«جمعية رجال الأعمال المصريين»: الطريق العالمى يضاعف تجارة بكين مع الدول العربية من 240 مليار دولار إلى 600 مليار المعبر نقطة الانطلاق الأولى لمحور «الإسكندرية- كيب تاون».. وجزء من الطريق للربط بين 65 دولة في أفريقيا وأوروبا وآسيا المشاركة في «الحرير» إسهام في الخطة العالمية لمواجهة الإرهاب يفتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى، ونظيره السودانى عمر البشير، غدا الأربعاء، ميناء أرقين البرى، لتشغيله رسميا، بحسب ما أكد مسئولون في وزارة التعاون الدولى ل«البوابة»، وذلك بعد أسبوع من التشغيل التجريبى للميناء من جانب وزراء التعاون الدولى والنقل المصريين والسودانيين، وكذلك عدد من رجال الأعمال والسفراء من البلدين، فيما أصدرت جمعية رجال الأعمال المصريين دراسة حول طريق الحرير وارتباط ميناء أرقين به، تناولت من خلاله الفوائد الاقتصادية والإستراتيجية لمصر، بعد انضمامها بهذا المعبر إلى قائمة 50 دولة يمر بها الطريق الذي تنشئه الصين حتى الآن، ومن المنتظر أن تصل إلى 65 دولة، حيث تسعى الصين من خلاله لتعظيم الاستفادة من الطريق في مضاعفة تجارتها مع الدول العربية من 240 مليار دولار إلى 600 مليار دولار، وتستهدف رفع رصيدها من الاستثمار غير المالى في الدول العربية من 10 مليارات دولار إلى أكثر من 60 مليار دولار، إضافة إلى الوصول بحجم تجارتها مع أفريقيا إلى 400 مليار دولار بحلول 2020. وأوضحت الدراسة أن الطريق يمر ب65 دولة وافقت 50 منها حتى الآن، ويربط آسيا بأوروبا وأفريقيا، مؤكدة أن مصر ستصبح مركزا للطريق، الذي يبدأ من الصين ويمر عبر تركستان وخراسان وكردستان وسوريا إلى مصر ودول شمال أفريقيا مرورا بأوروبا. الدكتور خالد عبدالعظيم، الخبير الدولى في تخطيط النقل ومدير معهد النقل سابقا، يؤكد أن طريق الحرير وارتباط مصر معه من خلال ميناء أرقين سيجعل القاهرة مركزا إستراتيجيا واقتصاديا مهما في المنطقة والعالم، وسيفتح الطريق أمامها لشراكات وتحالفات اقتصادية مهمة تجعلها دولة محورية وفاعلة في التجارة الدولية ومعبرا لمرور حركة التجارة من التنين الصينى لمختلف دول العالم. وقال إن الطريق لن يؤثر على قناة السويس، بل سيكمل دورها ويعظم الاستفادة منها، ويجعل محور إقليم قناة السويس مركزا لوجيستيا للسفن والبضائع، كما سيزيد من عدد السفن المارة بالقناة، ويحقق بالتالى إيرادات إضافية من رسوم مرورها، فضلا عن أنه سيزيد من فرص العمل ويحقق التنمية الاقتصادية المرجوة. استعادة الدور المصرى صرح فتحى محمود عبدالعظيم، رئيس قطاع التعاون العربى الإفريقى بوزارة التعاون الدولى، ل«البوابة»، بأن افتتاح معبر أرقين البرى يؤكد أن مصر تعود لدورها الريادى في أفريقيا أكثر مما كانت عليه في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مؤكدا أن دور «عبدالناصر» حينها كان لتحرير أفريقيا من الاستعمار، أما الدور الحالى فهو تحريرها من الفقر بإدخال التنمية، مشيرا إلى أن هناك لجانا مصرية تجوب الدول الأفريقية في الوقت الحالى قائلا: «مصر تتعملق بوجودها في القارة الأفريقية وبمحيطها العربى والأفريقى». وكشف عن توجيهات من قبل وزيرة التعاون الدولى بتحديث كل ملفات التعاون مع أفريقيا، مؤكدا أن هذا ما حدث بالفعل، وأنه يتم الآن تحديث وتعديل جميع اتفاقيات التعاون الاقتصادى والفنى بين مصر وأفريقيا، مؤكدا أن الفترة المقبلة ستشهد عقد عدد من اللجان المشتركة مع عدد غير قليل من الدول الأفريقية التي تجمعها مع القاهرة علاقات تعاون اقتصادى. وأعلن أن هناك تعاونا في مجال الزراعة، حيث إننا ندرس في الوقت الحالى تقديم يد العون لأفريقيا عن طريق تزويدها بالخبرات الفنية الزراعية في مقابل الحصول على المواد الخام ومنتجات زراعية من القارة الأفريقية، مؤكدا أن مصر حاليا تقوم بعمل مزارع نموذجية تمهيدا للاعتماد على القارة