عزيزى القارئ، هل تتخيل أنه بإمكانك فى ساعتين فقط القيام بجولة لأهم معالم مصر السياحية، من أقصى الشمال، إلى أقصى الجنوب، ومن شرقها إلى غربها، ثم تذهب إلى الإسكندرية، لتشاهد أبرز معالمها، وبعد أقل من دقيقة تنتقل إلى الجيزة، لتتجول فى الأهرامات، ثم بعد لحظات تتجول بين أجمل المعابد الفرعونية فى مدينتى الأقصر وأسوان؟! الإجابة المنطقية، استحالة هذا، لأنها جولة تحتاج لشهور، ولكنك عزيزى القارئ تستطيع فعلًا التجول بين معالم مصر السياحية ومشاهدتها فى زمن قصير جدًا، إذا فكرت فى زيارة القرية الكونية بمدينة السادس من أكتوبر. القرية مقامة على مساحة 500 فدان، وهى تحفة فنية تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول القسم العلمى وفيه القبة السماوية، ونموذج مصغر لعالم الفضاء والكواكب والنجوم، ومجسم ضخم للكرة الأرضية، بقاراتها المختلفة. القسم الثانى التاريخى، وهو عبارة عن محاكاة لأهم معالم مصر السياحية، وذلك من خلال نماذج طبق الأصل لمدينة الإسكندرية وقلعة قايتباى، ومرورًا بالدلتا، ثم قلعة القائد صلاح الدين الأيوبى فى القاهرة، ثم أهرامات الجيزة، وأبو الهول، وسقارة، ومعبدى الأقصر، والكرنك، ومعابد إدفو، وكوم أمبو، وفيلة، والسد العالى بأسوان، ثم نموذج السفارى، وانتهاء بالبحر الأحمر، ويضم هذا القسم معابد فرعونية مصغرة طبق الأصل، كما هى عليه فى محافظاتها، ثم تمضى الرحلة من خلال نموذج لنهر النيل، وتستقل يختًا مكيفًا، به شرح للمحافظات المطلة على النيل وأهم معالمها. القسم الثالث «البلاج» على ضفاف مجسم رائع للبحر الأحمر بمدنه الساحلية، شرم الشيخ ودهب وخليجا السويس، والعقبة، ويمكنك استقلال بدال مائى، وتقوم بقيادته مع ارتداء جاكيت الأمان، وكذلك يمكنك صيد الأسماك. كل هذا السحر والجمال وهذه الروعة فى القرية الكونية فى مدينة 6 أكتوبر، وتستطيع الاستمتاع به فى ساعتين فقط، القرية أنشئت فى عهد د. حسين كامل بهاء الدين، وزير التربية والتعليم الأسبق. «الله يرحمه»، وهى نموذج لأصول الدولة المهدرة، تكلفتها الفعلية الحالية تقدر بمليارات الجنيهات، ولو فكرت الدولة فى إنشائها من جديد لن تستطيع، لأنها لا تمتلك الأموال اللازمة لذلك. القرية الكونية لا توجد لها مواصلات عامة، ولا فيها تليفونات أرضية، وتغلق أبوابها الثالثة عصرًا، وليست على خريطة الرحلات ولا السياحة الخارجية أو الداخلية، حتى طلاب المدارس يفضلون عنها مراجيح دريم لاند القريبة منها. القرية الكونية تقع فى منطقة عبقرية، حيث تتوسط المسافة ما بين أهرامات الجيزة، إحدى أهم عجائب الدنيا ومدينة الإنتاج الإعلامى، التى كانت هوليوود الشرق، ولذلك إذا توافرت الإدارة الجيدة للقرية، سوف تكون مصدر دخل مهم جدًا للبلد، وثقافة، ومعرفة، وتنويرًا للمواطنين، وللتلاميذ. القرية الكونية تحتاج إلى فكر استثمارى، يتولى إدارتها، ويفضل أن تتولى شركة قطاع خاص هذه المهمة، فسوف تحسن استغلالها، وصيانتها، وتنمية مواردها، وعمل دعاية إعلامية وإعلانية متميزة تجذب الزائرين والسائحين إليها. على مقربة من القرية الكونية، افتتح مؤخرًا مول مصر، ولأنه قطاع خاص فإن زائريه يوميًا بالآلاف، وأرباحه بالملايين، وعلى بعد خطوات قليلة من مول مصر تُوجد مدينة تعليمية متفردة لا مثيل لها فى العالم، وهى أيضًا نموذج صارخ لأصول الدولة المهدرة، سوف نتناولها هى وغيرها فى مقالات مقبلة. فالدولة تمتلك كنوزًا، وثروات كثيرة فى كل المحافظات، وبسبب سوء الإدارة أصبحت أصولًا مهدرة، وتحولت من نعمة إلى نقمة.