أصدرت تنظيماتٌ إرهابية ممثلة فى «داعش» و«القاعدة»، بيانًا جديدًا، نشره موقع «سايت» الأمريكى، تطلب فيه إرسال تمويلات ودعم مالى لعناصرها حول العالم، ونظرًا للقبضة الأمنية الشديدة التى تفرضها أجهزة الأمن العالمية على الفضاء الإلكترونى، فقد طلب التنظيمان أن يتم إرسال النقود والمبالغ المالية عن طريق ما يُسمى النقاط الميتة، أو ما يعرف ب«EAD DROPS» بدلًا من الطرق الإلكترونية المعتادة. «النقاط الميتة»، هى وسيلة من الوسائل التى تتعامل بها أجهزة المخابرات الدولية مع عملائها وجواسيسها حول العالم، وتُعرف الدراسات الأمنية، «النقاط الميتة» بأنها نقطة تسلم واستلام لا يتم فيها الالتقاء المباشر بين العناصر وبعضها، وتستخدمها أجهزة المخابرات لتبادل الأموال والرسائل المعلوماتية أو الأجهزة الإلكترونية أو الأسلحة أو غيرها، عن طريق تحديد مكان بجوار معلم- لسهولة الوصول- يترك فيه العنصر ما يريد تسليمه للجهات المختصة دون أن يحدث أى التقاء. ويتم تحديد وشرح «النقاط الميتة» وخرائطها للعناصر عن طريق تدريبات مخابراتية مكثفة، ما يثير التساؤلات حول كيفية وصول «داعش» لماهية عمل أجهزة المخابرات وطرق اتصالاتها مع الجواسيس. ووفقًا لدراسة أمنية نشرها موقع «المجد الأمنى» تنقسم النقاط الميتة إلى «نقاط ميتة مفتوحة»، و«نقاط ميتة مغلقة»، وتتمثل النقاط المفتوحة فى الأماكن الموجودة فى المناطق العامة؛ حيث يمكن للعميل استخدام الشجر، أو الأعمدة الكهربائية، أو شواطئ البحر، أو المناطق الحدودية، لوضع ما يريد تسليمه، أما النقاط المغلقة، فتعبر فى الغالب عن الحمامات الموجودة فى الشوارع عن طريق إخفاء المطلوب فى صناديق طرد المياه، أو ما شابه. وأحيانًا تتم الإشارة إلى مكان الرسائل، عن طريق إحداث علامة بالطباشير، أو الأقلام الملونة، أو وضع العلكة، أو غيرها من الأساليب، التى تتم بالاتفاق بين العناصر والأجهزة خلال فترة التدريبات. كما يمكن استخدام أجهزة usb لتحقيق مثل هذه الأغراض عن طريق تحميل الرسائل والبيانات بشكل مشفر على USB ثم تركها مغروسة فى حائط أو ما شابه فى النقط الميتة المتفق عليها. وعن لجوء الجماعات الإرهابية، وبالخصوص تنظيم «داعش» إلى تلك الحيلة لتلقى وإرسال الأموال، يقول على بكر، الباحث فى شئون الحركات الإرهابية، إن الإجراءات المشددة التى تتبعها الأجهزة الدولية لمكافحة الإرهاب، ضيَّقت الخناق على الجماعة المتطرفة، ما دفعها للبحث عن أساليب جديدة لتمويل الأنشطة الإرهابية. وأشار «بكر» فى تصريح خاص ل«المرجع» إلى أن الخسائر المُتلاحقة ل«داعش» فى سوريا قوضت من سيطرته؛ حيث كان يستطيع فى الماضى، جنى التمويلات، بشكل أكثر سهولة، كما كان يلجأ لعمليات الخطف، بحثًا عن الأموال، أما الآن فهو فى حاجة لإيجاد سبيل جديد لتمويل عناصره وأنشطته. وعن فاعلية استراتيجية النقاط الميتة، يؤكد الباحث أن أجهزة الأمن حول العالم قد صعدت من حدة إجراءاتها لمكافحة التطرف، ما يُصعب الأمر على «داعش» ويعيق تدفق الأموال إليها، ولما شددت الدول إحكام قبضتها الأمنية على الأموال المتدفقة عبر الشبكة العنكبوتية باستخدام الشبكة المظلمة «dark web»، التى طالما استخدمتها الجماعات الإرهابية لنقل وإرسال الأموال، لذا وجب على الجماعات البحث عن وسائل جديدة تتسم بالإبهام، وعلى قدر ما تتسم استراتيجية النقاط الميتة بالإبهام، إلا أنها لا تخلو من العيوب، فمن أبرز عيوبها هى إمكانية تتبع الشخص المرسل إذا ما لاحظته الجهات الأمنية، ومن ثم كشف فحوى الرسائل ومعرفة الجهات الراسلة، وذلك مثلما حدث فى عام 2006، بعد أن اتهم جهاز الأمن الفيدرالى الروسى بريطانيا باستخدام الوسيلة ذاتها لجمع معلومات تجسس من عملائها فى روسيا، ولقد اكتشفتها السلطات الأمنية بعد عثورها على رسائل معلوماتية دقيقة داخل الصخور. فيما ذكرت بعض التقارير الصحفية أن ضحايا «داعش» كانوا يستخدمون هذه الوسيلة أيضًا للتواصل فيما بينهم؛ حيث كان يستخدمها سكان الرقة السورية لتوصيل الرسائل بشكل بدائى وسرى خوفًا من بطش «داعش».