بالأرقام، نتيجة الحصر العددي لدائرة أبو كبير: عبد العزيز ولاشين يتصدران    الداخلية تضبط 20 شخصًا على خلفية مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب    نائب وزير الإسكان يبحث التعاون مع شركة كورية متخصصة في تصنيع مكونات محطات تحلية المياه والصرف الصحي    بعد قليل، ظاهرة فلكية ترى بالعين المجردة تزين السماء    محمد منير يشعل تريند جوجل ب«مكاني».. أغنية الوحدة العربية تتوّج ختام كأس العرب 2025    تصدر اسمها مؤشرات البحث.. نورهان شعيب تطمئن جمهورها بعد وعكة صحية مفاجئة في المغرب    أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 ديسمبر في بداية التعاملات    مصطفى بكري: أناشد الرئيس السيسي تخفيف الأعباء عن الغلابة والطبقة المتوسطة.. الأسعار هارية الناس    عبد المنعم سعيد: الإعلان عن اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان هو تفعيل لها    رئيس إدارة المديريات الزراعية: صرف الأسمدة سيضم 6 محافظات بموسم الصيف المقبل    «مطروح للنقاش».. إعادة هيكلة الجيش الأمريكي وتغييرات البث الرقمي    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    واشنطن تفرض عقوبات على سفن وشركات شحن مرتبطة بإيران    اجتماع رفيع المستوى في ميامي.. ويتكوف يلتقي الوسطاء لبحث ملف غزة    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي للناخبين    الحصر العددي للدقهلية: تقدم عبدالسلام وأبو وردة والجندي ومأمون وشرعان    اللجنة العامة ببنها تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة بانتخابات النواب 2025    الحصر العددي الأول بلجنة طنطا رقم 1، نتائج فرز أصوات اللجان الفرعية    انفجارات في أوريول.. أوكرانيا تستهدف محطة كهرباء روسية    بعد جدل أمني، تيك توك تبيع أصولها في أمريكا    بالأرقام، الحصر العددي للدائرة الثامنة بميت غمر    بناء القدرات في تحليل وتصميم نماذج العواصف الرملية والترابية بالشرق الأوسط    فوز «حسن عمار» في جولة الإعادة بالدائرة الأولى ب انتخابات مجلس النواب ببورسعيد    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    سفير مصر في المغرب يكشف تفاصيل معسكر منتخب مصر قبل كأس الأمم    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي للناخبين    كأس عاصمة مصر - إبراهيم محمد حكم مباراة الزمالك ضد حرس الحدود    أمم إفريقيا - منتخب مصر يخوض مرانه الأول في المغرب    بالأرقام، الحصر العددي لجولة الإعادة بالدائرة الأولى بالمنصورة    تركي آل الشيخ ينفي مشاركة موسم الرياض في إنتاج فيلم «الست»    وكيل فرجاني ساسي يصدم الزمالك: سداد المستحقات أو استمرار إيقاف القيد    (اشتباكات الإسماعيلية) إهانات بين الكعب الأعلى: جيش أم شرطة؟.. وناشطون: طرفان في المحسوبية سواء    محمد موسى عن واقعة نبش قبر فتاة: جريمة تهز الضمير قبل القانون    «لم يصلوا أبداً».. حكاية 7 أشخاص احترقت بهم السيارة قبل أن تكتمل الرحلة بالفيوم    رحلة التزوير تنتهي خلف القضبان.. المشدد 10 سنوات ل معلم صناعي بشبرا الخيمة    أكسيوس: تيك توك توقع اتفاقية لبيع عملياتها فى أمريكا إلى تحالف استثمارى أمريكى    ترامب يدعو أوكرانيا إلى التحرك سريعا لإنهاء الحرب    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    الزمالك يهنئ بنتايج والشعب المغربى بالتتويج ببطولة كأس العرب    رئيس الوزراء يرد على أسئلة الشارع حول الدين العام (إنفوجراف)    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    أزهر اللغة العربية    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    جوتيريش يدعو إلى توظيف الهجرة لدعم التنمية المستدامة وتعزيز التضامن الإنساني    فلسطين.. قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف جباليا شمال قطاع غزة    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة إلقاء مادة حارقة على 3 طلاب بالقليوبية    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    سنن يوم الجمعة: آداب وأعمال مستحبة في خير أيام الأسبوع    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    قبل صافرة البداية بساعات.. بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 وكل ما تريد معرفته عن القنوات والتوقيت وطرق المشاهدة    الأردن يواجه المغرب في نهائي كأس العرب 2025.. كل ما تحتاج لمعرفته عن البث المباشر والقنوات وطرق المشاهدة أونلاين    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور حسن نافعة:"الجماعة" أثبتت أن مصر أكبر من أن يحكمها تنظيم سري
نشر في البوابة يوم 14 - 03 - 2013

- حكم الإدارية بوقف الانتخابات صفعة قوية على وجه الجماعة
- خسارة الإخوان لمقاعد اتحاد الطلبة بالجامعات بداية انهيارها
- شرعية الشارع في الدول الديمقراطية أقوى من أي صندوق انتخابي
- “,”مرسي“,” تحول إلى فرعون يمتلك كل الصلاحيات التي لم يمتلكها ناصر والسادات ومبارك.
