أسعار العملات العربية والأجنبية في البنك المركزي    حملات مكثفة على المنشآت بأسيوط للتفتيش على تطبيق قانون العمل واشتراطات السلامة    أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 25 أكتوبر 2025.. اعرف بكام ؟    الفصائل الفلسطينية تقرر تسليم إدارة غزة للجنة تكنوقراط    ترامب: روسيا تسعى لإنهاء أزمة أوكرانيا وبوتين شخصيا يريد ذلك    مستوطنون يهاجمون المزارعين الفلسطينيين في وادي سعير شمال الخليل    الزمالك يستأنف تدريباته استعدادًا لمواجهة البنك الأهلي    استئناف حركة المرور بطريق بنها الحر بعد رفع آثار حادث انقلاب ميكروباص (صور)    بيان هام من الأرصاد الجوية بشأن طقس الساعات القادمة    إصابة 5 أشخاص في انقلاب ميكروباص بالفيوم    بعد إغلاق قاعة توت عنخ آمون، اصطفاف الزائرين أمام المتحف المصري بالتحرير    20 ألف دارس، اليوم انطلاق الدراسة برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    غير منطقي، أحمد حسن ينتقد الفيفا بسبب مواعيد بطولتي كأس العرب والكونتيننتال    أرقام كارثية ل كريم بنزيما أمام الهلال بالكلاسيكو السعودي    اليوم، قطع المياه عن المنطقة السياحية ببحيرة قارون وقرى الفيوم وسنورس لمدة 12 ساعة    كيلو البلطي بكام؟.. أسعار الأسماك بكفر الشيخ اليوم السبت 25-10-2025    تدهور كبير للقوات الأوكرانية في دونيتسك وخسائر بشرية فادحة بجبهة القتال خلال 24 ساعة    انطلاق امتحانات شهر أكتوبر لطلاب ابتدائى وإعدادى وثانوى غدا بمدارس الجيزة    محكمة جنايات الجيزة تنظر أولى جلسات محاكمة رمضان صبحي اليوم .. فيديو    من عنف الزوج إلى قصة الملابس المثيرة، اعترافات الراقصة لوليتا قبل محاكمتها اليوم    الأونروا: مئات الآلاف بغزة ينامون في الشوارع بلا خيام وأماكن إيواء    مي فاروق تخطئ في اسم وزير الثقافة بمهرجان الموسيقى العربية (فيديو)    المتحف المصري الكبير.. عبقرية هندسية ترسم عراقة الحضارة المصرية بروح معاصرة    تعليق مفاجئ من حمدي الميرغني بعد انتهاء الخلافات بينه وبين زوجته    بعت نصيبي من ورث والدي فقاطعني إخوتي هل عليا ذنب؟ الإفتاء ترد    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 138 مليونًا و946 ألف خدمة مجانية خلال 98 يومًا    سائحة بريطانية تشيد بالخدمة الطبية فى مستشفى الخارجة التخصصي بعد إسعافها    طرق بسيطة للوقاية من الإنفلونزا ونزلات البرد    حادث تصادم في نهر النيل.. باخرة سياحية تصطدم بكوبري    عمرو أديب يرد على شائعة انتقال محمد صلاح إلى الأهلي: «سيبوا الراجل في حاله»    كل ما تريد معرفته عن محفظة فودافون كاش: الحد الأقصى للتحويل ورسوم السحب والإيداع وخدمات الدفع    موعد مباراة ميلان القادمة عقب التعادل أمام بيزا والقنوات الناقلة    استقرار طفيف بأسعار الخشب ومواد البناء في أسوان اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    عاجل- القبض على مالك المنزل المتهم بالاعتداء على مستأجر مسن بالسويس    إمام عاشور عقب أنباء تحسن حالته الصحية: اللهم لك الحمد حتى ترضى    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 25 أكتوبر 2025    أحمد فهمي وهشام ماجد إخوات رغم انفصالهما فنيا.. اعرف