ِتعقد إدارة توثيق الآثار القبطية بقطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار، ومديرها الآثارى أحمد النمر، البرنامج التدريبى الخاص بمفتشى الآثار الإسلامية والقبطية، فى الفترة من 6 إلى 17 نوفمبر الحالى، فى إطار التعاون بين وزارة الآثار والمركز الفرنسيسكاني للدراسات القبطية برئاسة الأب ميلاد شحاتة؛ لتطوير العمل الأثرى، ويشمل العمارة المسيحية بمصر عبر العصور والفنون القبطية، تحت رعاية الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، والدكتور مصطفى أمين الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والأستاذ السعيد حلمى رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية. وحاضر ضِمن هذا البرنامج الدكتور عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى عن كنائس سيناء الأثرية، وأشار إلى أسباب انتشار الرهبنة فى سيناء، وهى التبرك بالأماكن المقدسة حيث جبل الشريعة والأماكن التى مر بها نبى الله موسى عليه السلام والأماكن التى مرت بها العائلة المقدسة، كما ساعد توفر مواد البناء من أحجار مختلفة وطمي ناتج عن عمليات السيول فى سيناء، على انتشار المنشآت الرهبانية وتعددها؛ لأنه يوفر على الرهبان مشقة إحضار هذه المواد من أماكن بعيدة. مراحل الرهبنة وأشكالها وأشار د. ريحان، فى محاضرته، لمراحل الرهبنة بسيناء، وهى ثلاث مراحل، الأولى مرحلة الفرد المنقطع للعبادة وهو الراهب الذى يتخذ صومعة خاصة به يغلق عليه بابه، إما بمفتاح أو بواسطة حجر، ووجدت العديد من هذه الصوامع المنفردة بجنوبسيناء فى أماكن عديدة حول منطقة الجبل المقدس وبين طور سيناء ومنطقة الجبل المقدس وبمنطقة رايثو (الطور حاليًا)، وظهرت هذه الصوامع منذ القرن الثالث الميلادى، وأصبح للراهب مدلول واضح إذ إنه يعرف بأنه المنسحب من الدنيا والمنقطع عن العالم. وقد كشفت منطقة جنوبسيناء للآثار الإسلامية والقبطية فى حفائر موسم أبريل– يونيو 1998 وموسم يناير– فبراير 2002، عن صومعتين للمتوحدين الأوائل بسيناء قريبتين من بعضهما بمنطقة وادى الأعوج بطور سيناء 9 كم جنوب شرق مدينة طور سيناء، الصومعة الأولى محفورة فى الصخر بشكل حنية نصف دائرية، وصومعة مبنية بالطوب اللبن ومغطاة بالملاط من الحيب ناتج السيول مكونة من صالة لها حنية مستطيلة وحجرتان من جانب واحد. ويتابع د. ريحان أن المرحلة الثانية هى الكينوبيون، وهى مرحلة التوحد الجماعى والتى تعتبر تطورًا طبيعيًّا لمرحلة التوحد ومقدمة حتمية للمرحلة الثالثة، وهى الديرية، وهى الصورة البسيطة للتجمع الرهبانى، حيث أقام عدد من المريدين والنساك فى منشآت فردية ثم يجتمعون أيام الأعياد ويومى السبت والأحد فى مكان عام للخدمات والطعام. وقد كشفت منطقة جنوبسيناء نموذجًا لهذه المرحلة بوادى الأعوج، وهى منطقة بها قلايا كثيرة أصحابها متحدون فى نظام الحياة، وتمثل هذه المرحلة منتصف الطريق بين الناسك المتوحد والراهب الذى يعيش حياة مشتركة، وتم الكشف فى الحفائر السابق ذكرها موسم 1998- 2002 عن أحد هذه الأماكن العامة بوادى الأعوج، وهو عبارة عن مبنى مستطيل بالطوب اللبن مغطَّى بالملاط من الداخل والخارج، بقاياه واضحة، مساحته 14.5 م طولًا، 11.5 م عرضًا يشمل كنيسة من صالة غير مقسّمة، وبالمبنى