تُفتتح فعاليات "القمة العالمية العاشرة لطاقة المستقبل 2017"، التي تنعقد خلال الفترة من 16 – 19 يناير الحالي، تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وسيتم مناقشة عدد من المواضيع والقضايا الرئيسية حول الطاقة النظيفة، منها سبل تطوير قطاع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والتكنولوجيا النظيفة. ويتضمن المؤتمر جلسات حول مستقبل الطاقة العالمي في ظل هبوط أسعار النفط، وتمويل مستقبل الطاقة والمشاريع الجديدة في قطاع الطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقضية تغير المناخ والدور الكبير الذي تلعبه دولة الإمارات في هذا الشأن. وسيتم الإعلان عن الفائزين ب"جائزة زايد لطاقة المستقبل" خلال أسبوع أبو ظبي للاستدامة، ضمن حفل توزيع الجوائز الذي يُقام في 16يناير. كانت حكومة الإمارات قد أطلقت الجائزة البالغة قيمتها 4 ملايين دولار بهدف تكريم الجهود المتميزة في قطاعات الطاقة المتجددة والاستدامة، التي ساهمت على مدى 9 دورات في تحسين حياة أكثر من 289 مليون إنسان في مناطق مختلفة من العالم، فضلًا عن منع انبعاث أكثر من 1.033 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون. وكشف تقرير صادر عن الجائزة أن مبادرات الفائزين بجائزة زايد لطاقة المستقبل ساهمت في تزويد أكثر من 146 مليون إنسان بالطاقة المتجددة، و1.7 مليون إنسان بمياه شرب نظيفة، فضلًا عن تزويد 24.9 مليون إنسان في أفريقيا بالطاقة، وإنتاج 1.076 مليار ميجاوات ساعي عبر مصادر الطاقة المتجددة. كما تستضيف القمة العالمية لطاقة المستقبل، الدورة الثالثة لملتقى السيدات للاستدامة والطاقة المتجددة، وتهدف إلى إلهام وتشجيع النساء وتمكينهن من المساهمة بشكل فاعل في تطوير حلول من شأنها دعم المساعي الرامية إلى التصدي للتحديات العالمية ذات الصلة بأمن الغذاء والطاقة والمياه وتداعيات تغير المناخ. ويشكل الملتقى منصة تحفز دور النساء في القطاعات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة، ويجمع تحت مظلته قيادات نسائية من مختلف أنحاء العالم لطرح أفكار جديدة ومناقشة الحلول المتاحة. ومن جانب آخر، سيجمع برنامج القادة الشباب لطاقة المستقبل، الذي يشرف عليه "معهد مصدر للعلوم"، ممثلين محليين ودوليين على هامش المؤتمرات والبرامج التي تتخلل القمة العالمية لطاقة المستقبل. وتشهد القمة أيضا إطلاق "معرض الطاقة الشمسية"، ليكون منطقة مخصصة لعرض التقنيات والابتكار في مجال الطاقة الشمسية بغية مساعدة الحكومات على تحقيق الأهداف الطموحة المنشودة في مجال الطاقة المتجددة. وتشير التقارير إلى أن عطاءات مشاريع الطاقة الشمسية وصلت إلى نحو 4 جيجاوات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العام الماضي، فيما يشهد القطاع نموا متزايدا مع تطلع دول المنطقة إلى حلول الطاقة النظيفة التي تتمتع بالاعتمادية والجدوى الاقتصادية. ومن المقرر أن يشارك في هذه القمة أكثر من 32 ألفًا من كبار الوزراء والخبراء ومسؤولي شركات الطاقة من 170 دولة و650 شركة يمثلون أكثر من 40 دولة، وتتضمن عددًا من الأجنحة لدول من مختلف أنحاء العالم: مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية واليابان والصين وكوريا الجنوبية وسويسرا، كما يشهد الحدث إقبالًا متناميًا من قبل الهيئات والشركات من دول أخرى، مثل المغرب والسعودية. من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لشركة أبو ظبي لطاقة المستقبل "مصدر" محمد جميل