فى مطلع القرن الماضى شهد العالم أهم حدث فى القرن العشرين بقيام ثورة أكتوبر 1917 الشيوعية فى الاتحاد السوفيتى بقيادة لينين لتطيح بالقيصرية الروسية العريقة.. ولتتبنى المبادئ الماركسية والتى تتمحور حول المادية الجدلية وفائض القيمة.. ولكن لم يمنع ما وجه إلى النظرية من قصور وخلل فى الحريات من أن نقرر بأن الاتحاد السوفيتى استطاع أن يختزل كثيرا من مراحل التطور التاريخى ويصبح قوة نووية عظمى. وكان الحديث عن الاتحاد السوفيتى كقوة عظمى فى هذه المرحلة، هو حديث بالمقابل عن مصير النظام الدولى الذى ارتبط بنظرية القطبية الثنائية وتوازن القوى، وأيضا ارتبط بمدى حرية الحركة والمناورة السياسية الدولية التى تمتعت بها بلدان العالم الثالث فى الحرب الباردة، والمواجهة السياسية والأيديولوجية بين معسكرى الشرق والغرب.. ولعل الحاجة إلى تلك المساحة من المناورة الدولية تطلبها كثير من الدول الآن فى عودة مناخ دولى أقل ضغوطا من الولاياتالمتحدة والغرب. بعد أن شعر المجتمع الدولى بأن النظام الدولى على حافة الهاوية وأشرت فى مقالى السابق إلى أن النظام الدولى ينتحر انتحارا ذاتيا.. وهذا الإحساس تولد لدى المجتمع الدولى بعد ما جرى فى الانقلاب العسكرى على مجرم الحرية أردوغان من أحداث مهينة ودامية تحت سمع وبصر بل بتخطيط ودعم ومشاركة أمريكية عسكرية مخابراتية سافرة لسحق هذا الانقلاب سيأتى تداولها لاحقا. وقد شهد العالم أيضا مع مطلع القرن الماضى 1918 الانقلاب الجمهورى الماسونى فى تركيا بقيادة مصطفى كمال أتاتورك الذى ألغى الإسلام فى تركيا وجعلها دولة علمانية وأعلن عن انقلاب اجتماعى فى تركيا يتناول الشئون السياسية والتشريعية والقضائية والاقتصادية، حتى الشئون الأدبية والعلمية. والحقيقة أن كمال أتاتورك الماسونى قام بتنفيذ المخططات الصهيونية الماسونية الغربية فى هدم الإسلام وبيع فلسطين إلى اليهود بعد أن رفض سلطان تركيا المخلوع هذا المطلب الذى طلبه منه اليهود مقابل سداد ديون تركيا.. فقام العميل أتاتورك بالانقلاب الجمهورى وأخذ اليهود أرض فلسطين دون مقابل ولا يزال كمال أتاتورك بعد موته جاثما على تركيا المسلمة حتى الآن بمبادئه ورجالاته الماسونية الذين يطبقون سياسته ومبادئه لتدمير الدول العربية والإسلامية من خلال العميل الأمريكى الماسونى الجديد أردوغان.. ومن خلال الوعود الأمريكية له لحكم الخلافة الإسلامية التى يحلم بها ورمى أردوغان نفسه فى أحضان الولاياتالمتحدة وسرقا سويا البترول العربى بالتعاون مع داعش الجناح العسكرى الإرهابى لأمريكا وأردوغان.. وأصبحت إسطنبول المقر الأساسى لداعش ونصحت الولاياتالمتحدة أردوغان بإعادة هيكلة القوات المسلحة التركية وإنشاء قوات موازية للجيش التركى تكون خاصة به على أن تكون من تشكيلات من داعش وميليشيات جماعات الإخوان الإرهابية وعناصر من حزب العدالة والتنمية.. ونفذ أردوغان توجيهات الولاياتالمتحدة ووضع هيكلا تنظيميا إخوانيا مكونا من خلايا عنقودية نفس أسلوب الإخوان المسلمين فى تكوين تقسيمات الإخوان وامتلك أردوغان الشفرة الإخوانية السرية التى من خلالها يتم تنفيذ خطة التعبئة والحشد والانتشار وبداية تنفيذ العمليات المطلوبة.. وهو الأمر الذى شاهدناه جميعا فيما جرى فى قمع الانقلاب، حيث تم نزول هذه الميليشيات إلى الشوارع بنفس الوجوه الإرهابية الإخوانية المجرمة. وكانت الولاياتالمتحدة قد قامت بزرع عملائها داخل مؤسسة الرئاسة التركية والمخابرات العامة ورئاسة أركان الجيش التركى وجهاز الشرطة بحيث تجمعت لديها خيوط المعلومات الخطيرة عن كل صغيرة وكبيرة تتم داخل الدولة وفى أسرع وقت.. وهيمن الأمريكان على صنع واتخاذ القرار التركى ولعبوا بأردوغان والأتراك كيفما شاءوا وتدهورت أحوال البلاد وأصبحت تركيا على شفا حفرة من الضياع والانهيار قبل الانقلاب كما انهار التوجه القومى