- نعيش ظرفًا تاريخيًّا مرتبكًا لم نتعرض له منذ آلاف السنين
- الحكومة الوطنية والمشاركة الحقيقية أولى الخطوات لإنقاذ مصر من الانهيار
- لجوء الإسلاميين للسلاح والتكفير لفرض طريقة حكم على الشعب المصري سيكون مسمارًا في نعشهم
حوار- محمد عبدالسلام
أكد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية ومنسق عام الجمعية الوطنية التغيير، أن جماعة الإخوان المسلمين أثبتت أن مصر أكبر من أن يحكمها تنظيم سري يعيش تحت الأرض، موضحًا أن حكم المحكمة الإدارية بوقف الانتخابات البرلمانية يمثل صفعة قوية على وجهها، وأن خسارة الجماعة لمقاعد اتحاد الطلبة بالجامعات بداية حقيقية لانهيارها.
وقال “,”نافعة“,” في حواره مع “,” البوابة نيوز “,” إن الجماعة تصورت أنها بالحصول على الأغلبية يمكنها أن تحكم مصر بشكل منفرد، موضحًا أن شرعية الشارع في الدول الديمقراطية أقوى من أي صندوق انتخابي يمكنه أن يغير الوضع المرتبك، مبينًا أن الشعب المصري سيندم كثيرًا، لأنه لم يكتب الدستور أولًا، ليتم تحديد صلاحيات الرئيس، خاصة بعد أن تحول “,”مرسي“,” إلى فرعون يمتلك كل الصلاحيات، التي لم يمتلكها ناصر والسادات ومبارك.
وأوضح “,”نافعة“,” أن لجوء الإسلاميين إلى السلاح والتكفير لفرض طريقة حكم على الشعب المصري سيكون أول مسمار في نعشهم ليقضي عليهم، وأن المشاركة الحقيقية ستكون أولى الخطوات لاستعادة ثقة الشارع، وإنقاذ مصر من حالة الانهيار التي تعيشها.
وإلى نص الحوار:
** في البداية.. كيف ترى حكم المحكمة الإدارية بوقف الانتخابات البرلمانية؟
- وقف الانتخابات البرلمانية يمثل صفعة شديدة لنظام الحكم القائم، خاصة لجماعة الإخوان المسلمين، ولكنه في نفس الوقت سيتيح فرصة أتمنى أن نستغلها للخروج من أزمة سياسية عميقة يعيشها الشارع المصري، إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية من الجماعة والمعارضة وكل القوى السياسية، واستطاع رئيس الدولة أن يوظفها لصالح مصر.
** هل تعتقد أن هذا القرار سيكون له تأثير في الشارع السياسي؟
- بالتأكيد سيكون له تأثير قوي جدًا في الشارع، وسيكون إحدى حلقات خسارة الجماعة للتعاطف الشعبي، وخسارة الرصيد الذي كانت تحتفظ به، ولا ننسي أن طلاب الإخوان المسلمين في الجامعات المصرية خسروا مقاعدهم في انتخابات اتحاد الطلاب، والجميع يعلم جيدًا أن هذه تمثل مرحلة جديدة من انهيار الجماعة.
