فلسطين.. آليات عسكرية إسرائيلية تقتحم المنطقة الشرقية في نابلس    الزراعة: منافذ الوزارة تطرح السلع بأسعار أقل من السوق 30%    مع ارتفاع حراراة الجو.. كيف تحمي نفسك داخل سيارتك    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    علقة موت، تعرض محامية للضرب المبرح من زوج موكلتها وآخرين أمام محكمة بيروت (فيديو)    "مواجهات مصرية".. ملوك اللعبة يسيطرون على نهائي بطولة الجونة للاسكواش رجال وسيدات    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعديل مباراة الأهلي ضد مازيمبى رسميا في نصف نهائى دورى الأبطال    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    رمضان صبحي يصدم بيراميدز ويستبعده من المنافسة على الدوري    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    ذكري تحرير سيناء..برلماني : بطولات سطرها شهدائنا وإعمار بإرادة المصريين    مفاجأه نارية.. الزمالك يكشف تطورات قضية خالد بوطيب    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    هاني حتحوت يكشف كواليس أزمة خالد بوطيب وإيقاف قيد الزمالك    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    «عودة قوية للشتاء» .. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الجمعة وخريطة سقوط الأمطار    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    فيلم «النداء الأخير- Last C all» يختتم حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية القصير الدورة 10    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    أحمد أبو مسلم: كولر تفكيره غريب وهذا تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    مجلس جامعة الوادي الجديد يعتمد تعديل بعض اللوائح ويدرس الاستعداد لامتحانات الكليات    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هدفها تفكيك الدولة وتقسيم المنطقة
حروب المعلومات.. من يواجهها؟!
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 07 - 2015

بدأ العالم من حولنا فى استخدام أدوات الجيلين الرابع والخامس من الحروب المعلوماتية، ونحن فى غفلة لاهون، نقدم للجواسيس »الإلكترونيين« المعلومات والبيانات عبر تطبيقات الانترنت، وصفحات التواصل الاجتماعى، وخدمات البريد الإلكترونى بل أسهمنا طواعية فى برامج الحرب النفسية الموجهة ضد بلادنا ورحنا نتداول بحماس ما من شأنه شرخ المجتمع وهدم مؤسسات الدولة فى الوقت الذى تنشط فيه ضدنا عمليات الاختراق ومحاولات التدمير،
فى ظل تراخينا عن تأمين شبكات تشغيل قطاعات البنية الأساسية وما لم ننتبه سريعاً ستكون النتائج كارثية، فالحرب »السيبرانية« تستغل فيها نظم الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات فى التجسس وتخريب وتدمير البنية المعلوماتية للخصوم بل وتعطيل شبكات الدفاع الجوى واختراق أنظمة معلومات الجيوش وشبكات أنظمة معلومات البريد الالكترونى لمكاتب رؤساء الدول والتجسس عليهم، ومثال على ذلك ما تم تداوله في وسائل اعلام عن أعداد غير حقيقية للشهداء والمصابين بين رجال قواتنا المسلحة البواسل في سيناء.
وقد انتشر بيننا مصطلح الجيوش المعلوماتية بعد ثورة 30 يونيو فى إشارة إلى أعداء الوطن من الداخل والخارج الهادفين إلى زعزعة الأمن والترويج لحملات دعائية هدفها ضد الجيش والشرطة وبعض مؤسسات الدولة، بإطلاق وترويج شعارات هدامة مثل «يسقط حكم العسكر» و«الداخلية بلطجية» وصفحات سابقة عملت على حشد الناس ضد الدولة مثل «كلنا خالد سعيد» وأخرى حافلة بأخبار مفبركة ومقارنات مفتعلة سواء بين مصر الآن ومصر فى عهد الملكية وأخرى بينها وبين دول أخرى كحرب موجهة تدغدغ عواطف الناس مستغلة الحالة الاقتصادية وتزيف الحقائق وتجلى ذلك قبل أحداث 25 يناير لزيادة غليان الناس وتوجيههم لتخريب المؤسسات، وإذا دققنا حاليا سنجد أن هناك حملات ممنهجة ضد الرئيس والدولة مماثلة لما كان قبل يناير ومنها حركة بداية التى تؤكد أنها بداية للنهاية والهدف هو نهاية الدولة وإسقاطها، وهو ما فضحت تسريبات ويكيليكس عن تورط الولايات المتحدة الأمريكية فى التجسس على رئيس فرنسا السابق ساركوزى والحالي أولاند والمستشارة الألمانية ميركل وغيرهم من الرؤساء باعتراض وكالة الأمن القومى الأمريكية اتصالاتهم وتخزينها وتحليلها.
وفى بلدة «بلوفدايل» بين جبلى «واساتش» و«أوكيرا» بولاية ِِ«يوتاه» الأمريكية يقع المركز الأضخم للتنصت على الوسائط الالكترونية والرقمية التابع لوكالة الأمن القومى الأمريكى وهى رأس مجموعة المؤسسات الاستخباراتية والأمنية فى أمريكا، وهو المركز المعروف باسم «مركز يوتاه للمعلومات UTAH Data Center» بميزانية تصل إلى مليارى دولار سنويا.
وتتمثل مهمته فى اعتراض وملاحقة وتحليل جميع أنواع الاتصالات، إضافة إلى تخزين مستمر لكل ما يتم تداوله فى الاتصالات الرقمية ومواقع التواصل وتطبيقات الشبكة العنكبوتية على امتداد الكرة الأرضية كلها، وتعمل فيه »الكمبيوترات« الأشد قوة وذكاء وتطورا وأضخم الحواسيب المنتمية إلى فئة »سوبر كمبيوتر« القادرة على كسر الشفرة فى كل أنواع الاتصالات سواء سلكية أو تليفونية أو كابلات انترنت، وعلى تخزين وفحص وترتيب وتصنيف مليارات المعلومات فى الثانية الواحدة، ومتصلة ب«شبكة المعلومات الشاملة« التى يشرف عليها البنتاجون.