ماذا حدث فى فرح حاتم صلاح    وظائف البنك الزراعي المصري 2025 للخريجين الجدد.. سجل الآن    فلكيًا.. موعد شهر رمضان 2026 وأول أيام الصيام    وفاة ملكة تايلاند الأم سيريكيت عن عمر 93 عاما    وزير الخارجية السوداني يزور واشنطن تلبية لدعوة رسمية    شيكو بانزا يدعم محمد السيد بعد هجوم جماهير الزمالك: لا تستمع لأى شخص    اليوم.. محاكمة رمضان صبحي بتهمة التزوير داخل معهد بأبو النمرس    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    الشرطة المصرية.. إنجازات أبهرت العالم    خمسة مسلسلات في عام.. محمد فراج نجم دراما 2025    تطبيق لائحة الانضباط يواجه مخاوف التسرب من التعليم.. أزمة فصل الطلاب بعد تجاوز نسب الغياب    لماذا تتزايد حالات النوبات القلبية بين الشباب؟    عبد الحميد كمال يكتب: بطولة خالدة.. المقاومة الشعبية فى السويس تنتصر على القوات الإسرائيلية    "أسير لن يخرج إلا ميتًا".. الدويري يكشف عن لقاءه مع رئيس "الشاباك" في تل أبيب    أسهل وصفة للتومية في البيت.. سر القوام المثالي بدون بيض (الطريقة والخطوات)    فضائح التسريبات ل"خيري رمضان" و"غطاس" .. ومراقبون: يربطهم الهجوم على حماس والخضوع للمال الإماراتي ..    معلق مباراة ليفربول وبرينتفورد في الدوري الإنجليزي    «حرام عليك يا عمو».. تفاصيل طعن طالب في فيصل أثناء محاولته إنقاذ صديقه    مؤتمر صحفي بنادي الصحفيين يستعرض استعدادات قطر لاستضافة بطولة كأس العرب    عاجل | تعرف على أسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ذئاب داعش" على حدود الجزائر
نشر في البوابة يوم 05 - 02 - 2018

يبدو أن مخطط الفوضى الهدامة، الذى ضرب سوريا والعراق واليمن، بدأ ينتقل وبوتيرة متصاعدة صوب منطقة المغرب العربي، تحديدا ليبيا والجزائر وتونس، فى ظل التقارير المتداولة حول احتمال فرار زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادى إلى أفريقيا، تحديدا فى منطقة الساحل، التى تقع على مقربة من الدول الثلاث.
معمر القذافي
ولعل ما يزيد القلق فى هذا الصدد، أن ليبيا تعيش أجواء عدم استقرار منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافى، كما أن تونس تواجه مشاكل اقتصادية وأمنية، واحتجاجات اجتماعية متكررة، فيما تخوض الجزائر حربا شرسة ضد الجماعات المتشددة منذ التسعينيات.
وبالنظر إلى أن التنظيمات الإرهابية، فى معظمها صنيعة أجهزة استخبارات، فإنها تستهدف الدول العربية والمسلمة، وفق مخطط مدروس بعناية، وفى توقيتات محددة، بدليل انتقال خلايا داعشية إلى منطقة الحدود بين الجزائر وتونس، بعد هزائم التنظيم فى سوريا والعراق.
أبو بكر البغدادي
ولم يقف الأمر عند ما سبق، إذ رجحت صحيفة «ذا صن» البريطانية، فى تقرير لها فى 23 يناير، اختباء البغدادي، فى شمال تشاد، أو فى المنطقة الحدودية، التى لا تخضع للقوانين بين الجزائر والنيجر.
وقالت الصحيفة إن البغدادى هرب من العراق، ويختبئ بإحدى مناطق أفريقيا، على أمل إعادة إحياء داعش، ونقلت عن عدد من الخبراء فى شئون الجماعات المتطرفة، أبرزهم، الإخوانى المصرى المنشق سامح عيد، قوله: «إن البغدادى يوجد على الأرجح فى أفريقيا، بعدما هرب أعضاء داعش من سوريا والعراق».