** معنى هذا أن شعبية “,”الجماعة تتآكل“,”؟
- هذا صحيح بالفعل، انظر جيدًا إلى الطبقة التي تتعامل معها الجماعة، الفقراء والأميين في المناطق الشعبية والريفية، والتي تمثل المخزون الاستراتيجي لجماعة الإخوان، وربما هذا التآكل جعل حزبًا مثل حزب النور يخرج ليؤكد أنه هو الحزب القائد الذي يحتل المركز الأول وأن له أفضال على صعود الجماعة، وبدأ يدخل في صراع سياسي مع حزب الحرية والعدالة.
** كيف ترى المشهد السياسي في ظل الاشتباكات التي تحدث هنا وهناك؟ وكيف ترى دور مؤسسة الرئاسة في عملية احتواء غضبة الشارع المصري؟
- ما يحدث على الساحة السياسية نتاج طبيعي لتراكمات كثيرة من الأخطاء التي ارتكبت طوال مرحلة ما بعد الثورة، فقد كان من المفترض بعد الإطاحة برأس النظام السابق أن تجري العملية من شقين، الأول: تنظيف ما تبقى من النظام القديم واستئصال جذوره، حتى لا يسبب ضررًا لعملية التحول الديمقراطي، لذلك كان يقتضي محاكمة رموز النظام السابق، وتحديد المتسببين في الفساد السياسي وفي نهب أموال الدولة بشكل دقيق ومحاكمتهم وفق نوع من العدالة القانونية، وليس بقوانين كانت سائدة في مرحلة حسني مبارك، باعتباره صانع تلك القوانين.
** معنى هذا أن مبارك ورموز نظامه، تمت محاكمتهم بقوانين صنعوها؟
- كل القوانين التي حُكم بها حسني مبارك ورموز نظامه هي قوانين صدرت في عهد الرئيس المخلوع، كما أنه تمت محاكمته في قضايا لا تتعلق بالفساد السياسي، وبالتالي أثار هذا نوعًا من الاحتقان في مصر وجعل إمكانية إزالة أضرار النظام القديم مسألة صعبة.
** وماذا عن الشق الثاني الذي كان يجب أن يحدث؟
- هذا الشق يتعلق بإقامة مؤسسات النظام السياسي الجديد، من خلال صياغة دستور جديد للبلاد، ووضع كل القوانين والقواعد التي يمكن من خلالها إدارة ما يمكن تسميته باللعبة السياسية، ولكن في ظل نظام سياسي مختلف، وهذا كان يتطلب توافقًا سياسيًّا لكل القوى والتيارات التي شاركت في صناعة الثورة، لكن ذلك لم يحدث للأسف.
** في ظل حالة الاحتقان التي يشهدها الشارع المصري، إلا أن النظام لا يستمع لصوت المتظاهرين ويتمسك بالشرعية.. فأيهما أبقى وأقوى، شرعية الصندوق أم شرعية الشارع ؟
- للأسف دائمًا ما ننسى أن للمرحلة الانتقالية سمات تختلف عن المراحل العادية، ففي المرحلة الانتقالية علينا أولا إزالة بقايا نظام سقط رأسه وإقامة نظام جديد، وبالتالي بداية إدارة هذه المرحلة بالتوافق مع القوى السياسية التي صنعت الثورة، ومعني أنها لن تنجح في ذلك، أنها ستدخل في سلسلة من الصراعات التي لن تنتهي إلى أن يتم تصحيح هذا الأمر، والأهم أنه لا يمكن اختزال الديمقراطية في صندوق، لأن للديمقراطية آليات متعددة تصب في نهاية المطاف في الصندوق، أهمها ضمان تنافس الأحزاب بشكل متكافئ، على أن يكون هناك دستور يجب أن يكتب بشكل يؤدي إلى الفصل بين السلطات ويعطي الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ومتوافق عليه.
