«مدبولي» عن زيادة أسعار الوقود: «المجتمع كان مهيأً.. والحكومة لم تخفِ شيئًا»    سعر الذهب اليوم الخميس 23-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    أسعار الفراخ اليوم الخميس 23-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    «تردد دولي» فى إرسال قوات إلى غزة تجنبًا ل«الصدام» مع حماس    تصرف محمد صلاح يفجر غصب جماهير ليفربول (تفاصيل)    «إنت عايز تهد نادي الزمالك».. ميدو يفتح النار على أسامة حسني    «لازم تركز شوية».. أحمد شوبير يفاجئ نجم الأهلي برسائل نارية    أحمد جمال: رانيا يوسف بتغير عليا في المعقول.. وشخصيتها حلوة زي ما هي    جمهور الموسيقى العربية 33 فى دنيا الحجار وأصوات نجوم الأوبرا تتوهج بالحب والطرب    عاجل | بلومبرغ: ارتفاع أسعار النفط بعد فرض عقوبات أمريكية على روسيا    البابا تواضروس: مؤتمر مجلس الكنائس العالمي لا يستهدف وحدة الكنائس بل تعزيز المحبة بينها    الرئيس السيسى: مصر تولى اهتماما كبيرا لتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبى    رئيس الوزراء البريطاني: يسعدني انضمام أمريكا إلينا بفرض عقوبات كبيرة على شركتى النفط الروسيتين    سان دييجو أو اتحاد جدة أو الهلال.. من الأقرب لضم محمد صلاح حال رحيله عن ليفربول؟    ترامب يدعو مربي الماشية إلى خفض الأسعار ويؤكد استفادتهم من الرسوم الجمركية    مسئول كبير بالأمم المتحدة: سوء التغذية فى غزة ستمتد آثاره لأجيال قادمة    كوريا الشمالية تعلن نجاح اختبار منظومة أسلحة فرط صوتية جديدة لتعزيز قدراتها الدفاعية    ختام فعاليات الدورة التثقيفية للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي بمكتبة مصر العامة بالمنصورة.. صور    رسميًا إعارات المعلمين 2025.. خطوات التقديم والمستندات المطلوبة من وزارة التعليم    الرئيس السيسى: إنشاء ممر استثمارى أوروبى فى مصر كبوابة للأسواق الإفريقية والعربية    لاعب سابق بالأهلى يدعم محمد صلاح: لولا أنت كان ليفربول بالمركز السابع    محمد صلاح يثير الجدل بعد حذف صورته بقميص ليفربول    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    العاصي يكشف رد فعل جنش بعد هدف الاتحاد فى الأهلى وسر تنبؤ ياس توروب بطرد كوكا.. فيديو    نشوب حريق مخزن أخشاب بطريق بلبيس – أبوحماد بالشرقية    شبورة كثيفة وتحذير شديد من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم.. وحقيقة تعرض مصر ل شتاء «قارس» 2025-2026    «التعليم» تكشف مواصفات امتحان اللغة العربية الشهري للمرحلة الابتدائية.. نظام تقييم متكامل    نفذها لوحده.. كاميرات المراقبة تكشف تفاصيل جديدة في "جريمة المنشار" بالإسماعيلية    "مياه الفيوم" زيارات ميدانية لطلاب المدارس لمحطات تنقية مياه الشرب.. صور    رئيس الوزراء: رفع أسعار البنزين لا يبرر زيادة أسعار السلع    بعد تداول فيديو مفبرك.. حنان مطاوع تنتقد استخدام الذكاء الاصطناعي في تشويه الحقيقة    الفلسطيني كامل الباشا ل"البوابة نيوز": كلمة حب واحدة قادرة على إنهاء صراع الأجيال.. لو قلت كلمة ثانية بعد "فلسطين".. ستكون "مصر".. أستعد لتصوير فيلم فلسطيني جديد عن القدس وأهلها ومعاناتهم    علي الحجار يطرب جمهور الموسيقى العربية ويحيي تراث أم كلثوم بصوته    الصحف المصرية.. حراك دولى لإلزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار فى غزة    خالد الجندي: الغنى والشهرة والوسامة ابتلاء من الله لاختبار الإنسان    حياة كريمة.. الكشف على 1088 مواطنا خلال قافلة طبية بقرية البعالوة فى الإسماعيلية    طفل دمنهور يلحق بشقيقه.. مصرع طفلين سقطا من الطابق التاسع في البحيرة    رئيس محكمة النقض يستقبل الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي    4474 وظيفة بالأزهر.. موعد امتحانات معلمي مساعد رياض الأطفال 2025 (رابط التقديم)    اليوم، الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن القائمة النهائية لمرشحي مجلس النواب    رفض الطعن المقدم ضد حامد الصويني المرشح لانتخابات مجلس النواب بالشرقية    10 رحلات عمرة مجانية لمعلمي الإسماعيلية    هيلث إنسايتس تساهم في تنفيذ مشروع ڤودافون بيزنس ومصر للطيران عبر حلول رقمية متكاملة للرعاية الصحية    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    رئيس هيئة النيابة الإدارية في زيارة لمحافظ الإسكندرية    بدء غلق كوبري الأزهر السفلي أحمد ماهر 3 أيام لاستكمال تغيير الأرضية    قرمشة من برة وطراوة من جوة.. طريقة تحضير الفراخ الأوكراني المحشية زبدة    هترم عضمك.. وصفة شوربة الدجاج المشوي التي تقاوم نزلات البرد    مش هتنشف منك تاني.. أفضل طريقة لعمل كفتة الحاتي (چوسي ولونها جميل)    ألونسو: سعيد من أجل بيلينجهام.. وصليت ألا يتعرض ميليتاو للطرد    دوللي شاهين تحقق أول مليون مشاهدة على «يوتيوب» بكليب «ترند»    د.حماد عبدالله يكتب: " للخصام " فوائد !!    ضياء رشوان: الاتحاد الأوروبي يدرك دور مصر المهم في حفظ السلام بمنطقة القرن الإفريقي    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    بمشاركة 158 استشاريا.. بورسعيد تحتضن أكبر تجمع علمي لخبراء طب الأطفال وحديثي الولادة    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث الدكتور رياض فارس يتحدث عن تكريم أجساد القديسين
نشر في البوابة يوم 07 - 07 - 2018

‎بعض الكنائس يضع أنابيب فارغة لجذب الأقباط.. والكنيسة تركز على بعض القديسين دون غيرهم وتتمسك بإبرازهم لدى الأقباط
‎معظم الشهداء الذين لهم صيت فى الكنيسة القبطية من خارج القطر المصرى.. و«فيسبوك» أصبح يحدد شعبية القديسين
‎لأجساد القديسين مكانة متميزة فى نفوس الأقباط، والكثير من الكنائس القبطية أصبحت تخصص أماكن قيمة للرفات وتتباهى بعددها واحتضانها لها، وحول هذا الطقس، والذى عرفته الكنيسة المصرية قبل قرون بعيدة، ومكانته التاريخية.. التقينا بالباحث الدكتور رياض فارس، الحاصل على الدكتوراه من معهد الرعاية، ليحدثنا عن هذا التقليد أو الطقس الكنسى فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
‎ لماذا يتم تكريم أجساد القديسين عند الأقباط؟
- نكرّم أجسادهم ونحترم تعاليمهم ونسير على خطاهم ونتشفع بهم طالبين العون منهم، للتغلب على الشر والأشرار، لأنهم قهروا الممالك الأرضية وذاقوا أشد أنواع الهوان والعذاب، فثبتوا فى إيمانهم، وأضحوا مثالا للقداسة وباتت ذخائرهم صلة الوصل بين الإنسان والله، يُطلَب بواسطتها نعمة أو شفاء أو خلاصًا أو حلًا لوضع مؤلم أو لعقبات ومصاعب، شفاعة القديسين هى من الأمور المستقرة فى عقيدة الكنيسة القبطية، وحتى الكنيسة الكاثوليكية بخلاف الكنيسة البروتستانتية، فهى لا تؤمن بها.
