رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن روسيا بقرارها، أمس الخميس، الذي يقضي بطرد 60 دبلوماسيا أمريكيا عمقت الأزمة بين موسكو والغرب، وأن حدة التوترات بين الجانبين بلغت مستوى هو الأسوأ منذ عقود. قالت الصحيفة الأمريكية -في تقرير نشرته على موقعها الالكتروني- اليوم الجمعة: إن روسيا صعدت المواجهة مع أوروبا والولاياتالمتحدة والتي أثارتها قضية تسميم الكولونيل الروسي السابق سيرجي سكريبال في بريطانيا، حيث أعلنت طرد 60 دبلوماسيا أمريكيا وعدد غير محدد من مبعوثي دول أخرى للرد على عملية الطرد الجماعي للدبلوماسيين الروس الذين يعملون في الدول الغربية ودول أخرى والتي صدرت قرارات بها خلال هذه الأسبوع. أوضحت أن الكرملين في غضبه مما وصفه بالحملة التي تقودها واشنطنولندن، تجاوز الكرملين مستوى الرد المتكافئ على الولاياتالمتحدة وأمر بإغلاق القنصلية الأمريكية في سان بطرسبرج ثاني أكبر المدن الروسية، لافتة إلى أن هذه القنصلية أكبر حجما وأكثر أهمية من القنصلية الروسية في مدينة سياتل الأمريكية التي أمرت إدراة ترامب بإغلاقها الاثنين الماضي ضمن قرار طرد الدبلوماسيين الروس الذي صدر عنها. اعتبرت الصحيفة أن الأزمة التي اندلعت بسبب قضية تسميم العسكري الروسي السابق وابنته أوصلت التوترات بين الكرملين والغرب إلى أقصى درجاتها منذ عقود واضطرت دولا أوروبية -مثل ألمانيا- كانت عادة ما تتجنب الاشتباك مع موسكو أن تختار الانضمام إلى أحد الجانبين، حيث تؤكد بريطانيا أن السم المستخدم في الهجوم هو غاز أعصاب تختص به روسيا صنعه علماء من العصر السوفييتي. أضافت الصحيفة أن الأزمة المحتدة وضعت كذلك ضغوطا جديدة على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يكره أن ينتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعلى عكس نصيحة مستشاريه، تجنب أي ذكر لحادث سكريبال عندما تحدث مع بوتين هاتفيا مهنئا إياه بفوزه في انتخابات الرئاسة الروسية، واستمر ترامب في نهجه في تجنب انتقاد روسيا عندما لم يأتِ على ذكر القرار الروسي بطرد الدبلوماسيين الأمريكيين خلال خطاب له في ولاية أوهايو الأمريكية أمس الخميس. بعد ساعات من خطاب ترامب، صدر عن البيت الأبيض ردا التزم الصمت واكتفى بوصف الأفعال الروسية بأنها تمثل "مزيدا من التدهور" في العلاقات الأمريكية الروسية، وجاء في البيان "ان الرد الروسي لم يكن أمرا غير متوقعا والولاياتالمتحدة ستتعامل معه". لفتت الصحيفة إلى أنه لطالما تشبث السياسيون الروس ووسائل الإعلام الروسية بفكرة أن ترامب صديق موسكو ويرغب في تحسين العلاقات لكنه تحت ضغوط لتبني مسار قاسٍ، ويمارس تلك الضغوط من يصفونهم ب"الدولة العميقة" في الولاياتالمتحدة، وهي ما يفترض أنها شبكة من القوى الخفية المعادية لروسيا والموالية في أغلب الأحيان للإدارات الأمريكية السابقة. إلا أن تلك الثقة المنيعة في ترامب زعزعها بشدة القرار الأمريكي بالاصطفاف خلف الاتهامات البريطانية لروسيا بوقوفها خلف الهجوم على الجاسوس الروسي السابق وابنته، كما أن الروس غاضبون بشأن دور واشنطن في حشد تحالف واسع من الدول الأوروبية وغيرها دعما لبريطانيا، حيث قامت 27 دولة بطرد أكثر من 150 روسيا منهم أشخاص مسجلون لدى سفارتهم وقنصلياتهم باعتبارهم دبلوماسيين وملحقين عسكريين وثقافيين، ويقول المسئولون الغربيون أن كثيرا ممن تم طردهم يعملون في التجسس وأن طردهم سيعرقل عملية التجسس لصالح روسيا. أشارت الصحيفة إلى تصريح مستشار الأمن القومي البريطاني مارك سيدويل خلال زيارته للعاصمة الأمريكيةواشنطن، أمس الخميس، الذي أكد أن القرار الروسي بطرد الدبلوماسيين رسالة قوية للغرب مفادها أنه وللمرة الأولى تعمل الولاياتالمتحدة و24 دولة معا للرد على مجموعة من الأفعال الروسية العدوانية. لفتت "نيويويورك تايمز" أنه وتجنبا لبدء الحرب عن عمد مع كامل أوروبا، ركزت روسيا غضبها على لندنوواشنطن متهمة إياهما بإرغام الحلفاء على التصديق على ما تصر موسكو بأنها اتهامات لا أساس لها بأن روسيا تورطت في الهجوم على سكريبال. ولفتت الصحيفة إلا أن هذا الهجوم قد أشعل غضبا شديدا إلى الحد الذي بلغت معه انعدام الثقة بين موسكو والغرب درجة لم تشهدها العلاقات من قبل منذ أن أسقطت طائرة حربية سوفيتية طائرة ركاب تابعة للخطوط الجوية الكورية أثناء رحلتها من نيويورك إلى سول، ونفى حينها المسئولون الروس أي دور في إسقاط الطائرة في بادئ الأزمة.