ناجح إبراهيم
وبدوره، قال ناجح إبراهيم، القيادى السابق بالجماعة الإسلامية فى مصر، إن البغدادى ربما يوجد فى المنطقة الحدودية بين الجزائر والنيجر.
وفى السياق ذاته، قال الخبير العراقى فى شئون الحركات الإسلامية هاشم الهاشمي، إنه من بين 79 قائدا رفيع المستوى فى داعش، لا يزال هناك 10 فقط على قيد الحياة، على رأسهم البغدادي، الذى يعتقد أنه فر إلى أفريقيا.
وتابع «القيادات الوسطى فى داعش، الذين يقدر عددهم بحوالى 124، يغيرون أيضا مواقعهم باستمرار، بسبب مقتل أعضاء آخرين».
وأشارت "صن" إلى أن أجهزة استخبارات في أوروبا كانت تعتقد على مدار ال18 شهرا الماضية، أن البغدادي يقيم في قرية جنوب منطقة الباج في شمال العراق، فيما تردد أن مقاتلي داعش كانوا يتنقلون عبر الحدود بين مدينتي البوكمال السورية والشرقاط العراقية جنوب مدينة الموصل، قبل فرار بعضهم إلى إفريقيا.
إحصائية معهد واشنطن
وفي السياق ذاته، كشف معهد «واشنطن لدراسة الشرق الأدنى» فى تقرير له فى 28 يناير، إحصائية جديدة حول منتسبى تنظيم داعش من عدة دول عربية. وأوضح التقرير أن التونسيين الأكثر انخراطا فى التنظيم الإرهابي، وبلغ عددهم 1500 عنصر، فيما بلغ عدد المنتسبين للتنظيم من المغرب 300، وحل «الجزائريون» فى المركز الثالث ب 130 عنصرا، وبعد ذلك، 112 و100 من مصر والسودان، على التوالي.
وأشار التقرير أيضا، إلى وجود عناصر داعشية من دولة غربية، كفرنسا ب66 عنصرا، وبريطانيا ب36، والولايات المتحدة بعشرة عناصر، وإسبانيا بثلاثة عناصر، إضافة إلى وجود دواعش من كندا والبوسنة، وبلجيكا، وإندونيسيا وماليزيا وباكستان، من دون الإشارة إلى عددهم. وتابع تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن انهيار عاصمتى «داعش» بسوريا والعراق، جعل التنظيم يقبل على ليبيا، نظرا للأوضاع التى تعيشها، وهو ما بات يقلق الاتحاد الأوروبي، نظرا لقرب دوله من منطقة شمال أفريقيا. وتحدث التقرير كذلك عن وجود نحو ألف امرأة مقاتلة فى صفوف «داعش» بليبيا، من بينهن 300 تونسية.
ويبدو أن الجزائر بدأت تشعر بالقلق من التقارير السابقة، إذ أبرزت صحيفة «الشروق» الجزائرية فى 25 يناير، تقرير «ذى صن»، وعنونت صحيفة بريطانية: «البغدادى على حدود الجزائر!». ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية الجزائري، عبدالقادر مساهل، قوله أيضا إن تنظيم «داعش» حث عناصره على «الهجرة نحو ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء بشكل أضحى يمثل خطرا على المنطقة».
وقال مساهل، لدى افتتاح اجتماع حول مكافحة الإرهاب فى أفريقيا عقد بمدينة وهران فى شمال غرب الجزائر: «إن تراجع الإرهاب عسكريا فى سوريا والعراق، جعله يأخذ منحى آخر، ويطرح تحديات وتهديدات وقيودا أمنية جديدة». وحذر مساهل من خطر متمثل فى «عودة متوقعة لعدد من الدواعش الأفارقة إلى بلدانهم الأصلية، أو إلى الأراضى الأفريقية، لمواصلة أعمالهم الإرهابية. وتابع الوزير الجزائرى أن «الجماعات الإرهابية الناشطة بالمنطقة تقوم بإعادة تنظيم نفسها، وتجميع مواردها، وهى تستعد لتجنيد الدواعش العائدين، الذين يتمتعون بتدريب أيديولوجى وعسكري، وقدرة عالية على استغلال شبكة الإنترنت، والشبكات الاجتماعية».