الأفريقية في تزويد مصر باحتياجاتها فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية، فضلا عن استغلال السوق الأفريقية باعتبارها سوقا واعدة في تشغيل المصانع المغلقة منذ ثورة 25 يناير 2011. وأضاف: في إبريل 2015 تم افتتاح معبر قسطل- أشكيت بين مصر والسودان، وخلال تلك الفترة استطاع المعبر أن يحقق نجاحا في استقبال الشاحنات من وإلى السودان، ويؤكد أن الشاحنات المحملة بالبضائع إذا أغلق الميناء لمدة ساعتين لمرور العبارة، تتراكم الشاحنات لتقف على مسافة كيلو، الأمر الذي يؤكد أن السودان سوق واعدة، مشيرا إلى ضرورة توجيه رجال الأعمال للعمل هناك وضرورة التوجه للسوق الأفريقية. فوائد الطريق ومن جانبه أكد علاء الصفتى، رئيس المنطقة الصناعية بإثيوبيا، أن طريق نقل البضائع القديم كان يستهلك وقتا أكثر فضلا عن تكلفته العالية، وأنه بمشاركته في الافتتاح التجريبى للمعبر يرى أن هذا يعتبر إنجازا لرجال الأعمال العاملين بالمنطقة الأفريقية، مشيرا إلى أن معبر «أرقين» يوفر نحو يومين من أيام نقل البضائع، فضلا عن توفير ما يقرب من إنفاق يتخطى ال700 دولار. وأضاف أن هذا المعبر أعاد التنافسية للمصنع المصرى من جديد، لأنه وفر له نحو 4800 دولار كان يدفعها ل«كونتينر» للوصول إلى «أديس بابا» التي تعتبر مركزا تجاريا لكل أفريقيا، مؤكدا أن توفير تكلفة الشحن بعد 6 شهور من العمل ستصل إلى 2000 دولار، مما يعطى لمصر فرصة التنافس. وقال ل«البوابة»، إن ذلك لا يمثل دور الحكومة بشكل بكامل، وإنما هناك أمور أخرى يجب أن تلتفت إليها الحكومة، كضرورة إصلاح منظومة الاستثمار في مصر الذي يتطلب إرادة حقيقية من الحكومة لاستعادة الاقتصاد. وطالب وزراء المجموعة الاقتصادية بالتوافق على كل القرارات والملفات التي تخدم الاقتصاد القومى، مشددا على ضرورة خروج تلك المناقشات بتشريعات وقوانين ولوائح لا تتعارض مع بعضها. وشدد على أن قانون الاستثمار الموحد ما زال لم ير النور، متهما وزارة الاستثمار بأنها لم تتخذ أي خطوات حقيقية أو جدية لإنجاز المهام المطلوبة منها في هذا الشأن. السعودية و«طريق الحرير» علمنا من مصادر سعودية مطلعة بأن هناك مباحثات مع مصر بشأن المشاركة الإيجابية لمرور طريق الحرير بالأراضى السعودية، نظرا لموقعها الجغرافى وبما يتوافق مع رؤية الملكة 2030، خاصة أن مصر برز دورها بعد الإعلان عن قرب موعد الافتتاح الرسمى لمعبر «أرقين» الذي يمثل دور مصر في الاشتراك في ذلك الطريق. وجاءت تصريحات رسمية سعودية على لسان وزير التجارة والاستثمار السعودى الدكتور ماجد القصبى حول المساعى الصينية وآمالهم بالمشاركة لإنشاء طريق الحرير لربط شرق الكرة الأرضية بغربها، الذي قال إنها تنسجم مع «رؤية السعودية 2030»، الأمر الذي بدا وكأنه إعلان رسمى بشراكة السعودية في هذا الطريق التجارى الجديد الذي عرف بالجسر البرى الأوروبي الآسيوى، الذي يصل بين الصين وكازاخستان ومنغوليا وروسيا ويصل إلى ألمانيا بسكك حديدية، في مطلع التسعينات، ولكن في سبتمبر 2013، وضمن زيارة إلى كازاخستان أعلن الرئيس الصينى عن خطة لتأسيس طريق حرير جديد يصل الصين بأوروبا عرف ب«One Belt، One Road» يصل بين 60 دولة باستثمارات متوقعة تتراوح بين 4 و8 تريليونات دولار، ويستهدف تعزيز التجارة بين آسيا وأوروبا وأفريقيا إلى جانب التركيز على السلام العالمى والازدهار الحضارى. يظهر من خلال ذلك التقرير التحركات المصرية والسعودية والأفريقية على التوالى لمشاركة التوجهات الصينية الساعية لتغيير النظام الاقتصادى العالمى برمته، بالتركيز على منطقة الشرق الأوسط، واستجابة دول المنطقة لهذه التوجهات، وبالتالى تواجه المنطقة متغيرات جديدة ستسهم في تغيير المشهدين الاقتصادى والأمنى مستقبلا، وذلك على النحو التالى: تزايد التعاون الاقتصادى والتجارى: المبادرة المطروحة بشكلها الحالى تدعم