لم تكن السخرية التى نالها أردوغان منذ 3 سنوات عندما أمر جنوده بارتداء الملابس العثمانية التى تمثل الإمبراطوريات البائدة سوى تصميم منه لإعادة النفوذ العثمانى مرة أخرى وجعله هدفا أساسيا مهما كلفه ذلك ولم يكن عبث أردوغان فى أفريقيا ومنطقة الخليج العربى مفاجئا أو تم فى وقت قصير فالتخطيط منذ فترة وتم بطرق عدة للوصول إلى داخل هذه الدول ومن هنا يبرز الدور الخفى ل«تيكا» أو ما يعرف بوكالة التعاون والتنسيق وهى تتبع بصورة رسمية رئاسة مجلس الوزراء مباشرة وهى الوجه الخفى لتجميل تركيا داخل هذه الدول والواجهة الغريبة فى الدول الأفريقية لأنها تكون المدخل بعد ذلك لتحقيق أى شىء سواء إنشاء قواعد عسكرية أو غيرها، فيكفى أن تعلم أنها نفذت أكثر من 20 ألف مشروع تنموى فى مجالات اقتصادية واجتماعية وإدارية وثقافية وغيرها حول العالم، لديها 24 مكتبا فى أفريقيا من أصل 58 مكتبا فى جميع أنحاء العالم وإجمالى قيمة المساعدات التنموية الرسمية تجاه أفريقيا تخطت 3 مليارات دولار وهو ما يضع علامات استفهام عديدة حول دور تيكا الخفى فى دول القارة خاصة أن الهدف الأساسى من تأسيسها هو مساعدة الجمهوريات التركية الموجودة فى وسط آسيا التى استقلت عن الاتحاد السوفيتى وهو ما يثير شكوكا عدة ناحية ما وراءها، مع الرعاية الكاملة لأردوغان لها بشكل شخصى وهذا هو الوجه الحقيقى لبداية الدخول للمنطقة. فلم أتعجب عندما خصص السودان جزيرة سواكن لتركيا أثناء زيارة أردوغان لها، خاصة أنها السابقة الأولى لمسئول تركى منذ استقلال السودان عام 1956 فى محاولة لإعادة أمجاد الدولة العثمانية بحجة أنها ستعمل على ترميم آثارها فى المدينة العريقة وسيعلم السودان مدى أهمية سواكن بوقوعها على البحر الأحمر والمكان الاستراتيجى الذى تتخذه الذى كان فى الماضى مقرا للأسطول العثمانى وسيعلم مدى اللعبة الكبرى عندما يعرف أن قطر فى نوفمبر الماضى قدمت عرضا للحكومة السودانية لإنشاء ميناء بنفس الجزيرة ومن هنا تبرز الألاعيب الخفية للتحكم فى نافذة على البحر الأحمر، وأن الهدف ليس كما هو معلن ترميم الآثار وخلافه، خاصة أن السودان شكل لجنة بتوجيه من البشير برئاسة قاضى محكمة عليا بولاية البحر الأحمر هو أبوالفتح محمد عثمان لمناقشة أمر جزيرة سواكن مع أصحاب المنازل وقطع الأرض ليتم شراؤها منهم بواسطة الحكومة الاتحادية، وهو ما يفرض علامات استفهام عديدة تجاه ما سيتم بها. ومن السودان لإثيوبيا نجد ما تقوم به شركة «يابى» التركية من الانتهاء من نصف مشروع الخط الحديدى فى إثيوبيا والذى سيربطها بميناء جيبوتى ويبلغ طول الخط 400 كيلومتر، ويعمل فى المشروع نحو 7 آلاف و200 عامل، بينهم 2200 تركى الذى تبلغ تكلفته الإجمالية 1.7 مليار دولار ويشمل 12 نفقًا، و51 جسرًا. ومنها انتقلت للصومال حيث أنشأت تركيا أكبر قاعدة عسكرية خارجية للتدريب خارج أراضيها، وكان ذلك منذ 3 شهور وكانت المفاجأة الأسبوع الماضى بتخريج أول دفعة من الضباط الصوماليين ورفع العلم التركى أثناء حفل تخرجهم، ولم تكن تلك هى القاعدة الوحيدة فقد سبقها قاعدة الريان فى قطر وتضم 3 آلاف جندى. الخلاصة أن تركيا تحاول بشتى الطرق التغلغل داخل جميع دول المنطقة لإحياء دورها القديم وما عرضناه أبلغ رد على المشككين دائما فى نظرية المؤامرة وأن ما يحدث طبيعى. حفظ الله مصر