حجرات مختلفة بالجهة الشمالية للخدمات. دير الوادى بطور سيناء وتعرّض د. ريحان للمرحلة الثالثة للرهبنة، وهى النظام الديرانى الذى وضع أسسه القديس باخوميوس فى القرن الرابع الميلادى، حيث وضع لهذه الحياة الرهبانية نظمها وطرائقها فى صورتها، ويمثلها دير الوادى المكتشف بطور سيناء الذى يقع بقرية الوادى 6 كم شمال الطور والمسجل كأثر بالقرار رقم 987 لسنة 2009 وبناء الدير بعناصره المعمارية والسور وكنيسة البازيليكا فى عهد جستنيان فى القرن السادس الميلادى لنفس أسباب بناء دير كاترين وهى: توحيد الإمبراطورية وإرساء وتوطيد المبادئ الأرثوذكسية وتأمين الحدود. ويضيف د. ريحان أن الدير بُني من الحجر الجيرى والرملى المشذّب تخطيطه مستطيل مساحته 92 م طولًا، 53 م عرضًا، وله سور دفاعى عرضه 1.50م، ويخترقه ثمانية أبراج مربعة، أربعة فى الأركان واثنان فى كلٍّ من الضلعين الشمالى والجنوبى، وتوجد القلايا وحجرات الضيوف خلف السور مباشرة، وتقع الكنيسة الرئيسية بوسط الجزء الغربى من الدير، طولها من الشرق للغرب 28 م، وعرضها 12 م، وهى بازيليكا من صحن وجناحين، ويحوي الدير 96 حجرة على طابقين وثلاث كنائس فرعية ومطعمة ومعصرة زيتون وبئرًا ومنطقة خدمات. كنائس وادى فيران وشملت محاضرة الدكتور ريحان كنائس وادى فيران بتل محرض الأثرى ودير البنات الأثرى بوادى فيران المسجل ملك بالقرار رقم 1616 لسنة 1995 وأصبحت فيران فى القرن الرابع الميلادى مدينة أسقفية، حولها العديد من القلايا، وفى عام 535 م كان ثيوناس يحمل لقب أسقف ومندوب الجبل المقدس ودير رايثو وكنيسة فيران المقدسة، وفى المجمع الذى عُقد بالقسطنطينية فى هذا التاريخ وقّع على أعمال المجمع وأضاف تحت اسمه ( أنا ثيوناس الكاهن بنعمة الله النائب عن رهبان طور سيناء ورايثو وأبرشية فيران المقدسة) وآخر مطارنة فيران هو ثيودورس عام 649 م ثم انتقل مركز الأبرشية إلى طور سيناء (منطقة سانت كاترين الحالية) بعد بناء دير طور سيناء الذى أطلق عليه بعد ذلك دير القديسة كاترين، أى بعد بناء دير طور سيناء بحوالى 90 عامًا، حيث إن الدير بُني ما بين 548 و565 م، وأصبح دير كاترين مركزًا لأبرشية سيناء وأصبح رئيس الدير مطرانًا للأبرشية وأصبح لقبه مطران دير طور سيناء وفيران وراية. كنائس شمال سيناء ونوَّه الدكتور ريحان فى محاضرته بكنائس شمال سيناء التى تقع على طريق العائلة المقدسة، وقد قدم هذه الدراسة منفصلة لوزارة الآثار ضِمن مشروع الوزارة لتسجيل طريق العائلة المقدسة كتراث عالمى باليونسكو، وقد ألقى الضوء على كنائس الفلوسيات "أوستراسينى القديمة" وتقع فى الطرف الشرقى من بحيرة البردويل 3 كم من شاطئ البحر المتوسط 30 كم غرب العريش وكانت أوستراسينى منطقة عامرة فى العصر المسيحى وكان لها أسقف، وعندما أراد الإمبراطور جستنيان تحصين مناطق سيناء ضد غزو الفرس كانت أوستراسينى من بين المناطق التى أقيمت فيها الحصون، ووصلت المبانى فى عهده إلى البحر، وأصبحت المدينة مركزًا لكرسى دينى مهم، كما ألقى الضوء على كنيسة جزيرة فرعون داخل قلعة صلاح الدين بطابا، والتى حفظت كاملة فى العصر الإسلامى وتم اكتشافها بنقوشها ورموزها المسيحية كما هى، وحافظ عليها القائد صلاح الدين الأيوبى عند إنشاء قلعته الشهيرة بجزيرة فرعون بطابا.