تمر اليوم الذكرى 75 على سقوط مدينة برشلونة أمام جيش فرانكو في الحرب الأهلية الإسبانية، وهو ما أنذر بنهاية الحرب فعليا، كانت برشلونة مسرحا وملعبا للحركات الشيوعية المتطرفة والاناركية التي ظهرت وترعرعت منذ نهاية القرن التاسع عشرا مع تطوير المدينة ودخولها عصر الصناعة. جاء إنشاء هذه التيارات الفكرية والسياسية كرد فعل على الممارسات الرأسمالية في ذلك الوقت، من استغلال للعمال، وعدم وجود ضمانات من أي نوع لحقوقهم. كل هذه الأمور جعلت برشلونة بمثابة المطبخ الأيديولوجي والفكري لإسبانيا. كما جعل أي اتجاه أو فكرة جديدة تحصل بسرعة على الأتباع والمريدين. في فجر 26 يناير 1939 كانت طلائع جيش نافارا والفرقة المغربية تصل إلى جبل تيبيدابو الذي تقع برشلونة في سفحه. كانت المدينة منهكة وبدون قوات عسكرية تدافع عنها بينما قوات الجمهورية تحاول الدفاع عن خط نهر "يوبريجات" في الطرف الآخر من المدينة. وفي الساعات الأولى من مساء نفس اليوم كانت الدبابات الايطالية وفرق المشاة تتقدم نحول وسط المدينة، حيث تم استقبالها بالكثير من الفرح والبهجة، خاصة وأن تلك الأحياء البرجوازية كانت تريد أن تنتهي الحرب بسرعة لكي تعود للحياة الطبيعية. كانت هذه الأحياء ترى أن حكم فرانكو الفاشي يحمل ضررا أقل من دكتاتورية البروليتاريا العمالية. وكان المتدينون يحتفلون باستطاعتهم العودة للكنائس للصلاة بعد أن منعت فصائل متطرفة من الجمهورية ومن الشيوعيون إقامة أي نوع من العبادات، فضلا عن حرق وتدمير الكثير من الكنائس. وبعد إعلان سقوط المدينة، وصلت قوات الشرطة وكتائب الفاشية (القمصان الزرق). وحسب الرواية الرسمية، لم يتم تحرير برشلونة من الشيوعيين ومن حكم الجمهورية، وإنما تم اعتبارها مدنية تحت الاحتلال. وفي اليوم التالي 27 يناير 1939، قام فرانكو بتعيين الجنرال "إيلاديو ألفاريث أريناس" في منصب القائد الأعلى لقوات الاحتلال. وفي أول بيان يصدره قام بطمأنة أبناء برشلونة وقطلونية على أرواحهم وأموالهم وعلى لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم. وأشاد بالاستقبال الطيب الذي تلقته قوات فرانكو لدي دخولها المدينة. وشهد يوم 26 يناير العديد من أحداث السلب والنهب في محال ومتاجر برشلونة. وفي يوم 28 يناير استعادت المدينة الإضاءة الليلية التي كانت قد توقفت خلال القصف الجوي والصاروخي خلال الأشهر السابقة على سقوطها. وفي يوم 1 فبراير كانت معظم المحلات قد فتحت أبوابها، رغم أن الكثيرين لم يكن معهم أموال، خاصة بعد أن أصدر البنك المركزي الاسباني قرارا بعدم تداول عملة الجمهورية. وكان هناك نقص شديد في المؤن والاحتياجات الأساسية، وهو ما دفع حكومة فرانكو لاستخدام بطاقات للحصص التموينية لتوزيع الأطعمة. وتم العمل بهذا النظام حتى 1952. وشهدت الأيام التالية على سقوط برشلونة هجرة أكثر من 460 ألف شخص، قاموا بعبور الحدود مع فرنسا، معظمهم من أصحاب الأفكار والآراء، كما كان من بينهم شخصيات أدبية وثقافية وسياسية كبيرة.