النميمة عادة اجتماعية ذميمة يرفضها ذوي الفضائل خاصة وأن الغرض منها نقل كلام الناس بعضهم إلي بعض علي وجه الافساد بينهم وتتسبب في تدمير العلاقات وفتور المحبة وهي مرفوضة وخاصة بين الاصحاب ولكن عندماتتحول النميمة الي سرد أدبي وباسلوب بلاغي وتأخذ شكل قصة او رواية او شعر تصبح مايعرف بأدب التلسين وهو المصطلح الذي اطلقه الناقد الكبير فاروق عبد القادر قائلا ظاهرة ادب النميمة او الروايات التي تلجأ الي النميمة كسياق اساسي فيها قديمة ويمكن اعتبار ان رواية المرايا لنجيب محفوظ من اقدمها فنجيب في هذه الرواية اعتمد علي شخصيات حقيقية موجودة في الواقع الثقافي شخصيات زاملها وعرفها وصادقها ولكنه في الرواية ألبسها اقنعة باسماء اخري وهناك ايضا روايته الشهيرة الكرنك والتي اراد فيها ان يصور التعذيب والمعتقلات ايام عبد الناصر وتردد ان شخصية خالد صفوان -التي قدمها الفنان كمال الشناوي في الفيلم - كانت رمزا لشخصية صلاح نصر مدير المخابرات وقتها كما لايمكن ان ننسي رأي الكثيرين بان شخصية عتريس في رواية ثروت اباظة شيء من الخوف كانت ترمز لعبدالناصر ويحتل عالم الصحافة نسبة كبيرة من روايات النميمة وأدب التلسين من اشهرها روايات فتحي غانم زينب والعرش ورجل فقد ظله والرجل المناسب والتي كشف الكثير منها وخاصة الفساد الذي استشري في فترة الستينات وعن عالم التلسين الصحفي نجد للأديب الكبير جمال الغيطاني في رواية حكايات المؤسسة ورواية حكايات الخبيئة وهناك رواية الاشرار لعمرو عبد السميع والتي كشفت عن فساد صحافي في نفس الفترة ويبدو ان ادب التلسين يعبر جيدا عن فترات الديكتاتورية في فترة حكم عبد الناصر تدور حولها كثير من روايات هذا النوع أما فترة الرئيس السادات فنجد منها روايات أخري من روايات التلسين السياسي فلنجيب محفوظ رواية قصيرة بعنوان يوم قتل الزعيم تربط بين القرارات الاقتصادية للسادات وتحطيم قصة حب بسب الفقر وعدم القدرة علي اتمامهاومقتل الزعيم وهناك مسرحية للدكتور وجدي الفيشاوي تحمل اسم مأساة الفرعون والفرعون رمز مكشوف بالأحداث عن السادات والتي تحتوي علي العديد من الاسقاطات الواضحة عن السادات وتنتهي باغتياله كأمر طبيعي لقرراته واكثر من كتب روايات تلسين عن عصر السادات كاتب يدعي ماجد كامل له ثلاث روايات في هذا المضمار وهي قرار السادات الاخير وامير جماعة في عهد السادات وامراة من ايام السادات والكاتب يكيل لهذا العصر في الروايات الثلاثة كل مظاهر الفساد والدعارة والانحلال والتطرف الديني ويرجع ذلك للرئيس السادات وعن السادات ايضا كتب الشاعر احمد فواد نجم قصيدة اطلق عليه فيها اسم شحاته المعسل اما العصر الحالي فهناك رواية دم علي نهد للكاتب ابراهيم عيسي والتي تحدث فيها بالتلسين عن سفاح استخدمه الامن في بعض العمليات القذرة كما اشار فيها لشخصية اعلامية دينية شهيرة بكونها شاذة جنسيا وعلي الرغم من الاسلوب الشيق للرواية الا انها لم تأخذ حظها من الشهرة ويعيبها الاغراق الكبير في السرد الجنسي غير الموظف فنيا اما اشهر رواية تلسين فهي رواية عمارة يعقوبيان التي تعرض فيها علاء الاسواني لأشخاص معروفين في الواقع وذكر مساوئهم واوصافهم الجسمانية بعد ان حرف قليلا في بعض اسمائهم مثل الوزير صاحب النفوذ والصحافي الشاذ وقد حققت الرواية نجاحا مذهلا بسبب هذا التلسين الذي اري فيه نوعا من التنفيس والتشفي بل والانتقام بالادب من أشخاص تنغص بعضها الحياة ويصعب الاقتراب منها وتعجز القوانين عن محاسبتها فيقوم الادب بالدور البديل.