سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في اختيار رئيس لبنان.. غابت "واشنطن" وحضرت "الرياض".. المصالح والتربيطات الخارجية تتجاذب التيارات الرئيسية في ملء المنصب الشاغر منذ سنوات.. وإيران لاعب رئيسي على الساحة
رغم قدر الحرية الكبير الذي تتمتع بها لبنان وتنوع المشهد السياسي فيها، إلا أن لبنان كدولة عربية لها وضعها الخاص في المنطقة لا يستطيع شعبها اختيار رئيسهم بالانتخاب الحر المباشر؛ وذلك طبقا للدستور اللبناني الذي جعل حق اختيار الرئيس بيد مجلس النواب المنتخب من الشعب. وهنا يبقى اختيار الرئيس متوقفا على مدى التوافق الذي يصل إليه فرقاء السياسة اللبنانية، وتتدخل هنا المصالح الخاصة وأجندة كل تيار سياسي والولاءات التي يدين لها والتربيطات التي يقوم بها سواء في داخل لبنان أو خارجه. أما من الناحية الأهم والدامغة سياسيا فإن اختيار رئيس لبنان إنما يتوقف على اللاعبين الأساسيين من القوى الدولية والإقليمية التي يهمها مسرح الأحداث اللبناني، وكان من أهم القوى الدولية أمريكا وفرنسا، وإقليميا كانت تلعب كل من السعودية وسورياوإيران أدوارا تجاذبية لمصلحة كل بلد، حتى يتم التوافق والوصول إلى اختيار رئيسل للبنان. وقد تطورت الأحداث وظل شغر منصب الرئيس اللبناني لعامين ونصف العام بعد أن انتهت ولاية العماد ميشال سليمان في مايو 2014، واليوم نرى أن الإدارة الأمريكية قد انشغلت بالانتخابات الأمريكية التي ستجرى في مستهل نوفمبر المقبل، وكانت السعودية قد انشغلت في الفترة الماضية بسبب اكتارثها بالحرب في اليمن، علاوة على منعها الهبات التي كانت تقدمها للجيش اللبناني على خلفية منع تصويت لبنان في جامعة الدول العربية على اعتبار حزب الله اللبناني جماعة إرهابية. وقد تم تفسير ذلك بابتعاد السعودية عن المشهد اللبناني، وبالطبع فإن الظروف التي تمر بها سوريا حاليا تحد من اشتراكها في المشهد اللبناني، فلم يتبق سوى إيران التي ستنفرد بالتأثير في اختيار الرئيس اللبناني. وقد تكون تلك التداعيات السياسية السابقة دفعت جبران باسيل وزير الخارجية اللبناني ليصرح بقوله: إننا أمام رئيس صنع في لبنان، قاصدا أن الرئيس القادم هو بإرادة لبنانية خالصة. ولكن تأتي السعودية في ظهور مباغت وترسل ثامر السبهان وزير شئون الخليج لدى المملكة العربية السعودية في زيارة طويلة إلى لبنان يلتقي فيها عددا كبيرا من المسؤولين والسياسيين اللبنانيين أهمهم سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل والذي كان له الفضل بتحريك المشهد السياسي لدعمه ترشيح النائب العماد ميشال عون، في خطوة لاقت الكثير من التأييد والرفض، نظرا لأن "عون" ليست الشخصية التي عليها إجماع وطني من اللبنانيين ومرجعية ذلك لتاريخه المعروف في الحرب الأهلية في لبنان. وتأتي زيارة "السبهان" في دليل واضح لتأييد السعودية لصفقة "الحريري" و"عون" ليصبح سعد الحريري رئيسا للحكومة اللبنانية بعد وصول ميشال عون لقصر بعبدا وجلوسه على مقعد الرئيس. ويحفل جدول الوزير السعودي في لبنان بلقاءات مع مجموعة كبيرة من الشخصيات اللبنانية تشمل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومفتي الجمهورية اللبنانية والشيخ عبداللطيف دريان، ورئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون، ورئيس حزب القوات سمير جعجع، والرئيس السابق ميشال سليمان، والرئيس الأسبق أمين الجميل، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة تمام سلام، ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة، ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، فضلا عن لقاء سيجمعه مع الحريري. ومما يؤكد مباركة المملكة السعودية دعم "الحريري" ل"عون" هو امتداد زيارة الوزير السبهان لحضوره جلسة انتخاب "عون" الإثنين المقبل.