بؤرة توتر جديدة
ورغم أن الجزائر وجهت فى السنوات الأخيرة ضربات موجعة لتنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامي، إلا أنها تبدو الآن مستهدفة بقوة، فى ضوء تحالف القاعدة وداعش فى منطقة الساحل الأفريقي، القريبة من حدودها.
وتخشى الجزائر من احتمال تحول منطقة شمال أفريقيا إلى بؤرة توتر كبيرة، وأن الأجندة، التى طبقت فى (سوريا والعراق)، يتم نقلها إلى منطقة الساحل، خاصة أن شرق الجزائر، التى تضم منطقة القبائل بولاياتها الست «تيزى وزو وبجاية وبومرداس والبويرة وسطيف وبرج بوعريريج»، مرورا بمدينتى قسنطينة وسكيكيدة، تعتبر فيما يبدو ملاذا للخلايا الداعشية، التى تجد فى هذه المنطقة، فرصة للانطلاق عبر «المثلث الحدودي»، الرابط بين الجزائر وتونس وليبيا، وبالتالى الحصول على خط تمويل وتجنيد بشري.
ولعل ما يخدم داعش أيضا أن هذا المثلث الحدودى يشكل تحديا حقيقيا لجيوش الدول الثلاث، بسبب تضاريسه الجغرافية الوعرة، وقربه من مصادر التموين بالعتاد والذخيرة من منطقة الساحل، التى تنتشر فيها الجماعات المسلحة بكثافة.
وكانت مصادر أمنية جزائرية كشفت فى 24 يناير الماضى أن استخبارات الجيش رصدت حركة عدد من الإرهابيين، يرجح انتماؤهم لتنظيم داعش فى المناطق الواقعة بين محافظتى سكيكدة وقسنطينة فى شرق البلاد، كانت تخطط فيما يبدو لتنفيذ تفجيرات داخل المدن والأماكن العمومية هناك.
وأضافت المصادر ذاتها، أن أسلوب التفجيرات الجماعية بقى الورقة الوحيدة بيد خلايا تنظيم داعش بعد فقدانه المقدرة على المواجهة المباشرة، وأن أسلوب حرب العصابات يمثل الملاذ الأخيرة لخلاياه محدودة التعداد والعدة.
وفى السياق ذاته، ذكر بيان لوزارة الدفاع الجزائرية أن وحداته تمكنت من توقيف شبكة دعم وإسناد للجماعات الإرهابية مكونة من تسعة أشخاص بمحافظة باتنة فى شرق البلاد، فضلا عن تدمير وإتلاف مخابئ وكميات من المؤن والذخيرة الحربية التقليدية.
وسبق لخلايا داعشية - حسب وسائل إعلام جزائرية - أن حاولت اختراق بعض مدن شرق البلاد، خلال الأشهر الماضية، مثل قسنطينة، عنابة، وبرج بوعريرج، لكنها فشلت فى تنفيذ تفجيرات انتحارية، بسبب يقظة قوات الأمن وسرعة عمليات التدخل الاستباقي، التى أجهضت عدة محاولات لاستهداف مناطق عمرانية ومقار أمنية.
