تبدأ اليوم الاربعاء، رئاسة اليونان الدورية للاتحاد الأوروبي، والتي تستمر لمدة ستة أشهر وسط أجواء من الترقب لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد إضافة إلى الضغط الذي تضعه انتخابات البرلمان الأوروبي على أجندتها. أولويات الرئاسة اليونانية ووضعت الرئاسة اليونانية على رأس أولوياتها القضايا الأكثر إلحاحاً للمواطنين الأوروبيين مثل الهجرة ومكافحة البطالة وخلق فرص عمل والعودة إلى النمو المستدام على المدى الطويل بالإضافة إلى السياسة البحرية. وكغيرها من الدول التي سبقتها في رئاسة الاتحاد الأوروبي، أكدت اليونان حرصها على إحراز تقدم في ملف الاتحاد المصرفي دون أن تأخذ تعهد على نفسها بضرورة التوصل إلى اتفاق. كما أولت اليونان أهمية خاصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي خلال فترة رئاستها. وحرصت اليونان على أن تكون القضايا الرئيسية في أجندتها الرئاسية ملبية لتطلعات الشعوب الأوروبية، وأن تعمل طوال فترة رئاستها على تعزيز ثقة المواطنين في الاقتصاد الأوروبي والبناء الديمقراطي للاتحاد وذلك من خلال توضيح مزايا الوحدة الأوروبية وأضرار الخروج منها حتى يمكن مجابهة الأحزاب اليمينية المتطرفة، المناهضة للاندماج الأوروبي، في معركة الانتخابات القادمة للبرلمان الأوروبي، لاسيما بعد ازدياد نفوذ هذه الأحزاب وانتشارها خلال الآونة الأخيرة. ورغم أن البرنامج المشترك لما يسمى ب "ثلاثية رئاسة للاتحاد الأوروبي"، والذي يضم الدول الثلاث التي تتناوب على رئاسة الاتحاد الأوروبي طوال 18 شهرا، أقر بالأهمية الاستراتيجية لقضية "توسيع الاتحاد" غير أنه لا يبدو أن تلك القضية ستحتل أولوية في أجندة الرئاسة اليونانية للاتحاد الأوروبي. فقد أعلن ديميتريس كوركولاس نائب وزير الخارجية اليوناني أن بلاده ستلتزم بالترويج لأهداف "توسيع الاتحاد" وأهميته غير أنها ستتعامل مع تحديات كل دولة على حدة. ومن المعروف أن اليونان بشكل عام تولي اهتماما خاصا بقضية توسيع الاتحاد خاصة وأن لديها بعض التوترات مع بعض الدول التي ترغب في الالتحاق بالاتحاد وعلى رأسهم تركيا ومقدونيا. والملاحظ بشأن الرئاسة اليونانية للاتحاد الأوروبي أنها ستجد أمامها أربعة أشهر فقط من رئاستها، وليس فترة الستة أشهر كاملة، لإيجاد حلول للملفات المعقدة التي وضعتها على أجندتها قبل أن تتم انتخابات البرلمان الأوروبي التي من المقرر إجرائها في الفترة من 22 حتى 25 مايو وهو ما يشكل عبئا إضافيا عليها. سياسة تقشفية للرئاسة وأعلنت اليونان أنها ستخصص ميزانية تقشفية لفترة رئاستها الدورية للاتحاد تقدر بنحو 50 مليون يورو وهو ما يختلف عن ميزانيات الدول التي سبق رئاستها للاتحاد والتي تراوحت بين 60 مليون إلى 80 مليون يورو ووظفت أكثر من 250 موظفا، بينما أعلنت اليونان أنها تعتزم إنفاق أموال أقل واستخدام ما لا يزيد عن 130 مسؤولا كما أنها ستعقد الاجتماعات في في أثينا توفيرا للنفقات. وستقدم شركة صناعية السيارات مجاناً ولن يتم صرف أموال طائلة على الهدايا التي تقدم للوفود مثل "ربطات العنق والأوشحة" بل أقصى ما سيحصلون عليه سيكون "دفاتر وأقلام" اللازمة للعمل. وتعتبر هذه هي المرة الخامسة التي تتولى فيها اليونان الرئاسة الدورية منذ انضمامها للاتحاد الأوروبي عام 1981. وتأتي الرئاسة الحالية في ظل أجواء قاسية تعيشها البلاد من جراء أزمة الديون والاقتصاد الأوروبي والتي تعتبر اليونان من أكثر الدول الأوروبية تضررا منها، فهي تحصل منذ عام 2010 على حزمتي قروض إنقاذ بقيمة إجمالية تبلغ 240 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل التزامها بتنفيذ حزمة إجراءات تقشف صارمة تثير احتجاجات شعبية متكررة. وبلغت البطالة في اليونان مستويات قياسية حيث تجاوزت نسبة ال 27 في المئة هذا العام. كما كشفت الإحصاءات أن اليونانيين أصبحوا أكثر فقرا في عام 2013 و تحمل المواطن اليوناني انخفاضا حادا في الدخل الشهري بين 35 في المائة و40 في المائة وزادت الفجوة بين الأغنياء والفقراء. بينما ارتفعت معدلات الانتحار بصورة هائلة تجاوزت نسبة 45 في المائة، لا سيّما في أوساط الرجال وذلك من جراء تفاقم الأزمة الاقتصادية. ووصل الركود التراكمي لنسبة تصل إلى 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. صلاحيات الرئاسة الدورية للاتحاد ومن المعروف أن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي قد فقدت الكثير من صلاحياتها بعد سلسلة من التعديلات التي أدخلت على معاهدة الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة إذ في الوقت الذي كانت فيه رئاسة الاتحاد تقود السياسة الاقتصادية للدول الأعضاء في الاتحاد وتعقد سلسلة من المؤتمرات والقمم بهذا الشأن، فإن الأمر انتقل إلى المسئولين الدائمين، رئيس الاتحاد هيرمان فان رومبوي ومسئولة السياسة الأمنية والشئون الخارجية كاثرين أشتون، في بروكسل. ومع ذلك ما زالت تتمتع الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي باختصاصات مهمة تتعلق بعقد الصفقات التشريعية التي تدفع عجلة الاتحاد، وترؤس الاجتماعات الوزارية، ولعب دور الوساطة في الاتفاقات بين الدول الأعضاء هذا بالإضافة إلى الدور الذي ما زال يضطلع به قادة الدول الأعضاء في صياغة السياسات العامة للاتحاد.