تحفظ مصرفيون على شرط صندوق النقد الدولى للموافقة على حصول مصر على 12 مليار دولار قرضًا، خاصة ما يتعلق بتخفيض معدلات الدين المحلى مقابل الناتج القومى من 8٪ إلى 2٪ وزيادة حجم المدخرات لتصل إلى 30٪ من الناتج القومى. وكشف مصدر مصرفى عن أن الحكومة تتجه لشراء البنوك ديون الحكومة عبر مبادلة ديون الحكومة على البنوك والتى ضختها الحكومة لتحسين المراكز المالية للبنوك وعدم تحصيل الحكومة لأرباح البنوك خلال المرحلة الماضية. وأظهرت أرقام صادرة عن البنك المركزى أن حجم الودائع بما فى ذلك الحكومية يقترب من حاجز 2 تريليون جنيه، منها 1.6 تريليون ودائع غير حكومية و1.3 مليار جنيه ودائع بالعملة المحلية بنهاية إبريل الماضى. وقال إسماعيل حسن، رئيس مجلس إدارة بنك مصر إيران، ومحافظ البنك المركزى الأسبق، إننا نمر بأزمة حقيقية ومؤقتة والحل الجذرى هو زيادة معدلات الإنتاج المحلى، وتحسين جودة المنتج المحلى لينافس المنتج الأجنبى، وفى ذات الوقت تقليل معدلات الاستيراد. وأشار حسن إلى أن أغلب البنوك لا تمتلك السيولة الكافية التى تمكنها من مبادلة الدين الحكومى لخفض نسبته، مؤكدا أنه من الصعب أيضا الوصول فى الوقت الحالى إلى زيادة المدخرات لتصل إلى 30٪ من الناتج القومى، فى ظل ارتفاع أسعار السلع، لأن المدخرات عبارة عن الأموال الزائدة عن حاجة الفرد، وارتفاع الأسعار يلتهم المدخرات. وكشف ماجد فهمى، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، عن أن مبادلة الدين مع البنوك أمر فى غاية الخطورة وقد يعرض ودائع العملاء للخطر، فى ظل تعريض ودائعهم لاحتمالات المكسب والخسارة، لافتا إلى أن البنوك ظلت على مدار الأعوام السابقة رغم الأزمات السياسية والاقتصادية أحد أعمدة الاستقرار وبالتالى لا يجب تغيير تلك الصورة. وتوقع فهمى أن يبدى البنك المركزى اعتراضه على جزئية مبادلة الدين بصفته المسئول الأول عن ودائع العملاء بالبنوك. وأكد طارق حلمى رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى الأسبق، وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس حاليا، أن جميع الخطط المطروحة من قبل الحكومة ستخضع للدراسة أمام البنوك لبحث إمكانية تطبيقها ومدى تأثير ذلك على المراكز المالية للبنوك. وكشف عن أن خطة الحكومة المذكورة معروضة أمام البنوك لبحث الجدوى الاقتصادية لمبادلة الديون، وبحث المشروعات المعروض على البنوك المساهمة فيها لمبادلة الدين، مشيرا إلى أن الأمر سيختلف بطبيعة الحال بين البنوك الحكومية ومثيلاتها من البنوك الأجنبية لأن التفاهم مع البنوك الحكومية سيكون متاحا بشكل أكبر بالنسبة للحكومة. أما عن زيادة حجم المدخرات فقال حلمى إن لكل بنك آلية معينة يتمكن من خلالها من زيادة شريحة العملاء المتعاملين معه عن طريق طرح منتجات جديدة تتناسب معهم لزيادة حجم الودائع. ولفت إلى أن زيادة حجم المدخرات والودائع من شأنه أن يعمل على زيادة حجم الاستثمارات لدى البنوك وبالتالى زيادة حجم الأرباح، مما يعمل على تحسين المراكز المالية للبنوك، مشيرا إلى أن ترشيد الاستيراد يعد إحدى أهم خطوات الإصلاح الاقتصادى. حسين رفاعى، عضو مجلس الإدارة ورئيس المجموعة المالية بالبنك الأهلى المصرى، أكد أن زيادة حجم المدخرات تأتى عن طريق توسيع منظومة الشمول المالى وتوجيه جميع عمليات السداد للمصروفات الحكومية إلى المنظومة البنكية مما يفتح الباب أمام تشجيع الادخار بالبنوك. وأضاف أن البنوك تستثمر فائض السيولة فى أذون وسندات الخزانة خاصة فى ظل تضاؤل حجم التداول بالبورصة وضعف فرص الاستثمار فيها وغياب الفرص الاستثمارية الحقيقية، وبالتالى يكون الاستثمار فى أدوات الدين الحكومى هو الحل الأمثل، مشيرا إلى أن الأوضاع الاقتصادية سوف تشهد انفراجا بعد الحصول على دفعات قرض صندوق النقد الدولى. أما عضو المجلس المصرى للشئون الاقتصادية محمد فاروق فقد أكد أن البنوك تقوم بتوظيف فائض السيولة لديها أولا بأول فى أدوات الدين الحكومى ومع زيادة معدلات طروحات أدوات الدين الحكومى من أذون وسندات خزانة من قبل وزارة المالية تراجع فائض السيولة بالبنوك، وبالتالى يصعب عليها القيام بعملية مبادلة الديون. وطالب فاروق الحكومة بضرورة الإعلان عن حجم مساهماتها فى دعم رؤوس الأموال والمراكز المالية للبنوك، والوزن النسبى للدين المحلى. وأشار إلى أن استمرار أزمة عجز الموازنة جعل اقتراض الحكومة أمرا لا نهاية له، حيث تطرح المالية أذون وسندات الخزانة الحكومية بشكل مستمر لسداد الديون السابقة، مشيرا إلى أن مبادلة الدين من شأنها أن ترفع رؤوس أموال البنوك بما يؤثر سلبا بشكل مباشر على قائمة الدخل لتحول الدين إلى أحد الأصول المملوكة للبنك. وأوضح فاروق أن خطة زيادة المدخرات بالبنوك مطروحة منذ عشرات السنوات دون طرح أدوات حقيقية لتنفيذ ذلك، ويأتى ذلك فى ظل سحب البورصة جزءا كبيرا من المدخرات بالبنوك، بالإضافة إلى عدم تغير الثقافة السائدة بالمجتمع حول أن الفائدة البنكية تحمل شبهة الربا، مما تسبب فى عزوف قطاع كبير من المجتمع عن التعامل مع البنوك، مشيرا إلى أن فكرة تضاؤل المدخرات مع الزمن يؤدى أيضا إلى عزوف العملاء عن التعامل مع البنوك، لذا لابد من وضع آلية مرنة لأسعار الفائدة على الودائع كما هو الحال فى الصيرفة الإسلامية.