ويرصد أيضا حركة الانترنت وتطبيقاته المتعددة، وكل صفحات التواصل الاجتماعى، وبهذا المعنى، فإن كل ما يدور فى الفضاء السيبرانى مرصود فى «يوتاه» ومستخدم فى الفحص والتصنيف. وهو جانب مهم من الحرب »السيبرانية» المتعددة المحاور، ومنها اختراق مواقع وزارتى الخارجية والداخلية وجهاز الاستخبارات فى السعودية الذى حدث بداية العام الحالى وأدى إلى سرقة أكثر من نصف مليون وثيقة بدأ فى نشرها قبل اسبوعين، وقيل إنه نتيجة هجوم الكترونى لمجموعة الجيش اليمنى الالكترونى، وتستخدم الحرب أيضا مواقع التواصل الاجتماعى وتطبيقات الانترنت للتجسس والتشتيت وإضعاف الدول، وهو الأمر الذى لم يعد من السهل تجنبه. صحيح أن الدولة قد انتبهت فشكلت مجلسا للأمن السيبرانى ولكنه مجلس بصلاحيات منقوصة.
«الأهرام» ترصد طرق الحرب السيبرانية وتدق ناقوس الخطر، لما تقوم به أجهزة المخابرات الدولية وجماعات حشد العملاء لتدمير المجتمع المصرى عملا على هدم الدولة لإنفاذ مشروع التقسيم من خلال متابعة ورصد وتحليل تفاعلات وأخبار 22 مليون مشترك مصرى فى «فيس بوك»، و«تويتر» و 48 مليون مصرى، عدد مستخدمى الانترنت منهم أكثر من 37% من مستخدمى أجهزة الهواتف الذكية ويتم استخدام صفحاتهم بقوة فى ترويج الشائعات والأخبار الكاذبة وعمليات التشهير ونقل صور كاذبة يتم معالجتها رقميا، ومع ثورة تطبيقات التراسل الفورى على الشبكات الاجتماعية والتى توفر اتصالا شخصيا اتجه الكثير من المستخدمين لها لأنها تحقق تواصلا عمليا ومباشرا بين النشطاء والمستخدمين وتتميز بالمتابعة الفورية والمباشرة للأحداث ويتم استغلالها فى الحرب السيبرانية، مثل تزوير وتحريف صور الشهداء المصريين سواء فى سيناء أو فى ليبيا، والترويج بأن الجيش المصرى افتعل هذه الحوادث، وبدأت حملات منظمة وممنهجة ضد الرئيس السيسى وإدارة حكمه منها ما يسمى «بداية» على غرار حركة تمرد تتحدث عن استشراء الفساد وعجز الحكومة عن مواجهته وعدم تحقيق إنجازات خلال عام من حكمه فضلا عن حملات تشكيك وهدم متناثرة يساعد على ترويجها بعض الإعلاميين فى عدد من القنوات فى خطوات منظمة ومعها بعض الأحزاب والتجمعات السياسية «العميلة» بما يسهم فى خلق مناخ مماثل لما كانت عليه مصر قبل 25 يناير، الغرض الحقيقى منه إعادة الهدم لإكمال انهيار الدولة وهو جزء من مخطط التقسيم كبديل جديد بعد وأد خطتهم بإزاحة الإخوان، ويتمثل ذلك من خلال حشود الكترونية معلوماتية تعمل على نشر الشائعات وتزييف الحقائق وشحن الشباب ضد وطنهم، بالانتشار والتغلغل متعدد المستويات تهيئة للاختراق الآمن للشباب ونزع أحشاء البلاد وأسرارها بيسر وسهولة، والسيطرة على عقولهم بمنهجية الهندسة الاجتماعية وهى إحدى أدوات الحرب السيبرانية التى تعتمد فعاليات الإشغال والتثبيت والترويج والدعاية والتجسس.
وقد لعبت شبكة «الانترنت» من خلال تطبيقاتها المتعددة دوراً كبيراً ومؤثراً كما رصد المفكر أحمد عزت سليم فى حرب المعلومات وجمعها وأساليب الاستخبارات واستخدمت مواقع مُولت من الخارج لزرع عملاء الكترونيين وجواسيس وتنفيذ حملات الحروب النفسية والقرصنة لخدمة فكرتى نشر الإرهاب وإضعاف الجيش المصرى لضرب استقرار مصر وتفتيت أمنها القومى لتأزيم الداخل وخلق مناخ عدائى بين أطراف الأمة ومؤسساتها وتحليل نسيجها الوطنى وإشغال شبابها عن لملمة شتات الوطن ومعالجة جروحه واستمرار إرباكه بالدعاية الممنهجة ونشر الشائعات وخلق حالة عداء بين فئات الشعب بعضها البعض وبين الشعب والجيش، وهو ما تبدى فى المرحلة الأولى من حرب معلوماتية ضد مصر تركزت بداية من عام 2008 ووصلت إلى ذروتها بعد أحداث 25 يناير وكان سلاحها الرئيسى شبكات التواصل الاجتماعى ومحاولة هدم مؤسسات الدولة خاصة العسكرية بنشر الشائعات ضدها وإظهار أبطالها بشكل مسىء وهو ما تجلى من خلال نشر بعض صور لجنود وضباط عراقيين فى لقطات مخزية وغير لائقة ومع عدم تدقيق الغالبية من مستخدمى الشبكة العنكبوتية أو لجهلهم بالفروق البسيطة يصدقوا، أو تصوير بعض الشباب بزى الجندية وهم يرفعون يدهم بعلامة «رابعة» كدليل على انتشار فكر الإخوان وعناصره داخل القوات المسلحة. فضلا عما يتم تزويره ونشره بشكل كبير عبر الصفحات والمواقع عن أن الجيش أو الشرطة هما من قاما بقتل جنودهما فى بعض حوادث استهداف الجنود والضباط وبتكرار ترديد مثل هذه الافتراءات يصدقها البعض.
