لا يزال قانون الجمعيات الأهلية المقدم من الحكومة للبرلمان لإقراره يثير الجدل، بين معترض عليه يرى أنه مخالف فى كثير من مواده للدستور، ومرحب به يؤكد أن به مكتسبات عديدة لم تتضمنها القوانين السابقة التى حاولت تنظيم العمل الاهلى فى مصر، لذا كان لزامًا علينا الاستماع إلى وجهتى النظر، عبر مناظرة أجريناها، بين اثنين من قيادات العمل الأهلى فى مصر، حول رؤيتهم لبنود مشروع القانون الجديد. الأول هو أيمن عقيل، رئيس «مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان» الذى يرفض بشكل قاطع بنود مشروع القانون، مؤكدًا أنه سيلاحقه قضائيًا إذا خرج بشكله الحالى من مجلس النواب، مشيرًا إلى أن القانون لم يترجم مواد الدستور بشكل جيد، وإنه سيتقدم بمشروع جديد لمجلس النواب خلال أيام. الثانية هى داليا زيادة، مدير المركز المصرى للدراسات الديمقراطية الحرة، التى وصفت مشروع القانون بأنه جيد، مشددة على أنه سيجبر المنظمات والجمعيات الأهلية بتوفيق أوضاعها، مؤكدة أنه يحتوى على عدة مكتسبات، أبرزها إمكانية إشهار الجمعيات بمجرد الإخطار، وحظر حل الجمعيات إلا بحكم قضائى. أيمن عقيل رئيس "ماعت للسلام": قانون الجمعيات الأهلية غير دستوري.. وسنلاحقه أمام القضاء رفض أيمن عقيل رئيس مؤسسة «ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان» مسودة مشروع قانون وزارة التضامن الاجتماعى الخاصة بالجمعيات الاهلية. وقال عقيل: إن القانون لم يعرض على عدد كبير من ممثلى المجتمع المدنى، مشيرا إلى أنه يحتوى على الكثير من المواد المخالفة للدستور، مؤكدا أنه كان يجب وضع آلية أكثر عملية لاختيار المشاركين فى الحوار، إضافة إلى ضرورة طرح مسودة مشروع القانون للنقاش المجتمعى. ■ هل وجهت الدعوة لكم للمشاركة فى مناقشة مسودة القانون؟ - المؤسسة لم تتلق أى دعوة بهذا الشأن، والوزارة اكتفت بدعوة مجموعة ترى أنهم ممثلون عن المجتمع المدنى المصرى، وهو أمر غير حقيقى، ونظرًا لاستحالة اجتماع ما يقرب من 47 ألف جمعية، فكان يجب وضع آلية أكثر عملية لاختيار المشاركين فى الحوار، إضافة إلى ضرورة طرح مسودة مشروع القانون للنقاش المجتمعى. ■ وماذا بعد طرح القانون فى بعض وسائل الإعلام.. هل لديكم ملاحظات؟ - نحن نرفض مقترح وزارة التضامن الاجتماعى لمسودة مشروع القانون، لأنه لم يعرض على عدد كبير من ممثلى المجتمع المدنى، إضافة إلى أنه يحتوى على الكثير من المواد المخالفة للدستور، وما تضمنه من نصوص ومكتسبات للعمل الأهلى المصرى. ■ قيل إنكم تعدون مشروع قانون لعرضه على مجلس النواب؟ - المؤسسة تستعد لتقديم مشروع قانون إلى مجلس النواب، ويأتى هذا المشروع استخلاصًا من مجموعة الأوراق البحثية التى أعدتها المؤسسة حول هذا القانون، وهو رؤية شاملة لمشروع قانون ينظم العمل الأهلى فى مصر للمؤسسات الحقوقية والتنمية، وغيرها من المؤسسات التى تعمل فى مجال العمل الأهلى. ■ ما أبرز ما تضمنته الورقة؟ - لدينا الكثير من الملاحظات، منها ضرورة تعديل المادة 11 من القانون، عن طريق توضيح كامل لمفهوم المصطلحات المطاطة، مثل مصطلح تهديد الوحدة الوطنية، أو مخالفة النظام العام، أو الآداب، أو الدعوة إلى التمييز بين المواطنين، بسبب «الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو العقيدة»، وطالبنا بتعديل القانون ليصبح الانتساب أو الاشتراك فى الجمعيات أو المؤسسات الدولية حقًا أصيلًا لجميع المنظمات بمجرد الإخطار، مع الاحتفاظ للجهة الإدارية بالحق فى اللجوء للتقاضى لوقف ما تراه مخالفًا. ■ وما أوجه الاعتراض على وجه التحديد على مشروع القانون؟ - المادة 48 من المشروع، وكذلك المواد المتعلقة بتعزيز سلطة الجهات الإدارية، والتى تعطى الحق فى التدخل فى عمل الجمعيات والمنظمات والمؤسسات، وكذلك تعيين أعضاء مجلس الإدارة، إضافة إلى أن المسودة النهائية رفعت سقف مبلغ الإشهار إلى 50 ألف جنيه. ■ ماذا ستفعلون فى حالة إقرار القانون بصورته الحالية؟ - إقرار قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية بهذا الشكل، سيشكل فصلًا جديدًا فى نضال الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ويعد فصلًا مكملًا لما بدأ فى سنة 2002 مع القانون رقم 84، وسنلاحق هذا القانون قضائيًا، لأنه لا يعبر عن طموح الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ولا يمكن العمل الأهلى فى مصر من ممارسة دوره، ولم ينه المخاوف التى كانت مثارة لدى العاملين فى هذا المجال من قانون 84 بل أضاف إليها كثيرًا من التفاصيل. ■ مسودة مشروع القانون الجديد..هل أفرغت المادة الدستورية من مضمونها؟ - المسودة لم تترجم جوهر المادة الدستورية التى تضمنت الكثير من الجمل التى تمكن وتعزز العمل الأهلى من القيام بدوره المنوط به، لذلك سوف نطعن عليها لمخالفتها الدستور المصرى المقر فى يناير 2014، وسنسقطها حتمًا، لأن من السهل الحصول على حكم بعدم دستورية موادها، الذي تجلى فى تفاصيلها وشكلها المخالفات. ■ وماذا عن المواد المنصوص عليها فى مشروع القانون والخاصة بالاتحادات الإقليمية والنوعية؟ - مشروع قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية المقدم من الحكومة، لم يتضمن تفاصيل تتعلق بالدور المنوط به كل من الاتحادات الإقليمية والنوعية والاتحاد العام، ومن الضرورى أن يتضمن ما يعزز ويقوى دور الاتحادات الإقليمية والنوعية، وكذلك الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، مع ضرورة أن يكون تشكيل كامل أعضاء مجالسها بالانتخاب. داليا زيادة مدير المركز المصرى للدراسات: قانون الجمعيات الأهلية "جيد" ويلزم الجميع بتعديل أوضاعه قالت داليا زيادة، مدير المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة، إن مسودة قانون الجمعيات الأهلية التى وافقت عليها الحكومة تعبر عن طموحات وأحلام الجمعيات والمؤسسات الأهلية التى سبق وأن طالبوا بها فى القانون القديم، برغم أن كثيرًا من المواد المقررة فى القانون المشار إليه كانت سببًا فى الخلاف بين المنظمات والجهات الإدارية ووزارة التضامن الاجتماعى على وجه التحديد، لكن فى ضوء ما تضمنته مسودة القانون الجديد، فإن تلك المنظمات لم تعد لديها حجة فى تقنين أوضاعها. ■ البرلمان يستعد لمناقشة قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية بعدما وافقت عليه الحكومة المصرية.. ما رأيك فى هذه المسودة؟ - فى رأيى مسودة القانون التى وافقت عليها الحكومة فى وقت سابق وهى نسخة المشروع المعدة من قبل الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية جيدة جدًا، وتعبر عن طموحات وأحلام الجمعيات والمؤسسات التى تنادى بها منذ إقرار القانون رقم 84 لسنة 2002، وتحقق أغلب المطالب التى ينادى بها المجتمع المدنى الفترة الماضية. ■ إذن هناك تفاصيل ومواد ترين أن إضافتها تعد نقلة مهمة فى تحقيق المزيد من المكاسب لمنظمات المجتمع المدني؟ - بالفعل، فمشروع القانون الجديد يتضمن الكثير من المكتسبات التى نص عليها المشرع المصرى فى الدستور، ومنها حق الإشهار بمجرد الإخطار بشرط استيفاء جميع المستندات، وحظر حل الجمعيات والمؤسسات الأهلية أو مجالس إداراتها إلا بأحكام قضائية. ■ ماذا عن الجمعيات التى لم تقيد تحت مظلة القانون رقم 84 لسنة 2002؟ - كثير من المواد الموجودة فى القانون المشار إليه كان سببًا فى الخلاف بين المنظمات والجهات الإدارية، ووزارة التضامن الاجتماعى على وجه التحديد، وكان سببًا فى لجوء بعض المنظمات والمؤسسات للهروب من القانون والتسجيل بصفات أخرى مثل شركة أو مكتب محاماة أو حتى عيادة طبية، لكن فى ضوء ما تضمنته مسودة القانون الجديد، أظن أن تلك المنظمات لم تعد لديها حجة تخص هذا الأمر، وعليها اليوم وليس غدًا توفيق أوضاعها وفقًا للقانون، الذى سوف يحدث نقلة نوعية فى آليات عمل المجتمع المدنى المصرى فى جميع المجالات سواء الحقوقية أو التنموية. ■ ما تقييمك للجنة المقترحة للفصل فى طلبات تلقى التمويلات الأجنبية؟ - أظن أن اللجنة يمكن أن تعمل بشكل كبير على تيسير وتسهيل العمل الأهلى، لا سيما تلك المنظمات والمؤسسات التى تحصل على منح وتمويلات أجنبية، وكانت تواجه الكثير من التحديات فى الاستفادة من تلك الأموال، لكن فى ضوء وجود لجنة كل شغلها هو الفصل فى تلك الطلبات، أعتقد أنها سوف تسهل الكثير من الإجراءات على المؤسسات والجمعيات، وأن تفصل فى طلبات حصولهم على تمويلات أجنبية بشكل سريع نسبيًا. ■ البعض ينتقد هذا المشروع لأنه لم يطرح للنقاش المجتمعى.. ما تعليقك؟ - مسودة قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية التى وافقت عليها الحكومة والمقرر عرضها على مجلس النواب لمناقشتها خلال أيام قتلت بحثًا، لأنها محل نقاش مجتمعى منذ ثلاث سنوات بين الحقوقيين والحكومة، ومؤخرًا تمت الموافقة عليها، نحن بصدد مناقشة جديدة يكون البرلمان طرفًا فيها، وأرجو أن يكون مشروع القانون بشكله الحالى بداية صفحة جديدة فى علاقة سوية ومثمرة بين الحكومة والمجتمع المدنى، خصوصًا المنظمات الحقوقية. ■ البعض يقول إن المنظمات الناشطة فى مجال حقوق الإنسان، المصريون ساخطون عليها، كيف ترين ذلك وهل يمكن للقانون إصلاح شيء منها؟ - من المؤسف أن يكون الحديث عن الحقوق المدنية والسياسية مزعجًا لقطاع واسع من المصريين، ويرجع ذلك إلى وسائل الإعلام التى صورت لهم أن المنظمات الحقوقية عملاء لقوى خارجية تستهدف هدم مصر، بالفعل لدينا منظمات تتعمد لعب دور سياسي وليس حقوقيًا، وأخرى أساءت استغلال علاقتها بالغرب للإضرار بمصر، وتغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن، وبعض المنظمات وصل بها الأمر إلى تكسير القوانين المنظمة لعمل المجتمع المدنى ورفض الخضوع للقانون، وهذا هو الواقع، لكن الأكثر واقعية أن هذه المنظمات أعدادها قليلة جدًا بالنسبة للمجتمع الحقوقى الضخم قدرًا وعددًا، القانون يزيل المبررات التى كانت تتخذها تلك المنظمات ذريعة للهروب من الخضوع للقانون والآن لم يعد لديها مبرر.