** في حديثنا عن حكم الأغلبية علينا أن نسأل أولا، إذا كانت الديمقراطية هي التي تحكم على حكم الأغلبية، فإلى ماذا تستند الحكومة، هل على دستور توافقي أم دستور مختلف عليه يمكنه أن يحدد العلاقة، وكيف يمكن إدارة اللعبة السياسية ؟
- هذا ما لم تفهمه جماعة الإخوان المسلمين للأسف، هي تصورت أنه يكفي أن تحصل على الأغلبية في الصندوق، حتى تستطيع أن تحكم وتفرض سيطرتها على الأقلية، لكن المشكلة الحقيقية التي تتجاهلها هي أنها حاولت استغلال الأغلبية في البرلمان وفي السلطة التشريعية، وكان يجب أن يقوم الدستور بتحديد السلطة التشريعية في تشكيلها وليس العكس، فالسلطة التشريعية جزء من نظام الحكم الذي يمثل السلطة التنفيذية، وكان يجب أن يكتب الدستور جمعية تأسيسية مستقلة وبعيدة عن كل السلطات، تمثل التيارات السياسية والفكرية، وتكتب دستورًا، ويفصل على القواعد العامة، هذه العملية كانت مرهقة جدًا، وانتهت في مصر من سياق دستور مقترح، 40% من الذين ذهبوا إلى صناديق الانتخابات صوتوا بلا، والذين صوتوا لصالح الدستور مثلوا نحو 20% فهناك شكوك عميقة وحقيقية تحوم حول الدستور، وحول القواعد التي تحكم العملية السياسية، وبالتالي في سياق هذا يصعب الحديث عما يمكن تسميته بشرعيه الصندوق، فالصندوق لا يؤدي إلى استقرار الحياة السياسية، وما يحدث في الشارع يثبت أن شرعيته أقوى من أي صندوق انتخابي غير معترف به.
** هل تعتقد أن عدم الخروج بالدستور أولًا سبب رئيسي لما نحن فيه الآن؟
- بالطبع.. وسنندم عليه كثيرًا، فقد بدأنا بتشكيل لجنة لتعديل الدستور، وليس بجمعية تأسيسية لكتابة دستور جديد سواء بالتعيين أو بالتشاور مع جميع الأحزاب أو من خلال صيغة انتخابية، ولكن هذا لم يحدث، وتم تشكيل لجنة لتعديل مواد بعينها في الدستور، وهذه اللجنة للأسف الشديد على المستوى الفني والسياسي، لم تكن لجنة فنية بحتة ولا سياسية بحتة، فقد ضمت عناصر من الإخوان المسلمين وعناصر يفترض فيها الخبرة القانونية الدستورية بعيدًا عن الانتماءات السياسية والحزبية، مما وضع شخصًا مثل صبحي صالح المحسوب على الجماعة في وضع غريب، لأنه كان الشخص الوحيد الذي ينتمي لحزب سياسي، فاللجنة التي شكلها الرئيس السابق حسني مبارك من الناحية الفنية كانت أفضل من اللجنة التي شكلها المجلس العسكري في مارس 2011، مما ترتب عليه تعديل عدد محدود من المواد ولكن ترتب عليه الكثير من المشاكل، وبالتالي الإعلان الدستوري الذي صدر، والذي أصبح بمثابة حجر الأساس للمرحلة الانتقالية، دستور لقيط ومشوه.
** معنى هذا أن ما يحدث على الساحة من ارتباك سياسي، كان نتيجة خطوات باطلة منذ البداية؟
- دعنا نقول خطوات مرتبكة أو خطوات ليست مدروسة رتبت تعديلات كثيرة لاحقة، لذلك كنا نطالب بالدستور أولاً على أن تتم صياغته بشكل توافقي حتى نضمن اتفاق كل الاطياف السياسية على القواعد الأساسية في مرحلة ما بعد الثورة، بحيث لا تحدث أي من المشاكل التي حدثت بعد ذلك، لكن يبدو أن التيار الإسلامي كان في عجلة من أمره للذهاب إلى الانتخابات، فقد كان على قناعة أنه سيحصل على الأغلبية، وسيكون قادرًا بتلك الأغلبية التي سيحصل عليها في مجلسي الشعب والشورى، أن يسيطر على الجمعية التأسيسية التي ستتولى كتابة الدستور على مقاس الجماعة الإسلامية.