تلاعب بالعقول
ولذلك، ينبهنا المهندس عبد الحميد بسيونى خبير تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبرانى لعدم تصديق كل ما نراه أو نسمعه من الأخبار عبر هذه التطبيقات، فأكثرها أكاذيب للتلاعب بالعقول وجانب من الحرب النفسية والتضليل الإعلامى لإثارة الفتنة. ويطالبنا بالتدقيق فى الملصقات الموضوعة بصورة لوحة فغالبيتها تستهدف التشكيك وترويج شائعات هدامة، من خلال تلاعب وتزوير، بمقتطفات فيديو أو مقاطع صوتية، وفى التسريبات الخاصة بلقطات فيديو مصور، تأمل حركة الشفاه لتتأكد من جزء من التزييف والتزوير، وتركيب الصوت على الفيديو المصور عملية سهلة جدا.
أو كما يؤكد المهندس أحمد دسوقى أن ما انتشر عبر المواقع على أنه تسريبات للرئيس السيسى عندما كان وزيرا للدفاع ومدير مكتبه آنذاك عباس كامل أو غيرهما من قيادات الدولة للعمل على زعزعة الاستقرار والتشكيك فى الإجراءات التى اتخذتها الدولة ضد الإرهابيين من الإخوان ورئيسهم ومرشدهم والجماعات الإرهابية الأخرى لضرب ثقة الدول العربية فى القيادة المصرية، وما هى إلا تلفيق وتزوير للأصوات عن طريق وسائل تقنية حديثة فُبركت من خلالها الأحاديث التى تم بثها، وهذه ليست قدرة الإخوان ولا يستطيعونها بل قدرة أجهزة مخابرات دولية تستخدمهم وإن كانت قدرتهم تستطيع الإيذاء بالتشهير والتوتير من خلال جيوشهم الالكترونية باستمرار تكرار وتكثيف الحديث عن القتل والإعدامات وفبركة وتزييف تقارير ونسبتها لمواقع دولية أو الاجتزاء من تقارير دولية حسب ما يخدم أغراضهم ونشرها على كل المواقع وتجييش أعداد كثيرة لنشرها فضلا عما يتم من خلال أجهزة مخابرات أجنبية من رصد وتحليل تفاعلات المصريين على الصفحات والوصول للمستهدفين من عملاء وخونة وتدريبهم على شل وتدمير مؤسسات الدولة، ومعرفة التوجهات وترسيخ الأفكار الهدامة وزراعتها فى العقل واللاوعي، ولاستهداف توجيه السلوكيات وتغيير القناعات الفردية والاجتماعية وزرع الأفكار المضادة، لفقد الثقة بين الأفراد وبين مؤسسات المجتمع والحصول على المعلومات الخاصة والعامة بطرق ممنهجة، ويتجلى ذلك فى عدد من صفحات التواصل الاجتماعى التى تبث أخبارا كاذبة، وأحيانا يتم تضخيمها لزرع الفتنة وكذلك على تويتر مثل «صفحة هدير مكاوى» التى دأبت خلال أحداث سيناء الأخيرة على إطلاق تغريدات لنشر أخبار تخلق ضيقا من الجيش والدولة مثل »قصف على مناطق أبو طويلة وأبو زرعى لمدنيين فى الشيخ زويد تحدث إصابات ولا يتحرك الإسعاف لإنقاذ الجرحىٍ، والأهالى يناشدون الإسعاف التحرك بعد قصفهم بطائرات F16.و«مقتل فتاة وإصابة سيدة بسبب القصف»، «الإصابات فى تزايد ومفيش إسعاف»، وتغريدات أخرى أكثر سما وحقدا ضد الجيش والدولة.
نشر الفوضى
ووفق الخطة الممنهجة يتم نشر تغريداتها فى عدد من المواقع والصحف والفضائيات، واستخدام يعرف بحروب الجيل الرابع وهو ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية ومخابراتها لزعزعة الدول وتفتيتها وتدميرها من الداخل باستخدام بعض مواطنى هذه الدول وجماعاتها الداخلية لإنهاك إرادة بلادهم ونشر الفوضى فيها دون التدخل العسكرى الذى يكبدها المال والأرواح، كما يتضح من المشهد العربى الآن، ودفع الشباب لشل أجهزة الدولة وقطع الطرق العامة والتظاهرات المضادة واستخدام العنف ضد أجهزتها، ويتم استخدام مواقع عديدة بأسماء وهمية غالبا تكون عربية أو مصرية وصفحات تنشئها أجهزة مخابرات بأسماء مصرية أو عربية.
ويمثل موقع «العربى الجديد» نموذجا يجسد الهندسة الاجتماعية المستخدمة كإحدى أدوات الحرب السيبرانية، هذا الموقع الذى يحمل الرؤى والآليات القَطَرية لتفكيك الوطن، يستهدف نشر أفكار مضادة للوطن والمجتمع ومساعدة الجماعات الإرهابية على التغلغل باستخدام الخطاب الدعائى للتأثير على المواطنين لاتخاذ السلوكيات العدائية ضد أوطانهم، وكما تقدم نموذجا للأفكار الإجرامية الكاذبة.
فيروسات و«خبائث»
ومن ضمن هذه الحروب أيضا نشر برمجيات خبيثة مثل wiper التى تقوم بمحو البيانات، وتشمل أيضا كما يقول خبير تكنولوجيا المعلومات العميد متقاعد يوسف عبد الغنى حجاج: القنابل المنطقية وديدان الحواسب، وصناعة »رقائق« الكترونية بها نقاط ضعف عند تصميمها تمكنها من تدمير نفسها ذاتيا حال استقبالها لإشارات محددة، وأيضا الرقائق »المكونات« التى يعتمد فى تصميمها أن تشكل أبوابا سرية يمكن من خلالها فك الرسائل المشفرة وإعادة إرسالها لأجهزة المخابرات التى صنعتها. وأيضا اشعاعات »فان آيك« التى تعيد بث المعلومات و«الخداع» الذى يتم به إرسال معلومات مزيفة على نظم الاتصالات الخاصة بالقوات فى الجيوش بحيث تبدو كإحدى الرسائل المتبادلة بينها مما يحدث إرباكا يترتب عليه اتخاذ قرارات غير دقيقة أو الخداع بالتضليل بتبادل معلومات فريقه بل وصلت القدرة إلى تزييف المرئيات بطريقة مماثلة ل »سينما فورست جامب« بأن يظهر قائد ما يتحدث فى أشياء أو يلقى أوامر لم تحدث بالفعل ولم يقلها حقيقة.
