تشهد السواحل الليبية ارتفاعا غير مسبوق في أعداد المهاجرين غير الشرعيين منذ حلول فصل الصيف، حيث يحاول مئات الأفارقة يوميا العبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط في ظل تحسن الأحوال الجوية قبيل حلول فصل الخريف. ويعد ذلك تحديا للسلطات الليبية وخفر السواحل الإيطاليين الذين يخشون من غرق عدد كبير من المهاجرين بسبب حالة القوارب المستخدمة والإبحار في ظروف غير آمنة. كما تشهد السواحل الليبية، نظرا للاضطرابات الأمنية في البلاد، تصاعدا مضطردا في حركة الهجرة غير الشرعية حيث يخوض المهاجرون الأفارقة الحالمون ببلوغ أوروبا سباقا مع الوقت ليستقلوا مراكب الهجرة قبل حلول فصل الخريف وسوء الأحوال الجوية. وفي ظل انشغال السلطات الليبية بالمعارك ضد عناصر مسلحة وتنظيم داعش، تنطلق أسبوعيا أعداد متزايدة من المراكب التي غالبا ما تغرق قبل بلوغها السواحل الإيطالية، الوجهة الأبرز والأقرب لدخول أوروبا. وأعلن خفر السواحل الإيطاليون أنهم نسقوا عمليات إنقاذ نحو6500 مهاجر قبالة السواحل الليبية في 40 عملية إنقاذ وهو أحد أكثر الأيام نشاطا من حيث عمليات الإنقاذ خلال السنوات الأخيرة في البحر المتوسط. ووفقا لمنظمة الهجرة الدولية، فإن أعداد المهاجرين غير الشرعيين الوافدين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط وصل إلى 200 ألف شخص منذ مطلع عام 2016 وتمكن البعض منهم الوصول بسلام إلى هدفهم، إلا أن آلاف الأفارقة لقوا حتفهم في البحر التوسط. وأكدت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أن نحو 10 آلاف مهاجر غير شرعي غرقوا في البحر المتوسط منذ عام 2014. وبعد إغلاق طريق البلقان، أصبح المنفذ الوحيد للمهاجرين الطريق البحرى عبر ليبيا التي أصبحت ممرا رئيسيا للمهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وأدت الظروف الاقتصادية المتردية في القارة الأفريقية إلى زيادة أعداد الراغبين في الإبحار من ليبيا نحو أوروبا، إلا أن الأمر أصبح تجارة مربحة للمهربين الذين يستغلون هذه الظروف ويقومون بتنظيم هذه الرحلات البحرية حيث تبلغ تسعيرة الفرد على متن القارب 400 ألف يورو. وقبيل انطلاق الرحلة، يقوم المهربون باحتجاز الراغبين في الهجرة وسط ظروف غير إنسانية في منازل بمنطقتى زوارة وصبراتة حيث تقدم لهم وجبة غذائية واحدة في اليوم انتظارا ليوم الإبحار. وتكتظ الزوارق المطاطية بعشرات المهاجرين إلا أنها مزوده بكميات قليلة من الوقود لا تكفى إلا للوصول إلى المياه الدولية ومن ثم تقوم بإطلاق نداءات استغاثة من أجل إنقاذ من عليها من قبل خفر السواحل الإيطالية أو حتى السفن العملاقة التي يتصادف مرورها بجانبهم. وفي بعض الأحيان يقوم المهربون بنقل الراغبين في الهجرة بقوارب أكثر متانة لمسافة معينة حيث يتم بعد ذلك نقلهم إلى مراكب أكثر هشاشة في عرض البحر ويعود المهربون بسفنهم الأفضل حالا إلى البر مرة أخرى لنقل دفعة جديدة من المهاجرين. ووفقا لوسائل الإعلام الإيطالية، فإن المهربين يلجئون إلى تكديس زوارق الصيد بأعداد كبيرة من المهاجرين اعتقادا منهم أنه سيتم إغاثتهم فور وصولهم إلى المياه الدولية ولكن في الواقع هذه المراكب تكون غير مهيأة للإبحار في المياه العميقة مما يزيد من مخاطر انقلابها. وبالرغم من المآسي التي يسمع عنها العالم يوميا من غرق المئات ومن بينهم نساء وأطفال وحتى رضع، يبدو أنها غير كافية لأثناء العديد من الأشخاص عن رغبتهم في خوض المخاطرة وركوب البحر. ووفقا لإحصاءات الإنتربول (الشرطة الجنائية الدولية) هناك نحو 800 ألف شخص ينتظرون على السواحل الليبية لكي يجدوا فرصة الإبحار للوصول إلى "أرض المهجر" الأوروبية، وألا تتحول الزوارق المطاطية الهشة التي يستقلونها إلى قوارب موت تزف أجسادهم وأحلامهم إلى مثواها الأخير في أعماق البحار.