** مضى 25 شهرًا على تنحي الرئيس السابق، هل تستقيم إعادة العملية السياسية من البداية مرة أخرى وكتابة دستور جديد؟
- لا يمكن للعجلة السياسية أن تعود إلى الوراء مرة ثانية، نحن كنا بصدد تشخيص ما هو قائم حاليًا، باعتباره تراكمًا لسلسلة من الأخطاء التي ارتكب بعضها أثناء مرحلة تولي المجلس العسكري للمرحلة الانتقالية، والبعض الآخر أثناء إدارة الدكتور محمد مرسي، وللأسف نحن مازلنا داخل المرحلة الانتقالية ولم ننتقل إلى مرحلة انتقالية أخرى، فالمرحلة تنتهي عندما يكون هناك رئيس منتخب ودستور متفق عليه وبرلمان وحكم محلى، وهذه العناصر ليست مكتملة حتى اللآن، فالدستور الذي تم الاستفتاء عليه اضطر رئيس الدولة لتحصين جمعيته التأسيسية المعرضة للبطلان بشكل غير قانوني وغير دستوري، وأن يحصن مجلس الشورى المعرض للبطلان هو الآخر، حتى يستطيع تولي السلطة التشريعية، وبالتالي الطريقة التي تدار بها السلطة التشريعية والطريقة التي تمت بها كتابة الدستور أقل ما يقال عنها إنها فرضت بالقوة السياسية التي اغتصبت قوة القانون.
** وهل ترى هناك دولة قانون في مصر لتغتصب؟
- لا يمكن أن نقول إن ما يجري الآن وفق قواعد قانونية منضبطة، كل ما يجري في مصر هو حالة فوضى تحاول كل قوة سياسية أن تفرض وجهة نظرها بما تملكه من قوة تأثير سواء من خلال تحريك الشارع أو من خلال تحريك مطالب احتجاجية أو جماعات من البلطجية أو من خلال أصابع خارجية تستطيع أن تقول إن حالة الفوضى القائمة تسمح للجميع أن يعبث داخل مصر.
**هل تعتقد أن المجلس العسكري اضطر للتعامل مع الجماعة باعتبارهم الجهة الوحيدة المنظمة؟ وأن الجماعة كان لها دور في توجيهه؟
- على الإطلاق.. فالخريطة السياسية لمصر كانت واضحة عقب خلع الرئيس السابق، وكانت هناك أحزاب قديمة قائمة من الناحية الرسمية، وكانت هناك قوى وحركات سياسية مثل حركة 6 أبريل وكفاية وكانت هناك تيارات إسلامية ظهرت مثل جماعة الإخوان المسلمين الأكثر تنظيمًا، رغم أنها لم تفجر هذه الثورة لكنها التحقت بها بعد قيامها، وبالتالي كانت الاعتبارات السياسية والأخلاقية تقتضي أن يقوم المجلس العسكري بتوحيد كل القوى التي شاركت في صناعة الثورة ومحاولة التوصل إلى صيغة متفق عليها تسمح بإدارة المرحلة الانتقالية، لكن بدا واضحًا أن المجلس العسكري مرتبك هو الآخر، ويكفي أنه قال إن المرحلة الانتقالية ستستغرق 6 أشهر فقط، ولكنها استمرت لأكثر من 24 شهرًا.
** هل تعتقد أن الخبرة السياسية المفتقدة كانت سببًا في ذلك؟
- بالتأكيد.. فحالة الارتباك التي أصابت المجلس العسكري جعلته يدير المرحلة الانتقالية بشكل سيئ، فقد تصرف باعتباره امتدادًا للنظام القديم بأكثر مما تصرف باعتباره مفوضًا عن الثورة، رغم أن قيادات المؤسسة العسكرية في ذلك الوقت كانت ضد مشروع التوريث لأسباب مختلفة، ولكنها لم تكن بالضرورة مع الثورة، ولذلك عندما أُجبر حسني مبارك على التنحي، كانت المؤسسة العسكرية على استعداد للتضحية بشخص حسني مبارك، ولكن الإبقاء على نظامه ببعض الإصلاحات الطفيفة أو المحدودة أو الضرورية لاستمرار بنيه النظام واستمرار التوجهات الأساسية على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
** لذلك يعتقد البعض أن هناك تفاهمات حدثت بين المؤسسة العسكرية وجماعة الإخوان المسلمين؟
- ربما تحليلي الشخصي يقول إنه رغم أن هناك معلومات غير متوفرة حتى الآن، ولكن اعتقادي الشخصي يقنعني بأن هناك تفاهمات أجريت بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين منذ البداية، وأن هذه التفاهمات قامت على أساس إطلاق أيدي الإخوان والسماح لهم بتشكيل حزبهم السياسي وخوض الانتخابات البرلمانية، وبالتالي حتى لو سيطروا على السلطة التشريعية فلا خوف منهم، شريطة أن تظل الر ئاسة في يد المجلس العسكري عن طريق مرشح يختاره المجلس العسكري بنفسه وتوافق عليه جماعة الإخوان المسلمين.