الرمحي، أن مشاريع "مصدر" للطاقة المتجددة تمتد حاليا في المنطقة بدءا من أبوظبي ودبي والأردن وصولًا إلى مصر والمغرب وموريتانيا. وأضاف أن الشركة استثمرت نحو 10 مليارات درهم أي 2.7 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة خلال السنوات ال10 الماضية، بقدرة إجمالية 2.7 جيجاوات منها ما دخل حيز التشغيل ومنها لا يزال قيد التطوير. وتظهر أرقام نشرتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) أن تكلفة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية عبر وحدات ألواح كهروضوئية (فوتوفولتيك) كبيرة الحجم في دولة الإمارات قد انخفضت بحوالي 75% منذ العام 2008، والذي شهد انطلاقة الدورة الأولى من القمة العالمية لطاقة المستقبل، وحتى منتصف العام 2014، إذ هوت التكلفة من 7 دولارات لكل وات إلى أقل من دولار ونصف لكل وات. وأظهرت دراسة تحليلية أجرتها "فروست آند سوليفان" بتكليف من القمة العالمية لطاقة المستقبل ومعرض الطاقة الشمسية التابع لها، أن دول مجلس التعاون الخليجي سترفع قدراتها الخاصة بإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بمقدار 50 ضعفًا بين العامين 2015 و2025. كانت السعودية وحدها أعلنت عن خطط لإضافة 9.5 جيجاوات من الطاقة الكهربائية المتولدة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030. وتتجاوز المشاريع المخطط لها قدرات التصنيع المحلية للمعدات والتقنيات، ما يفتح الباب أمام إبرام علاقات شراكة واسعة مع الموردين العالميين. كما توفر القمة العالمية لطاقة المستقبل 2017، مجموعة فرص استثمارية هائلة ينطوي عليها قطاع الطاقة الشمسية في الهند، بعد أن أعلنت الحكومة الهندية حديثًا الخطوط العريضة لخطط ترمي إلى تعزيز إمدادات الكهرباء في البلاد بنحو 175 جيجاوات إضافية من الكهرباء من مصادر للطاقة المتجددة، بحلول 2022. ويتوقّع أن يجلب مطورو قطاع الطاقة الشمسية الهندي مشروعات قابلة للتمويل وجاهزة للاستثمار إلى معرض الطاقة الشمسية في القمة العالمية لطاقة المستقبل 2017، متيحين المجال أمام اقتناص فرص راسخة للتمويل وتقديم التقنيات الحديثة والخدمات، تكون مهيّأة لوضعها في إطار اتفاقيات جاهزة للتوقيع. وقال نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة "جاكسون إنجنيرز ليميتد إنديا الهندسية" سونديب غوبتا إن مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة لمنافعها البيئية الجمة، فإنها تتمتع أيضًا بمزايا اقتصادية واضحة مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية الراسخة. وأكد "غوبتا" أن مصادر الطاقة المتجددة تصبح على نحو متزايد الخيار الأكثر كفاءة من ناحية التكلفة، مضيفا أن مشاريع الطاقة المتجددة تتسم بإمكانية التوسع السهل على مراحل تلبية للطلب المتزايد، ويمكن تركيب وحدات الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء على سطوح المنازل والمباني بالقرب من المستهلكين، للحد من الحاجة إلى الاستثمار في شبكات نقل الكهرباء، ولا يتطلب تشغيلها بالطبع استيراد الفحم أو الغاز بأسعار قد تكون مرتفعة. من جانبه، قال ناجي الحداد، مدير إدارة الفعاليات في شركة "ريد للمعارض" - هي الجهة المنظمة للقمة العالمية لطاقة المستقبل بالشراكة مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل - إن القمة شهدت نموًا قويًا في عدد الشركات الصينية المشاركة حتى أصبح عددهم من بين أعلى المشاركات الدولية في الحدث. وأوضح أن نفوذ هذه