ألمانيا التي أعلنت غضبها وتهديدها في حال المس بأي نقطة أو حرف من الاتفاقية الموقعة الشهر الماضي لم تصمت. وإن كانت قد بدأت في استخدام لغة دبلوماسية مع الهيئات الأوربية. ونتيجة هذه المواجهة سوف تحدد إلى حد كبير مستقبل الاتحاد الأوربي على مدى بعيد، وهل هو بالفعل هيئة مستقلة لها صفة اعتبارية، أم مجرد تابع ينفذ أوامر برلين. وعلى المدى القريب، سوف يستغل أعداء ومناهضي فكرة أوربا الموحدة هذا الأمر خلال انتخابات البرلمان الأوربي التي ستجرى في مايو المقبل.