** وهو ما لم يحدث؟
- هذا صحيح .. وأعتقد أن هذه التفاهمات لم تنفذ كما كان يتوقع المجلس العسكري، فعندما حصلت جماعة الإخوان أو التيار الإسلامي على أغلبية كاسحة في مجلس الشعب تصورت أن السيطرة على السلطة في متناول اليد، وبالتالي بدأوا يتحدثون عن مرشح للرئاسة، وهذا أزعج المجلس العسكري، فبدأ صراع القوة بين المجلس وبين الجماعة، فتم ترشيح اللواء عمر سليمان والفريق أحمد شفيق وخروج الشاطر، وانتهى الأمر بفوز جماعة الإخوان المسلمين بمقعد الرئاسة، وقبل أن يفوزوا تم حل مجلس الشعب، ليمارس المجلس العسكري السلطة التشريعية، وأصبحت مصر تعيش وكأنها برأسين، وأصبح هذا الوضع غير قابل للاستمرار، وبدأ محمد مرسي مرحلته الانتقالية بالتخلص من المجلس العسكري، وأصبح بإمكانه أن يسيطر بمفرده على السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، وارتكب الخطأ القاتل عندما أصدر الإعلان الدستوري، كل هذه تراكمات لسلسلة من الأخطاء، السبب فيما نعيشه الآن من انقسامات واقتتال ودماء في كل مكان.
** تحدثت عن سلسلة الأخطاء التي ارتكبها كل طرف، فالمجلس العسكري ارتكب أخطاء، ومؤسسة الرئاسة ارتكبت أخطاء، وطفت على السطح تراكمات من الأخطاء المركبة، وفي النهاية لا يرى الناس إلا أخطاء الإخوان وسعي الجماعة للسيطرة على مفاصل الدولة؟
- في الحقيقة المخاوف من أخونة مفاصل الدولة لم تعد مجرد احتمال أو هواجس ليس لها وجود، لكنها واقع ملموس أصبحنا نعيشه اليوم، فهناك نشرات وقوائم مطولة لآلاف المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين يهدد الكثير بفضحها لجماعة تم تعيينها لشغل مواقع حساسة داخل الجهاز الإداري في الدولة، وللأسف الشديد الجماعة بهذا التصرف تؤكد على أنها تناست أنها وصلت إلى السلطة بعد ثورة لم تفجرها، وأن مساهمتها في هذه الثورة وحصولها على أغلبية من خلال الصندوق لا يبرر، أخلاقيًا على الأقل، انفرادها بالسلطة، كما أن تأسيس قواعد إدارة اللعبة السياسية في نظام جديد يأتي بعد ثورة لا يكون إلا بالتوافق ولا يصلح بالأغلبية.
** ألا ترى أن جماعة الإخوان طوال 80 عامًا كانت تحارب، ورغم ذلك تفتقد للخبرة السياسية؟
- مقاطعًا.. جماعة الإخوان المسلمين لديهم خبرة سياسية كبيرة كقوة معارضة وكقوة قادرة على التأقلم مع الأوضاع السياسية المتغيرة والعمل السري تحت الأرض والقادرة على الاحتكاك بالجماهير والوصول لهم من خلال الدعم المالي وتقديم المعونات الاجتماعية والتواجد في الأزمات والكوارث والوصول إلى أماكن الجماعات الأهلية والنقابات العمالية والمهنية، لكن الخبرة في إدارة العمل السياسي شيء آخر، وابنة الشيخ حسن البنا اعترفت بأن الجماعة تسرعت بالانفراد بالسلطة والحكم، لذلك أساءوا لأنفسهم وتاريخهم وصدروا للجميع صورة ذهنية سيئة عن جماعة تفضل العنف والتحكم وجماعة برجماتية، فانكشفت الجماعة أمام الشارع المصري.