"جند الخلافة"
ويبدو أن فشل ولاية «جند الخلافة»، التى أعلنها داعش فى منطقة القبائل شرق الجزائر فى 2015، بعد رفض السلطات الجزائرية الابتزاز فى حادثة اختطاف الفرنسى هيرفى قوردال بيار، دفع التنظيم إلى تلافى المواجهة المباشرة مع القوات الجزائرية، والاعتماد على أسلوب الخلايا المحدودة وحرب العصابات، لتخفيف حجم الخسائر البشرية والمادية، وكان تنظيم «جند الخلافة فى أرض الجزائر»، بث فى 24 سبتمبر 2014، تسجيلا مصورا يظهر إعدام الفرنسى هرفى قوردال بيار، الذى خطفه مسلحو داعش، فى 21 من الشهر ذاته فى منطقة تيزى وزو شرقى الجزائر. وظهر هرفى قوردال بيار، فى تسجيل من خمس دقائق حمل عنوان «رسالة دم للحكومة الفرنسية»، وهو يحاول منع خاطفيه من ذبحه، قبل أن يقوم المسلحون بنحره ثم قطع رأسه، وظهر أحد المسلحين وهو يحمل رأسه. وقال أحد المسلحين الملثمين قبل عملية الإعدام، إن «ذبح الرعية الفرنسى هو هدية لأبى بكر البغدادي، وانتقام لأعراض أخواتنا فى الشام والعراق»، حسب زعمه.
وجدد المتحدث باسم التنظيم المسلح بيعة «جند الخلافة فى أرض الجزائر»، ل«داعش» ومبايعة أبو بكر البغدادي، وحذر المسلح الرعايا الفرنسيين فى الجزائر، قائلًا: «إن فرنسا تدفع ثمن جرائمها فى مالى والجزائر». وكان تنظيم «جند الخلافة» هدد فى 22 سبتمبر 2014، بقتل الرهينة الفرنسى هرفى قوردال، وهو دليل سياحى فى ال55 من العمر، وأعطى مهلة 24 ساعة، إذا لم تتوقف الهجمات الجوية على تنظيم داعش فى العراق. وكانت الباحثة الجزائرية المختصة فى «الفكر الجهادي» بمركز «كارنيجي» للأبحاث فى واشنطن، داليا غانم يزبك، قالت فى دراسة لها، إن داعش ليس بمقدوره تجنيد عدد كبير من الشباب فى الجزائر، لأن هذه الدولة ومؤسساتها قوية، وأجهزتها الأمنية مدربة جيدا على التعامل مع التهديدات الإرهابية.
وأضافت الباحثة «عندما نرى أين نجح داعش كما هو الأمر فى ليبيا أو فى العراق، فإنه من الصعب عليه كثيرا النجاح فى الجزائر، لأن الدولة ومؤسساتها قوية والقوات الأمنية مجهزة أحسن تجهيز وتتمتع بأكثر من 10 سنوات خبرة فى مجال مكافحة الإرهاب».
وتابعت "داعش لم يتمكن من تجنيد الشباب في الجزائر، كما هو الشأن في كل من العراق وسوريا وليبيا، لعدة أسباب، على رأسها، تجربة (العشرية السوداء)، حيث لم ينس الجزائريون صدمة ما عاشوه في تسعينات القرن الماضي"، في إشارة إلى المواجهات الدامية التي اندلعت بين الجيش الجزائري والجماعات المتشددة، والتي أوقعت حينها حوالي مائتي ألف قتيل.
جبال سكيكدة
رغم أن الجزائر، سعت جاهدة لتجاوز مأساة التسعينيات عبر ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذى أطلقه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة فى 2005، لاحتواء الأزمة بين الدولة والإسلاميين، والذى تضمن عفوا عن المسلحين، الذى يتخلون عن العنف، إلا أنه لا تزال هناك مجموعات مسلحة تنشط فى بعض مناطق الجزائر خصوصا فى شرق البلاد وجنوبها.
ويتصدر تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامي، قائمة هذه المجموعات المسلحة، إذ يتردد على نطاق واسع أن جبال منطقة تامالوس، فى ولاية سكيكدة الواقعة على نحو 450 كم شرق العاصمة الجزائرية، والتى كانت القاعدة الخلفية للدعم اللوجيستى للثوار إبان ثورة الجزائر ضد المستعمر الفرنسي، تعتبر حاليا أهم معقل لتنظيم «القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي»، ولزعيمه عبدالمالك دروكدال المكنى «أبو مصعب عبدالودود»، الذى فرّ من منطقة القبائل، عقب العمليات النوعية والضربات التى وجهها الجيش الجزائرى لهذا التنظيم بكل من البويرة، تيزى وزو، وبومرداس.
