على الرغم من سنها الصغير الذي لا يتجاوز ال35 عامًا، إلا أن ما تعرضت له من آلام وابتلاءات من المولى عز وجل، يحتاج 100 عام فوق سنها الطبيعي.. امرأة لم يثقل كاهلها المرض، بل أعطاها الله صبرا على الشدائد، وعزما على مواجهة المرض اللعين الذي لم يصبها فقط، ولكنه أصاب زوجها وأولادها الأربعة، ورغم ذلك تجد الابتسامة لا تفارق وجهها البشوش، آملة في رحمة الله تعالى بشفاء أولادها قبل شفائها. الحاجة سهير حامد من مواليد مركز الشهداء بمحافظة المنوفية، وهى زوجة وأم لأسرة مكونة من 4 أطفال، تعيلهم من كدها وعرقها، بعد أن تركهم والدهم لوفاته متأثرا بإصابته بمرض السرطان، وكأن الله اختارها ليبتليها ويختبر قوة إيمانها وصبرها، وكانت أهل لذلك الاختبار بتفاؤلها وثقتها في قدرة رب العالمين على شفائها وأولادها الأربعة من مرض السرطان اللعين. لاحظ موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى الأراضي المقدسة، أثناء استقبال بعثة أسر شهداء الشرطة والمصابين من الأفراد والمجندين، حاجة تبدو على ملامحها الفرحة الغامرة بعد انتهائها من أداء مناسك العمرة.. فرحة اختلطت بالدموع، في الوقت الذي بدى فيه وجهها شاحبا.. وعندما رأت ملاحظتي لها، طلبت التحدث معي، وقالت "أنا اسمي سهير حامد، وعرفت أن حضرتك صحفي من كارت الهوية.. ممكن أتكلم معاك.. أنا عايزة أشكر وزير الداخلية". كلمات الحاجة سهير كانت غريبة نوعا ما عن كلمات باقي الحجاج الذين وجهوا الشكر لبعثة حج القرعة على اهتمامهم بحجاج بيت الله الحرام، وتذليل كل العقبات أمامهم لأداء المناسك في سهولة ويسر؛ وذلك نظرا لإصرارها على التحدث وتوجيه الشكر لوزير الداخلية. وعند سؤالها عن سبب هذا الشكر بتلك الطريقة، قالت "أنا أتيت لأداء فريضة الحج وبرفقتي شقيقي إسماعيل، الذي يعمل عامل بسيط، ولم يكن معنا جنيه واحد !!"، فقاطعتها لأفهم كيفية سفرها، ولكنها قاطعتني أيضا، وقالت إنها تريد أن يعلم الجميع قصتها، لعلهم يخرجون منها بدرس في الصبر والرضا بقضاء الله وقدره. وقالت الحاجة سهير "أنا زوجي توفى بسبب إصابته بمرض السرطان، وفوجئت بإصابتي وأولادي الأربعة بنفس المرض اللعين، وبدأت في رحلة علاج أولادي أولا من خلال مستشفى سرطان الأطفال (57357)، وبدأت أيضا الحصول على جلسات الكيماوي في معهد الأورام، ونظرا لضيق الحال، والحمد لله تمكنت من الإقامة بإحدى دور الرعاية بالمقطم مجانا، نظرا لعدم قدرتي على تحمل مصاريف السفر أسبوعيا، للاطمئنان على أولادي بالمستشفى من جانب، والحصول على جلسات الكيماوي الخاصة بي من جانب آخر". وأضافت الحاجة سهير أنها فوجئت ذات يوم بزيارة من عدد من مسئولي وزارة الداخلية مستشفى سرطان الأطفال (57357)؛ حيث كانت تطمئن على أولادها الدين يتلقون العلاج بالمستشفى، ولم تبال بتلك الزيارة على الرغم من كونها "وش السعد" عليها بعد ذلك؛ حيث فوجئت بعد يومين باتصال على هاتفها المحمول من شخص يقول إنه وزير الداخلية، فعنفته على تلك الدعابة السخيفة حسب قولها، وأغلقت الخط في وجهه.. ولكنها فوجئت باتصال آخر من رقم مكتبي، وعندما ردت على الاتصال، قال لها المتصل "أنا اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية.. مبروك عليكي يا حاجة سهير. إنتي حتحجي السنة دي مع بعثة القرعة على نفقة الوزارة". بعد سماع الحاجة سهير لهذه الكلمات التي نزلت عليها كالصاعقة، سقط الهاتف من يديها، ولم تصدق ما سمعته، وهنا واصل وزير الداخلية المكالمة حتى التقطت الهاتف مرة أخرى، غير مصدقة لاستجابة المولى عز وجل لدعوتها التي دائما ما تمنت تحقيقها، بزيارة بيته الحرام.. وأخبرها وزير الداخلية أنه سيرسل ضابطا لها لإنهاء كل إجراءات سفرها وشقيقها إسماعيل إلى الأراضي المقدسة. وأضافت الحاجة سهير أنها بمجرد وصولها إلى مكةالمكرمة، قامت بأداء العمرة، مشيرة إلى أنها دعت عندما وجدت نفسها لأول مرة أمام بيت الله الحرام، بأن يجعلها الله من المستجاب دعاؤهم، لدعائها المستمر لأولادها المرضى بالشفاء من مرضهم اللعين. وأعربت الحاجة سهير عن أملها في رؤية اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية عند عودتها بسلامة الله إلى أرض الوطن، لشكره على دعوته الكريمة ولفتته الإنسانية، التي عوضتها عن صبرها على المرض الفتاك الذي هاجم ومازال يهاجم أسرتها الصغيرة، مؤكدة أنها وجدت فيه الأب الحنون، والشقيق المخلص، لافتة في الوقت نفسه إلى أن وزير الداخلية أعطى لها رقم هاتفه الخاص، وطلب منها سرعة الاتصال به في أي وقت لتلبية أي مطلب لها. ثم انصرفت الحاجة سهير وهى فرحة بالأجواء الروحانية في الأراضي المقدسة، بعد أن حملتني أمانة نشر قصتها؛ لتكون مثالا للمرأة المؤمنة الصابرة على ابتلاءات المولى عز وجل، والأم المصرية القوية التي تتحمل الآلام والمشقة من أجل مصلحة أولادها.