يضيف مهندس عبد الحميد بسيونى: تم أيضا تطوير فيروسى «شامون وديستراك» لاستهداف شركات الطاقة والبترول بمسح البيانات وكذلك أنتجت فيروسات أخرى متعددة تستهدف قطاعات وصناعات محددة منها فيروس «فليم».
ويؤكد انتشار عناصر من الموساد والشاباك وال CIA وكتائبها الالكترونية المتخصصة وظيفيا وجغرافيا على الانترنت بأسماء وهمية لجمع المعلومات والأخبار وتحليلها وتجنيد الشباب. مشيرا إلى أن أى مشترك يمكن أن يجد على صفحته وبين مجموعاته ورسائله أصدقاء وأعضاء لم يقم بإضافتهم وتعليقات من فتيات رائعات الحسن وهدايا وبرامج تدريبية وورش عمل مجانية تستهدف التعرض والاشتباك والترويج والتشكيك والغراميات وتيسير الوصول إلى المواقع الخليعة، وتتداخل تعليقات الإشغال عن المشاركة الشعبية فى مواجهة تحديات الأمة، وعلى سبيل المثال ما رصده أحمد عزت سليم بعد استشهاد الجنود المصريين فى واحة الفرافرة من عمليات الإشغال بتعليقات مثل:
محتاجين عروسة لأخ مهندس جاهز (37 سنة)، مصر الجديدة.
مكنك الآن تحويل صورتك وصور حبايبك إلى كرتون، فى أقل من دقيقة.
ومع اشتداد ردود الأفعال العربية على الهجمات الإسرائيلية على الأراضى والممتلكات الفلسطينية ودخول المتطرفين اليهود المسجد الأقصى، نشر تعليق لفتاة اسمها ورد الفرات تقول: نتيجة الثانوية العامة قبل ظهورها، تدعو المهتمين للحصول عليها من الرابط hyperlink https://www.facebook.com، وبالبحث عن «ورد الفرات» تأكد أنها شخصية إسرائيلية خريجة الجامعة العبرية، والرابط لا علاقة له بنتيجة الثانوية العامة.
ويؤكد خبراء الأمن السيبرانى انتقال أجزاء مهمة من المعارك بين الدول فى القريب العاجل إلى فضاء الانترنت، وستهزم الدول الغافلة وتتلقى ضربات موجعة، فى المقابل ستنجو الدول التى عمدت إلى اتخاذ إجراءات أمنية واحتياطات شديدة ومكثفة لحماية معلوماتها بجدية تامة.
يضيف المهندس أحمد دسوقى بعداً آخر للحرب السيبرانية وهو ما يسمى الهندسة الاجتماعية بالعمل على انتشار طريقة الكتابة العربية بحروف إنجليزية مؤكدا أن هناك أجهزة أجنبية اخترعتها وعملت على نشرها لمحاربة الثقافة والهوية العربية كإحدى آليات الهندسة الاجتماعية العاملة على تغريب ثقافة الشباب ومنها المواقع الإباحية التى تعمل على نشر زنا المحارم لنشر الفساد.
بديل جديد للعمالة بمقابل
وكبديل لما تم كشفه وتعريته ظهرت منظمتان أخريان هما »أفاز« التى تبدو فى ظاهرها داعمة للحريات والمهمشين فى العالم وإن كانت حقيقتها تعمل على خلق عملاء جدد بدلاء عن وائل غنيم ومجموعته ومشاركيه قبل 25 يناير ودعمهم لاختراق الوطنيين الحقيقيين من الشباب الثائرين على الظلم والفساد، تستقطب العملاء والسذج منهم إغراء بالتمويل » دعما للحملات التى يمكن لهم تبنيها وإطلاقها على خطى حملات وقف إعدام المحكومين من أعضاء الجماعات الإرهابية مثل الإخوان، وإطلاق سراح المعتقلين و «الحرية للمعتقلين» «وافرجوا عن مصر» ومعارضة قانون التظاهر والدعوة إلى إلغائه والتمويل يصل إلى 10 آلاف دولار للحملة وبه استطاعت حشد عدد من الشباب لمشاركتها فى العمل على تفتيت الوطن. ووصل عدد أعضائها من مصر إلى ما يقرب من 400 ألف.
صحيح هناك من انضم إليها ببراءة وبجهل لأهدافها الخبيثة، وهم الأكثرية، ولكن القليل انضموا إليها عن وعى طمعا فى «مقابل عمولة» يستطيعون المساهمة بقوة فى تنفيذ المخطط، وقد انتبه إيهاب سيد عطية العضو السابق بحزب الدستور، والذى يؤكد أن هذه المنظمة «أفاز» صنفت أعمالها فى مصر على أنها ممتازة وملهمة ومبدعة، وهى نفس الألفاظ التى يستخدمها بعض قيادات الحزب، وتجد أعمالها تفاعلا قويا من الشباب داخل أروقة الحزب.
ورصد إيهاب سيد أيضا المنظمة الأخرى «سيفرو» التشيكية التى تستهدف الشباب من مرحلة الدراسة الإعدادية وحتى الجامعية لنشر ما سمته »التطور الديمقراطى« عن طريق التدريب والتثقيف فى إطار الهندسة الاجتماعية المدفوعة الأجر لمساعدة ما يسمى »القوى الديمقراطية« فى »الدول الاستبدادية والشمولية« للفوز بالديمقراطية«!! كما أعلنت المنظمة نفسها أن لها أعضاء نشطين، ومنهم أميرة شعيشع من العريش التى تعمل فى نشر بيانات الجماعات الإرهابية والتحريض ضد الجيش فى سيناء من خلال »بوستات« صيغت باحتراف وكأنها فقط تعلق على أحداث أو ترصدها، وأعضاء كثيرون فى هذه المنظمة مما يسمى »التيار الديمقراطى«، ويتم استخدام تطبيقات الشبكة العنكبوتية وصفحات التواصل باحتراف ودقة شديدين ضمن مخطط الهندسة الاجتماعية.
