لا يستطيع الروائي السوري الكبير خالد خليفة، والذي فاز بجائزة نجيب محفوظ، من الجامعة الأمريكية هذه الليلة، عن روايته الأخيرة "لا سكاكين في مطابخ المدينة" أن يغادر معشوقه مدينة حلب في كتاباته. كما أنه لا يترك سوريا إلا وسرعان ما يعود إليها، رغم ما يجري فيها وحولها، وله شخصيا بعد أن تعرض لنوبة قلبية ألزمته الفراش أياما عندما ضعف أمام مشهد لم يحتمله قلبه الضعيف من قتل ودمار شاهدهما في بلده. تميز خليفة بأنه دائم الكتابة عن الأسى والخوف والأحلام الموؤودة، وهو ما تجلى في روايته الأخيرة "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة" التي تختلف عما كتب خليفة، من روايات قديمة، خاصة في اللغة الجديدة التي تعد سمة من سماتها، وكذلك السرد وكل مكونات الرواية، رغم معالجتها للقضية الأزلية التي يعاني منها المثقفون ألا وهي طلبهم للحرية والديمقراطية في مواجهة القهر والظلم والاستبداد . ولد خليفة عام 1964 في مدينة حلب، ودرس في جامعة حلب وحصل على ليسانس في القانون في عام 1988، تعددت واختلفت مواهبه فقد بدأ بكتابة الشعر وأصبح عضوًا في المنتدى الأدبي في الجامعة، كما أنه كتب سيناريوهات العديد من المسلسلات مثل "سيرة آل الجلالي" و"قوس قزح" و"باب المقام" و"هدوء نسبي" و"المفتاح" . لفت الأنظار إلى موهبته ككاتب روائي بعد إصداره "مديح الكراهية" التي أثارت اهتمام وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، ووصلت الرواية للقائمة القصيرة في الجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الاولى في عام 2008. وترجمت إلى العديد من اللغات مثل "الفرنسية، الإيطالية، الألمانية، النروجية، الإنجليزية، الإسبانية" اقتحمت الرواية حقبةً من تاريخ سوريا وأعادت طرح الأسئلة الحارقة عن الصراع بين الأصوليين والسلطة، وهي حقبة كادت تقضي بها ثقافة الكراهية على الأخضر واليابس، قادت الرواية القرّاء من مدينة حلب الآسرة وعوالم نسائها وحياتهنّ السريّة إلى أفغانستان، مروراً بالرياض وعدن ولندن وأمكنة أخرى، ونسجت تفاصيل ستترك روائحها ودمَها وكراهيتَها، كما ستترك رغبةَ الحب، والدهشةَ، في أرواح قرّاء هذه الرواية. بعد أن تمكن خليفة في هذه الرواية من سرد تجربة القمع المزدوج في ظل التنظيمات الأصولية وداخل مجتمع محروم من الديمقراطية، من خلال لغة متعددة المستويات، وشخصيات ممزقة أمام اسئلة المستقبل، مما أدى لمنعها من التداول والنشر في سوريا. ألف خليفه أول مجموعة قصصية له بعنوان "حارس الخديعة" ونشرت في عام 1993، وكانت روايته الثانية هي "دفاتر القرباط" وعلى إثرها تم تجميد عضويته من قبل اتحاد الكتاب العرب لمدة 4 سنوات بعد أن نشر الرواية في عام 2000. حصل خليفة على الكثير من الجوائز على رأسها الجائزة العالمية للرواية العربية.