ارتفع منسوب القلق لدى الأوساط السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني التونسية، من استمرار حالة الاحتقان الاجتماعي، والتوتر الذي يحكم العلاقة بين الحكومة والنقابات والمحامين، وتأثيرات ذلك على السلم الاجتماعي والمناخ السياسي العام في تونس. وتصاعد هذا القلق عشية انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي للاستثمار التي تُعوِّل الحكومة على نتائجه لاستقطاب الاستثمارات؛ لتوفير الموارد المالية لتمويل مشروعات التنمية، وتحريك عجلة الاقتصاد الذي يعاني من الركود منذ أكثر من خمس سنوات. وفي سياق هذا القلق المشحون بدرجات متفاوتة من الخوف، أعربت خمسة أحزاب عن انشغالها بما قد تئول إليه الأوضاع في البلاد جرّاء استمرار الخلافات بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، حول ما ورَد بمشروع قانون المالية المثير للجدل. ودعت تلك الأحزاب وهي: الحزب الجمهوري، والمسار الديمقراطي الاجتماعي، والحزب الاشتراكي، وحزب العمل الوطني الديمقراطي، في بيان مشترك، إلى عقد جلسة حوار عاجلة بين كل الأطراف الموقِّعة والمؤيدة لوثيقة قرطاج للبحث عن الحلول الكفيلة بتجنيب البلاد مخاطر أزمة اجتماعية محدقة وفق مبادئ وروح الوحدة الوطنية. وشدّدت، في بيانها، على أن الاستقرار الاجتماعي "يمثل حجر الزاوية لكل عملية إنقاذ وإصلاح، وهو ما يتطلب من جميع الأطراف تغليب المصلحة العليا للوطن والإيفاء بالتزاماتها والاستعداد لتقاسم التضحيات". فيما حذّرت كونفيدرالية المؤسسات المواطنة التونسية "كونكت" من التداعيات الوخيمة لضرب مناخ الاستثمار على الوضع الاقتصادي في المديين القريب والمتوسط، لافتة إلى أن توتر الوضع الاجتماعي الذي تعيشه تونس أسهم خلال السنوات الماضية في مغادرة العديد من الشركات والمؤسسات الأجنبية تونس، ما تسبَّب في فقدان الآلاف من فرص العمل. واعتبرت، في بيان لها، أن التلويح بتنفيذ إضرابات قطاعية في القطاع الخاص، وإقرار الإضراب العام في القطاع العام تزامنًا مع استعداد تونس لتنظيم المؤتمر الدولي للاستثمار، لا يهيِّئ المناخ الاجتماعي الملائم لإنجاح هذا الحدث الاقتصادي المهم. وأكدت أن البلاد بحاجة للتعبئة العامة خلال هذه الفترة، وإلى تضافر جهود جميع الأطراف من أجل استعادة ثقة المستثمرين والمؤسسات المالية الدولية، وإلى تحسين مناخ الأعمال لاسترجاع ثقة المستثمرين، ودفع نسق الاستثمار الذي يبقى الحل للتوازنات المالية للدولة ولخلق الثروة.