"حلوة ابتسامته لو مقالش آه، قلبه الصغير يستاهل الحياة، متخليهوش يتوجع نفسه يعيش، من غير ألم من غير تعب ما يقولش آه" كلمات الهبت مشاعر المصريين وهب من أجلها الغني والفقير في صفوف يتزاحمون للتبرع من أجل إنقاذ ملائكة الرحمن المتعبة قلوبهم، القاسية مصائرهم الراضون بالوجع، فمن منهم كان يعلم أن الآهة ستصير رفيقا لعالمه الصغير، ومن منهم كان يدري أنه سيهجر دنيا اللعب والدمي والمراجيح ويجلس بجوار أمه كالشيخ المسن يخشي الحركة على قلبه المجهد بالأوردة والشرايين، يقينا لم يختار هؤلاء الملائكة مرافقة الأسرة البيضاء طوعا، كما لم يدر لخلد والديهم الفقراء أن رحلة الأمل في الشفاء باتت هي الأصعب من عبور محيط والأقسى من صعود الفضاء حيث كانت حكايتنا مع طفل مصر "كريم". بدأت الحكاية بتلقي رسالة استغاثة من والد كريم، وطلبه المساعدة والتسجيل، انتقلنا على الفور نحو مستشفى أبو الريش للقاء أسرة الطفل ابن ال 90مليون مصري، صاحب ال 8 سنوات، طفل محافظة الفيوم الذي يحاصره الموت والمرض وطوابير الانتظار، وبعد رحلة دامت لساعات بالمستشفى بحثا عن حل لمشكلة كريم، لم نجد أمامنا الا عرض التفاصيل والاستغاثة بطبيب القلوب. وجه كالقمر وبراءة لم تخلق إلا لتزين وجه كريم صاحب القلب الصغير المصاب بمرض القلب، ابتسامة في ظاهرها الفرحة وفي با طنها العذاب، ثياب شتوية لا تتناسب مع فصل الصيف، خوفا من نزلات البرد، ودعوات تتطاير لفضاء الله بكفه الصغير تستجدي الجميع أن يمهلوا أنفاسه المرهقة التي اعتزلت اللعب مع رفاقه بعض الوقت ليستريح، ولكن ما من مجيب!. لا مجال للعب مع الحيوانات الصديقة في قريته، لا حديث عن مشاركة في ماتش لكرة شرابية، ممنوع من الجري أو حتى السير على الأقدام، وحالة اقتصادية محتضرة لا تسمح للأبوين بشراء لعب ترفيهية، أو تمكنهم من شراء أدوية القلب باهظة التكاليف. أما محمود، فهو والد الطفل وهوشاب ثلاثيني العمر، معاق حركيا في قدمه اليمني، رجل سريح على باب الكريم، لديه 3 من الأطفال، من بينهم كريم، يكفيهم وجبتين يوميا بالكاد-حسب قوله جاء كريم من الفيوم تاركا قريته الفقيرة وبيته المستغيث من الحرمان فارا إلى العاصمة وغناها حاملا مالا يطيق حمله من الأشعة والتحاليل والتقارير التي تؤكد جميعها أنه بحاجة ماسة لعمل جراحة تصحيحية لعملية قلب مفتوح أصابته بارتجاع، جاء يهرول وأمه التي افترشت كل أرصفه المستشفيات بحثا عن الطبيب الرحيم مجدي يعقوب، حتى أخبرها البعض بأنه سيأتي أبو الريش، لكن المعلومة أيضا كانت مجرد تسريب كاذب. "انا ما بلعبش، عشان قلبي واجعني، بقعد جنب أمي عشان لما بقوم بتعب وقلبي بيوجعني، عايز قلبي يبطل يوجعنى واروح المدرسة زى العيال واجري مع اخواتي وتبطل أمي تشيلني عشان أنا بقيت راجل"-كلمات قالها الصغير سنا الضعيف قلبا الكبير عقلا والرحيم بأمه وأبيه. وفجأة ومن دون سابق إنذار وأثناء الحديث سقط الطفل سهوا من بيننا جمعيا وراح في إغماء أمام مستشفى أبو الريش، الرحلة كانت شاقة، التغذية الصحيحة رفاهية لم تكتب لأمثال كريم، لذا قرر عقله الانسحاب الوقتي من واقعه المرير، رحمة بوجعه. ليبقى حديث الأبوين انت فين يا دكتور يعقوب، الهي يسترك عالج كريم دا أول فرحتنا، والله والله جايين وراكبين بالدين، يمين بالله سالفين أجرتنا من حبايبنا، والله ما نحتكم على أرض ولا ورث عايشين على يومية زوجي، حتى علاج كريم تتبرع به إحدى الجمعيات الخيرية. والجدير بالذكر أن الطفل قد أجرى عملية قلب مفتوح منذ عدة أشهر على حساب جمعية الأورمان ولكنها باءت بالفشل بسبب خطأ طبي وعاد الصغير منها مصابا بكارثة أكبر لا يتحملها عمره وهي ارتجاع في صمام عضلة القلب ويحتاج إلى تدخل جراحي أكبر وهنا امتنعت الأورمان عن الجراحة الثانية لتتيح الفرصة لطفل آخر غير كريم. لذا نتوجه نحن ومن خلال أسرة "البوابة نيوز" بنداء للدكتور يعقوب طبيب القلوب الملائكية نرجوه ضم الطفل لقائمة أطفاله بمركزه في أسوان.