وفى 27 يناير الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن مقتل ثمانية إرهابيين، بمنطقة الرخوش التابعة لمحافظة خنشلة فى الجنوب الشرقى للبلاد، إلى جانب مصادرة كمية من الأسلحة والذخيرة إثر كمين نصبته وحدة للجيش فى المنطقة.
ولم يشر بيان وزارة الدفاع إلى تفاصيل أخرى عن هوية الإرهابيين، الذين لقوا مصرعهم، واكتفى بوصفهم ب«الخطيرين»، إلا أن وسائل إعلام محلية رجحت أن يكونوا من أتباع تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي.
وسبق أن تمكنت القوات الجزائرية فى إحدى عملياتها من القضاء على أحد أخطر العناصر الداعشية، وهو أمير المنطقة الغربية الساحلية لتنظيم «جند الخلافة»، المدعو هوارى أحمد المكنى بعقبة.
وذكرت صحيفة «الشروق» الجزائرية أيضا فى 22 يناير الماضى أن موقوفين من عناصر تنظيم ما يسمى ب«جند الخلافة» اعترفوا بتنفيذ عمليات استهدفت مواقع لقوات موريتانيا والنيجر ومالي، قبل عودتهم إلى شمال الجزائر.
كما اعترف الموقوفون الدواعش باستهداف عناصر أمنية فى الجمارك الجزائرية فى ولايتى بشار والمنيعة «جنوبا»، ما أسفر عن مقتل 13 عنصرا أمنيا، وجرح آخرين.
وأضاف الموقوفون الدواعش أنهم تلقوا تدريبات فى البداية على يد القيادى فى تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى مختار بلمختار فى دولة مالى فى 2006، قبل مبايعتهم لداعش فى 2014.
وقال الداعشى «ن. السعيد»، المكنى «شفيق»، الذى التحق بالجماعات المسلحة عام 1995، إنه كان ينشط ضمن كتيبة «الغرباء»، قبل التحاقه بمالى رفقة مختار بلمختار سنة 2004، حيث تلقى تدريبا عسكريا على الرمى وحمل السلاح، ونفذ خلالها تحت قيادة بلمختار عدة عمليات منها الهجوم على ثكنة عسكرية موريتانية وقتل 15 عسكريا.
وبجانب الاعترافات السابقة، التى تكشف تواجد خلايا تابعة للقاعدة وداعش فى الجزائر، فإن ما يزيد الخطر عليها أيضا، أن هذين التنظيمين، أعلنا مؤخرا تحالفا بينهما، لمحاربة القوة العسكرية المشتركة، التى تشكلت مؤخرا من خمس دول فى منطقة الساحل الأفريقى هي: مالي، النيجر، بوركينا فاسو، موريتانيا، وتشاد، وتدعمها فرنسا، ودول غربية أخرى.
وكانت مجموعة «عدنان أبووليد الصحراوي»، فى شمال مالي، التى بايعت تنظيم «داعش» فى مايو 2015، أعلنت فى 14 يناير عن تشكيل ما سمته تحالفا جهاديا، ضد القوة المشتركة، وقال متحدث باسم المجموعة يدعى عمار لوكالة «فرانس برس»، إنهم «سيقومون بكل ما بوسعهم، لمنع تمركز قوة دول الساحل الخمس».
وأضاف أن جماعته قررت التحالف مع جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم القاعدة، والتى تأسست فى 2017، من عدة تنظيمات فى منطقة الساحل، مبررا هذه الخطوة بما سماه «التعاون لمكافحة الكفار».
