كل عام وأنتم بخير ، انتهت مناسك الحج أمس الاثنين آخر أيام التشريق ، وقد غادر مشعر منى معظم الحجاج الأحد متعجلين عائدين إلى مكة ، وجاء حج هذا العام استثنائياً وغير مسبوق من الناحية التنظيمية ، فقد كانت المملكة العربية السعودية صارمة وحازمة فى مواجهة الحج غير النظامى ، ورفعت شعار « لا حج بدون تصريح « ، وفعلاً نجحت السلطات السعودية فى منع من لا يحمل تصريح حج من داخل أو خارج المملكة من الوصول لمكة بداية ثم إلى المشاعر المقدسة بالتبعية . هذا التشدد التنظيمى كان له آثار طيبة عديدة ، فلأول مرة نجد هذه السهولة فى التحرك بالمنطقة المحيطة بالمسجد الحرام ، واختفى تماماً مشهد افتراش الحجاج شوارع عرفات ومنى والذى كان سبباً لكثير من المشاكل والسلبيات ، وسادت الأريحية والسكينة معظم المخيمات ، وسارت عمليات الرجم كعادتها منذ أعوام بسلاسة وبعيداً عن الزحام . وهنا لابد من الإشادة وبقوة بالأمن السعودي المتشدد بأدب والحازم بلطف والصارم برحمة وشفقة وابتسامة لم تفارق جنوده ورجاله ، يفرض النظام بشدة لا تمنعه من توجيه كلمة طيبة ودعوات رقيقة لضيوف الرحمن . الشاهد الآن أنه يمكن تنظيم حج بلا سلبيات أو مشاكل كبرى ، وكلمة السر فى الالتزام بالقوانين المنظمة للحج ، لذا وجب تنفيذ حملات توعية واسعة النطاق ولتكن تحت مظلة منظمة الدول الإسلامية توعى الحجاج أولا بضرورة الحج النظامى الرسمى وعدم التحايل للسفر ، ثم توعية سلوكية مطلوبة للحجيج ، وأذكر حواراً بين حجاج حول سلبيات بسيطة ببعض المخيمات وأحدهم يشرح كيف أن سوء سلوك بشرى بحت وراء تلك المشاكل ، ويكفى نموذج لذلك أكوام الفضلات والقمامة بشوارع المشاعر رغم الكم الكبير من صناديق القمامة بالشوارع ، أليس هذا بسلوك بشرى؟ . لابد أن يتعلم الناس أن راحتهم وسلامتهم تكمن فى إتباع التعليمات والتحرك مع الجماعة واليقين بأن تقديم الحياة وحفظ النفس مقدم فى شريعتنا السمحاء عما سواهما ، ولنتعمق فى فهم الإجابة العبقرية لرسولنا الأكرم على أسئلة الحجاج « افعل ولا حرج» عندها مشاكل كثيرة ستختفى .