تناولت الكاتبة "عميرة هاس" مسألة ال"أبارتهايد الإسرائيلي"، وحاولت تحديد ملامح السياسة العنصرية الإسرائيلية من خلال مقارنتها بنظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا، فقالت إنه بالتأكيد ليس المقصود بتعبير أبارتهايد إسرائيلي تلك "العنصرية البيولوجية الرسمية والشعبية"، القائمة على اللون، التي سادت في جنوب افريقيا، على الرغم من أنه يوجد عندنا في إسرائيل معاملة عنصرية متعالية قائمة على أسس دينية، وبيولوجية، ولكن، في المستشفيات نجد عربا ويهودا بين المعالجين والمرضى، وعلى هذا التصنيف، تكون المستشفيات هي المؤسسة الأكثر صحة في إسرائيل. وأضافت: سادت فلسفة "التطور المنفصل للشعوب" في نظام الأبارتهايد بجنوب أفريقيا، وهو تعبير منمق لعدم المساواة، وللتفرقة المقصودة بين الشعوب، ولحظر "الاختلاط"، ولسلب الأرض والمقدرات الطبيعية من السود واستغلالها من أجل رفاه الأسياد البيض، هذا أيضا موجود في إسرائيل لكنه مغلف بمبررات الأمن، والأوشفيتز، والعقارات الإلهية التي يسكنها المستوطنون لتحقيق أرض الميعاد كاملة، هي إذاً ذات الفلسفة، التي تستعين بالقوانين وبقوة السلاح. وأشارت هاس في صحيفة "هآرتس" إلي: منظومتي القانون المنفصلتان والمعمول بهما في الضفة الغربية، قانون مدني لليهود، قانون عسكري للفلسطينيين، منظومتي البنى التحتية المنفصلتان الفائقة التمييز والموسعة لليهود، والمحدودة والمظلمة للفلسطينيين، محدودية مساحة الجيوب "بانتوستانات" الخاضعة لحكم ذاتي فلسطيني، نظام التصاريح، والعبور، والمحظورات الكثيرة على حركة الفلسطينيين، النظام الذي فرض على الفلسطينيين في العام 1991، بالتوازي مع الغائه في جنوب افريقيا. وتساءلت هاس: هل هذا يعني أن الأبارتهايد الإسرائيلي موجود في الضفة الغربية؟، لتؤكد بأن الأبارتهايد في كامل البلاد، من البحر إلى النهر، على أرض وطن واحد، يعيش فيها شعبان وحكومة واحدة، منتخبة من شعب واحد، وتقرر مصير ومستقبل الشعبين، فتخطيط الخانق للبلدات الفلسطينية في اسرائيل يشبه ذاك الذي في الضفة الغربية. وعلى الرغم من أن مواطني إسرائيل يشاركون في انتخابات الحكومة، الأمر الذي لم يكن قائما في جنوب أفريقيا، لكن المواطنين العرب يصوتون ثم يتم استبعادهم في اتخاذ القرارات الخاصة بمصيرهم . وقالت إنه في جنوب أفريقيا كان هناك علاقة بين الطبقة والعرق، موضحة أن طبقة العمال السود كان يتم استخدامهم لجلب وتوفير المال للبيض، اما الرأسمالية في اسرائيل فليست متعلقة بالعمل الفلسطيني، على الرغم من دور قوة العمل الفلسطيني الرخيص في ثراء قطاعات مختلفة في اسرائيل بعد 1967، كانت جنوب افريقيا مقسمة لاربع مجموعات عرقية بيض، سود، ملونين وهنود، كل واحدة منها تقف على درجة مختلفة من سلم عدم المساواة، من أجل تخليد الحقوق الزائدة للبيض، فالعرق الابيض، الناطقون بالافريكانية والناطقون بالانجليزية، كانوا يعرفون كقومية واحدة، رغم الفوارق الكبيرة بينهما، اما الافارقة فقد قسموا الى عدة مجموعات قومية مختلفة، الأمر الذي ضمن للبيض ان تكون صاحبة الكتلة البشرية الأكبر، اما عندنا فان التفرقة الاساسية التي اوجدتها السلطات هي ظاهرا جغرافية، موجهة للحفاظ على الحقوق الزائدة لليهود وتطويرها. ولكن عند اليهود أيضا توجد تقسيمات فرعية وفروق، فعلى أساس الأصل ينقسم المجتمع إلى يهودي اوروبي، مقابل، يهودي شرقي، وعربي، ولكن مقارنة بالفلسطينيين فانه حتى المظلومين والمستضعفين من اليهود هم أصحاب حقوق زائدة بين النهر والبحر. مثلا "حق العودة" مكفول لليهود من اي اصل كان، ولكنه محرم للفلسطينيين، حتى لهؤلاء الذين ولدوا أب عن جد في البلاد، ويعيشون اليوم في المنفى، كما ان هناك فروق في حقوق الانتقال من منطقة الى اخرى، فالتل ابيبي يمكنه أن ينتقل للعيش في الضفة الغربية، أما المقيم في بيت لحم فمحظور عليه الانتقال للسكن في الساحل. على درجات سلم عدم المساواة يقف بشكل منفصل سكان قطاع غزة، والضفة الغربية، شرقي القدس، وبعدهم الفلسطينيون الذين هم مواطنو الدولة، والمعروفون باسم "عرب اسرائيل"، تحرم كل مجموعة من هؤلاء الفلسطينيين بشكل مختلف من حقوق الانسان والمواطن. وهنا ايضا يوجد تقسيمات فرعية هدفها تجزئة الشعب الاخر الى عناصر مختلفة مثل "ج"، دروز، بدو، فلسطينيين، مسيحيين، مسلمين، كل بيروقراطية تنفذ تقسيمات فرعية وتصنيفات متشددة كهذه يوجهها مبدأ عدم المساواة من أجل رفاه مجموعة واحدة مهيمنة.