هجوم سيبرانى إسرائيلى
وأخطر صور الحرب السيبرانية هى العمليات التى تستهدف مواقع عسكرية وأمنية تمثل انتهاكا لسيادة الدول، كاختراق شبكات معلومات البنية الأساسية مثل شبكات الكهرباء ومحطات المياه والمفاعلات النووية وأنظمة البنوك وشبكات بيانات المواطنين المتصلة بالانترنت، وتستطيع أجهزة المخابرات بجيوشها الالكترونية وقراصنة الفضاء تدمير أو شل فاعلية التحكم فى هذه الخدمات وإيقافها، مثلما حدث مع إيران التى سجلت أول هجوم تدميرى عليها عام 2010 على مفاعل «بوشهر» النووى من قبل «تحالف سيبرانى» بين إسرائيل وأمريكا على نظامها الخاص بالتحكم والمراقبة بواسطة فيروس «ستكسنت» كما يقول المهندس عبد الحميد بسيونى باختراق أجهزة الطرد والتفتيش وبدأ نشاطه التخريبى فى تدمير أنظمة التحكم فى تطوير نقل النفط ومحطات توليد الكهرباء، ونظام المفاعل النووى أدى إلى تقديم قراءات مغلوطة على شاشات المراقبة بالمفاعل وأدى إلى تعطيل أجهزة الطرد المركزى، فقامت إيران على أثرها بضخ مليارات الدولارات بقطاع تكنولوجيا المعلومات أنتج منظومة الكترونية خاصة بهم وحجب بعض التطبيقات الأمريكية بعد توفير البديل المحلى، سبقه هجوم مماثل قبلها بثلاث سنوات، قامت به إسرائيل لشل قدرة الرادارات السورية الروسية الصنع - على رصد طائراتها التى قصفت مركز تصنيع أسلحة دمار شامل كان فى مرحلة إنشائه بالتعاون مع كوريا الشمالية.
وفى نفس العام (2007)، تعرضت دولة استونيا لهجوم تخريبى مماثل، ولم تنج الولايات المتحدة عندما قام أحد القراصنة الروس باختراق منظومة حاسبات خدمات مرافق مدينة «سبرينجفيلد» بولاية ايلينوى فى نوفمبر 2011 مما أدى إلى قطع المياه لفترة عن المدينة بالكامل.
وعند قيام استونيا بمحاولة نقل النصب التذكارى السوفيتى للحرب العالمية الثانية من تالين مما أثار غضب الحكومة الروسية والأقلية الروسية فيها فقامت بهجمات واسعة شلت حكومة استونيا والتى تتميز بتطورها فى تبنى واستخدام وسائل الاتصالات الالكترونية وشبكة الانترنت فى تقديم الخدمات البنكية والمالية المختلفة حيث يتم وقف 98% من إجمالى معاملاتها البنكية عبر شبكة الانترنت وذلك عبر هجمات منع الوصول إلى الخدمة وحفلت المواقع الإخبارية الاستونية بالتعليقات المعارضة للحكومة واستهداف الخوادم والمحولات غير المعلومة للعامة مثل تلك العاملة فى قطاعات البنوك والاتصالات السلكية والمعاملات المالية مما شل قطاعات عديدة فى الدولة لعدد من الساعات واتهم وزير الخارجية الاستونى بشكل مباشر الحكومة الروسية بشن هذه الهجمات السيبرانية.
وقامت روسيا أيضا كما رصد محمد فخر الدين فى حرب الشيشان الثانية تصعيد عملياتها فى الفضاء السيبرانى ضد الشيشانيين وتطوير تكتيكات الحروب السيبرانية وإن بدأت حروب دعائية ونفسية، إلا أنه فى نفس العام كانت أولى المعارك التى استهدفت البنية التحتية للشبكة فى حرب كوسوفو حيث قامت جماعات معادية لحلف الناتو والغرب مثل جماعة اليد السوداء بشن هجمات على شبكات الكمبيوتر العسكرية للناتو والولايات المتحدة، وأعلنت نجاحها فى اختراق عديد من الأجهزة وإزالة البيانات المخزنة عليها وشل أحد أجهزة البحرية الأمريكية وتعطيله عن العمل. وأثناء العمليات العسكرية التى شنت ضد يوغسلافيا كانت هناك حرب شرسة فى الفضاء السيبرانى ردا على الهجمات الأمريكية واختراقها لشبكات الدفاع الجوى الصربى، فتعرضت أجهزة الكمبيوتر والخوادم فى أمريكا وبريطانيا والناتو للهجمات المختلفة واستخدمت تقنيات عديدة مثل هجمات الحرمان من الخدمة والرسائل الالكترونية المحملة بفيروسات مختلفة واختراق موقع البيت الأبيض، وأعلنت بريطانيا فقدانها لواحدة من قواعد بياناتها وتعذر على الناتو قيامه بتحديث موقعه بآخر الأخبار وألقى المتحدث الرسمى للناتو حينها المسئولية على «قراصنة» من بلجراد.
وبدأت روسيا فى إعادة النظر فى قانون البنية التحتية المعلوماتية الحرجة بما يكمل بناء نظام شامل لحمايتها من الهجمات السيبرانية خصوصا بعد اكتشاف ثلاث شبكات استخبارات سيبرانية حاولت - كما تقول آمال كمال خبيرة الدراسات الاستراتيجية - سرقة مليون صفحة من المعلومات السرية المستهدفة بعد أن أصبح التجسس السيبرانى أكثر فاعلية ودقة من نظيره الكلاسيكى التقليدى، وحسب تقدير الخبراء فإنه خلال السنوات القادمة ستبدأ روسيا إنتاج واسعا لقاعدة المكونات الالكترونية على مبادئ فيزيائية ومواد جديدة والاعتماد على «ميكانيك الكم».
