ركزت العديد من الصحف العالمية على الأزمة التي يشهدها حزب العدالة والتنمية، الحاكم في تركيا، تحت قيادة رجب طيب أردوغان، بعد الكشف عن تورط أعضاء الحكومة في قضايا فساد والقبض على 3 من أبناء الوزراء في هذه القضية، وأثر هذه الفضيحة على مستقبل الإسلام السياسي في هذه الدولة التي تعتبر الوحيدة الآن التي تحكم بهذه الأيدولوجية. ورغم أن أردوغان يتهم أطرافًا أخرى بأنها التي دفعت الشرطة للقيام بهذه الحملات لمكافحة الفساد، وذلك لإبعاد الرأي العام عن التركيز في القضية الأساسية، ألا وهي أن أعضاء في حزب العدالة والتنمية متهمون بقضايا فساد وارتكابهم خلسات مالية وقانونية، غير أن العديد من الصحف ترى أن هذا سيؤثر على مسيرة الإسلام السياسي التركي. ونبدأ جولتنا من صحيفة "لا ليبراسيو" الفرنسية، والتي أوضحت أن الإسلام السياسي في تركيا أضحى في أزمة كبيرة، فالكشف عن تورط حزب العدالة والتنمية في قضايا فساد عكست الانقسامات داخل التيارات الإسلامية في تركيا، لافتًا إلى أن اعتقال أعضاء داخل حزب العدالة والتنمية أشعل الصراع بين أردوغان وقائد الجماعة الإسلامية فتح الله كولن. وبينت الصحيفة أن أردوغان يعتقد أن" كولن" أكثر الشخصيات الإسلامية شعبية في تركيا وصاحب مشروع الإسلام الاجتماعي الذي لا يهتم بمسألة للإسلام السياسي والمشاركة في الحكم، وأتباعه في الشرطة والقضاء وداخل حزب العدالة والتنمية نفسه، هو من وراء حملة محاربة الفساد التي شنتها الشرطة وألقت القبض على كوادر من الحزب الحاكم. وأوضحت الصحيفة أن "كولن" كان من أكبر الداعمين لاردوغان خلال الأعوام الماضية والحليف الأكبر له، خاصة أنه يحظى بشعبية كبيرة في تركيا نتيجة لمشروعه الاجتماعي، غير أن الاختلاف بين الطرفين قد دب منذ عام تقريبًا، حينما بدأ القضاء في اسطنبول تحقيقًا كان من بينهم "زكريا أوز" أحد المقربين لكولن. ولكن هذا الخلاف قد اشتعل لدرجة لم يسبق لها مثيل خلال الأيام الأخيرة، بعد أن كشفت صحيفة " تاراف " التركية عن وثيقة موقعة من أردوغان وبعض وزراءه ووكالة الأمن القومي التركية، طالب فيها أردوغان بمراقبة حركة "الجماعة الإسلامية" التي يقودها فتح الله كولن. ونشرت الصحيفة وثيقة لوكالة الأمن القومي بتاريخ 2004، جاء فيها أن أردوغان يطالب بالعمل بالتعاون مع وزارة الداخلية ووزارة الخارجية والتعليم والاستخبارات الوطنية، من أجل إنشاء رقابة على حركة "الجماعة الإسلامية" والمؤسسات المدرسية الدينية الخاصة التابعة لحركة كولن، وكذلك مراقبة اجتماعات حركة "خدمة" الخيرية التطوعية التابعة لكولن أيضًا. وفي هذا السياق علقت الصحيفة التركية "زمان" في 5 ديسمبر الجاري على هذه الوثيقة التي نشرتها "تاراف" بأنها أثارت اضطرابات شديدة في تركيا لرفضهم هذه السياسة من قبل الحكومة التركية ضد "أبو الإسلام الاجتماعي فتح الله كولن". وتقاسم صحيفة "لو بوا" نفس وجهة النظر السابقة، مشيرة إلى أن هذه الفضيحة التي تلحق بحزب العدالة والتنمية في الوقت الحالي إثر اعتقال العديد من رجال الأعمال وكوادر الحزب، والكشف عن تورط الحزب في قضايا فساد وعلى رأسهم عمدة أحد المقاطعات في اسطنبول مصطفى ضمير، تحولت لقضية سياسية، موضحة أنها عملية تصفية حسابات بين حركة كولن وحزب العدالة والتنمية. وبينت الصحيفة أنه رغم محاولة أردوغان الهروب من الفضيحة التي تطال حزبه بأن أعضاء داخل حزبه متورطون فعليًا في قضايا فساد، وذلك عن طريق اتهام أطراف أخرى بأنها وراء هذه المداهمات التي تقوم بها الشرطة ليمنع الرأي العام التركيز على هذه الفضيحة. غير أن الصحيفة ترى أن هذه الفضيحة هي بمثابة ضربة قوية لأردوغان، خاصة وأنها جاءت في الوقت الذي أعلن فيه حزب العدالة والتنمية عن حملته الإنتخابية استعدادًا للانتخابات البلدية في مارس 2014 المقبل، مشيرة إلى أن هذه الفضيحة ستضعف من موقف مرشحي الحزب لهذه الانتخابات المهمة.