"حلم" طفلة سورية لم يتجاوزها عمرها الثلاثة أعوام ، عبرت أمس الخميس الحدود الشمالية الشرقية للمملكة الأردنية الهاشمية مع أسرتها المكونة من 12 فردا إضافة إلى العشرات من اللاجئين السوريين الآخرين في ظروف طقس سيئة للغاية ، حاملين معهم حقائب ملابسهم إضافة إلى الأحزان. و"حلم" هي من بين أكثر من 120 طفلا دخلوا الحدود الشمالية الشرقية مع ذويهم أمس باحثين عن الأمن والأمان ، فقد تركوا منازلهم وأراضيهم ومدارسهم وكل ممتلكاتهم والأماكن التي تحمل ذكرياتهم قاصدين الأردن ، وغير آبهين بالمصاعب التي قد تعترضهم في رحلة الوصول إلى الحدود. وعندما تشاهد هذه الصغيرة وهي جالسة على حقيبة ملابسها وبإحدي يديها الصغيرتين قطعة من البسكويت والأخرى بها عبوة مياه صغيرة ، وبالنظر إلى عينيها الحائرتين وترقبها لهذا وذاك ، تدرك تماما أن "حلم" هي اسم على مسمى. فهذه "الحلم" الصغيرة ، تقول وبكل تحد عبر عينيها الحزينتين أنها لن تتنازل عن حلمها وحقها المشروع في العيش بكرامة في وطنها والعودة إلى أحضانه وكنفه لكي تستشعر بدفئه .. وأنها سوف تمهل الظالم لكي ينال مجازاته على ظلمه. وتقول أمل "أم حلم" وهي من إدلب – لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط في عمان - إن رحلة وصولنا إلى الحدود استغرقت ثلاثة أيام ، وعانينا فيها كثيرا خاصة أطفالنا بسبب سوء الأحوال الجوية. وتضيف "لقد تأخرتم عنا كثيرا - وذلك في إشارة إلى أن التضامن العربي مع السوريين في محنتهم غير كاف - نحن تحملنا الكثير واضطررنا إلى ترك منازلنا وكل ممتلكاتنا في مقابل الأمن والأمان". وتتابع "قدمت أنا وزوجي وأولادي (ستة ذكور وخمس إناث) بصحبة العشرات من السوريين إلى هنا قاصدين الأردن ، لأنه لم يتبق لنا في سوريا سوى الخوف والمعاناة وترقب الموت كل لحظة". ولم يختلف حال "أم حلم" كثيرا عن حال اللاجئين السوريين الآخرين الذين قصدوا الأردن خوفا من الموت الذي يلاحقهم في كل مكان ببلادهم ، حيث كان في مقدمة مستقبليهم قائد قوات حرس الحدود في القوات المسلحة الأردنية العميد الركن حسين الزيود وممثل مفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين في عمان أندرو هاربر. ورصدت كاميرات وسائل الإعلام العربية والأجنبية ووكالة أنباء الشرق الأوسط لحظة عبور اللاجئين السوريين للحدود الشمالية الشرقية ، وذلك خلال الجولة الخاصة التي نظمتها القوات المسلحة الأردنية لهم من أجل الإطلاع على عمليات استقبال اللاجئين ميدانيا ، حيث تم أمس عبور 200 لاجيء سوري. وفور اجتياز هؤلاء اللاجئين السوريين ، من بينهم معاقان أحدهما عقلي والثاني حركي ، للساتر الترابي الحدودي فقد تم توزيع المياه والبسكويت والبطاطين عليهم وتم نقلهم في عربات تابعة للقوات المسلحة الأردنية إلى مركز استقبال للاجئين حيث سيقيمون فيه لمدة تتراوح ما بين 3 إلى 4 أيام..ومن ثم سيتم نقلهم إلى مخيم الزعتري بمحافظة المفرق شمال شرق عمان. ووفقا لروايات عدد من اللاجئين السوريين ، فقد أفادوا بأن المهربين في الجانب السوري يتقاضون على العائلة مبلغ قدره 6 آلاف ليرة سورية مقابل تهريبهم إلى الجانب الأردني والمرأة 3 آلاف والطفل نفس المبلغ. ويستضيف الأردن على أراضيه منذ اندلاع الأزمة السورية في منتصف مارس 2011 ما يزيد على 600 ألف لاجيء سوري ، فضلا عن وجود ما يزيد على 600 ألف سوري قبل الأحداث وذلك بحكم علاقات نسب ومصاهرة وتجارة ولم يتمكن غالبيتهم من العودة. وتعتبر الأردن من أكثر الدول المجاورة لسوريا استقبالا للاجئين منذ بداية الأزمة هناك قبل أكثر من عامين ، وذلك لطول حدودهما المشتركة التي تصل إلى 375 كم ..يتخللها عشرات المعابر غير الشرعية التي يدخل منها اللاجئون السوريون إلى أراضيها. ويقيم معظم اللاجئين السوريين في مدن وقرى شمال المملكة منهم نحو 120 ألفا بمخيم الزعتري في محافظة المفرق على الحدود مع سوريا. ويعد مخيم الزعتري ثالث مخيم في العالم من حيث سعته للاجئين كما أنه ينافس على احتلال الموقع الخامس من حيث عدد السكان بين المدن الأردنية..كما يوجد إلى جانبه المخيم الإماراتي الأردني المعروف باسم (مريجب الفهود) في محافظة الزرقاء 23 كم شمال شرق عمان ويضم 3 الاف و460 لاجئا ..ومخيم (الحديقة) في الرمثا أقصى شمال الأردن ويضم 820 لاجئا ..ومخيم (سايبر سيتي) بحدائق الملك عبدالله والذي يضم 470 لاجئا فقط منهم 180 فلسطينيا.