منذ متى تم تكريم ذخائر القديسين؟
- منذ القرن الثانى انتشر تقليد تكريم ذخائر القديسين، ودرج الناس على اعتبارهم شفعاء لهم لدى الآب السماوي، لأن نعمة المسيح شاءت أن تصل إلى البشر مشفوعة بتعاليم هؤلاء القديسين وصلواتهم وآلامهم واستشهادهم، وهى شفاعة توسلية وليست شفاعة كفارية، لأن المسيح وحده من قام بالفداء عنا.
‎ولكن تعرضنا لموضوع تكريم أجسا القديسين، الهدف منه إعادة تعليم المبادئ المسيحية بشكل خال من التطرف والمبالغة والعادات الشعبية التى أدخلت على طقوسنا، فأصبح لها قوة الطقس الذى يدافع عنه البعض لأغراض بعيدة كل البعد عن الإيمان والعقيدة.
ما الفرق بين الرفات والذخائر والأجساد؟
- بالنسبة للرفات فلتوضيح المعنى لو قلت رُفاتُ الأَثاثِ وتعنى (ما تَحَطَّمَ وَتَكَسَّرَ مِنْهُ وَبَلِيَ) أى تعنى الحُطامُ، الفُتات. فعندما نقول تَحَوَّلَتْ عِظامُهُ إلى رُفاتٍ- نُقِلَ رُفاتُهُ إلى مَسْقَطِ رَأْسِهِ- جُثَّتُهُ. المعجم: الغنى رُفات: رُفات: حُطامٌ وفُتاتٌ من كل ما تكسر واندقّ وبلِي، توفى بالخارج وتم نقل رفاته إلى بلده الأصلي، رُفات طائرة.
‎أما معنى أجساد فى معجم المعانى الجامع - معجم عربى أجْساد (اسم): أجْساد: جمع جَسَدُ جَسَد (اسم) الجمع: أَجْسَادٌ الجَسَدُ: الجسم جسدًا وروحًا بالكامل، وبالتالى فإن ما نسمعه من الآباء الكهنة أن هذه الأنبوبة تحتوى على جزء من ملابس أو شال أو أى متعلقات بأنها رفات هذا المفهوم خاطئ طبقا للمعنى الوارد فى معجم اللغة العربية.
‎أما مصطلح ذخائر، فإن المفهوم العام للعبارة بقايا (ذخائر) فى الأصل تعنى reliquise، وهى تعنى فى اللغة اليونانية بقايا الأموات، وتطورت إلى أن أخذت معنى دينيًا فى الكنيسة وخصصتها إلى (بقايا القديسين)، وكل ما يختص بهم كالأدوات التى استعملها القديس خلال حياته فى الأرض، وأيضا الأدوات التى تألم بها وأدت إلى استشهاده.
كيف بدأت فكرة تكريم الرفات؟ وما مسار تطورها فى الكنيسة؟
- ظهر هذا الاتجاه فى التخصص فى القرن الرابع، حيث كثر عدد الذين استشهدوا على اسم المسيح، وظهر معه كتابات آباء الكنيسة بخصوص أهمية تكريمهم وقدرتهم على الشفاء بمجرد اللمس، وفى القرن الرابع يذكر المؤرخ الكنسى باسيليوس القيصرى عن الاحتفال الرسمى الذى كان يحدث فى تذكار يوم استشهادهم.
‎وفى القرن الرابع والقرن الخامس تطور إكرام ذخائر الشهداء كطقس ليتورجى، مرتبط بالعبادة، حيث أصبح تقسيم أجزاء الأجساد وتنقلها من مكان إلى مكان أسلوب عبادة.
‎وفى القرن الأول لم تعرف فكرة الاحتفاظ بالرفات لشهداء العهد الجديد، فالكتاب المقدس اهتم فى سفر أعمال الرسل أن يذكر لنا أول سيرة شهيد استشهد على اسم المسيح، وهو الشماس اسطفانوس، أحد الشمامسة السبعة الذين اختارهم الرسل (أع 6، 7)، ولكن لم يشر التاريخ إلى أن المؤمنين احتفظوا بجسده أو أنهم وضعوه فى مكان معين، وأيضا يعقوب أول أسقف لمدينة أورشليم قطعت رأسه على يد هيرودس الحفيد، ولم يذكر أين وضعوا جسده ولم نسمع عن تكريم لهذا الجسد.
