قال وسام حسن فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، إن التداعيات الاقتصادية والمالية والسياسية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تتجاوز حدود بريطانيا والاتحاد الأوروبي؛ لتصل إلى الاقتصاد العالمي بأسره بما فيه المنطقة العربية، موضحًا أنها ستنعكس تحديدًا على علاقة بريطانيا المالية والاستثمارية والتجارية مع الدول العربية عمومًا والخليجية خصوصًا؛ حيث قد تمثل فرصًا إيجابية وتحديات سلبية في الوقت نفسه. وتوقع أن يكون التأثير على المصارف العربية العاملة في بريطانيا محدودًا، حيث ستستمر هذه المصارف في عملها بشكل طبيعي، فهي غالبًا ما تعمل لتلبية الاحتياجات التمويلية للشركات العربية والعرب المقيمين في بريطانيا وأوروبا، موضحًا أن هذه المصارف قد تحقق خسائر في محفظة قروضها المقوّمة بالجنيه الإسترليني نتيجة التراجع الحاد في قيمته إلى أدنى مستوياته منذ 31 عامًا. وأضاف: "أن أثر خروج بريطانيا على القطاع المصرفي العربي محدود أيضًا؛ نظرًا لمحدودية انكشافه على الجنيه الإسترليني واليورو، لكن قد يؤثر خروج بريطانيا على قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة واختيار المسار القادم للسياسة المالية؛ مما يؤجل رفع أسعار الفائدة في لبنان والدول الخليجية، وبالتالي يؤثر على ربحية المصارف. وقال فتوح إنه بالنسبة للودائع المالية العربية في المصارف البريطانية، فمن غير المتوقع أن يتم سحبها، بل يمكن أن ترتفع في ظل توقعات رفع بنك إنجلترا لمعدلات الفائدة لجذب المزيد من الودائع المالية، ومنها العربية والخليجية، بهدف دعم القطاع المصرفي البريطاني، كما حصل بعد الأزمة المالية العالمية. وأشار إلى أنه في المقابل، قد يتيح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عددًا من الفرص والمكاسب الاقتصادية للدول العربية، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، تتمثل بتحسين شروط الاستثمار والقوة التفاوضية مع كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، خصوصًا فيما يتعلق باتفاقيات التجارة الحرة التي تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار بين الطرفين، كما يخلق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فرصًا استثمارية أمام المستثمرين الخليجيين خصوصًا في السوق العقاري، بعد هدوء حالة الحذر وعدم اليقين الحالية، وذلك لأن انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي يجعل العقارات والأصول البريطانية الأخرى أرخص وبالتالي أكثر جاذبية بالنسبة إلى المستثمرين من الدول الخليجية التي تربط عملاتها بالدولار الأميركي. وأكد أن عودة الاقتصاد البريطاني إلى التعافي على المدى البعيد، سوف يؤدي إلى زيادة أسعار الأصول والعقارات في بريطانيا إضافة إلى ارتفاع قيمة الجنيه الاسترليني من جديد، ما يؤدي إلى تحقيق أرباح كبيرة للمستثمرين. وتابع فتوح: "علمًا أنه يُقدر إجمالي استثمارات الأفراد والصناديق السيادية الخليجية في بريطانيا من 200 إلى250 مليار دولار، نسبة العقارات منها تفوق 23%، ومن المتوقع أن تتراوح الخسائر سواء في الاستثمارات العقارية أو أسواق الأسهم والسندات بين 10 و15 % نتيجة انخفاض سعر صرف الجنيه الإسترليني بأكثر من 10% وهبوط سوق الأسهم بنحو 6% فور إعلان نتائج الاستفتاء، مما يؤدي إلى تراجع قيمة الأصول المقوّمة باليورو والجنيه الإسترليني. وفي إطار آخر، تصل قيمة تحويلات المغتربين العرب من المملكة المتحدة إلى الدول العربية نحو 560 مليون دولار عام 2015، استحوذت مصر على نسبة 29.8% منها، يليها لبنان (27.5%)، فالمغرب (8.7%)، فاليمن (7.0%)، وبالتالي، إن انخفاض سعر صرف الجنيه الإسترليني والتضخم المترتب عن ذلك، إضافة إلى احتمال ارتفاع نسبة البطالة في بريطانيا، من المُتوقع أن يؤدي إلى انخفاض قيمة تحويلات العرب، الأمر الذي ستكون له تداعيات سلبية على اقتصادات الدول العربية المتلقية للتحويلات من بريطانيا. ومن الناحية الاقتصادية والتجارية، فسوف يؤدي انخفاض قيمة اليورو والجنيه الإسترليني إلى خفض قيمة الدين الخارجي للدول العربية المقوم باليورو أو الجنيه الإسترليني، إضافة إلى خفض تكلفة الواردات الأوروبية والبريطانية، مما يؤدي إلى انخفاض فاتورة الاستيراد، الأمر الذي يقلّص العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات، واحتمال خفض مستويات التضخم في الدول العربية التي تستورد من المملكة المتحدة."