أخطر من اكتشاف البارود
لم تنج المنطقة العربية من الصراع فى الفضاء السيبرانى عام 2000 حين قامت جماعات إسرائيلية بالهجوم على الموقع الالكترونى لحزب الله إثر اختطاف ثلاثة جنود إسرائيليين لحقته هجمات شنت على مواقع مؤسسات وأحزاب ودول، وفى باكستان قام »قراصنة« باختراق خوادم الايباك (اللوبى الإسرائيلى فى أمريكا) ونشرت معلومات حساسة مثل رسائل البريد الالكترونى ومعلومات كروت الائتمان والبيانات الشخصية لأعضاء اللوبى.
وتسارعت التطورات على الساحة العالمية، ففى أبريل 2011 حذر المركز القومى لحماية البنية التحتية التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية مديرى الأنظمة والمواقع الالكترونية الأمريكية من محاولات القراصنة الصينيين إلحاق أضرار محتملة وهاجمت جماعة »هونكر« الصينية شبكة كهرباء ولاية كاليفورنيا، ورغم إنكار الولايات المتحدة وقتها وجود خطر حقيقى إلا أن المخابرات الأمريكية حذرت قيادات قطاعات الأعمال والاقتصاد من إمكانية تكرار اختراق البنية التحتية الحيوية الأمريكية.
ولهذا لم يكن غريبا أن يتحدث كيث الكسندر المدير السابق لوكالة الأمن القومى الأمريكى، مشيرا إلى أن ما يحدث الآن يشبه محاولات الجيوش فىما بين الحربين العالميتين فهم دور سلاح الطيران فى الحروب.
وقال الجنرال »أفيف كوخافى« قائد شعبة المخابرات العسكرية الإسرائيلية فى مؤتمر سنوى لمركز دراسات الأمن القومى الإسرائيلى: إن الحرب السيبرانية باتت أهم وأخطر من اكتشاف البارود. وأكد أن جمع معلومات استخباراتية فى الماضى القريب كان يلزمه عشرة أشخاص الآن يمكن لشخص واحد فقط جمعها، وأكد ضرورة إنشاء قيادة مستقلة للحرب السيبرانية.
وقد اعتمدت الولايات المتحدة على أساليب وطرق حرب المعلومات بشكل مكثف وشنت عمليات عديدة للوصول إلى أنظمة الجيش اليوغسلافى فى حرب البلقان وسعت إلى التحكم فى أنظمة حاسبات الدفاع الجوى اليوغسلافى وتعطيل وتشويه الصور على شاشات منصات التحكم بها لشل القدرة على إسقاط الطائرات كما عملت على خداع شبكة الدفاع الجوى وتضليلها بأهداف وهمية مما أصابها بالفوضى وإطلاق صواريخ مضادة للطائرات فى غير وقتها على أهداف وهمية.
هجمات متدنية التكلفة
وتتجلى خطورة الحروب السيبرانية فى تكلفتها المتدنية أو القليلة جدا وتمتع المهاجم بأفضلية خصوصا فى إمكانية الهجوم أو الدفاع أما الميزة الأهم فهى السرعة والمرونة التى تتيح له إمكانية المراوغة مع ثبوت فشل نماذج الردع المعروفة حتى الآن أو كما يقول محمد فخر الدين:
إن بعض حالات الهجوم تحتاج شهورا لرصد مصدرها وردعه غير أن حالات أخرى تتم من قبل أفراد أو تقوم بها جماعات ليس لها قواعد يمكن الانتقام بمهاجمتها، وبالتالى فيمكنهم بسهولة استهداف البنى التحتية المدنية مثل شبكات الكهرباء والطاقة وشبكات النقل ونظم المنشآت النفطية أو المائية أو الصناعية، وتعتمد النتائج لتدمير هذه المنشآت على حجم التكنولوجيا الرقمية المستخدمة فيها.
ورغم ذيوع خطورة قضية الهندسة الاجتماعية والحروب السيبرانية منذ عشر سنوات وأكثر إلا أننا فى مصر لم ننتبه جيدا إلا مؤخرا فأصدر مجلس الوزراء قراره بإنشاء »المجلس الأعلى للأمن السيبرانى« وعهد إلى وزير الاتصالات برئاسته، ولكنه لم يحقق شيئا إلى الآن ولا ندرى ماذا يفعل إن قرار إنشاء المجلس تجاهل ضم ممثلى وزارات هامة جدا كان من الضرورى والأوجب أن تمثل فيه وهى وزارات الشباب والثقافة والتعليم والتعليم العالى والتخطيط بسبب ما تملكه هذه الوزارات من قواعد شبابية من جميع الأعمار يغطى وجودها أنشطة هذه الوزارات خصوصا وزارتى التعليم والشباب لتعريف الشباب بكيفية مواجهة التحديات التى تفرضها الحرب السيبرانية على الواقع الاجتماعى باستهداف تدمير قيمه وتخريب مؤسساته واختراقه لاحداث تفكيك البنية الوطنية وتفتيت وحدتها وشرخ الالتفاف الشعبى حول قيادة الدولة التى أفرزتها ثورة 30 يونيو.
وكذلك غابت فكرة المواجهة من مؤسسات وزارات الثقافة والشباب والتعليم والتعليم العالى التى تمتد أعمالها وإداراتها فى سائر بقاع مصر، وتشمل جميع المراحل العمرية، وهل سيتم تحديث أو تغيير القانون الحالى وهو حافل بالعقوبات ضد من يقوم سواء بالتشهير أو الإساءة أو التزوير أو الاختراق ضد شخص ما، ولكنه عاجز عن معاقبة أو الإمساك بمن يقوم بأعمال ضد الدولة ومؤسساتها من خارج الحدود كضباط مخابرات الدول الأجنبية، وربما لا يمكننا الوصول إلى تحديد مصدره لامتلاك هذه الأجهزة تكنولوجيا متقدمة جدا يمكنها تضليل الباحث. وبالتالى فإن هذا القانون لن يوقف الحرب المعلوماتية ضدنا.