أيضا القديسة كاترين أول شهيدة فى العهد الجديد، وبولس الرسول نفسه لم نجد أى بشارة عن جسده ومن أخذه وأين وضع؟. فضلا عن جسد القديس بولس والقديس بطرس اللذين استشهدا فى عصر نميرون عام 67، أحدهما بقطع رأسه خارج روما، والآخر على صليب منكسًا لأسفل- حسبما جاء فى رسالة كلمنضدس الرومانى إلى أهل كورنثوس فصل 95.
‎وهو ما يشير إلى أن الكنيسة الأولى لم تنم فى عقيدتها فكرة تكريم القديسين من الشهداء الذين استشهدوا على اسم الرب يسوع على الأقل خلال القرن الأول بأكمله، رغم أنه من المفترض أن كل الرسل والتلاميذ قد استشهدوا فيه، بخلاف القديس يوحنا الإنجيلى الذى مات بعد شيخوخة لسن المائة تقريبا، وبالتالى فإن أول إشارة لتكريم القديسين كانت رسالة، هى كانت للقديس كبريانوس، أشار إلى تكريم الشهداء وأيضا كتابات أثناسيوس فى القرن الرابع على أكثر احتمال.
‎وفى ظل الاضطهادات التى كان المسيحيون يتعرضون لها، أثيرت مسألة أجساد الشهداء فعقد مجمع قرطاجنة برئاسة القديس كبريانوس عام 257 وأصدر 120 قانونا، وخص القانون رقم 83 وتعرض لمسألة رفات القديسين، بسبب كثرة عدد الشهداء وانتشار تجارة بيع الرفات أو أجزاء منها، فكثر بناء الكنائس الصغيرة فى الحقول وعلى جوانب الطريق، فقرروا هدمها وإلزام الأساقفة بذلك، وأيضا ضرورة قراءة قصص الشهداء.
‎ولم تتعرض المجامع المسكونية «العالمية» لمسألة تكريم الشهداء أو القديسين، وحتى لم تذكر أن الكنائس تبنى على أسمائهم فلن نجد فى القرون الأولى كنائس بأسماء قديسين، وإنما كانت تسمى باسم المنطقة التى بنيت فيها.
‎ ولعل أول إشارة لمجمع يتصدى لهذا التكريم فى قوانينه بضرورة تكريم الشهداء، بل ووضعت عقوبة على عدم هذا التكريم، هو مجمع غنغرة الذى لم يحدد المؤرخون ميعاد انعقاده بوقت محدد.
ومتى تم استخدام الحنوط؟
- الحنوط هى كلمة يونانية (اروما) ومعناها رائحة أو عطر، وكان أول ذكر لاستخدام هذه الظاهرة فى قيامة السيد المسيح، حيث أخذت مريم المجدلية وبعض النسوة حنوطا ليدهن به جسد الرب يسوع.
‎وأخدت الكنيسة هذه الفكرة بأن يوضع الحنوط على الأنبوبة الخشبية أو على قبره بهدف إعطاء رائحة زكية، ويبدو أن استخدام الحنوط لتكريم أجساد القديسين قد جاء متأخرا، حيث إن الآباء الأولين كانوا يؤكدون فى كتاباتهم أن أجساد القديسين تبعث رائحة طيبة من ذات نفسها، ونرى هذا فى سيرة القديس بوليكاربوس الذى كان جسده يفيض رائحة زكية (كان الشهيد يقف فى الوسط لا كلحم يحترق بل كخبز يشوى أو ذهب أو فضة وضعت فى البوتقة وكنا نتنسم رائحة كأنها البخور أو عطور نادرة).