الشركات وقوتها في أسواق منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا آخذان في الازدياد. وقال: "أصبحت الصين قوة مؤثرة في قطاع الطاقة المتجددة متسارع النمو في المنطقة، كما أن العديد من العارضين الصينيين المشاركين في القمة العالمية لطاقة المستقبل هم من المصنفين بين أكبر 10 مصنعين لتقنيات الطاقة الشمسية في العالم. ويتزايد استهداف مصنعي الألواح الشمسية وتقنيات الطاقة الشمسية الصينيين لأسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، في ظل توقعات باتساع نطاق الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة وتسارع الطلب على التقنيات المستوردة في هذا المجال". وكان الطلب المحلي المتزايد عزز ارتفاع وتيرة النشاط في صناعات الطاقة الشمسية في الصين، ولكن التباطؤ الذي بدأ يظهر في مشاريع الطاقة الشمسية المحلية في البلاد وخفض الدعم الحكومي دفعا بالمصنعين للنظر إلى الأسواق الخارجية وتنمية تجارة التصدير الكبيرة أصلًا، كوسيلة رئيسية لتعزيز النمو في المستقبل، وذلك في وقت تقدّم الأسواق الناشئة بعضًا من أقوى الفرص، لا سيما في المناطق ذات السطوع الشمسي العالي. وأكدت لي دان، نائب الأمين العام التنفيذي لاتحاد صناعات الطاقة المتجددة الصيني، أن الشركات الصينية بوسعها أن تقدّم الجودة والقدرة الإنتاجية المطلوبتين، وتحقق الجدوى التجارية المنشودة، من أجل تمكين الأسواق من وضع الطاقة المتجددة في صميم مزيج الطاقة، معتبرة أن كثيرًا من صانعي القرار توجهوا تلقائيًا إلى إقامة علاقات تجارية مع شركاء غربيين من أوروبا، عندما كانت الطاقة الشمسية في المنطقة تمر بمراحل تجريبية، وكانت عائدات النفط مرتفعة. وأضافت لي دان "أما الآن فمن المنتظر أن تستند قرارات المعنيين عند استشرافهم المستقبل على عوامل تجارية بحتة، حيث تشير توقعات متخصصة إلى أن قدرات توليد الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي ستنمو بمعدل سنوي مركب يبلغ نحو 73.4% بين عامي 2015 و2025، وذلك باستثمارات تقدر بحوالي 85 مليار دولار في عمليات التوليد، و31 مليار دولار في عمليات النقل والتوزيع. وبالرغم من أن الغاز الطبيعي سيظل الدعامة الأساسية لتوليد الكهرباء، فإن عمليات توليد الطاقة المستندة على النفط السائل سيتم تقليصها. أما مصادر الطاقة المتجددة، التي تشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فسوف تنمو بصورة ملحوظة". ويُنتظر أن تحظى الصين بأقوى تمثيل دولي في القمة العالمية لطاقة المستقبل 2017؛ حيث تضم قائمة الشركات الصينية العارضة في الحدث: "ترينا" و"جيه إيه سولار"، وهما من أكبر المصنعين لتقنيات الألواح الضوئية (فوتوفولتيك) في العالم، إضافة إلى أسماء كبيرة أخرى مثل "جينكو سولار"، التي كانت جزءًا من التحالف الذي أرسى سعرًا منخفضًا قياسيًا في عروض التسعير لعطاء بناء محطة سويحان الشمسية لتوليد الكهرباء في أبوظبي، وذلك في سبتمبر الماضي. ومن الشركات العارضة كذلك "صنتك باور"، وشركة الصناعات التقنية العملاقة "هواوي". يذكر أن معظم الشركات الصينية العارضة متخصصة في تقنيات الفوتوفولتيك، وبالأخص الألواح الشمسية، فضلًا عن التقنيات المرتبطة بها مثل التخزين في البطاريات. وقد ذاع صيت موردي تقنيات الطاقة الشمسية الصينيين في جانب القيمة، سيما وأن تراجع عائدات النفط وضع ضغوطًًا كبيرة على موازنات الدول، وذلك إلى جانب سمعتهم المتزايدة في جانبي الجودة والابتكار، ما أضفى عليهم قدرة تنافسية عالية.