جاءت الأحداث الأخيرة التي شهدتها تركيا الجمعة الماضية، بعد فشل محاولة للانقلاب على نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بمثابة الراحة المؤقتة للمعارضة وملايين السوريين اللاجئين في تركيا المؤيدين بدون تردد للرئيس، وهم من شاركوا بالأغلبية في رفض محاولة العصيان الذي قام به الجيش التركي والتي فشلت بعد ست ساعات. الأحداث كان لها أثرها السيئ الذي سبب الانشقاقات بين صفوف الأتراك، وأثر أيضًا على العلاقات الخارجية خاصة التي تمس الشرق الأوسط، حيث كان هناك موقف داعم من الجانب التركي للقضية السورية على وجه التحديد، خاصة بعد استضافة تركيا للمعارضة السورية في المنفى والسماح باستخدام حدودها لتمرير الأسلحة والأموال، للمعارضة في شمال سوريا، إلى جانب مرور 2 مليون لاجئ سوري، فهل بعد فشل الانقلاب هل ستتأثر السياسات الخارجية التركية، تحديدًا الملف السوري، خاصة بعد أن أبدى أردوغان تغيرات تجاه الشأن السوري، بعد تحسين العلاقات بسوريا ودعمه هجومها على الأكراد في سوريا؟ تمثل تركيا طوق نجاة للمعارضة السورية، باعتبارها الدولة الوحيدة الداعمة لها، حيث تعاني المعارضة السورية منذ بداية الثورة، وبالتالي في حال حدوث أي تغير من الموقف التركي سيكون له أثره السيئ على المعارضة السورية تحديدًا، فهناك العديد من السيناريوهات المفصلة بعد فشل الانقلاب ووضع تركيا تجاه موقفها الداعم لسوريا والعراق، أهمها أنه إذا زاد الانقسام داخل الجيش التركي، سيؤثر على قدرة الجيش التركي لتأمين الحدود و زعزعة الأمن داخل تركيا، وبالتالي سيتجه أردوغان لحماية تركيا والتخلي عن سوريا والعراق، ولذلك هذا الموقف الداعم للمعارضة السورية على وشك التغير بسبب الظروف التي تمر بها تركيا. في البداية يرى الدكتور حسن أبوطالب، مستشار الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك غموضًا في الوضع الخاص بالعلاقات الخارجية التركية بعد فشل الانقلاب الجمعة الماضى، حيث كان الوضع قبل الانقلاب يميل تجاه الملف السوري من قبل تركيا، ولكن بعد حدوث الانقلاب وفشله، أصبح الوضع في تركيا غير مستقر حتى هذه اللحظة. ورجح أبوطالب، أن تتجه الأوضاع في تركيا بعد فشل الانقلاب نحو صلاحيات غير مسبوقة للرئيس التركي "أردوغان"، بالإضافة إلى أن هناك إشارات عديدة لتغيرات في الدستور واعتماد دستور إسلامي، وهناك حديث حول إعادة بناء الجيش التركي وفق العقيدة الجديدة التي تتبع الولاء الشخصي المباشر ل"أردوغان"، وبالتالي سيكون هناك تغير كبير تجاه سوريا، وإنما الاستمرار في نفس الصيغة، وذلك من خلال دعم الفصائل المسلحة التي تواجه الجيش والنظام السوري. ومن جهة أخرى قال أحمد عطا، الباحث في الشئون الإسلامية : إن موقف تركيا من الجبهات الملتهبة مثل سوريا والعراق، بعد فشل الانقلاب الجمعة الماضي يتوقف غلى إذا كان يستمر رجب طيب أردوغان في الحكم أم لا، وإذا كان حزب العدالة والتنمية سيكون له هيمنته على الأراضي التركية خلال الأيام المقبلة أم لا. وأوضح عطا، أن تركيا تمارس لعبة حسابات التباديل والتوافيق مع الجبهات الملتهبة على حدودها في سوريا والعراق، بما يخدم مصلحتها وليست تواجهتها السياسية، خاصة بعد موقفها الداعم للجيش السوري الحر بتعليمات أمريكية، كل هذه الثوابت تتوقف على استمرار أردوغان في الحكم أم لا.