وهل هناك آباء فى الكنيسة كانوا ضد هذا التكريم؟
- نعم.. فمثلا جاء فى كتاب سيرة حياة الأنبا أنطونيوس التى دونها البابا أثناسيوس الرسولي، وهو البطريرك رقم 20 فى سلسلة بطاركة الإسكندرية، وقام بترجمها (القمص مرقص داود فصل 90)، تؤكد أن تحنيط الأجساد بحجة «التبرك» بها ما هو إلا عادة وثنية ورثها المصريون عن الفراعنة، مثل الكثير من العادات الأخرى التى طغت على جوهر الإيمان المسيحي، فصارت مثل تلك العادات هى نفسها الإيمان المسيحي.. ولما ألح الإخوة ليمكث (أنطونيوس) معهم ويموت هناك رفض لأسباب كثيرة، كان ينم عنها التزامه الصمت، وكان أخصها هذا السبب: أن المصريين معتادون إكرام أجساد الصالحين لا سيما أجساد الشهداء بالخدمات الجنائزية، ولفها بالأقمشة الكتانية عند الموت، وعدم دفنها تحت الأرض بل وضعها على أرائك، وحفظها فى منازلهم، ظانين أنهم بهذا يكرمون الراحلين.
وطالما حث أنطونيوس الأساقفة لإعطاء النصائح للشعب فى هذه الناحية، كذلك علّم العلمانيين ووبخ النساء قائلا: «إن هذا الأمر لا هو شرعى ولا هو مقدس على الإطلاق، لأن أجساد الآباء البطاركة الأولين والأنبياء محفوظة إلى الآن فى مقابر. ونفس جسد الرب أودع قبرًا وضع عليه حجر، وبقى مختبئًا إلى أن قام فى اليوم الثالث، وإذ قال هذا بيَّن لهم أن من لم يدفن أجساد الموتى بعد الموت تعدى الوصية، حتى وإن كانت الأجساد مقدسة، لأنه أى جسد أعظم أو أكثر قداسة من جسد الرب؟ ولما سمع هذا الكثيرون دفنوا الموتى منذ ذلك الوقت تحت الأرض. وشكروا الرب إذ تلقوا التعليم الصحيح».
ما مظاهر تكريم الكنيسة القبطية أجساد القديسين؟
- أولا: جمع وحفظ بقايا قديس فى الأماكن التى قضوا فيها حياتهم واستشهدوا فيها أو كانوا رعاة لكنائسها، وذلك منذ القرن الثانى، ثانيا: بناء كنائس ومذابح. ثالثا: تأسيس تواريخ لذكرى هؤلاء القديسين واكتشاف رفاتهم. رابعا: من قوانين الكنيسة التى تلزم بوضع رفات الشهداء القديسين على المذابح لتكريسها وإقامة القداس الإلهى، خامسا: نقل رفات قديسين إلى أماكن غير التى عاشوا فيها، والهدف من ذلك هو الانتفاع من تذكر سيرتهم وقدوتهم التى عاشوها وسط شعبهم أو ديرهم والتشفع بصلواتهم، ولهذا لا يسمح بإقامة تذكارات الشهداء إلا حيث توجد أجسادهم (طبقا خلاف المعمول به حاليا) أو بعض رفاتهم أو مكان معيشتهم فى حياتهم على الأرض.
لماذا تركز الكنيسة على بعض القديسين وتترك البعض؟
- الكنيسة تركز على بعض القديسين دون غيرهم وتتمسك بإبرازهم لدى الأقباط وتكثر من بناء المذابح لهم وتتجاهل باقى القدسين ويصبحون مهملين ولا أحد يعرف عنهم شيئا، وهذا يتناقض مع ما نتمسك بها فى تعاليم الكنيسة بأن القديسين مقبولين أمام الله وأنهم متساوون فى القوة، لأنهم أرواح الله وهياكل الروح القدس التى صعدت على اسم ربنا يسوع المسيح.
‎ومن ناحية أخرى، من العجيب أننا نتمسك بهويتنا القبطية ومع ذلك معظم الشهداء الذين لهم صيت فى كنيستنا هم من خارج القطر المصرى وليسوا مصريين، والأمثلة كثيرة ولا أحد يستطيع أن ينكرها والسؤال، أين هم الشهداء والقديسون المصريون ومكانتهم فى التكريم؟ ولصدق الاستنتاج يمكن أن تقارن بين شعبية مارجرجس مثلا وشعبية بولس الرسول، فهل أحد يطلب شفاعة القديس بولس الرسول الذى قضى حياته فى خدمة توصيل رسالة المسيح لكل المؤمنين من أقاصى الأرض لمغاربها؟ وكم عدد الكنائس التى تحمل اسمه.