وجاء إعلان مجموعة «عدنان أبوالوليد الصحراوي»، والتى تسمى نفسها أيضا «تنظيم الدولة فى الصحراء»، بعد شهر من الاجتماع، الذى استضافته فرنسا فى 13 ديسمبر 2017، حول آليات مواجهة الجماعات المتشددة فى منطقة الساحل، خاصة بعد الهجمات المتكررة، التى استهدفت قواتها فى شمال مالي، وكذلك، الهجوم، الذى أدى إلى مقتل أربعة عناصر من القوات الخاصة الأمريكية فى الرابع من أكتوبر من العام الماضى فى النيجر، والذى تبنته مجموعة «عدنان أبوالوليد الصحراوي».
التوتر في منطقة القبائل
ولعل ما يزيد من الخطر على الجزائر، أن الجماعات المتشددة تجد فى منطقة القبائل أرضية خصبة لتجنيد المزيد من العناصر فى صفوفها، خاصة فى ظل الاحتجاجات المتكررة فى هذه المنطقة، على ما يعتبره بعض السكان هناك تهميشا بحقهم من قبل الحكومة الجزائرية.
ومعروف أن الأمازيغ، أو البربر، من أقدم الشعوب، التى سكنت المناطق الشمالية لقارة أفريقيا، ويعنى لفظ الأمازيغ «الرجال الأحرار»، ويطلق هذا الاسم على من يتكلم «الأمازيغية».
وفى 2001، شهدت منطقة القبائل، ذات الأغلبية الأمازيغية، احتجاجات وأعمال عنف لأكثر من عام ونصف العام، خلفت أكثر من 100 قتيل، ورغم أن السلطات الجزائرية وافقت بعد ذلك على إقرار «الأمازيغية» لغة رسمية، مثلما كان يطالب المحتجون، إلا أن الاحتجاجات لا تزال تتكرر هناك بين الفينة والأخرى، بدعوى الحاجة لتطوير اللغة الأمازيغية، بل وظهرت هناك أيضا دعوات للانفصال.
وفى 21 إبريل 2017، نظمت حركة «تقرير مصير منطقة القبائل» تظاهرة فى مدينة تيزى وزو (120 كيلومترًا شرق العاصمة الجزائرية)، بمناسبة الذكرى ال37 لأحداث 2001، التى يطلقون عليها «الربيع الأمازيغي»، إذ جاب أنصار الحركة، التى يقودها الانفصالى فرحات مهنى شوارع وأحياء مدينة تيزى وزو، رافعين شعارات مطالبة بانفصال منطقة القبائل، فيما أكدت الحكومة أن منطقة القبائل جزء لا يتجزأ من الجزائر، وحذرت الانفصاليين الذين يعملون على بت الشقاق والفرقة بين الجزائريين.
وكان ما يعرف ب"الربيع الأمازيغي"، اندلع بعد مقتل الشاب ماسينيسا قرماح داخل ثكنة تابعة للدرك الوطني، لتشتعل بعدها منطقة القبائل، إذ اندلعت تظاهرات وأعمال شغب ومواجهات مع قوات الأمن، وسقط أكثر من 100 ضحية من المتظاهرين خلال تلك المواجهات.
وفي 2002 ، أجرى الرئيس بوتفليقة تعديلا دستوريا، للاعتراف بالأمازيغية لغة وطنية إلى جانب العربية، وفي التعديل الدستوري الأخير سنة 2016 أصبحت الأمازيغية لغة رسمية، كما وضعت الحكومة برنامجا لتطوير اللغة الأمازيغية، وأعدت أيضا مشروع قانون لتأسيس أكاديمية للغة الأمازيغية، وأن المشروع سيعرض على البرلمان قريبا، وتسعى الحكومة أيضا لرفع نسبة تعليم الأمازيغية إلى 13 ولاية ثم إلى 37 ولاية من أصل 48 ولاية.
واعترف سعيدي سعدي الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي طالما دافع عن الأمازيغية، بأنه "لا أحد كان يتخيل أن يأتي يوم تكتب فيه الملصقات الانتخابية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بالأمازيغية".
ورغم ما سبق ، فإن الحركة الانفصالية في منطقة القبائل تستغل ارتفاع نسبة البطالة هناك، للترويج لمخططاتها، وهو ما يخدم في النهاية داعش والقاعدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.