** لذلك تحدثت عن الافتقاد للخبرة السياسية؟
- وهذا أيضا مثير للدهشة، فجماعة الإخوان المسلمين رغم وجودهم منذ عقود طويلة إلا أنها تفتقد للقيادات والكوادر الأساسية التي تمكنها من قيادة دولة كبيرة في حجم مصر، وهم لا يريدون الاعتراف بهذه الحقيقة، لأنهم يعلمون أنهم سينكشفون أمام الرأي العام، وهذا الانكشاف سيضعف الإخوان في المستقبل، خاصة بعد أن تآكلت قدرتهم على إدارة الدولة وقد تسقط في أي لحظة.
** القوات المسلحة حصلت على امتيازات في الدستور، هل تعتقد أن الجيش كقوة ومؤسسة في فتره من الفترات يمكن أن يستغل حالة التراجع الكبير ويعود من جديد؟
- الجيش لا يبحث عن العودة للساحة، لأن إدارة دوله كبيرة كمصر مرحلة ليست سهلة، فالجيش في وضعه الراهن أمامه أمرين، وهما مطلبان الأول عدم التدخل في السلطة التشريعية وتركه للبرلمان، والثاني وضع الجيش داخل منظومة الدولة وتركيبته وشئون التسليح، والمؤسسة العسكرية المصرية مؤسسة قوية ومحاربة مهمتها الرئيسية الدفاع عن الوطن وترابه، وهي لن تكرر الخطأ السابق، خاصة أنها غير باحثة عن السلطة ولا تريد الاستحواذ عليها، والشعب المصري ليس لديه أي خلاف أو تصادم مع القوات المسلحة، لأن المؤسسة العسكرية منذ ثورة عرابي وهي تتعامل مع الأزمات، لذلك هي تحتفظ بسمعة طيبة وما حدث في بورسعيد خير دليل على ترحيب الشعب بالقوات المسلحة.
** مصر بها أكثر من 34 تيارًا إسلاميًا مختلفًا ما بين سلفيين وجماعات إسلامية وجهادية وإخوان وغيرها.. ونلاحظ أن تجاربهم أثبتت فشلها، فهل تعتقد أن هذا عيب في التيار الإسلامي كفكر أم في مَن يديرون التيار الإسلامي؟
- لا أحد يستطيع أن يقول إن هناك عيبًا في الفكر الإسلامي، ولكن ما معنى الفكر الإسلامي أولا، هناك فكر سياسي في الإسلام ولكن لا يوجد نظام حكم، فعندما نراقب تاريخ الدولة الإسلامية في الخلافة والطريقة التي تم بها تعيين الخلفاء الراشدين كلها بطريقة مختلفة، والدولة الأموية والعثمانية والعباسية نفس الشيء، انظر إلى تركيا وماليزيا وإندونيسيا، وتذكر كتاب الشيخ مصطفى عبدالرازق الذي تحدث عن الخلافة الإسلامية، فلكل دولة إسلامية ظروفها الخاصة، وأن الإسلام كدين لا يتضمن نظامًا محددًا للحكم وما يتناسب مع تاريخه وطابعه وظروفه الخاصة، انظر إلى التجربة في تركيا وكيف استطاع حزب العدالة والتنمية أن يطور نفسه بحيث أصبح الحزب القائد، وعندما نقارنه بما حدث في السودان وأفغانستان ستجدها تجارب فاشلة، لكنه لا يعني بالضرورة إذا فشلت التجربة الإسلامية في السودان يمكن أن تفشل في مصر.
