كتب الشاعر الكبير عزت الطيري قصيدة جديدة تحت عنوان "سامحنا نحن الجبناء"، ينعي فيها الفنان التشكيلي والكاتب محمد حسين بهنس، الذي توفي منذ يومين متجمّدًا على أرصفة مدينة القاهرة بلا مأوى. جاء نصها كالتالي: سامحنا إن أهملناكَ نبذناكَ تركناكَ على أرصفةِ الجوعِ وحيدًا كالقططِ الليليةِ يغتالكَ ذئبُ البردِ تموتُ من الجوع الكافرِ بيْنما كنَّا ننعمُ بالدفءِ بأحضانِ رفيقاتِ الليلِ أديباتِ الغفلةِ فنَّاناتِ الإيدزِ ومطربةِ الإعلانات عن الفنكوشِ الوطنىِّ وبينَ رفيفِ الزوجات العبقاتِ وأسئلةِ الأطفالِ أمامَ التلفازِ إجاباتِ الكلماتِ المتقاطعةِ الألغازِ ومشكلةِ الغازِ وقزقزةِ اللِّبِ السورىِّ قراءةِ أخبار البورصةِ تظاهرةِ الإخوانِ وجبهات الإنقاذِ لقاءاتِ الساسةِ والثوارِ الجددِ وتجَّارِ الأوطانِ حواراتِ الخبراءِ المنفعينِ بأموالِ فضائيات غسيلِ الأموالِ وإضراباتِ العمالِ وقطعِ الأرزاقِ وتدشين الخطِّ الثاني من مترو الأنفاقِ وتسيير قطاراتِ الدلتا دونَ قطارات جنوب بلاد الله المظلومينَ المطحونينَ بمطحنةِ القهرِ الدفَّاقِ المهراقِ فسامحنا سامح غفلتنا شقوتنا لن ينفعَ دمعٌ يا نورَ العينِ ولن تنفعكَ دماءٌ سالتْ من قلبىِ المتعب حزنًا في الصبحِ عليكَ فيا أبناء النيلِ الأرحبِ ما مات محمدُ سيصيرُ الهمَّ طوالَ العمر يؤرقنا يلكزنا كالخنجرِ كالسكينِ المثلومِ يعذبنا، يجلدنا بسياطٍ من نارٍ.. تلدغنا يا أمَّ محمدْ كيف تركتِ فتاكِ يغادرُ أحضانكِ وبنانكِ وغناءكِ وسماءكِ وفضاءاتِ فضائك ودعاءكِ حضنكِ يا أمَّ الفارسِ كان الحصنَ الآمنَ من بردٍ قارسْ كان النسغَ الساري بين عروقِ العودِ المشدودِ كأشجار السروِ على شطِّ الأحزانِ المرةِ فلماذا هربَ الولدُ الفنانُ الرهَوانُ الإنسانُ من الجوع إلى الجوع من الحّرِّ االقتَّالِ إلى البردِ المجرمِ من ظلمِ الخرطومِ إلى ظلمِ القاهرةِ الأعظمِ فلماذا ولماذا ياكبدَ الروحِ ويا روحَ الأكبادِ عليك سلام اللهِ.. علينا اللعنات جميعًا لا نستنثني أحدًا فردًا رجلًا ولدًا وامرأةً وصبية!!!!!