قلق الشباب
واعتبر عدد من مستخدمى التطبيقات وصفحات التواصل من الشباب أن القرار يثير لديهم الكثير من المخاوف واختراق شبكات المعلومات أو تتبع نشاطهم على شبكات التواصل الاجتماعى بهدف تقييد حريتهم، وتقييد حرية المعلومات ومراقبة جميع النشطاء السياسيين، ورغم نفى المسئولين أن تكون مهمة المجلس مراقبة شبكة الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعى، كما أعلن الدكتور »شريف هاشم« نائب رئيس الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات لشئون تأمين الفضاء الالكترونى، ان المجلس الأعلى ليس له علاقة بخصوصية استخدام الأفراد لخدمات الاتصالات والانترنت، وأنه معنى فقط ب«تأمين البنية التحتية والشبكات للمصالح والجهات الحكومية من الهجمات الالكترونية، إلا أن القلق يتزايد لعدم صدور القانون المنظم لعمل المجلس ولائحته التنفيذية، وأثارت هذه التخوفات إمكانية الطعن عليها دستوريا فى حالة مناقضتها للحقوق المنصوص عليها للمواطن فى الدستور: كنص المادة (57) على عدم جواز التعدى على حرمة المراسلات البريدية والالكترونية، وحق استخدام جميع وسائل الاتصال العامة بمختلف أشكالها، ونص المادة (65) على أن حرية الرأى والفكر مكفولة.
كما أنه لم يعلن مع أهميته رؤية متكاملة عن تأمين المعلومات والبنية التحتية للحكومة وموقفها العملى من العمل ببعض التطبيقات داخل إداراتها مثل الفايبر والواتس أب والفيسبوك وسكابى بما تمثل من خطر حقيقى.
وإن كانت الحرب السيبرانية بلغت آلياتها هذه القدرة التدميرية الفائقة والدقيقة غير المكلفة، فإن السؤال، ماذا سنفعل لو تم شن حرب الكترونية من قبل الدول المستهدفة لإسقاط الدولة ومؤسساتها كافة أو هجوم »داعشى« إرهابى الكترونى كما حدث من اختراق لبعض المواقع الأردنية والصفحات وبث أخبار مضللة عن أمن المملكة.
خصوصا وقد سلمنا بعمالة تنظيم »داعش« بناء على حقائق ظهرت تؤكد علاقة قياداته وأفراده بأجهزة المخابرات المعادية للإسلام والعرب مثل «الموساد» والمخابرات المركزية الأمريكية و MI6 الإنجليزية. وكذلك امتداداته أو المكونات التكفيرية المماثلة، ولا أشك أن أحداث سيناء الأخيرة أثبتت دعم هذه الأجهزة المخابراتية وغيرها للإرهابيين القتلة فى سيناء سواء بالمعلومات أو بتحديد مواقع تحركات الجيش، مع قدرة هذه الجماعات على استخدام تكنولوجيا التواصل وتطبيقاتها الحديثة بمهارة، فإن ذلك ينبئ باحتمالية انطلاق حرب الكترونية «سيبرانية» واسعة النطاق من قبل هذه التنظيمات الإرهابية ضد أجهزة الدولة المصرية. وهنا الخطوة الشديدة، خصوصا فى ظل الضعف فى بنية المواجهة الذى أشارت إليه نتائج استبيان شركة «راثيون» شارك فيه 1000 مدير تنفيذى من مديرى تقنية وأمن المعلومات فى العالم والتى أعلنت على هامش فعاليات »ايدكس 2015«، أن 73% من كيانات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير مؤهلة للتعامل مع المخاطر المحتملة من الهجمات الإلكترونية، عكس انتباه الولايات المتحدة قبل خمسة أعوام وقيامها بأنشاء قيادة الانترنت »سايبركوم« تحت قيادة مدير وكالة الاستخبارات القومية لحماية الشبكات العسكرية الأمريكية من خلال فريق مكون وقتها من ألف محترف من نخبة القراصنة والجواسيس كنواة لفريق يجب أن يضم من 20 إلى 30 ألف قرصان كما قال المدير السابق للوكالة »كيث الكسندر«
ورغم ثقتنا فى كفاءة الأجهزة الأمنية وما تضم من عقول بالغة الذكاء وقدرات فائقة، إلا أن الأمر يجب أن يتعدى ذلك لتكوين منظومات فضائية خارجية وجيوش الكترونية محددة الملامح سواء فى القطاع المدنى أو العسكرى. كما فى الصين وكوريا اللتين أنشأتا جيوشا الكترونية مهمتها الدفاع والهجوم والتجسس والتخريب، بعد أن توقع بعض الباحثين ممن يتبنون التقسيم الجيلى للحروب نشوب الجيل الخامس من الحروب فى القريب وبعض الدول أصبح لديها الآن قدرات قتالية عسكرية ونظامية فى مجال الحروب السيبرانية بعلاقات لقياداتها الأمنية والسياسية بمجموعات غير نظامية، وذلك لسهولة وقلة التكلفة النسبية للحصول على السلاح السيبرانى وتدريب الأفراد العاملين فى هذه الوحدات، وتظل المشكلة كيفية الوقاية من هذه الهجمات والتى تستدعى جهودا وتكاليف ضخمة وتعاونا بين مختلف القطاعات للتغلب على بدايات أو نهايات للحرب السيبرانية.
وهو ما يجعلنا نتساءل عن إمكانية طرح اقتراح بإنشاء مدرسة تكنولوجية، أو إنشاء كلية الحاسبات والمعلومات الأمنية.. كما يقترح المهندس أحمد دسوقى باعتبار أنها الكلية الأهم لتخريج متخصصين فى الأمن المعلوماتى وهندسة المعلومات لتخريج مهندسين متخصصين فى مجال البرمجيات والحاسبات والمعلومات الأمنية، لإنتاج أبحاث علمية تتيح إمكانية تخزين المعلومات مشفرة حتى لا نستخدم نظم تشفير معروفة لدول أخرى وتطبيق أبحاث لإنتاج فيروسات خاصة، والتعرف علي الجديد فى هذا المجال. ويمكن أن تكون مؤسسة استشارية فى مجال تخصصها تتعاون لصالح الدولة مع الدول الأخرى.