وماذا عن تأثير «فيس بوك» فى وجود شعبية لبعض القديسين؟
- بعض الأسماء لم نسمع عنها إلا من خلال «فيس بوك» باعتباره وسيلة للنشر على أوسع نطاق، وإن كان بعض الناس يروجون لأسماء قديسين ومعجزات بدون فحص ولا تمحيص، فمثلا سيرة القديسة «فيلومينا» لم يكن لها أى ذكر قبل عام 1802م، حينما تم اكتشاف رُفاتها (أى عظامها) فى مدينة روما بمقبرة بريسيلا (إحدى المقابر القديمة التى تتخذ شكل سراديب تحت الأرض)، وإلى جوار الرُفات وجدت بعض الآثار والنقوش التى تُشير إلى اسمها، وقد أظهر الباباوات الكاثوليك الكثير من الاهتمام والتكريم تجاه الرُفات.
وفى أغسطس عام 1833م، كانت إحدى راهبات الدومنيكان وتدعى«مريم لوسيا» تُصلى ليسوع أمام تمثال للقديسة فيلومينا وتدور فى رأسها التساؤلات حول حياة هذه القديسة، إذ فجأة بالتمثال يحدثها ويكشف لها عن سيرة حياة هذه القديسة التى كانت أميرة يونانية استشهدت فى روما وعُمرها 13 سنة على يد الإمبراطور دقلديانوس الذى حكم ما بين عامى 284- 305م، لتُصبح «فيلومينا» منذ تاريخ هذه الرؤيا واحدة من أشهر القديسات فى الغرب.
ومؤخرًا بدأت سيرة القديسة «فيلومينا» فى الانتشار بين الأقباط، فضلًا عن الكثير من الإضافات المرتبطة بالفلكلور والفبركات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها أكذوبة وجود جسدها كاملًا بدون فساد فى أحد أديرة مصر القديمة! وأنه وجد جزء من رفاتها فى دير قبطى بطريقة ما، لكن ذلك لا يعنى أن «فيلومينا» تحظى باعتراف رسمى من الكنيسة القبطية، أو أنها تتمتع بأى مكانة طقسية كالتى يتمتع بها القديسون والشهداء فى الطقس القبطي، وهنا تجد أسئلة كثيرة بلا إجابات، منها هل كل الكنائس لديها أجساد؟ ومن أين يأتون بها؟ وما موقف الكنائس التى تضع أنبوبة مكتوبا عليها اسم قديس وليس بها أى شىء لهذا القديس؟ فمثلا رأيت إحدى الكنائس تقدم حنوطا لأنبوبة فى احتفال مهيب للقديس أثناسيوس الرسول، مع أن جسد هذا الرسولى ليس موجودا سوى فى المزار المخصص له أسفل الكنيسة الكبرى بالكاتدرائية بالعباسية، وأحضر جزء من رفاته فى حبرية قداسة البابا شنودة الثالث فى احتفال مهيب يليق بمكانته، ولم ولن يوزع منه شىء على الكنائس.
وهو ما يجعلنا نتساءل ماذا يوجد بداخل هذه الأنبوبة؟ لعل يوجد مجيب. أيضا فى إحدى كنائس إيبارشية شبرا الخيمة بقرية صغيرة وجدت أنبوبة مكتوبا عليها اسم القديس مرقس الرسول، ونحن نعلم مدى حقيقة وسعى البابا كيرلس السادس للحصول على جزء من رفات هذا القديس مؤسس الكنيسة المصرية، وبمجرد وصوله للأراضى المصرية، وضع بالمزار المعد له أسفل الكنيسة الكبرى بالكاتدرائية ونفس السؤال السابق.. فماذا بداخل هذه الأنبوبة؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.