** البعض رأى أن رسالة خامئني للرئيس مرسي أنها بداية لتأسيس دولة ولاية الفقيه الغائب عن الشيعة، وإن كانت لدى السنة فكرة الخليفة الغائب، خاصة بعد أن خرج الدستور الجديد بعدد كبير من الصلاحيات التي لم تختلف عن صلاحيات الولي الفقيه الشيعي، فهل تعتقد أن هناك تشابهًا بين نظام الإرشاد في مصر ودولة ولاية الفقيه في إيران؟
- أولا فكرة الخليفة الغائب فكرة غير مُسَلم بها وغير مقبولة على الإطلاق، حتى وإن كان هناك من يطالب باستعادة الخلافة، لكن لا أحد يشير إلى أن هناك خليفة غائب مثل الإمام الغائب الذي يظهر في يوم من الأيام يقيم العدل بين الناس، إلا إذا كنت تتحدث عن بعض الفصائل التي تعتقد فكرة المهدي المنتظر، ومذاهب السنة تنتظر الغائب الذي سوف يعود وأن هذه لها علاقة بالفقه الشيعي، وبالتالي أنا أعتقد أن دولة الفقيه يمكن أن تطبق في النظام الشيعي فقط، والكثير من فقهاء الشيعة في العراق ولبنان يرفضون دولة الفقيه، والسنة بعيدة عن هذا الفكر، والشيخ مصطفى عبدالرازق الذي اعتبر أن الخلافة ليست ركنًا من أركان الإسلام واعترضوا عليه وجُرد من درجاته العلمية، وهذا مثل جيد أن هناك فقهاء محترمين لا يؤمنون بالخلافة كركن من أركان الدين الإسلامي.
** وهذا لم يمنع حصول الرئيس “,”مرسي“,” على نفس الصلاحيات؟
- للأسف الشديد كما قلت لك، سنندم كثيرًا لأننا لم نكتب الدستور أولا قبل أن يتم إجراء الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية، فكتابة الدستور أولا كانت ستحدد الصلاحيات التي يمتلكها الرئيس، ولكن بعض القوى السياسية لم توافق، وكانت النتيجة الخروج بدستور يمنح صلاحيات الفرعون للرئيس محمد مرسي، وبشكل لم يحصل عليه الرؤساء السابقون جمال عبدالناصر أو حتى أنور السادات أو حسني مبارك.
** تلك الصلاحيات التي فاقت صلاحيات الفرعون، ألا تعتقد أنها أخلت بمنظومة الحكم الإسلامي التي تريد أن تؤسس لها تيارات الإسلام السياسي في مصر؟
- ليس هناك نظام حكم في الإسلام، فالبعض يؤمن بأن الشورى دعامة من الدعامات الإسلامية، تماثل بالضبط الديمقراطية بالمعنى الحديث والغربي، وهناك من يرى أن الشورى شيء والديمقراطية شيء آخر، فهناك اختلافات كبيرة وهائلة في وجهات النظر، ولكن من المهم أن تتم تسوية هذه الخلافات بين التيارات الإسلامية بالطرق السلمية، فأخطر ما يمكن أنه يواجهه العالم الإسلامي هو أن يحاول البعض فرض نظرياته الخاصة للحكم بالطرق المسلحة ويستخدم السلاح، وعليك أن تعلم جيدًا أن نظام الحكم غير موجود بالشريعة الإسلامية، حتى أن البعض يختزل أحكام الشريعة الإسلامية في الحدود، وبفهم خاطئ لمفهومها، ولكن في جميع الأحوال المدارس الفكرية تتعايش، حتى داخل السنة هناك مذاهب مختلفة وتعايشت، البعض يؤمن بهذا المذهب أو ذاك لكنه لا يكفر الآخرين ولا يحمل السلاح في وجه الآخرين، وهذا ما ينبغي أن تدركه التيارات الإسلامية، أن تلتزم بالقواعد ولا تحمل السلاح في وجه الآخر ولا تكفر الآخر، لأنها ستكون البداية الحقيقية للانهيار.
** في رأيك كيف يمكن من الخروج من الأزمة في ظل الشحن الموجود في الشارع؟
- الخروج من الأزمة مسألة ممكنة إذا اقتنعت جماعة الإخوان المسلمين أنها لا يمكن أن تعمل بمفردها، وبالتالي الصيغة الأفضل أن تكون شريكة في نظام الحكم على ان تكون هناك ضمانة حقيقية لتداول السلطة مع الآخرين، اي أن الخروج من الأزمة يحتاج الى حلول مبتكرة للخروج من الظرف التاريخي المرتبك، وأولى خطوات الحل أن تؤمن جماعة الإخوان المسلمين أن مصر أكبر منها وأنها لا تستطيع أن تدير الدولة بمفردها، وكأنها مازالت تعيش كتنظيم سري تحت الأرض، وأن تشكيل حكومة وحدة وطنية هو الخطوة الأولى على طريق الخروج من هذا المأزق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.