التعاون الاقتصادى والتجارى بين الدول على مسار الطريق، وتيسير انسياب التجارة، وصولا إلى توحيد التعريفة الجمركية، بما يدفع مستقبلا نحو توقيع اتفاقات تجارة حرة، وتأسيس مناطق تجارة حرة على المناطق الحدودية لدول الطريق، ولكن يقوض من هذا الأمر تنامى النزاعات في المنطقة، وهو ما قد يُسفر عن فرض رسوم حمائية لبعض المنتجات من دول بعينها، أو منع استيرادها من الأساس وعلى رأسها إيران. من جهة أخرى، تعكس التحركات الصينية من خلال توقيعها مذكرات تفاهم مع الدول الواقعة على مسار الطريق التوجه مستقبلا نحو التوقيع على اتفاقية واحدة تضم هذه الدول مجتمعة، أو حتى تأسيس منظمة دولية لهذا الغرض، وفى الوقت نفسه تهميش دور منظمة التجارة العالمية، وهو ما تسعى له الصين بالأساس من خلال تقليص دور المؤسسات الاقتصادية الدولية التي يُسيطر عليها الغرب. إضافة إلى انتقال الاستثمارات من الغرب للشرق، حيث يعكس مشروع طريق الحرير ليس فقط الارتقاء في شكل وحجم التبادل التجارى بين الدول الواقعة على مساره؛ بل أيضا جذب الاستثمارات وضخها لترفيق ممرات هذا الطريق، وإنشاء مشروعات لوجستية وخدمية تدعمه، وهو ما يدفع إلى انتقال رءوس الأموال من الغرب للشرق، وهو ما تجلى في مشاركة العديد من الدول الأوروبية في «البنك الآسيوى للاستثمار في البنية التحتية»، وبالتالى يسعى البنك إلى وصل الاقتصادات الأوروبية بالآسيوية ورءوس الأموال الخليجية لتعظيم الاستفادة من طريق الحرير الجديد. وكذلك محاولات إنهاء الصراع في المنطقة، حيث أقر الرئيس الصينى في أكثر من مناسبة أن التنمية والاستقرار متلازمان، وبالتالى وضع المنطقة الحالى -من وجهة النظر الصينية- سيقوض من جهود تطبيق مبادرة طريق الحرير، لذا تطمح بكين أن يشكل طريق الحرير الجديد حافزًا لإسهام الدول الواقعة على مسار الطريق في إنهاء صراعات المنطقة، واحتواء أي توتر بينها في إطار الحفاظ على المصالح المشتركة، وبالتالى ستدعم الصين أي حلول سياسية لإنهاء هذه الصراعات، وقد يشهد المستقبل القريب مزيدًا من الوساطة الصينية لدى الحليفين روسياوإيران، وذلك بغرض التهدئة في المنطقة للبدء في التنمية القائمة على السلام والمصالح المشتركة، ومن دلالات ذلك الوساطة الصينية الأخيرة بغرض التهدئة بين السعودية وإيران. يأتى ذلك، فضلا عن الترتيبات الأمنية الجديدة في منطقة الخليج العربى، فبالنسبة لأمن منطقة الخليج العربى، فهو عنصر أساسى في الخطة الصينية الطموح، وذلك لكون دول الخليج سوقا مهمة لتسويق منتجاتها، أو لكونها منطقة عبور مهمة على مسار طريق الحرير، خاصة مع وجود موانئ عملاقة تقدم خدمات لوجيستية للسفن والحاويات، لذا لن تسمح الصين بالمساس بهذه المنطقة، ولكن حضورها فيها يتوقف على التواجد الأمريكى، ولذا لن تترك بكين أي فرصة لزيادة حضورها لاستبدال هذه المظلة الأمريكية، وقد يكون بداية هذا التواجد من خلال منافسة الاحتكار الأمريكى للسلاح الذي تبيعه لدول المنطقة، خاصة وأن بعض الدول قد بدأت بالفعل في تنويع مصادرها من السلاح في ظل تنامى الصراعات والتهديدات الأمنية بالمنطقة، ومن دلالات ذلك اتفاق مصر والصين في يناير 2016 على إمداد مصر بقائمة أسلحة متطورة. كما أن التعاون الأمنى سيظهر في تأمين شبكة الطرق، خصوصا في ظل ما تواجهه منطقة الشرق الأوسط من التهديدات الإرهابية، وتهديدات أخرى قائمة على نزاعات طائفية، وهو ما يتطلب تنسيقا وتعاونا أمنيا بين الصين ودول المنطقة لتأمين الطريق، سواء البرية أو البحرية، إضافة إلى مواجهة الجريمة المنظمة على طول هذا الطرق، وخاصة فيما يتعلق بتهريب المخدرات والسلاح، وهو ما يطرح ضرورة تأسيس كيانات لمواجهة هذه التهديدات الأمنية على غرار «منظمة شنغهاى للتعاون»، وبالتالى سيكون للصين دور ملموس في التأمين والتنسيق الأمنى مع دول المنطقة للحفاظ على انسياب التجارة بين هذه الدول.