والهدف الأعلى لتركيا وهو قمة الخطورة لأى مجتمع أن يفقد الانتماء والهدف القومى، وضاعت هيبة تركيا بعد أن أصبحت فى نظر مواطنيها والعالم دولة إرهابية متطرفة تقف وراء كل الجماعات الإرهابية فى المنطقة العربية وفى مقدمتها جماعة داعش التى سمح لها أردوغان بالوجود شبه الشرعى فى إسطنبول وأصبحت تركيا هى التى تقوم بتسليح وتدريب ورعاية داعش وذلك بالاتفاق والتخطيط والتدبير والمشاركة الأمريكية.. وكان آخر أعمال هذه الجماعة الإرهابية المجرمة ما جرى فى الأيام القليلة الماضية فى مذبحة نيس الفرنسية المدينة الجميلة المسالمة وشعبها الوديع الطيب الراقى وأطفالها الأبرياء الأنقياء الأطهار عندما قام أحد زبانية جهنم من تنظيم داعش بهرس هذه الأرواح البريئة تحت عجلات الشاحنة التى كان يقودها ما أسفر عن 80 قتيلا وأكثر من 150 مصابا معظمهم فى حالة حرجة للغاية، وبينما العالم يعيش حالة من الحزن والأسى والألم تطاير عبر وسائل الإعلام ووكالات الأنباء نبأ الانقلاب العسكرى التركى وكانت الولاياتالمتحدة قد حصلت على معلومات أكيدة من خلال عملائها فى المؤسسات التركية الهامة والحساسة التى سبق تجنيدهم داخلها عن خطة الانقلاب وساعة الصفر وأيضا بعض أسماء قادة الانقلاب.. وأيضا تمكنت أجهزة الاتصال والتنصت الأمريكية من اكتشاف الانقلاب العسكرى للإطاحة بأردوغان ونظامه.. وتم إخطار أردوغان الذى كان موجودا وقتها فى إسطنبول بين جماعته وعشيرته وطلبت منه الهروب بسرعة إلى القاعدة الأمريكية فى جنوبتركيا والاحتماء بها قبل أن يصل إليه رجال الجيش من الانقلابيين لأن الخطة كانت تتركز فى ضرب مقر إقامة الرئيس فى إسطنبول بالطائرات لاغتياله أو القبض عليه كما أن وسائل التشويش الأمريكية المتطورة هى التى أسهمت إلى حد كبير فى إحباط خطة المنشقين عندما عطلت تماما وسائل اتصالهم ببعضهم البعض.. وكانت هناك طائرة بها مجموعة من قادة الانقلاب فى طريقها إلى إسطنبول لقيادة وتوجيه عمليات القبض على أردوغان أو اغتياله تم ضربها بصاروخ أطلق من القاعدة الأمريكية وبينما كان هناك سربان من طائرات الانقلاب العسكرى فى طريقها لدك مقر الرئاسة فى إسطنبول خرجت إليها نحو 25 طائرة مروحية أمريكية واشتبكت معها وأجبرتها على الفرار ولا يعرف أحد حتى اللحظة أين ذهبت هذه الطائرات.. وإن كانت بعض المعلومات أفادت أن طائرة نزلت فى اليونان وبها بعض رجال الانقلاب تم التحفظ عليهم. والمتتبع لتاريخ الانقلابات العسكرية فى تركيا من الستينيات من القرن الماضى (1960-1971-1980-1997-2016) يجد أن كل الانقلابات قد نجحت وحققت أهدافها فى تغيير الأنظمة التركية إلا الانقلاب العسكرى الأخير 2016 وذلك بسبب وجود متغير جديد استجد على هذا الانقلاب وهو مشاركة الولاياتالمتحدة كطرف رئيسى قوى مساند لأردوغان وضد الانقلاب العسكرى لأن الولاياتالمتحدة تعلم أن الانقلاب لو نجح سيكون ضربة قاضية للإدارة الأمريكية فالانقلابيون سيحصلون على الوثائق والتسجيلات السرية الخطيرة التى تدين الولاياتالمتحدة من خلال كشف الحقائق حول ما تقوم به من مشاركة داعش وأردوغان وعائلته فى سرقة بترول العراق وسوريا وليبيا وتقسيم الغنائم بينهم وسيفضح دور أوباما فى إسقاط المنطقة العربية وإعادة تقسيمها ومساعدة جماعة الإخوان الإرهابية على نشر الفوضى.. وأيضا مساندة داعش وتدعيمها.. وإشعال النار فى كل الوطن العربى. وليس فشل الانقلاب يعنى موافقة العالم الحر على الآلة النازية المتطرفة وإطلاق يد الإرهابى أردوغان للاستمرار فى عمليات الاعتقال وقهر وتعذيب وقتل الأتراك دون محاكمة عادلة بعد أن تمكن من طرد نحو 50 ألفا من قادة الجيش والشرطة والقضاة وشاهد العالم كيف تعامل زبانية أردوغان مع كبار القادة والأحرار على إذلالهم وامتهان كرامتهم وانتهاك شرفهم العسكرى.. لقد انكسر الجيش التركى ومات أردوغان وفشل الانقلاب.