تساءل السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة “,”تسيفي مزئيل“,” عن الثورة الثانية في مصر وهل بدأت بالفعل؟ وقال “,”مزئيل“,” إن النظام المصري الحالي فقد شرعيته، وأن الاحتجاجات المستمرة ضد الرئيس المصري محمد مرسي وجماعة الإخوان أظهرت أن الرئيس يسير في طريق فقدان شرعيته، فعلى الرغم من أنه تم انتخابه في أول انتخابات حرة تشهدها البلاد، إلا أنه يواجه حاليًّا معارضة كبيرة من الأحزاب غير الإسلامية بكافة تياراتها والمتحدة فيما يسمى ب“,”جبهة الإنقاذ الوطني“,”، كما انضم للمعارضة عدد من وسائل الإعلام الخاصة وعدد من الصحفيين المستقلين أو ممن ينتمون لأحزاب المعارضة، بالإضافة إلى عدد من القنوات التلفزيونية، يضاف إلى هذا استقالة عدد من مستشاري الرئيس، موضحًا أنه لا يمكن للرئيس مرسي أن يتجاهل هذه التحركات السياسية الغير طبيعية التي تحدث حاليًّا في البلاد، خاصة أنه حصل خلال الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة على أقل من (25%) من أصوات الناخبين؛ مما يدل على أنه يواجه صراعًا شعبيًّا واسعًا يذكر الجميع بالأيام الأولى للثورة ضد نظام مبارك قبل عامين . وعن قرار منح الضبطية القضائية لضباط الجيش، اعتبر السفير الإسرائيلي السابق، خلال تقرير له أصدره المركز المقدسي للعلاقات العامة أن مرسي بهذا القرار يحتمي في الجيش، وأن هذا الأمر يشير فعليًّا إلى أن “,”مرسي“,” فقد شرعيته، وأنه من الآن فصاعدًا يحتمي بالجيش للحفاظ على نظامه وتنفيذ قراراته، مؤكدًا أن صدور هذا القرار المؤقت حتى إعلان نتيجة الاستفتاء يمثل دون شك عودة لقانون الطوارئ الذي تم إلغاؤه على يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو إعلان من النظام المصري أنه لا يستطيع السيطرة على الوضع وحده، وأنه اضطر إلى تجاهل المؤسسات المدنية التي وظيفتها حماية المواطنين مثل قوات الأمن الوطني وهيئة القضاء وسلمها للجيش، متوقعًا استمرار العمل بقانون الضبطية القضائية في حالة استمرار الصراع بين “,”مرسي“,” ومعارضيه . ورأى “,”مزئيل“,” أن الجيش المصري يفضل أن يكون حياديًّا، مستعرضًا البيان الذي أصدره الجيش قبل عدة أيام، وناشد خلاله الأطراف المتنازعة إلى إنهاء النزاع الدائر حول الإعلان الدستوري بالطرق السلمية، وحذر بأنه لن يسمح بتدهور الأوضاع في البلاد؛ حيث رأى الشعب أن البيان يشير إلى عدم رغبة الجيش في التدخل في الصراع الحالي، وبادرت جماعة “,”الإخوان المسلمين“,” بإصدار بيان يثني على بيان الجيش، فيما التزمت قوى المعارضة الصمت ولم تتطرق للبيان . وأوضح أنه لا يوجد مصلحة للقوات المسلحة للتدخل في الصراع الحالي، إلا إذا حدث تدهور قد يؤدي لاندلاع حرب أهلية، فالتجربة المريرة للجيش في إدارة شئون البلاد خلال الفترة الانتقالية ما بين سقوط نظام “,”مبارك“,” وحتى انتخاب “,”مرسي“,” رئيسًا للبلاد، لا تدل على الحس السياسي القاطع لأعضائه، الذين تم اتهامهم بقتل المتظاهرين وفتح الطريق أمام جماعة “,”الإخوان“,” للوصول إلى الحكم، لذا فإن قادة الجيش يفضلون أن يبقوا على الحياد بصفة خاصة، بعد أن تم الاستجابة لمطالبهم في مسودة الدستور المطروحة للاستفتاء . وأضاف أن التساؤل الذي يطرح نفسه هو هل سيتم التوصل الى حل أو تسوية للنزاع والصراع الدائر بين “,”مرسي“,” والإخوان المسلمين من جانب والمعارضة الغير إسلامية من جانب آخر، وهل سيبدى الطرفان إصرارًا على موقفيهما والتوجه إلى العنف الذي سيدفع الجيش للتدخل في نهاية الأمر، مشيرًا أنه يبدو في هذه المرحلة أن المعارضة ليست على استعداد لوقف التظاهر طالما أن الرئيس لم يقم بإلغاء الاستفتاء على الدستور . ولا تطالب المعارضة فقط بإلغاء الاستفتاء على الدستور، بل وتطالب أيضًا بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية الجديدة التي ستقوم بصياغة الدستور الجديد، أو على الأقل المواد التي يشوبها خلاف داخل مواد الدستور، وفي الواقع لقد ألغي “,”مرسي“,” الإعلان الدستوري بهدف تهدئة المعارضة، ولكنه لم يلغ الاستفتاء على الدستور وهو المطلب الرئيسي للمعارضة، بينما تصر جماعة “,”الإخوان“,” على الصراع مع المعارضة حتى النهاية، وعلى التمسك بالحكم، فالجماعة تسير وفقًا لأيديولوجية دينية عميقة ومتطرقة وصفها بأنها لا تقل عن أيديولوجية “,”الخوميني“,” في طهران . واستطرد “,”مزئيل“,” أن الشعب المصري تحرر من الخوف من النظام، وأنه من المتوقع أن يشتد الصراع بين “,”الإخوان“,” وبين القوى الليبرالية في مصر؛ حيث يبدو أن غالبية الشعب المصري لا يرغب في قيام نظام إسلامي يفرض الشريعة وشرع الله، ولكنهم كانوا يرغبون في رؤية مصر جديدة وديمقراطية، كما كان يأمل الشباب الذي بدأ عصر الثورة، فالشعب تحرر من خوفه من النظام، وهو على استعداد للنزول إلى الشوارع لينال حريته، لكننا بصدد مواجهة خطيرة بين طرفين يصر كل منها على التمسك بآرائه وتحقيق طموحاتهم . وفي نهاية التقرير، أوضح أن مصر تمر الآن بأيام مصيرية، فقد تجددت الثورة مرة أخرى، وحتى إذا ما نجح “,”مرسي“,” في تمرير الدستور سيواصل الشعب نضاله ضد الدستور الجديد وتطبيق الشريعة، محذرًا من تصاعد الصراع ليضع مصر على حافة الهاوية، خاصة في ظل غض طرف الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي عن الواقع في مصر؛ حيث يدعمون “,”الإخوان“,”، وهو ما يثير سخطًا كبيرًا لدى الشعب المصري .