ورغم أن نجيب محفوظ لم يسمى أيا من أبطاله باسم نجيب أو محفوظ كما ذكرنا آنفا، إلا أنه يستعير ذاته في بعض الشخصيات الهامة في رواياته. ويتفق كثير من النقاد أن شخصية كمال عبد الجواد في رواية " السكرية " هي الاقرب لشخصية نجيب محفوظ، ويؤكد ذلك أن تاريخ ميلاد كمال عبد الجواد يقترب من تاريخ ميلاد نجيب محفوظ نفسه فكلاهما مواليد شهر ديسمبر وإن اختلفت سنة الميلاد حيث سبق كمال عبد الجواد بثلاث سنوات . كذلك نجد ان تجربة كمال عبد الجواد تشابه تجربة " محفوظ " في الحب والشك والولع بشخصية سعد باشا زغلول زعيم ثورة 1919 . فضلا عن ذلك فكلا الرجلين يشجعان فريق الزمالك ويحبان الفلسفة الغربية ويقول نجيب محفوظ صراحة في كتاب" نجيب محفوظ يتذكر" للكاتب جمال الغيطانى أن كمال عبد الجواد يحمل كثير من تجاربي وآلامي وهمومي واهتماماتي . كذلك تتشابه شخصية الراوي في " حكايات حارتنا " مع شخصية محفوظ في كثير من السمات، فالأب في الرواية يحمل نفس ملامح والد نجيب محفوظ من حيث الجدية والتعقل والصرامة. كما أن مشاهد الحارة والمقاهي هي نفس مشاهد الطفولة لدى الروائي أبطال حقيقيون ويذكر نجيب محفوظ في جلساته مع جمال الغيطانى والتي ضمها كتاب "نجيب محفوظ يتذكر" أن بطل رواية "خان الخليلي" واسمه أحمد عاكف شخصية حقيقية وكان موظفًا بالجامعة، وقد قرأ الرواية ولم يعرف نفسه، وكان موظفًا صغيرا ويعتقد أنه يحوز كل علوم الدنيا. وشاءت الأقدار ألا يعرف الرجل أن "محفوظ" استوحى شخصية أحمد عاكف منه، لأنه لو علم لربما هدد حياته . وفى رواية أخرى وهى "السراب" التي تحكى قصة شاب يعانى من سيطرة الأم، وهو ما يتسبب في عجز جنسي له تعرض نجيب محفوظ لمحاولة قتل من البطل الحقيقي للرواية . لقد كان شخصًا عاطلاً تخرج من كلية الحقوق ولم يكن يقرأ روايات او أدب، لكن أحد أصدقاء نجيب محفوظ من شلة العباسية ذهب إليه وقال له "نجيب كتب عنك" فأخذ مسدسه وذهب ليطلق عليه النار، واضطر نجيب الى الاختفاء لحين عودة الهدوء للبطل الحقيقي . كان ذلك الشخص اسمه حسين بدر الدين وكان ثريا أدمن المخدرات ودخل السجن وكانت مشكلته في حياته علاقته بأمه وقد سافر فيما بعد الى الكويت وعمل بمساعدة أحد أصدقاء والده ومات هناك . وقد اقتبس "محفوظ" شخصية محجوب عبد الدايم في رواية "القاهرة الجديدة" من شخص متسلق قابله في العمل الحكومي وكان يحصل على مناصبه عن طريق الرشوة الجنسية، ومن المعروف أن بداية عمل "محفوظ" كانت في وزارة الأوقاف حيث تتشابك العلاقات وتتداخل للحصول على مكاسب مالية وترقيات في سلم البيروقراطية المصرية في ثلاثينات القرن الماضي . أما السيد احمد عبد الجواد بطل رواية "بين القصرين" فاستقاها أديب نوبل من رجل كان يعيش الى جوار عائلته ويتعامل بقسوة وحدة وصرامة مع زوجته وأبنائه، وكان تاجرا ثريا وتوفى قبل أن تصدر الرواية ويرى الناقد مصطفى بيومي أن "المرايا" هي أقرب الأعمال الأدبية التي تضم تراجم لشخصيات حقيقية قابلها وعرفها نجيب محفوظ. وممن يرد تعريفه في تلك الرواية المفكر والكاتب الإسلامي سيد قطب وهو يرد باسم عبد الوهاب اسماعيل وهو ناقد أدبى متحرر ينتقل الى التطرف ثم ينضم الى جماعة الإخوان المسلمين ويحمل افكارا رجعية فيما يخص المرأة والحضارة الغربية .ويرى عبد الوهاب اسماعيل أن القرآن يجب أن يحل محل جميع القوانين والدساتير، وأن تمحو الرابطة الدينية كافة الروابط من قومية ووطنية وعربية. والواضح أن "محفوظ" كان بعيدا عن انتقام سيد قطب لأنه كتب "المرايا" بعد ست سنوات من إعدامه في القضية الشهيرة التي عرفت بتنظيم 1965 . وفى "المرايا" أيضا ترد شخصية باسم جاد ابو العلا وهو اديب ثرى محدود الموهبة ينفق على الترويج لرواياته والدفع بها الى السينما والإذاعة، وهو قريب جدًا من شخصية ثروت أباظة . كما نقرأ في نفس الرواية عن الدكتور ابراهيم عقل الذى سافر الى فرنسا وكتب رسالتي دكتوراه عن المرأة في القرآن وخشى من نشرها كي لا يتعرض لحملة تكفير ومات عام 1957 ولم يعرفه كثيرون، وهو الاقرب لشخصية الدكتور منصور فهمى الأستاذ المصري بجامعة السوربون . أما خالد صفوان الذى كان يمثل شخصية رجل الامن الجلاد في رواية "الكرنك" فكان يشير الى شخصية مزيج بين صلاح نصر رئيس جهاز المخابرات الاسبق، واللواء حمزة البسيونى مدير السجون الحربية خلال العهد الناصري. وقد رسم "محفوظ" ملامح تلك الشخصية في إحدى المقاهي بالعباسية عندما شاهد رجل صارم الوجه له هيبة يجلس ويطلب نارجيلة وسأل عنه وعلم أنه حمزة البسيوني مدير السجون الحربية في عهد عبد الناصر وأخذ يدقق في وجهه ليرسم شخصية خالد صفوان في الكرنك . كذلك استقى محفوظ شخصية سعيد مهران بطل رواية "اللص والكلاب" مما نشر في الصحف خلال ستينيات القرن الماضي حول السفاح الشهير محمود سليمان والذى كان يطارد مطلقته وزوجها ويهرب بمعجزة من بين أيدى الشرطة حتى قتلته خلال حصارها له . كما ان معظم شخصيات رواية ميرامار كانت حقيقية وهناك بالفعل فندق يحمل ذلك الاسم وكانت تديره سيدة يونانية معروفة .