أما عن كيفية مواجهة هذه الأخطار أو الردع السيبرانى، فيطرح أحمد عزت سليم ضرورة الاستباق فى مواجهة وتحدى الهجمات السيبرانية والمهاجمين، وأن تكون البنية التحتية المصرية قادرة على المواجهة المبكرة، وأن تمنح استراتيجية المواجهة سلطة الرد الفورى على المهاجمين والدفاع النشيط والمراقبة الدفاعية والهجومية ومواجهة جميع الاختراقات العدائية وتشكيل شبكة دفاعية لحماية الأنظمة الوطنية من الهجمات. وفى تصور أكثر وضوحا يطرح المهندس أحمد دسوقى ضمن إطار أكثر شمولية وتركيزا امتلاك مصر لفضائها الخارجى يتم من خلاله السيطرة قدر الإمكان على الفضاءات الأخرى، معادية وصديقة، بتأسيس وكالة مصرية تمتلك مجموعة أقمار صناعية متعددة الأغراض، يمكن من خلالها حماية فضائنا الوطنى وتقديم الدعم للدول العربية دون الحاجة لدعم »لوجيستى مخابراتى« غربى كالذى قدمته أمريكا للسعودية فى »عاصفة الحزم« من خلال أقمارها الصناعية التى وصل مستوى التقاطها الصور إلى بعد متر واحد فقط من الأرض. وبتقنية ثلاثية الأبعاد، واختراق المبانى وأسقفها.
وأيضا امتلاك أدوات ووسائط المعلومات بإنشاء برمجيات وتطبيقات محلية الصنع عوضا عن الأجنبية مثل خدمات «ياهو»، وهوتميل، وجيميل، وغيرها« ومواقع تواصل مماثل ل »فيس بوك« و«تويتر« وغيرهما، كبديل آمن للتعامل بين المصريين والعرب بما يؤدى إلى السيطرة الوطنية ومكافحة الاختراق والتجسس. ويتيح للدولة قدرة التعامل مع الشائعات ومواجهتها أو حذف أى صفحة تروجها.
ولدينا من الكفاءات التكنولوجية والمهارية من الشباب ما يمكنها من إنشاء هذه التطبيقات بشكل آمن، بل وإنشاء بنية الكترونية تحتية، تمكننا من مواجهة الحروب السيبرانية والردع بشن حروب وهجمات مماثلة، ومنها إنتاج »فيروسات« جديدة ونشرها، وإنشاء مركز مراقبة التهديدات الإلكترونية وظيفته حماية الدولة ومؤسساتها ومواطنيها بمراقبة »النت« ورصد التهديدات والشائعات وأشكال الحروب المعلوماتية المختلفة، لأن مجلس الإنذار المبكر ومراقبة الطوارئ المعلوماتية غير مفيد حتى الآن، بدليل حدوث كل هذه الاختراقات وإغراق الفضاء الخارجى المصرى بالشائعات.
نجاح الاستثمار
ولا ندرى إن كانت أجهزة الدولة منتبهة إلى اجتماع الرئيس الأمريكى دوريا برؤساء شركات تكنولوجيا المعلومات »جوجل، وياهو، وآبل« أم لا، فهذه الاجتماعات تؤكد على اعتبارها ضمن المجال السيادى للدولة، ليس فقط، بل اقتصادى أيضا، حيث تصل استثمارات شركة آبل السنوية 300 مليار دولار، وهو رقم يقترب من استثمارات أكبر شركات البترول الأمريكية (320 مليار دولار)، وهو ما يشير إلى نجاح الاستثمار فى هذا المجال، ويدلل على إمكانية نجاح الاستثمار فيه لدينا إذا خلصت النوايا، وعلت الإرادة الوطنية فعائدات التطبيقات المختلفة وصفحات التواصل وخدمة البريد الالكترونى من الإعلانات، يمكن أن توفر تكاليف الإنشاء والإدارة والصيانة، فضلا عن أرباح هائلة، خصوصا أن نجاحها ووطنيتها ستدفع الدول العربية للالتجاء إليها بديلا عن الأجنبية.
هناك جهات عديدة ووزارات يجب تفعيل دورها مثل الشباب والثقافة والتعليم وهيئة الاستعلامات، التى يمكن لها تدريب مجموعات من الشباب المصرى الوطنى وهم كثر لتكون قادرة على مواجهة الحرب السيبرانية فى مواجهة أخطاره المتعددة الخارجية والداخلية والتى تمس المصالح الوطنية الاستراتيجية ولتحقيق الأمن الرقمى وأمن البيانات والمعلومات، وأمن الشبكات، وإعادة تدريب الكوادر الحكومية من المحاسبين والمراجعين والإداريين وإخصائيى العلاقات العامة وإدارات المعلومات والمدراء ومسئولى الأمن، لتحقيق الأمن السيبرانى لمواجهة الجاسوسية السيبرانية والاختراقات الرقمية، ويمكن تحفيزهم بإقامة مسابقات بجوائز سنوية للباحثين والطلاب فى البحوث السيبرانية وتمويل أبحاث المتفوقين منهم وتعيينهم فى مراكز المواجهة السيبرانية. كذلك أجهزة الإعلام بمستوياته ووسائطه المختلفة، عليها دور مهم فى هذه التوعية فى الإعلام بمفهومه التقليدى المجرد أصبح قاصرا وعاجزا تماما عن مواجهة هذه الحروب السيبرانية وتطوراتها المتلاحقة وآثارها المدمرة، ولذا فلابد من إعادة تأهيل قياداته وكوادره لتكون على مستوى عال من الكفاءة والمهارات البرمجية وفق أسس علمية ومنهجية وخلق فضاء وطنى إعلامى سيبرانى كجزء من الأمن الوطنى.
حملة إعلامية
وعلى سبيل المثال، عمل حملة إعلامية سيبرانية وتعريفية وتدريبية لمعرفة الأخطار التى تهدد الأمن الوطنى، ومن أكبر الأخطار البرامج البوتنتس التى تنزل على أجهزة المواطنين وتسمح للمعتدين من الخارج التحكم فى أجهزتها، ومخاطر استعراض المواقع على الانترنت وعمل وإجراء تحميل الأغانى والبرامج وفتح الصورة التى يتم من خلالها اختراق الأجهزة ببرامج تجسس واختراق أمن الأجهزة الشخصية وأمن أجهزة شبكات الشركات والمؤسسات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.