هي كعيبة بنت سعد الأسلمية، والمعروفة بين الصحابة باسم السيدة رفيدة الأسلمية، لانتسابها إلى قبيلة "أسلم"، واسمها مشتق من الرِّفْد، ويعني الإعانة والعطاء. وقد كانت مِعْطاءة، وفِيَّة لإسلامها وعقيدتها، مخلصة في حبها لله ورسوله. ورغم قلة المعلومات التي وردت عن نشأتها، وعن تاريخ ولادتها وحتى وفاتها، فإن المعرف عنها أنها صحابية جليلة من بني أسلم، بايعت رسول الله صل الله عليه وسلم بعد الهجرة، وقد اشتركت في غزوتي الخندق وخيبر، وكانت من وقع عليها اختيار الرسول عليه الصلاة والسلام لعلاج الصحابي الجليل سعد بن معاذ. كانت رفيدة قارئة جيدة، وكاتبة ايضًا، وكانت كذلك صاحبة ثراء واسع، كما اشتهرت رضي الله عنها في تضميد الجروح، لذا كانت تخرج في صحبة جيوش المسلمين المقاتلين ضد المشركين في الغزوات والحروب، وذلك لكي تعالج المرضى وتضمد جراحهم؛ كما وردت أنباء تاريخية تؤكد أنه قد أقيم للسيدة رفيدة خيمة خاصة في مسجد النبي صل الله عليه وسلم خصصت كمستشفى لعلاج المرضى والمصابين بجروح من اثار الحرب، ولذلك تعتبر خيمة رفيدة الأسلمية على الرغم من بدائيتها وقلة الامكانيات بها أول مستشفى في الإسلام، ولكن يرى بعض المؤرخين أن المستشفى المتكامل والذي أقامه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في عام 88 الهجري هو أول مستشفى حقيقي في الإسلام، أما السيدة رفيدة فلا منازع عن كونها أول ممرضة في الإسلام، وقد ذاع صيتها رضي الله عنها في فن الجراحة وعلاج المرضى، وكانت معروفة بمهارتها الشديدة في الطب والعقاقير والأدوية وتضميد الكسور وتجبير العظام، كما كانت كل النفقات والمصروفات من مالها الخاص، وكانت لا تنتظر أجرًا ولا عوضًا من أحد، بل كانت تنفق وتبتغي الأجر من الله سبحانه وتعالى وحده، ولهذا السبب فقد اختارها الرسول عليه الصلاة والسلام لعلاج سعد بن معاذ عندما أصيب الصحابي الجليل برمية قوية من سهم في معركة الخندق. وعن سبب قيامها بنصب خيمتها في المسجد النبوي، روت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها فقالت: أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق، فقد رماه رجل من قريش في الأكحل -و هو كوع اليد أو الوريد المتوسط في اليد- وعندها أمر الرسول صل الله عليه وسلم السيدة رفيدة أن تقيم خيمة في المسجد كي يعوده الرسول صل الله عليه وسلم من قريب، وقال البخاري في "الأدب المفرد"، عن محمود بن لبيد قال: ولما أصيب أَكْحَلُ سعد يوم الخندق فقيل حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة، وكانت تداوي الجرحى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر به يقول: كيف أمسيت؟ وإذا أصبح قال: كيف أصبحت؟ فيخبره، ولقد ذكر الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه "الإصابة في تمييز الصحابة" كيف أنّ رفيدة الأسلمية عندما رأت انغراس السهم في صدر سعد تصرفت بحكمة ووعي فأسرعت بإيقاف النزيف، ولكنها أبقت السهم في صدره لأنها كانت تعلم أنها إذا سحبته أو أخرجته سيُحدث نزيفًا لا يتوقف من مكان الإصابة، وتقديرًا من النبي صلى الله عليه وسلم، كان يُعطي رفيدة حصة مقاتل، فقد ذكر أبو عمر، عن الواقدي أنها شهدت خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسهم لها سهم رجل.