تفيد التقارير الأمنية إلى وقوع منطقة غرب إفريقيا كذلك جنبا إلى جنب مع مناطق التوتر في الشرق الأوسط كميدان لعمليات القاعدة والتنظيمات التابعة لها. جاء ذلك بينما تتوجه أنظار العالم إلى سوريا والعراق وبلدان الشرق الاوسط كساحة عمليات رئيسية لتنظيم القاعدة الارهابى وعملائه. وشنت فروع تنظيم القاعدة في غرب إفريقيا 101 هجوما ارهابيا على مدار العام 2016 كان لجمهورية مالى النصيب الاكبر منها وهي البلد الذي استثمرت فيه القاعدة منذ العام 2013 كل قواها لعمل فتنة مسلحة بين قبائله. ويرى المراقبون أن جمهورية مالى هي ساحة الانطلاق الاكبر لمجموعات القاعدة الإرهابية في منطقة غرب إفريقيا ويرصد خبراء مكافحة الإرهاب تنامى القدرات العملياتية للقاعدة في مالى نفسها أو انطلاقا من اراضيها. وتشير الأرقام الصادرة عن قوة حفظ السلام الدولية العاملة في مالى بتفويض من الأممالمتحدة إلى سقوط 80 قتيلا من قوات حفظ السلام الدوليين بالإضافة إلى ستة من الموظفين الأمميين منذ إعلان القاعدة الحرب في شمال مالى تحالفا مع مقاتلى الطوارق في العام 2013 سعيا لفصل شمال البلاد عن جنوبه. وبرغم ان العام 2012 كان هو العام الاكثر دموية في حياة أبناء مالى تحت وطأة هجمات القاعدة، الا ان مراقبى حفظ السلام لا يتفاءلون خيرا خلال الاعوام القادمة بعد ذلك النشاط الملحوظ لعناصر القاعدة في مالى خلال العام 2016 بل وانطلاقهم منها إلى مناطق أخرى في غرب إفريقيا. وقد تركزت هجمات القاعدة في مالى خلال العام 2016 على منطقة "كيدال" التي كان من نصيبها وقوع 36 عملية نفذتها كتائب " أنصار الدين " التي تعد فرع القاعدة في مناطق سكان قبائل الطوارق وفصيلا تابعا لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامى، ولم تحل العمليات الفرنسية التدخلية في شمال مالى دون وقوع تلك الهجمات بل كانت القوات الفرنسية ذاتها ضحية لها إذ كان اخر أكبر تلك الهجمات هجوما بقذائف المورتر شنته مجموعات من كتائب أنصار الدين على تمركزات عسكرية فرنسية في يونيو الماضى في منطقة أبيبارا. وخلال العام 2016 نفذت "كتائب المرابطون" وهي فصيل اخر ينتمى إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامى ويقوده الارهابى الخطر مختار بالمختار هجمات شرسة في شمال مالى بلغ عددها 37 هجوما وطالت بلدات استراتيجية في اقليمى جاوى (19 هجوما) وتمبوكتو (18 هجوما) وراح ضحيتها جنود وضباط في الجيش وقوات مكافحة الإرهاب في مالى. وفي جنوب مالى، نفذت القاعدة 19 عملية إرهابية طالت منطقتى موبتى وشيجو فضلا عن هجوم واحد نفذته القاعدة في قلب باماكو عاصمة مالى على أحد فنادقها الذي كان يتخذ كمقر لاقامة مدربى مكافحة الإرهاب الموفدين من الاتحاد الاوروبى إلى مالى. وتعد كتيبة "مكينة" هي القوة الضاربة لكتائب أنصار الدين التابعة للقاعدة في جنوب مالى، ويقول خبراء مكافحة الإرهاب ان عناصر الكتيبة يمتلكون كفاءة قتالية عالية وبخاصة في أعمال النسف والتدمير والاعتراض ونصب الكمائن وذلك بفضل معسكراتهم الموجودة في مناطق صحراوية وعرة تقع بالقرب من الحدود الموريتانية مع مالى. ولتنظيم القاعدة الارهابى فرع عمليات مهم في منطقة غرب إفريقيا يتخذ من بوركينا فاسو مسرحا لعملياته، وهذا الفرع هو تنظيم يتبع "المرابطون" تلك الكتائب السابق الاشارة اليها في مالى، واعتبارا من يناير 2016، نشط فرع المرابطون في بوركينا فاسو في شن هجمات متفرقة أودت بحياة 30 قتيلا كان ابشعها محاصرة ثم اقتحام فندق ضخم في العاصمة البوركينية واجادوجو مطلع 2016 وهو ما قاد إلى اشتباك دام بين منفذى العملية والقوات الفرنسية الخاصة المدعومة بوحدات من الجيش البوركينى. وفي مايو الماضى، هاجمت "كتائب المرابطون " ثكنة شرطية بوركينية في منطقة قادلان وأسفر الهجوم عن مصرع واصابة عشرات الجنود. ولم تسلم جمهورية النيجر كذلك من هجمات القاعدة خلال العام 2016، فاعتبارا من مارس 2016 وما تلاه شهدت مدن دولبيل وداهونة وارليت بشمال النيجر هجمات متفرقة اتسمت بالشراسة وعدم التفريق بين المدنيين والعسكريين نفذتها خلايا تنظيم القاعدة الكامنة هناك والتى ينتظمها تنظيم أكبر يتبع القاعدة في جمهورية النيجر أطلق على نفسه اسم "كتائب الدماء". وفي جمهورية ساحل العاج، نفذت "كتائب المرابطون" التابعة للقاعدة في بلاد المغرب الاسلامى عمليات هجومية على مناطق منتجعات وأسواق محلية أسفرت عن سقوط 14 قتيلا وتركزت معظم العمليات في منطقة جراند باسام وهي مدينة كبيرة تتسم بالهدوء الذي استغلته القاعدة في تنفيذ عمليات "كمون" لعناصرها انتظارا لصدور اوامر تنفيذ الهجمات